بدأ دوق إيفانوود بحزم، و نظرت فانيسا إليه ثم إلى يورغن بتوتر. كانت متأكدة أن دوق إيفانوود جاء لتحقيق ما كتبته في رسالتها.
لكن، هل سيسمح يورغن بذلك؟
“سنحمي صاحبة السمو في عائلة إيفانوود. سنقدم فدية بأي مبلغ تريده، ومن اليوم فصاعدًا، ستكون صاحبة السمو…”
“لا، أرفض.”
قاطعَ يورغن كلام دوق إيفانوود و تقـدّم إلى الأمام. اقتربَ من فانيسا بخطوات واسعة، و أمسكَ ذراعها بقوة و سحبها نحوه. ثم همسَ بصوت منخفض، لتسمعه هي فقط، لكنه مملوء بالغضب الواضح:
“هل تحاولين خيانتي مرّةً أخرى؟ لن يحدث ذلك. لن تهربي مني أبدًا، ليس مرّةً أخرى.”
ارتعشت فانيسا و رفعت رأسها. في تلكَ اللحظة، صرخ دوق إيفانوود بغضب:
“أفلت يدها! دوق دريك! كيف تتجرأ على معاملة صاحبة السمو بمثل هذه الفظاظة…!”
“فانيسا لوينغرين أسيرتي.”
“……”
“حتى لو كانت أميرة لوينغرين في الأصل، بما أنها أصبحت ملكة تيريفرون و تـمّ أسرها من قبلي، فأنا مَـنْ يملك حق تقرير مصيرها.”
“لكن… إنها…! قبل أن تكون ملكة تيريفرون، إنها من العائلة الملكية المباشرة للوينغرين…!”
احتجّ دوق إيفانوود بعنف، لكن يورغن نظرَ إليه ببرود دون أن يرمش.
“إذا كنتَ بهذا الولاء للعائلة الملكية، كان يجب أن تمنع كارثة بيع أميرتكَ الثّمينة إلى ذلكَ الوغد في تيريفرون منذُ البداية، أليس كذلك، دوق إيفانوود؟”
“ذلك…”
بـدا الذنب واضحًا على وجه دوق إيفانوود وهو يحرّك شفتيه دون كلام. نظرَ إليه يورغن بنظرات باردة و واصل هجومه:
“لو كنـتَ قد حميتها بشكلٍ صحيح منذُ البداية، لما أصبحت فانيسا لوينغرين ملكة تيريفرون، ولا ملكة أمّـة مدمرة، ولا أسيرتي.”
كانت هناك نبرة غريبة في كلامه الأخير، لكن لم يكن واضحًا ما هي بالضبط. أمسك يورغن كتفي فانيسا بقوة وهي تحدق إليه مذهولة، وأضاف النقطة الأخيرة:
“الآن تحاول أن تلعب دور خادمها؟ نواياكَ الرّخيصة واضحة دونَ الحاجة إلى تحقيق. إذا كنتَ لا تريد اختبار صبري أكثر ، ارحل الآن ، دوق إيفانوود. كما تعلم، أنا كلب صيد متوحش قاسٍ، أعضّ دون تمييز.”
* * *
في النهاية، غادر دوق إيفانوود القصر دون تحقيق شيء، مكرّرًا اعتذاراته لفانيسا.
صحيح أن دوق إيفانوود لم يساعدها عندما أُجبرت على الزّواج من ليروي، لكن فانيسا لم تعـد تلومه.
لذا، عندما ابتسمت له وقالت إن الأمر لا بأس به وهو يغادر قصر دوق دريك بملامح مليئة بالذنب، كانت صادقة.
كانت فانيسا تعلم سبب عدم مساعدة دوق إيفانوود و قواته لها في ذلكَ الوقت، و لماذا يحاول مساعدتها الآن.
‘زواجي من ليروي كان في مصلحة لوينغرين.’
بالطّبع، كانت فانيسا تعتقد أن التضحية بنفسها من أجل لوينغرين لم تكن صحيحة. كانت تلوم أولئك الذين لم يساعدوها لأيام عديدة.
لكن عند التّفكير في الأمر، لم تُظهر أبدًا صورة موثوقة كأميرة لهم.
نشأت تحتَ حماية والدها كزهرة في دفيئة، غير مبالية بالسياسة، معتبرة أن شؤون الأمة ليست من مسؤوليتها لأنها لن تصبح ملكة.
كان من الواضح كيف بـدت هذه الأميرة المدللة في عيون رعاياها. فشلت في كبح جماح ديكلان، مما جعلها تفقد ثقـة قوات دوق إيفانوود.
نتيجة لذلك، لم يكن هناك خادم واحد دعـمَ فانيسا عند رفضها للزواج غير المرغوب.
لكنها كانت تعتقد أن دوق إيفانوود ندم على ذلك لاحقًا.
كانت فانيسا، رغم كل شيء، ابنة الملك الذي أقسمَ بالولاء له، و كان من المفترض ألا يسمح خادم ببيع أميرة كهذه إلى طاغية وغد.
بالتأكيد، جاء إلى هنا لتلبية طلب فانيسا بدافع الندم. تعبيره المليء بالذنب و هو يغادر كان صادقًا بلا شك.
بالطبع، كان هناك أيضًا احتمال أن يكون قد خطّـط لترشيح فانيسا كوريثـة ثانية لعرش لوينغرين لمواجهة ديكلان، أو ربّما ليجعلها داعمة له و لورثته، الذين يملكون أيضًا حقوق الوراثة.
لم تكن فانيسا غبيّـة، فكانت تعلم أن التعاون مع دوق إيفانوود قد يعني استغلالها سياسيًا. لكنها مـدّت يدها وهي تعلم ذلك، واثقة من أنها لن تتأذى من فكرة استغلالها.
بعد عام قضته مع ليروي تيريفرون، لم تعـد فانيسا تلكَ الأميرة المدللة في الدفيئة.
لذا، كانت مرتبكة أكثر.
‘لماذا أنـتَ…’
هل هو غاضب؟
“لا فرق بينـكِ و بين فراشة تطير نحو النار.”
حدّق يورغن إلى فانيسا بعينين مشتعلتين. عندما تراجعت فانيسا مذهولة، أمسكَ كتفيها بيديه بقوة و هاجمها:
“خادم قام بخياتنكِ. لم يساعدكِ أحد، و لهذا تـمّ بيعـكِ، و مع ذلك تطلبين المساعدة بلا كبرياء؟ إلى مَـنْ سيتمّ بيعـكِ هذه المرة؟”
“دوق إيفانوود ليس من هذا النوع. و… لا أفهم لماذا أنـتَ لهذا السبب.”
“…..”
صمتَ يورغن، وهو يعض على أسنانه، كما لو أنه يواجه تناقضًا داخليًا لا تعرفه فانيسا.
أغلق عينيه كما لو كان يحاول إخفاء مشاعره. بعد لحظات، عندما فتح عينيه الذهبيتين، كانت مليئة بالبرود القاسي كالعادة.
“سبب طلبكِ المساعدة من دوق إيفانوود هو للهروب مني، أليس كذلك؟”
تنهدت فانيسا قليلًا و أجابت على كلامه الدقيق:
“…أنتَ على علم بذلك. هل أخبركَ دوق إيفانوود أنني طلبت مساعدته؟”
“نعم، بلطف شديد. يظنّ أنني أسيء معاملتكٌ مثل ليروي تيريفرون.”
“لكنكَ تحبسني و تحاول إجباري، أليس كذلك؟”
“أنـتِ غنيمتي. هل نسيتِ بالفعل؟”
“…لم أنـسَ أبدًا.”
“لم أعاملكِ مثل ذلك القذر. أم أنّـكِ تريدين مني أن أفعل؟”
سخر يورغن و هو يمسك بذقنها بقوة، فارتجفت فانيسا كطائر صغير سقطَ تحت المطر، مبتسمة بنظرتها المؤثرة:
“إذا ضربتني… سأتحطّـم، لن تتمكّن من جمع عظامي. ربّما أموت.”
“…..”
ارتجفت يـده. أفلتها يورغن بحركة خشنة و هو يعبث بشعره بعشوائية، ثم استدار مبتعدًا عنها.
نظرت فانيسا إلى ظهره بإحساس لا تستطيع وصفه.
كان رجلًا غريبًا حقًّا.
رجل لا تفهمـه.
في البداية، كانت تخاف منه فقط، وكان هدفها الوحيد هو البقاء على قيدِ الحياة أمام هذا “الجلاد” الذي لا تعرف ما سيفعله. لكن كلما قضت وقتًا معه، زاد ارتباكها بسببِ الأسئلة المتزايدة.
تقول أنّـكَ تكرهني، و سوف تدمرني، فلماذا…
“…دوق، لا أريد الزواج منـكَ.”
“…..”
“و أنـتَ أيضًا، أليس من الأفضل ألا تتزوجني؟ لماذا تستخدم الزواج كوسيلة للانتقام منّي؟ ليس هذا هو الطريق الوحيد لتقيّدني. و الأهم من ذلك، هل يمكنك حقًّـا العيش مع امرأة تكرهها بهذا الشّكل؟ أنا… لا أفهمـكَ حقًّـا. لا أستطيع فهمـكَ. و لهذا السّبب…”
أمسكت فانيسا قبضتيها بقوة و واصلت بنبرة مرتجفة، محدّقة في ظهر يورغن:
“أريد الهروب منـكَ. حتى لو استغلني دوق إيفانوود… لا أستطيع العيش مع رجل يكرهني. لا أريد أن تُرهن حياتي دون أن أعرف السبب…!”
بينما كانت تتحدّث، امتلأ صوتها بالعاطفة.
الارتباك و الخوف الذي شعرت به، الشعور بالخطر كشخصٍ يمشي على حبل مشدود، و الرغبة في الهروب منه. اختلط كل ذلك في فوضى عاطفية.
و عندما استدار الرجل أخيرًا، كانت عيناه…شرستين، كما لو أنهما ستبتلعان تلكَ الفوضى.
تلكَ النّظرة الواضحة.
المشاعر المتدفقة من تلكَ العيون… شيء يشبه الجنون.
في لحظة، توقّف تنفسها.
نسيت فانيسا للحظة كيف تتنفّس، محدقة إلى يورغن. اقتربَ منها و هو يحدّق إليها، و توهجت عيناه الذهبيتان.
كانت تلكَ هالة فيوس. حاكم الحكمة و الجنون…
يقال إن حاكم الحكمة مجنون دائمًا، لذا يمكنه رؤية ما وراء العالم.
أولئك الذين اختارهم كانوا إما يحصلون على الجنون، أو لا يحتاجون إليه لأنهم مجانين بالفعل…
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات