كان سبب وجود ديكلان في العاصمة هو، على الأرجح، بسببِ تلك الحادثة مع المبعوث.
بما أن مبعوث الملك ارتكب جريمة إهانة الإمبراطور، كان على ديكلان، بصفته سيّـده، أن يقدم تفسيرًا بنفسه.
إذا لم يفعل ذلك، فقد تنتشر الشرارة إلى ديكلان و عائلة لوينغرين الملكية.
يبدو أن ديكلان أنهى بالفعل مناقشته مع الإمبراطور بشأن هذه المسألة، إذ كان وجهه مشرقًا. شعرت فانيسا أن كفاءته في هذا الجانب مقززة.
كان ديكلان لوينغرين شخصًا يستطيع، إذا أراد، أن يهمس بكلمات ترضي الآخرين و يزيّـف الصدق.
“كنتُ قلقًا جدًا، فانيسا. خِفـتُ أن يكون قد أصابكِ مكروه… لكن، لحسن الحظ، أظهر دوق دريك رحمة تجاهكِ. يا لها من نعمة…”
عندما كان يعبّـر عن امتنانه للإمبراطور و يورغن، بدا ديكلان كأخ عطوف يفرح حقًا بنجاة أخته.
بالطبع، كانت فانيسا تعلم أن هذا كله تمثيل. سخرت داخليًا و حدّقت إليه بنظراتٍ قاتلة.
كان الغضب يغلي في صدرها. الغضب العارم الذي لم يهدأ و لو لمرة واحدة منذُ أن بِيعَـت إلى ليروي كسلعة…
لو أمكنها، لكانت خنقت ديكلان حتى الموت في تلكَ اللحظة.
“فانيسا، كيف كنتِ خلال هذه الفترة؟ هل هناك أي مكان يؤلمكِ؟”
“…أبعـد يـدك.”
بما أنها كانت أمام الإمبراطور، لم تستطع فانيسا إظهار غضبها علنًا، فتذمرت بهدوء. سحبَ ديكلان يده من على كتفها بهدوء، مبتسمًا بتعبير مليء بالقلق.
قناع مثالي بشكل مقزز.
“…يبدو أنّـكِ لا تزالين تلومينني.”
تمتم ديكلان بحزن و نظرَ إليها بعيون مليئة بالأسف. ثم كرّر عذرًا قاله من قبل:
“فانيسا… كنتُ أعتقد حقًا أن ليروي سيعتني بـكِ. لقد وقـع في حبّـكِ، هذا أمر حقيقي. لم أتخيل أبدًا أنّـكِ ستعانين بسببه… لم أحلم بذلك.”
ضحكت فانيسا بسخرية. لو كان قد اعتذر بصراحة قائلاً: “آسف لأنني استغلتـكِ من أجل لوينغرين”، لما كان الأمر بهذا السوء.
لكن ديكلان كان دائمًا يختبئ خلف الأعذار، مدعيًا أن تعاستها ليست خطأه، بل خطأ ليروي.
كان يخفي طباعه الدنيئة خلف هذه الأعذار، ممثلاً دور الأخ العطوف بإتقان.
كانت فانيسا لا تطيق هذا الجانب منه.
“سمعتُ أخبارًا عنـكِ. ينوي دوق دريك الزواج منُكِ. إنه أمر مفاجئ للغاية… لكن إذا كان جمالكِ قد أثّـر عليه أيضًا، فهذا مفهوم.”
ثم ألقى ديكلان نظرة خاطفة إلى يورغن، الذي كان يقف خلف فانيسا قليلاً. استدارت فانيسا للحظة و تقابلت عيناها مع يورغن الذي كان بلا تعبير.
لم يكن وجهه، بأي حال من الأحوال، وجه رجل وقـعَ في حبّ امرأة.
“لكن، فانيسا، أتمنى أن تعودي إلى لوينغرين. أليس من الأفضل أن تكوني بجانب عائلتـكِ؟ غلينا تشتاق إليكِ كثيرًا. و أمّي… صحتها تدهورت مؤخرًا، و هي تشتاق إليكِ بشدة.”
عند ذكر صحة والدتها، ارتجفت فانيسا دونَ وعي، مظهرة رد فعل. لم يفوت ديكلان هذه الثغرة الضعيفة. تابـعَ و كأنه كان ينتظر هذه اللحظة:
“أرجوكِ، عودي إلى لوينغرين، فانيسا. موطنكِ هو المكان الذي يجب أن تكوني فيه. ومن أجل أمي، يجب أن تقومي بواجبـكِ كابنة.”
كانت محاولة للتلاعب بمشاعرها، مستغلاً قلقها على والدتها و حنينها إلى موطنها.
تردّدت فانيسا للحظة، لكنها استعادت رباطة جأشها بسرعة و فكرت:
‘يمكنني التحقق من صحة أمي من خلال دوق إيفانوود. أما غلينا… لا حاجة للقلق عليها. ديكلان بالتأكيد يدلّلها كثيرًا.’
بعد أن توصّلت إلى هذا الاستنتاج، تماسكت و حدّقت إلى ديكلان مباشرة وقالت:
“بالطبع، أريد العودة إلى لوينغرين. إذا أمكنني ذلك. لكن ليس من خلالكَ أنـتَ ، ديكلان.”
“…’أنـتَ’؟ كلامـكِ قاسٍ مع أخيـكِ، فانيسا.”
عندما أشار ديكلان إلى ذلك، سخرت فانيسا وقالت بسخرية:
“آه، آسفة. دعوتكَ بـ ‘أخي’ يجعلني أرتجف من القشعريرة. ألا يمكنكَ التوقف عن هذا المجهود العبثي لجعلنا نبدو و كأننا أخ و أخت مقربين؟ أعتقد أن كلانا يريد خنق الآخر، أليس كذلك؟”
“…..”
تنهد ديكلان بصمت و مسحَ وجهه بكلتا يديه ببطء. ثم تحدّث بنبرة مضطربة:
“يبدو أن هناك سوء فهم، فانيسا. كونكِ تلومينني لا يعني أنني أكرهـكِ. صحيح أن ليروي تسبّب في شقاق بيننا، لكن… أريد أن نكون أخوين مقربين كما كنا من قبل. ألا يمكنكِ أن تفهمي صدقي؟ إذا تنازعنا و تقاتلنا، فإن والدنا المتوفى و والدتنا المريضة سيشعران بالحزن.”
عندما ذكر ديكلان والدهما المتوفى، تلاشت الدماء من وجه فانيسا. أضاءت عيناها الزرقاوان الداكنتان بالكراهية الشديدة. نسيت أنها في حضور الإمبراطور و هاجمت ديكلان بشراسة:
“تتجرأ على ذكر والدي؟ أنـتَ الذي خرقتَ وعده و قمـتَ ببيعي إلى طاغية؟ ليس بسببِ ليروي، بل كل شيء خطأكَ! لا تتظاهر بأنّـكَ لا تعرف ذنوبـكَ، ديكلان! أيها المنافق الدنيء!”
غير قادرة على كبح غضبها، حاولت فانيسا الاندفاع نحو ديكلان، لكن شخصًا ما أمسكَ بها بقوة.
أدركت بينما كانت تتلوى بغضب أنها لا تستطيع تحريك خطوة، و استدارت باستياء لترى مَنٔ يمسك بها.
كان يورغن يقف خلفها مباشرة، ممسكًا بها بقوة كما لو كان يحتضنها.
“أفلت…! أفلت يدي، أيّها الدوق!”
“نحن في حضور جلالة الإمبراطور. كوني حذرة.”
عندما حذّرها يورغن بصوتٍ منخفض و هادئ، عاد العقل إلى عينيها تدريجيًا. هدأت أنفاسها المتسارعة، وأغلقت عينيها و عضّـت شفتيها بقوة.
بعد لحظة، فتحت عينيها وكانت أكثر هدوءًا. قرر يورغن أنها بخير الآن و أفلتها. انحنت فانيسا بأدب تجاه الإمبراطور وقالت:
“أعتذر، جلالتك. لقد ارتكبت خطأً كبيرًا في حضوركَ.”
رد الإمبراطور على اعتذارها الرسمي بابتسامة لطيفة كعادته:
“لا بأس، لا داعي للقلق. إنها بالتأكيد مسألة عائلية معقدة. لكن بخصوص زواج يورغن… لا يمكنني عدم التدخل.”
ابتسمَ الإمبراطور كما لو كان ينظر بحبّ إلى حفيد مشاغب. على الرّغمِ من أن مظهره يوحي بأنه في أوائل العشرينيات، كان هناك تناقض كبير بين مظهره و عقله الذي يعكس عمره الحقيقي.
“لقد أتيتَ مع الأميرة إلى هنا لطلب إذن الزواج، أليس كذلك، يورغن؟”
“…نعم، هذا صحيح.”
أجـابَ يورغن بانحناءة و نبرة رتيبة خالية من الحماس، مما جعل الإمبراطور يضحك بدهشة و يتابع:
“حسنًا، أخبرني. لماذا تريد الزواج من فانيسا؟ موقفـكَ لا يوحي بأنّـكَ واقع في حبها. وفقًا للقواعد، يجب إعدام ملكة بلد مدمّـر ومع ذلك تريد إبقاء أميرة يطالب بها موطنها بجانبكَ. يجب أن يكون هناك سبب وجيه لذلك.”
“…ألا تعتقد أنّـكَ تعرف السّبب بالفعل؟ هل هناك حاجة للسؤال؟”
دهشت فانيسا من جرأة يورغن في الرد على الإمبراطور بهذه الطريقة. نظرت إلى ديكلان و وجدته مصدومًا أيضًا.
لكن الأكثر إثارة للدهشة كان رد الإمبراطور.
ضحكَ بلطف، و كأن جرأة يورغن لم تزعجه على الإطلاق، وقال:
“بالطبع، أعرف السبب. كيف لا أعرف نوايا من أعتبره مثل ابني؟”
“…..”
بدا أن يورغن استاء من كلام الإمبراطور، لكن لم يكن واضحًا أي جزء أزعجه.
“و الأميرة… بالتأكيد تتساءلين عما يفكر فيه يورغن. هل تريدين أن تعرفي؟”
“…..”
بدا السؤال وكأنه عرض لإخبارها إذا أرادت، فرفعت فانيسا رأسها بسرعة لتنظر إلى الإمبراطور.
عندما كان الإمبراطور على وشكِ التحدث مرّةً أخرى بابتسامة مرحة، قاطعـه صوت يورغن المنزعج:
“كفى. ألم نتفق على ذلك؟”
صُدمت فانيسا بشدة لأن يورغن – حتى لو كان مفضلاً لدى الإمبراطور – تجرأ على التحدث بهذه الطريقة.
يُعتبر الإمبراطور فيراتير بارباروك، المرتبط ارتباطًا وثيقًا بمعتقد لابينسيا ، شخصًا لا يعرف أحد أصلـه أو عمره الحقيقي.
“آه… صحيح. نسيتُ. العيش طويلاً يجعل المرء هكذا.”
نظر الإمبراطور إلى يورغن بعيون ودودة دون أي أثر للغضب.
في هذه المرحلة، بدأت فانيسا تشك في أن يورغن قد يكون ابنًا سريًا للإمبراطور.
حتى ديكلان كان ينظر إلى الإمبراطور و يورغن بتعبير يعكس عدم تصديقه.
استدار الإمبراطور نحو فانيسا و تحدّثَ بموقف أكثر جدية قليلاً:
“إذن، دعيني أغيّر السؤال. فانيسا لوينغرين، ماذا تريدين؟ هل ترغبين في الزّواج من يورغن؟ أم تفضلين العودة إلى موطنكِ مع أخيكِ؟”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات