لم تكن فانيسا من النوع الذي يعطي أهمية كبيرة لمثل هذا الأمر. لكن إذا كان الأمر يتعلّق بيورغن دريك، فإنه يبدو شيئًا ثقيلا و مهمًّـا بشكلٍ كبير…
شعرت فانيسا بشعور غريب بالذنب.
ماذا لو كانت تلكَ حقًا قبلته الأولى…؟
في حالة فانيسا، كانت قد قبّلـت ليروي من قبل. كانا زوجين، لذا كان ذلك طبيعيًا إلى حـدّ ما. بالطبع ، بسببِ حالة ليروي كان الأمر يقتصر على التّقبيل.
و علاوة على ذلك، القبلة مع ليروي… عبست فانيسا عندما تذكرت ذكرى مزعجة.
“…..”
أوقفت فانيسا أفكارها بسرعة و صفعت خدّها برفق.
لماذا تفكّـر بهذه الأشياء؟
شعرت أنّ وجهها يحترق ولم تستطع رفع رأسها.
بالتّأكيد ، وجهها محمّـر بشكلٍ محرج.
“آه…!”
في تلكَ اللّحظة بالذات – سواء بسبب حظها السيء أو لأنها كانت شاردة الذهن – كـادت فانيسا أن تتعثر و تسقـط.
من الطبيعيّ أن يورغن، الذي كان يسير بجانبها، هو مَـنْ أمسك بها. توقّعت فانيسا أن ينظر إليها بتعبير يوحي بالاستياء، لكن، على عكسِ توقعاتها، كان وجهه هادئًا بشكلٍ غامض.
“…..”
حدّقت فانيسا إليه مذهولة و عدّلت وقفتها. عندما وقفت بشكلٍ صحيح، بدأ يورغن في مرافقتها ببطء مرة أخرى. و بينما كان يسير متناغمًا مع خطواتها، سألها بهدوء:
“ما خطب وجهكِ؟”
“ماذا…؟ آه.”
أدركت فانيسا متأخرة أنه يشير إلى احمرار وجهها، فغطت خدها بيدها و نظرت بعيدًا. كانت مرتبكة بكل الطرق.
كانت تجـد القبلة مع ليروي فظيعة حقًا… فلماذا كانت تجد الأمر لا بأس بـه مع يورغن؟
كان رأسها مشوشًا…
لا، يجب أن تتوقف عن هذه الأفكار.
سعلت فانيسا و فتحت فمها:
“ربّما ارتفعت حرارتي بسببِ التوتر. لا بأس، سأكون بخير قريبًا.”
“…..”
حدّقَ يورغن إليها، ثم – بشكلٍ لا يصدق – وضعَ يـده على جبهتها كما لو كان يفحص حرارتها.
ارتعشت فانيسا قليلاً و نظرت إليه. كانت عيناه باردتين كالعادة، دونَ أي أثر للقلق.
ومع ذلك، كان قلبها يخفق بشدّة، مما جعلها تشعر بالحيرة الشّديدة.
منذُ حادثة القبلة، أصبحت تُدرك وجوده باستمرار.
كانت فضولية للغاية بشأنِ الأسرار التي يخفيها تحت قناعـه البارد. حاولت باستمرار استكشاف ذلكَ بحذر، لكنها كانت تفشل في كلّ مرة.
“لا يوجد ارتفاع في الحرارة. من حسن الحظ أنّكِ لا تبدين مريضة.”
“من حسن الحظ…؟”
رددت فانيسا كلامه دونَ وعي، ربّما حاملة أملًا خفيًا. لكن كلمات يورغن التالية حطمت توقعاتها بلا رحمة:
“سيكون الأمر كارثة إذا انتشرَ مرض معـدٍ في قصر الإمبراطور.”
في تلكَ اللحظة، كان مضطربًا بالتأكيد. عيناه الذهبيتان مملوءتان بمختلف المشاعر، أنفاسه غير المنتظمة، و نبضه الذي فقـدَ عقلـه.
كانت فانيسا فضولية.
كيف سيكون شكل هذا الرجل الحصين إذا انهار تمامًا؟
لكنه لم يبدُ كمَـنْ سيكشف ذلك بسهولة أو سينهار بسرعة.
كانت قاعة الاستقبال الإمبراطورية تشبه معبدًا بأجوائها. تساقطت أضواء ملونة من الزجاج الملون الدقيق بشكل مذهل، و كانت زنابق بيضاء رمزية للقداسة و النبل مزروعة في مزهريات كبيرة تصطف على طول الجدران.
تفاجأت فانيسا عندما أدركت أن كل الزنابق أزهار طبيعية. ربّما نمـت في دفيئة، لكن توفير هذا العدد من الزنابق يوميًا… يجب أن تكون تكلفة الدفيئة و صيانتها هائلة.
“أهلاً بـكَ، يورغن.”
عندما قطعـا نصف السجادة الحمراء الطويلة، هبط صوت ودود من الأعلى. رفعت فانيسا رأسها بهدوء، و رأت رجلًا وسيمًا يجلس على عرش ذهبي.
شعره و أعينه كانت فضية كضوء القمر، لكن عينه اليمنى كانت مغطاة برباط عين أسود. يُقال إنه فقـدَ عينه كثمن لشربه من مياه ينبوع الخلود في المنطقة المحرمة قديمًا.
“والتي بجانبكَ، الجميلة الرائعة… هي فانيسا لوينغرين، أليس كذلك؟ لقد مـرّ وقتٌ طويل منذُ لقائنا الأخير.”
ابتسم الإمبراطور فيراتير بارباروك، إمبراطور إمبراطورية كارتيس، إلى فانيسا بلطف. كانت ابتسامة ملك متعالٍ و لطيف ينظر إلى رعاياه.
كان الملك المطلق لقارة أسترا، ربّما لا يمكن لأحد في العالم أن يؤذيه. ظـلّ على حاله دونَ تغيير منذ طفولة فانيسا حتى الآن.
بل، إذا رجعنا أبعد، منذُ قبل ولادتها.
كان لديه جسد لا يشيخ ولا يموت.
منذُ حوالي 200 عام، عندما أسّس الإمبراطورية كأوّل إمبراطور، ظل فيراتير بارباروك مثل شعلة لا تطفئ.
“بما أن مملكة تيريفرون لم تعـد موجودة على هذه الأرض، يجب معاملتكِ كأميرة لوينغرين، هويتكِ الأصلية. أفترض أن عائلة دريك تفعل ذلك بالفعل.”
“إذا كانت هذه إرادة جلالة الإمبراطور، فهي أمـر ينفّذ.”
أدّت فانيسا التحية بأدبٍ شديد، مطأطئة رأسها أمام الإمبراطور. فعـلَ يورغن الشيء نفسه، لكن تصرفه كان أكثر طبيعية و سلاسة، كما لو كان صديقًا مقربًا للإمبراطور.
لم تـرَ فانيسا أحدًا يتصرّف هكذا أمام الإمبراطور من قبل، فنظرت إلى يورغن بعيون متسعة.
“بالمناسبة، لقد وصلتما في وقتٍ مناسب جدًا. كنتُ أتحدث مع زائر آخر. هيا، إلى متى ستختبئ هناك؟ ألن تخرج الآن؟ سيكون وجهًا مألوفًا و مبهجًا.”
‘…وجه مألوف؟’
تساءلت فانيسا داخليًا و تبعت نظرة الإمبراطور.
في ركن قاعة الاستقبال، خلف ستارة حمراء متدلية، ظهرت يـد تمتد فجأة، ترفع القماش المخملي الثقيل.
تقدّم الشخص ببطء، و تعرفت فانيسا على وجهه على الفور.
كيف يمكن ألا تفعل؟ كيف يمكن أن تنسى؟ كم سنة قضياها معًا و هما يكبران؟
شعور الخيانة من هجره لا يزال واضحًا.
“…ديكلان…”
خرج صوتها من بين شفتيها المفتوحتين، مملوءًا بكآبة كالغيوم الداكنة.
* * *
كان لملك لوينغرين السّابق، المعروف بحكمه الحكيم، ثلاثة أطفال.
ديكلان، الابن الأكبر، و فانيسا، الابنة الثانية، و كلاهما من نسل الملكة أفيلين مباشرة، بفارق أربع سنوات.
و الثالثة، غلينا، كانت ابنة بالتبني أحضرها الملك السابق، وهي في الأصل ابنة فارس و خادمة في القصر.
كان والد غلينا عضوًا في الحرس الملكي، وعندما تعـرّض الملك لهجوم من وحش أثناء جولة تفقدية، ضحّى بحياته لحماية الملك و مات.
في ذلكَ الوقت، كانت غلينا قد فقدت والدتها بسبب المرض و أصبحت بلا مأوى، فتبناها الملك السابق بدافع الشفقة.
وهكذا، أصبح أبناء العائلة الملكية ثلاثة، و قضوا طفولة سلمية دون نزاعات أو غيرة.
متى بدأت الشقوق تظهر في تلكَ السعادة التي بدت أبدية؟
نظرت فانيسا إلى ديكلان بعيون باردة.
في الحقيقة، كانت قد لاحظت ذلك. ربّما عندما كانت في الرابعة عشرة. كانت فانيسا، بحدّتها، لا تستطيع إلا أن تلاحظ أن ديكلان يهتم بغلينا أكثر منها، رغمَ أنّـها هي شقيقته الحقيقية.
شعرت بالاستياء لكنها لم تظهره.
رغمَ كل شيء ، كان ديكلان دائمًا أخًـا لطيفًا، وكان يردّد دائمًا أنه سيحميها.
صدّقت فانيسا وعده. لم تتخيّل أبدًا أن ديكلان سيخونها، أو يدفعها إلى الوحل لتعاني.
لكن بعد وفاة والدهما، تغيّـر ديكلان فجأة و حاول جني الأرباح ببيع فانيسا في زواج، و أجبرها على الزواج من ليروي تيريفرون، مع علمه أن ليروي كان شخصية مدمرة تُسيء معاملة مرؤوسيه و طاغية يمارس الحكم الظالم.
‘لماذا فعلتَ ذلكَ بي؟’
لا تزال فانيسا تتساءل عن هذا السؤال.
سؤال لا تتوقّع أن تحصل منه على إجابة مرضية.
بالطبع، لم يكن هذا السؤال الوحيد الذي يشغلها.
‘كيف خدعتَ والدينا و الجميع بهذه البراعة؟ هل هذه هي صورتكَ الحقيقية؟ شخص لا يشعر بتأنيب الضمير عند إغراق الآخرين في التعاسة، غير قادر على التعاطف مع مشاعرهم، يستخدم حتى أقرب عائلته كأدوات… هل هذه هي طبيعتكَ الشيطانية؟’
إذا كانت هذه هي طبيعتكَ الحقيقية، فقد خدعتَ الجميع ببراعة مذهلة.
كيف يمكن لأحد أن يفعل ذلك؟ كيف يمكن أن يكون ذلك ممكنًا؟ لا أستطيع فهم ذلك…
‘قال إسكال دريك إن يورغن وحش، لكنني أعرف جيدًا ما هو الوحش الحقيقي…’
الوحش الحقيقي هو شخص كهذا.
“فانيسا… أختي العزيزة. أنا سعيد جدًا لأنكِ على قيد الحياة.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات