كان داخل المعبد أبيضًا بالكامل. على الرّغمِ من أن جميع معابد البانثيون في القارة كانت كذلك، إلا أن بانثيون العاصمة كان يتميز بجمال و تألّق أكبر من حيث الحجم و الهيكل.
“تفضلوا من هنا. الكاهن الأعظم في انتظاركم.”
تبعت فانيسا الكاهن الرفيع المستوى الذي خرج لاستقبالهم، و عندما مـرّت عبر الردهة إلى الممر، ظهرت حديقة خلفية سرية لا تُرى من الخارج.
على الرّغمِ من أن الزهور لم تتفتح بسببِ الشتاء، كانت الأشجار دائمة الخضرة تضفي جوًا منعشًا.
بينما كانت تتفحّص بعناية قوسًا من الورود المتسلقة، و الذي بدا و كأنه مدخل إلى حديقة متاهة، شعرت بضغط قوي على يدها الممسوكة.
تجمّدت فانيسا و عبست وهي تنظر إلى جانبها. كما توقعت، كان يورغن يحدّق إليها بنظرة تحمل ازدراءً واضحًا.
غضبت فانيسا كعادتها و سألته بحـدّة:
“ما الأمر؟ هل لديكَ شيء لتقوله؟”
“انظري أمامـكِ و امشي بثبات. إذا لم ترغبي في السّقوط بشكلٍ مضحك في البانثيون.”
“هل تظنني أتعثر لأنني أريد ذلك؟ إنه بسبب سوء حظي المشؤوم!”
“…إذا كنـتِ في هذه الحال، فكيف نجوتِ حتى الآن؟”
كان هناك نبرة غريبة في صوته المتذمر. فكرت فانيسا للحظة في معناها، ثم تذكرت فجأة شيئًا كانت قد نسيته: لقد تحدّثَ يورغن عن سوء حظها مرة، مشيرًا إليه بـ”اللعنة”.
‘…مع كل هذا الاضطراب، نسيتُ الأمر تمامًا.’
بين أرنو، ساسكيا، و ديكلان… كانت الأمور التي تشغل ذهنها كثيرة جدًا، فلم تجد وقتًا للتفكير في هذا.
ألقت نظرةً خاطفة على الإمبراطور و حراسه الشخصيين و الكاهن الرفيع المستوى الذين كانوا يمشون أمامها، ثم قرّرت فانيسا، بناءً على هذا الوضع، أن تسأل:
“أيها الدوق، لقد قلتَ من قبل أنّ سوء حظي هو لعنة. ماذا كنتَ تعني؟ هل يمكنكَ التوضيح؟”
“…..”
نظرَ إليها يورغن بهدوء بوجه مزعج للغاية بلا تعبير. كبحت فانيسا نفاد صبرها و سألت مجدّدًا:
“أنتَ لم تقل ذلكَ بدون قصد، أليس كذلك؟ أنتَ تعرف شيئًا عن سوء حظي، ألست كذلك؟”
“سنصل قريبًا. أغلقي فمـكِ و كوني هادئة.”
“ماذا؟ أيها…”
كادت فانيسا أن تطلق شتيمة، لكنها ابتلعتها عندما فُتح باب الجناح الجانبي في نهاية الممر. تقابلت عيناها مع الإمبراطور الذي التفت للحظة، فابتسمت بصعوبة متظاهرة بالهدوء، على الرّغمِ من أنها كانت تغلي من الداخل.
“أهلاً بك، جلالة الإمبراطور. مرت ثلاثة أيام منذُ لقائنا الأخير. و دوق دريك… مـرّ وقتٌ طويل منذُ زيارتكَ الأخيرة. كنتُ أتمنى أن تتردد علينا أكثر.”
عند دخولهم الجناح الجانبي، رحّـبَ بهم رجل عجوز ذو شعر أبيض بمظهر ودود. أدركت فانيسا من ردائه الأزرق الداكن أنه الكاهن الأعظم.
كانت ملابس كهنة البانثيون مقسمة حسب الرتبة إلى الرمادي، الأزرق الفاتح، الأزرق، والأزرق الداكن، وكان الأخير مخصصًا فقط للكاهن الأعظم.
“ليس لدي سبب لزيارة البانثيون إلا عند الضرورة. التردد بدون داعٍ سيرهق الكهنة المشغولين فقط.”
رد يورغن بحدّة على كلام الكاهن الأعظم. ضحكَ الكاهن الأعظم، و كأنه متعود على هذا الرد، وقال:
“قد يكون ذلك صحيحًا، لكن الأمر مختلف معـكَ، دوق دريك. ألستَ ‘مستخدم القوة’ الذي قام فيوس بمنحه حماية قوية؟ الكهنة دائمًا ينظرون إليكَ باحترام.”
كان واضحًا من عيني الكاهن الأعظم أن هذا لم يكن مجرّد كلام فارغ. كان هناك إعجاب و احترام واضحان ، يمكن لأي شخص أن يلاحظهما.
“حتى لو تلقيتُ حماية، أنا مجرّد بشري. كما تعلم.”
“هذا صحيح، ولكن…”
ابتسم الكاهن الأعظم بإحراج لرد يورغن القاسي، ثم انتقلت نظرته فجأة إلى فانيسا.
كما لو تذكر شيئًا، قال “آه!” وألقى تحية مهذبة:
“أعتذر عن التقصير. سمو الأميرة لوينغرين، إنه لشرف عظيم أن ألتقي بكِ.”
“لا، أنا مَـنْ…. يشرفني أن أرى وجه الكاهن الأعظم عن قرب…”
تلعثمت فانيسا، مرتبكة قليلاً، وهي ترد بكلمات مهذبة.
كان من المنطقي أن يُعامل يورغن و الإمبراطور، بهذا الاحترام، لكنها لم تتوقع أبدًا أن يُعاملها الكاهن الأعظم، وهي مجرد إنسانة عادية بلا أيّ قوة، بمثل هذا الاحترام.
كان الكاهن الأعظم مسؤولاً عن جميع معابد البانثيون في القارة، و هو يمثل إرادة البابا. كل بانثيون له كاهن أعظم واحد، وعادة لا يراه الناس العاديون إلا في المناسبات الكبرى.
شعرت فانيسا بالحيرة من هذا الاحترام الشديد.
كانت تتذكر أن كاهن البانثيون في ذاكرتها كان شخصية صلبة و مهيبة، يصعب الاقتراب منها.
كان هناك سبب بالتّأكيد لهذا الموقف من الكاهن الأعظم. بينما كانت تفكر فيما قد يكون، تحدّثَ الكاهن وكأنه قرأ أفكارها:
“سمو الأميرة، لا بد أن استدعاء البانثيون المفاجئ قد أربككِ. سأشرح السبب الآن.”
سبب استدعائها إلى البانثيون… هل هو بالفعل بسبب سوء حظها؟
ربّمـا، هذه المرة، ستحصل أخيرًا على إجابات.
كانت متوترة بشكلٍ طبيعي.
ابتلعت فانيسا ريقها و أومأت. نظرَ إليها الكاهن الأعظم بابتسامة ذات مغزى و تابع:
“في الحقيقة، لقد تلقيتِ تنبؤًا، سمو الأميرة.”
“ماذا…؟ لي أنا؟”
رمشَت فانيسا بعينيها بسرعة و هي مذهولة من هذا الخبر غير المتوقع.
…لماذا؟
“لكن… أنا…”
كإنسانة ولدت و نشأت في هذه القارة، تلقت فانيسا تعميد معبد لافينسيا، لكنها لم تكن أبدًا مهمتمة بهذه الأمور.
كانت تذهب فقط إلى المعبد فقط عندما تريد ذلك أو عندما تتمنّى شيئًا، و كانت كل امنياتها غالبًا مليئة بالنوايا السيئة.
سمعت أن التنبؤ يُمنح عندما يكون الشخص مليئًا بالنوايا الإنسانية الصادقة.
وفقًا لتعاليم لافينسيا، يجب أن تكون القلوب نقية وصافية لتتحقّق الأمنيات.
كان هذا شيئًا لا ينطبق على فانيسا على الإطلاق.
فكرت في الصلوات التي قدمتها في المعبد من قبل… كانت تتعلق غالبًا بديكلان و ليروي، حيث كانت تطلب أن يموتـا.
كانت أقرب إلى اللعنات .
لا يمكن أن تتحقّق صلوات و أمنيات مليئة بالحقد و الشر.
“هل… ربّما هناك خطأ ما؟”
عندما طرحت سؤالها بحذر، ضحك الكاهن الأعظم بصوت عالٍ. شعرت فانيسا بالحرج و ابتسمت بإحراج، لكن صوت الكاهن الودود جاء:
“التنبؤ عادةً ما يأتي فجأة. معظم مَنٔ يتلقونه يتفاعلون مثلكِ، سموّ الأميرة. قد يكون من الصعب فهم سبب ظهوره، لكن هذه هي طبيعته.”
“أمم… حسنًا…”
ردّت فانيسا، التي لا تزال مشوشة، وهي توزع نظراتها. مهما كان محتوى التنبؤ، لم تشعر أن حياتها ستتغير بشكلٍ دراماتيكي. ربّما بسبب عدم واقعية الموقف.
“حسنًا، سموّ الأميرة، اتبعيني. جلالة الإمبراطور و دوق دريك، يرجى الانتظار في الكنيسة.”
تبعت فانيسا الكاهن الأعظم بهدوء. عندما التفتت للحظة، رأت يورغن واقفًا كتمثال، يراقبها بنظرة لا يمكن فهمها.
تجاهلته فانيسا عمدًا و أسرعت خطواتها، متجاهلة الغضب، الإحباط، و اضطرابًا غامضًا كانت تشعر بـه
“لكن… بأيّ حاكم يتعلّق هذا التنبؤ؟”
أدركت أنها نسيت طرح السؤال الأهم عندما اقتربت من دخول القاعة المقدسة.
كانت الأضواء تتدفق من سقف قبة زجاجية. تحتها، اصطفت تماثيل الحكام السبعة التي يقدّسها لافينسيا:
من اليسار إلى اليمين، برونيا، لوكس، فيوس، هوراي، فينيا، موريسينا، و سومنيونيل.
الحكام السبعة هم دعامات هذا المكان، و كلهم مهمون بنفس القدر، لكن إذا كان لا بدّ من اختيار الأهمّ بينهم، فهي برونيا.
يُقال إن برونيا هي مصدر جميع الأرواح و هي تحافظ على النظام.
لوكس، حاكم الشمس، و فيوس، حاكم الجنون، هما أخوان توأمان على خلاف فيما بينهما . بينما فينيا، حاكمة الحياة، و موريسينا ، حاكمة الموت ، هما أختان توأمتان تحبّان بعضهما بعمق.
يُقال إن هوراي، حاكم الزمن، مشغول دائمًا بإصلاح الفوضى التي يسببها سومنيونيل، حاكم الأحلام و المرح.
بالنّسبةِ لفانيسا ، كانت هذه القصص كالحكايات الخرافية.
لكن وجود حماية الحاكم و العلامات المقدسة كان دليلاً واضحًا على صحّتها ، مما يجعل من المستحيل إنكارها.
“الحاكم المسؤول عن تنبؤ سموّ الأميرة هو…”
توقّفَ الكاهن الأعظم عن الكلام عمدًا و نظرَ إلى أحد التماثيل السبعة.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات