“صاحبة السّمو، هل أنـتِ بخير؟”
“صاحبة السّمو… هل أنـتِ على ما يرام؟”
بمساعدة غارسيا و رينيه، نهضت فانيسا من مكانها.
لحسن الحظ، لم يُصب جلدها بجروح، لكنها ضربت ركبتها و مرفقها بقوة، مما سيترك كدمات بالتأكيد.
تحمّلت فانيسا الألم النابض وعضّت على شفتيها بقوة. شعرت بالإحراج لأنها أظهرت مظهرًا غير لائق أمام مرؤوسيها. تنهدت بعمق و قالت:
“أنا بخير. سأصاب بكدمات، لكن هذا لا شيء.”
كان من المضحك أنها أثبتت كلامها عن جلبها للحظ السيء بسقوطها مباشرةً بعد أن تحدثت عنه.
ابتسمت فانيسا بسخرية وهي تنفض الغبار عن ملابسها بنفسها. حاولت رينيه القلقة منعها و تولت تنظيف الغبار بدلاً منها، ثم أخرجت منديلًا من جيب مأزرها و مسحت يدي فانيسا.
خلال ذلك، كان غارسيا يراقب فانيسا من الجانب بتعبير معقد.
عندما أصبح شعر فانيسا و ملابسها مرتّبة إلى حدٍّ ما، تحدث إليها غارسيا بنبرة اعتذار غير معتادة:
“صاحبة السمو… لا أعرف بالضبط ما الخطأ الذي ارتكبته، لكنني أعتذر على أي حال. لم أكن أعلم أن كلامي سيسبب لكِ سوء فهم.”
“سوء فهم…؟”
رفعت فانيسا رأسها ببطء، محدقة إلى غارسيا بعينيها الزرقاوتين الداكنتين، اللتين تتلألآن كالنجوم.
في تلكَ اللحظة، فكّـر غارسيا لأول مرة أن عينيها جميلتان.
كان يعلم أن فانيسا تملك جمالًا غير بشري، ومنذ اللّحظة الأولى التي رآها فيها، أذهله وجهها، لكن هذه كانت المرة الأولى التي يفكر فيها بصدق أنها “جميلة”.
شعرَ بإحساس غريب، فلم يستطع غارسيا مواجهة عينيها مباشرة. أومأ برأسه وهو ينظر إلى زاوية عينيها بمهارة، متجنبًا النظر المباشر.
“لا أعرف التفاصيل، لكن كلام سمو الدوق لم يكن لأنه يعتبركِ مصدر إزعاج. إنه فقط… حسنًا، لا أعرف كيف أشرح، لكن بالتأكيد هناك سوء فهم.”
كان كلامه غير مقنع، لكن حتى غارسيا شعر بالحيرة حول كيفية الشرح.
هل من الطبيعي أن يشعر بالضيق عندما يرى رجلًا مقربًا من امرأة تهمّـه؟ لكن… هل كان هو وفانيسا مقربين حقًا؟ لم يكن يعتقد ذلك.
في الأساس، لم يكن غارسيا يفهم نوايا يورغن بالكامل. لذا، كان من اللامعقول أن يتحدث إلى فانيسا عن مشاعر يورغن أو أن يخمّـن أنه ربّما يشعر بالغيرة.
لهذا السبب، نفّـذَ فقط أمر يورغن بعدم الاقتراب من فانيسا كثيرًا، ونقلَ كلامه كما هو، لكنه لم يتوقع أن تأخذه فانيسا بشكلٍ خاطئ.
بعد أن تطـوّر الأمر إلى هذا الحد، أدرك غارسيا تأثير “الحظ السيء” الذي تعاني منه فانيسا عليها.
لم يكن يعلم. و ربّما لم يكن أي من خدم دريك يعلم.
الحظ السيء المستمر، الشائعات عن جلبها للنحس، لقب “المرأة الملعونة”. كل ذلكَ كان يثقل كاهلها.
فانيسا بصفتها غريبة و أجنبية تمامًا، لم تكن محطّ اهتمام للتفهم منذُ البداية. لذا، تـمّ التعامل معها بشكلٍ سطحيّ فقط، دون محاولة فهمها بصدق.
أدرك غارسيا هذا الآن فقط.
“…إذا قلتَ ذلك، حسنًا، سأتقبل كلامكَ. يبدو أنني كنت عاطفية بشكلٍ غير معتاد. حظي السيء أمر اعتدتُ عليه، لذا لم يعـد يهمني كثيرًا…”
“…..”
“لكن أحيانًا، من الصعب تقبّـل أن هذا قدري. اليوم، كنتُ متوترة بشكلٍ خاص… ربّما لهذا السبب.”
عند سماع شكوى فانيسا، فكّـرَ غارسيا فجأة في شيء و سألها بحذر:
“سبب توتركِ… هل هو بسبب أرنو تيريفرون و تلكَ الساحرة ساسكيا؟”
ارتعشت فانيسا للحظة وأومأت برأسها بشكلٍ غير طبيعي، كما لو كانت تخفي شيئًا.
“حسنًا… نعم. إذا كانا حقًا على قيد الحياة، فهذا أمر مقلق.”
كان غارسيا فضوليًا بشأن ما تخفيه، لكنه طرح السؤال الذي تبادر إلى ذهنه:
“تخمّنين أن الشخص الذي واجهه أرنو تيريفرون في ذلكَ الزقاق هو ساسكيا، أليس كذلك؟”
في المساء السابق، شرح يورغن لفانيسا ما رآه في الزقاق و سألها بالتفصيل عن أرنو و ساسكيا. أخبرته فانيسا بكل ما تعرفه، مضيفة تخمينًا أن اختفاء أرنو في الزقاق قد يكون من فعل ساسكيا.
“ساسكيا أقسمت يمين الولاء لعائلة تيريفرون الملكية… ليس مجرد وعد، بل ‘يمين الساحر’. أنتَ تعرف ما هذا، أليس كذلك؟”
“يمين يقسمه الساحر على حياته… لا يمكن كسره إلا بالموت.”
“صحيح. مع هذا اليمين، لا يمكن لساسكيا التحرر. طالما بقـيَ واحد من عائلة تيريفرون على قيد الحياة، ستظل تبحث عنهم و تحميهم حتى لو كلّفهـا ذلكَ حياتها.”
“هذا صحيح، لكن النقطة الغريبة هي…”
“أن مشاعر أرنو المتبقية في الزقاق كانت الفرح، ثم الرعب، ثم الخيانة… هكذا قال يورغن بعد أن رأى ذلك بقوة فيوس.”
ساسكيا، المقيّدة بذلك القسم، لا يمكنها أن تؤذي أرنو، آخر أفراد عائلة تيريفرون. فلماذا شعرَ أرنو بالرعب والخيانة؟
“…قد لا يكون الشخص الآخر في الزقاق ساسكيا. من الغريب أن يشعر أرنو بالرعب والخيانة عند رؤيتها.”
“همم… هذا صحيح…”
فجأة، خطرت فكرة لغارسيا، لكنه تـردّد في قولها. بعد لحظة من التردد، طرحَ فرضيته بحذر:
“ماذا لو… كان ليروي تيريفرون على قيدِ الحياة؟”
“ماذا؟”
تجهّم وجه فانيسا، كما لو أن مجرّد التفكير في هذا الاحتمال أثار غضبها الشديد.
رفع غارسيا يديه كمَنْ يستسلم و أوضح:
“أعني… ربّما هربَ ليروي تيريفرون الحقيقي بعد تغيير وجهه. قد يكون الاحتمال ضعيفًا، لكن إذا كان على قيدِ الحياة، فلن يكون على ساسكيا الولاء لأرنو. أوامر ليروي ستكون الأولوية، كونه من السلالة المباشرة.”
“لا، هذا مستحيل. في يوم سقوط تيريفرون… الشخص الذي جـاء إليّ في زنزانة الطابق السفلي كان ليروي بلا شك.”
عندما أظلم وجه فانيسا بشكلٍ حاد، شعرَ غارسيا بالإحراج لأنه أثار الموضوع دون داعٍ. ضحك بإحراج و حاول تغيير الموضوع بسرعة:
“هاها، بالطبع، كنتُ قلقًا بلا داعٍ… على أي حال! فرساننا سيتابعون أمر أرنو تيريفرون و ساسكيا، فلا داعي للقلق كثيرًا. نحن لا نجيد القتال فقط. لدينا فرسان مدربون على تقنيات التحقيق. نحن فرقة أكثر روعة مما تبدين، هاها.”
“…..”
حدّقت فانيسا قي غارسيا للحظة، ثم ضحكت بخفة، كما لو أنها أدركت سبب تصرفه السخيف غير المعتاد.
تحدثت بنبرة أخف:
“وليروي… أعتقد أنني مَـنْ قمتُ بقتله. رغم أن يورغن هو مَـنٔ قطع رقبته.”
“ماذا؟ هل هذا صحيح؟”
سأل غارسيا مذهولًا، و رينيه، التي كانت تستمع بصمت حتى تلك اللحظة، فتحت عينيها بدهشة.
لكن فانيسا لم تكن تنوي الحديث أكثر عن هذا الأمر، فاكتفت بالابتسام و مرّت بجانبهما.
هذه المرة، لم يحاول غارسيا السؤال أكثر. اكتفى بنظرات متفاجئة إلى فانيسا، مع تعبير يظهر دهشته.
‘حسنًا… لم أكن أعتقد أنّها مجرد أميرة راقية.’
ربّما لهذا لم تكن مزعجة. فهو يكره النبلاء المتعجرفين.
ابتسم غارسيا وسارَ خلف فانيسا بخطوات منضبطة. لم يتوقع أن يشعر بهذا، لكنه فكّـر أنه إذا كانت هذه الأميرة، فسيكون سعيدًا بخدمتها كسيّدته.
* * *
في حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر، وصل زائر غير متوقع إلى القصر.
كانت فانيسا تقضي وقتًا مملًا في غرفتها عندما تلقت خبرًا بأن زائرًا يطلب مقابلتها، فسارعت إلى الردهة.
عند وصولها، واجهت مشهدًا متوترًا حيث كان يورغن و دوق إيفانوود يتقابلان في جو مشحون.
توقّفت فانيسا للحظة، لكن فرحتها بلقاء شخص من وطنها بعد وقتٍ طويل جعلتها تركض نحو دوق إيفانوود.
“دوق إيفانوود!”
فتح دوق إيفانوود عينيه على وسعهما، كما لو أنه رأى شبحًا، ثم ظهرت على وجهه علامات التأثر، وكأنه على وشك البكاء.
“لا يصدق، الأميرة فانيسا، أنـتِ على قيد الحياة حقًا!”
“نعم… بفضل رحمة دوق دريك، نجوت.”
قالت ذلك وهي تلقي نظرة سريعة على يورغن، الذي كان وجهه متصلبًا كالصخر.
عندما التقت أعينهما، نظـرَ إليها يورغن بنظرةٍ حادّة بشكلٍ مخيف، و كأنه قد فهـمَ تمامًا سبب قدوم دوق إيفانوود إلى القصر وما الذي تخطط له فانيسا.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات