مرّ وقتٌ قبل أن تستعيد أريانا رباطة جأشها، كانت لا تزال تشعر بكفّ سايروس يضغط على ظهرها، مثل اليد التي كمّمت فمها سابقًا، كانت اليد على ظهرها باردة، تسرّب البرد عبر فستانها الرقيق، الذي كان خفيفًا جدًا لفصل البرد، فبدأت ترتجف.
كانت تحاول الابتعاد عن سايروس بهدوء عندما تكلّم “لقد قدّمتُ لكِ معروفًا، أنتِ مدينة لي الآن.”
شعرت أريانا بالحيرة، ماذا يقول؟، لم يكن شيء من هذا ليحدث لولا ظهوره في المخزن في منتصف الليل، لكنها لم تعبّر عن هذه الفكرة.
“أنا لم أظنّ يومًا أنك من النوع الذي يفرض معروفًا بلا داعٍ على الناس.”
“بالطبع لم تظنّي ذلك، فنحن التقينا للمرة الأولى اليوم، لكنكِ الآن تعرفين ذلك.”
“لا أعتقد أنني سأحتاج لتذكّر ذلك، بما أننا لن نلتقي مجددًا.”
“أنا لا أعرف بشأن ذلك، ولكن من يدري ماذا قد يحمل المستقبل؟”
رفعت أريانا رأسها وحدّقت إليه بنظرة نارية، كان نبرته شبه مغازلة، لكن عينيه ظلتا باردتين، لكن وسامته كانت ساحقة لدرجة أنها طغت على النظرة الجليدية في عينيه، لو كانت أريانا امرأة عادية، لربما أثارتها كلماته، لكن بعد كل ما مرّت به -حتى الموت نفسه- لم يهزّها حتى اللطف الظاهري لرجل يشبه القمر.
“هل هناك شيء تريده مني؟”
“ماذا يمكن أن تقدّميه لي، أيتها اليتيمة غير المرغوبة؟”
“لقد التقينا اليوم فقط، ومع ذلك يبدو أنك تعرفني جيدًا.”
“أنا أعرف كل شيء.”
“إذن أحسدك، فالعالم مليء بأشياء لا أعرفها.”
“ماذا لو قدّمتُ لكِ معروفًا أخر؟”
“بما أنّ آخرين لا حصر لهم يتوقون لمعروف منك، سأتركها لهم.”
“ألستِ فضولية لماذا تحبّ أمّك ابنة زوجها الأولى أكثر منكِ، وأنتِ من دمها ولحمها؟”
اتسعت عينا أريانا، كانت تعرف بالفعل لماذا تفضّل رايتشل هيلينا، علمت بالأمر بالصدفة، كان السرّ محروسًا بشدّة لدرجة أنها لم تكن لتعرف به لولا الأمير الثالث، لكن كيف يعرف هذا الرجل؟
أرادت أريانا معرفة مدى علم سايروس، ولماذا تسلّل إلى القصر، هي لم تكن تريد أي علاقة به، لكنها كانت بحاجة لمعرفة نواياه لتستعد للمستقبل، وقالت بلطف “سأقبل بكل سرور أي تنوير.”
“وماذا يمكنكِ تقديمه مقابل هذه المعلومات القيّمة؟”
“ماذا تريد مني؟، أنا سجينة هنا، وأعامل كأقل من خادمة.”
رفع سايروس ذقن أريانا بلطف بإصبعه، ناظرًا إليها بتسلية “لا تبدين متأثرة بحالتكِ الحالية.”
“لستُ أنا من يجب أن تخجل.”
أمال سايروس رأسه قليلًا إلى الأمام، مقربًا وجهه الساحر، أدركت أريانا أنها لا تزال واقفة في المساحة الضيقة وجسدها ملتصق به، حاولت دفع نفسها بعيدًا، لكنه قرّب شفتيه من أذنها وتكلّم بهدوء.
“هيلينا ليست ابنة الدوقة السابقة.” كمّمت أريانا فمها بيدها “إنها في الحقيقة ابنة رايتشل برونتي.”
كان سايروس محقًا، لقد علم بطريقة ما بهذا السرّ الذي كان اللورد الغربي، رايتشل، جايكوب، السيدة كايلي برونتي، وهيلينا يخفونه بعناية.
“هل تفاجأتِ؟”
“بالفعل.”
“ولكنكِ لا تبدين متفاجئة جدًا.”
“أنت تقف قريبًا جدًا، لذا لا يمكنك حتى رؤية وجهي.”
“أنتِ لا تطرحين أي أسئلة، هل كنتِ قد خمنتِ السرّ؟”
“ما الذي يجعلك تعتقد ذلك؟، أنا مصدومة جدًا لدرجة أنني لا استطيع التفكير بوضوح.”
كان سايروس يعرف سرّ هيلينا، مما يعني أنه يجب أن يكون على دراية بظروف أريانا أيضًا، سيكون مشبوهًا جدًا أن تكون فتاة مثلها، تُعامل كالنفايات في المنزل، على علم بالسرّ، قررت أريانا التظاهر بالجهل “كيف يمكن أن تكون هيلينا ابنة أمي؟”
“لستُ مقتنعًا بأنكِ فضولية حقًا، لكن سأخبركِ، كانت رايتشل حاملًا بطفل جايكوب عندما بدأ الحديث عن زواجها من الحاكم الشرقي.” عندها استشاط الحاكم الغربي، الذي كان مخطوبًا، غضبًا بعد علمه بالأمر، طالب بالإجهاض، لكن رايتشل وجايكوب توسّلا على ركبتيهما.
“هدّدت رايتشل والدها قائلة إنها ستنتحر إذا أُجبرت على الإجهاض، وكان على اللورد الغربي تزويج رايتشل باللورد الشرقي مهما حدث، فاضطر للتنازل، لذا وجد ابنة نبيل مغمور يحمل لقب بارون وأحضرها.”
كانت هذه ماريان وود، الزوجة الأولى لدوق برونتي، لم يكن لبيت ماريان سلطة لمقاومة أمر الحاكم الغربي، فأُجبرت على الزواج من جايكوب، تظاهرت بأنها حامل بمجرد زواجها، وربت هيلينا، ابنة رايتشل، كأنها ابنتها.
أُرسلت رايتشل إلى المملكة الشرقية قبل أن تتعافى من الولادة، وتولّت ماريان دور الدوقة بأمانة تحت المراقبة، ثم عادت رايتشل إلى المملكة الغربية.
“عندما عادت رايتشل، طلّق جايكوب ماريان، ادعى جايكوب أن ماريان كانت خائنة، وأنه أعادها إلى منزلها بعد الطلاق، لكن ماريان لم تصل أبدًا إلى قصر وود.
لم يجرؤ بارون وود، الذي لم يكن له أي نفوذ، على سؤال دوق برونتي عن مكان ابنته، لكنه ربما خمّن مصيرها، وظل صامتًا لتجنّب تكراره.
ما إن عادت رايتشل مع أريانا، حتى تزوج جايكوب ورايتشل، أحملت رايتشل بفتاة على الفور، وأنجبت فيما بعد فيكتوريا، لكن رايتشل كانت تحبّ ابنتها هيلينا أكثر.
“لا شك أن رايتشل تشعر بالأسف تجاهها، بما أن هيلينا تُعتبر ابنة عائلة بارونية مجهولة من الريف، رغم أن دم الحاكم الغربي يجري في عروقها،” قال سايروس.
“لهذا تدلّل هيلينا أكثر من فيكتوريا، ابنتها الثالثة.”
أخبرت رايتشل هيلينا بالحقيقة عندما كبرت بما يكفي لتعرف، بعد علمها بالأمر، اختارت هيلينا أن تكره أريانا بدلاً من لوم رايتشل وجايكوب، كانت تعتقد أن خطأ أريانا هو الذي جعلها تعيش كابنة ماريان، وليس كابنة الحاكم الغربي، رغم أن لا شيء من هذا كان تحت سيطرة أريانا.
“لماذا تخبرني بهذا؟” سألت أريانا.
“أنا مهتم بخططكِ.”
“ليس لدي أي خطط.”
“هل هذا صحيح؟”
“نعم، سموك، أنا مجرد فتاة لا يهتم بها أحد.”
دفعته أريانا بكلتا يديها، فسقطت يده من ظهرها، تراجعت خطوة عنه، ونظرت إليه بوقار “لقاؤك كان شرفًا لا يتكرر، سموك.”
“شرف لا يتكرر؟، هل تقصدين أنكِ لا تنوين رؤيتي مجددًا؟”
“إذا كنتِ ذكيًا بما يكفي لفهم ذلك، ما كنتِ لتسأل هذا السؤال.”
“إذا سمعتِ الإشاعات عني، فلا بد أنكِ سمعتِ أنّني لستُ حقًا رجلًا نبيلًا.”
“أنا أؤمن فقط بما أراه بعينيّ.”
“وما رأيكِ بي الآن، بعد أن التقيتِ بي؟” بدا أن سايروس لا ينوي تركها بسهولة.
كابحة تنهيدة، أجابت “كيف أجرؤ على الحكم عليك، سموك؟، الشرف كان عظيمًا، ولكنه كان مرهقًا أيضًا، أنا متعبة، لذا سأعتزل إلى غرفتي الآن.”
حاولت المغادرة قبل أن يمنعها “ابنة برونتي الثانية.” لم ينادها أحد بهذا في أي من حياتيها، فتوقفت أريانا فجأة، راقبها سايروس بهدوء وهو يراقب النيران تتأجج في عينيها الزرقاوين الباردتين سابقًا.
“لستُ من البرونتي، ولستُ بالتأكيد ابنة الدوق.”
“بم أناديكِ إذن؟”
“بلا شيء.” مرّت ابتسامة باردة على شفتي أريانا.
“لن أجبركِ على البقاء بعد الآن.”
لم يعد سايروس يجبرها على البقاء، فقط بعد أن تلاشت خطواتها من المطبخ، غادر المخزن.
كان إيزاك، الذي كان جالسًا على شجرة خارج المخزن، مضطربًا.
“سايروس… ماذا كان ذلك؟” لم يصدّق إيزاك ما رآه.
لم يكن لدى سايروس سبب وجيه لدخول المخزن والتحدث إلى أريانا، ليس هذا فقط، بل دفع جسدها نحوه عمدًا أثناء اختبائه واستخدم سحر التخفي، رغم أن أريانا كان واضح انها لا تقدر وجوده، استمر في مغازلتها وأخبرها حتى بسرّ بيت برونتي — الذي كانت معلومات قيّمة كان صعب الحصول عليها.
فوجئ إيزاك في البداية برد فعل أريانا لرؤية سايروس، وكاد أن يصاب بنوبة قلبية عندما رأى رد فعل حاكم الشمال، لم يكنّ حتى متأكدًا إن كان قد أصيب بنوبة قلبية دون أن يلاحظ، كانت تصرفات سايروس صادمة إلى هذا الحد.
على الرغم من ذهول إيزاك، كان سايروس هادئًا “تلك الفتاة ستكون مفيدة لنا.”
لم يقتنع إيزاك بجوابه، هل غازلها وأخبرها بسرّ لمجرد أنه يعتقد أنها ستكون مفيدة؟، سايروس كارها، الرجل اللاي لا يضاهى، فعل ذلك؟، كان سايروس رجلًا يعذّب أي شخص، بغض النظر عن جنسه أو عمره، ليحصل على ما يريد.
لم يشك إيزاك في أن سايروس سيرفع السيف على والده إذا لزم الأمر، ما الذي سيمنعه من فعل الشيء ذاته مع فتاة تُعامل كأقل من خادمة؟، لقد أضاع وقتًا بشكل غير معهود في الحديث العادي معها، ويزعم الآن أن ذلك لأنها ستكون مفيدة.
هل هو مريض؟، ربما أصيب بمرض غريب من المملكة الغربية، بدأ إيزاك يقلق على صحة الرجل.
لاحظ سايروس النظرة في عينيه، فسأل “ما الأمر؟”
“لا تخبرني أنك مريض؟، هل لديك صداع شديد، على سبيل المثال؟”
“أنا بخير تمامًا.”
كان سايروس يعرف ما يفكر فيه إيزاك، لكنه لم يقدم أي أعذار لتهدئته، في الظروف العادية، كان سايروس سيمسك أريانا من عنقها ويهددها لتخبره بما تعرف، لكنه شعر أن مثل هذه الخطط لن تجدي معها.
كانت فتاة في السادسة عشرة فقط، وإن بدت استثنائية نوعًا ما، وكان متحيرًا لماذا شعر بهذا، باستثناء ترددها اللحظي عندما التقيا بنظراتهما، كانت أريانا هادئة تمامًا طوال الحوار، حتى المحارب الأكثر صلابة لا يمكن أن يتصرف بهذا اللامبالاة في حضور حاكم الشمال سيء السمعة.
“لم أكن أعلم أن حاكم المملكة الشمالية سيزور قصر برونتي في هذه الساعة، أنا متأكدة أن العائلة بأكملها كانت ستستقبلك لو علموا.”
حتى أنها أصبحت ساخرة بعد ارتباكها الأولي، وشعر بالتأكيد أن هناك المزيد عنها مما يظهر، لاختبارها، أخبرها بسرّ هيلينا، الذي كان صعب اكتشافه لكنه لم يكن ذا فائدة عملية كبيرة، ومع ذلك، بدا أنه لم يفاجئ أريانا.
لم يكن أمرًا هينًا أن تعلم فتاة محبوسة ومُعاملة بالإساءة عن سرّ يحرسه الحاكم الغربي، ورايتشل، وجايكوب بعناية، إذا استطاع الحصول على أي معلومات تعرفها أريانا، سيصبح التعامل مع الحكام الغربيين والشرقيين في المستقبل أسهل بكثير.
إذا تبين أنها عديمة الفائدة، يمكنني التخلي عنها حينها.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات