راقبت أريادلين روزانا بهدوء لبرهة من الزمن. ثم ابتسمت، لقد كانت ابتسامتها مثل ابتسامة شخص لا يعرف شيئًا عن أحوال العالم.

حدّقت روزانا في أريادلين في حيرة. 

اقتربت أريادلين بسرعة وأمسكت بيد روزانا.

” سيدة، أنتِ من ستصنعين لي فستاني، أليس كذلك؟”

“نعم نعم؟”

فكرت روزانا: “ماذا، استخدام الألقاب؟ تستخدم أريادلين ألقابًا تكريمية تجاه سيدة متجر الفساتين.”

لم تستطع روزانا إخفاء دهشتها.

ولكن على ما يبدو أنها لم تكن على علم بالاضطرابات الداخلية التي كانت تعيشها روزانا، ابتسمت أريادلين بشكل مشرق عندما قدّمت طلبها.

 “سأكون ممتنةً حقًا إذا تمكنتِ من صنع فستاني.”

بخلاف ذلك، ليس لدى أريادلين ما ترتديه. 

ورغم أنها لم تقل هذا، وجدت روزانا نفسها تهز رأسها غريزيًا.

فكرت روزانا: “بدت الشريرة أريادلين وكأنها ساعة معطلة، فقدت أحد تروسها.”

هذا كل ما استطاعت روزانا استيعابه.

 “من فضلكِ اجلسي الآن، وسنقوم بإعداد بعض الفساتين لكِ لتجربتها.”

“شكرًا لكِ.”

شكرتها أريادلين وجلست بعيدًا قليلاً عن كارلوثيان على اليمين.

همست روزانا بحذر وهي تطلب من الموظفين إخراج الفساتين.

“كيف يبدوان معًا؟”

“حسنًا، لا يبدو الأمر قريبًا بشكل خاص…”

“ولكن حتى أثناء زواجهما، لم يجتمعا أبدًا لتصميم فستان.”

“ما الذي يحدث على الأرض؟”

“ليس لدي أي فكرة… فقط أحضري الفساتين الآن.”

“نعم.”

بدأ الموظفون في تنظيم الفساتين في غرفة القياس، وبمجرد أن أصبحت جاهزة، اتصلوا بأريادلين مرة أخرى.

“سأذهب لأجربها إذًا.”

أومأ كارلوثيان برأسه، وبدا غير مهتم على الإطلاق بالأمر، الأمر الذي زاد من ارتباك روزانا.

“ما هي العلاقة بالضبط بين الاثنين؟”

ولكن لم يكن هناك أحد هنا يستطيع الإجابة على سؤالها.

بينما كانت أريادلين تقضي وقتها في تجربة الفستان، كان الصمت بين روزانا والدوق الأكبر يملأ متجر الفساتين.

لقد فرّ جميع الزبائن الآخرين، تاركين المكان هادئًا للغاية حتى أن روزانا سمعت صوت دبوس يسقط. لقد ابتلعت ريقها بتوتر دون أن تدرك ذلك.

تمتمت روزانا في نفسها: “آه، كان الصوت مرتفعًا للغاية.”

صفَّت روزانا حلقها وتحدثت بحذر إلى الدوق الأكبر.

“سماحتكَ. إذا كنتما تجتمعان معًا لتصميم فستان، فيبدو أن علاقتكما تحسنت كثيرًا…”

“لا.”

 أغلقت روزانا فمها عند إجابته المقتضبة وتمتمت في نفسها: “أوه، فهمت. إذن، لماذا أتيت لتخيط لها فستانها؟ حتى اللجوء إلى التهديدات.”

لم تفهم روزانا الأمر على الإطلاق، ولكن بما أن الدوق الأكبر قال لا، لم يكن بوسعها أن تصر على غير ذلك. لذا، نظرت بعيدًا وتظاهرت بأنها مشتتة.

وبينما كانت روزانا تتحرك بتوتر، انفتح الستار بجانب غرفة القياس، وخرجت أريادلين بالفستان.

“آه، لقد خرجتِ…”

 اتسعت عيون روزانا.

رغم أن أريادلين كانت نحيفة بعض الشيء، إلا أن شعرها الذهبي الطويل وعينيها الزرقاوين السماويتين اللامعتين لا يزالان يشعان بالضوء. كان القماش الأزرق الرقيق السماوي الذي يلف إطارها النحيف يجعلها أكثر غموضًا.

اللون الأزرق الفاتح من الأسفل إلى الأعلى ونظرة أريادلين الخجولة تلتقي بنظراتها. لقد بدت وكأنها حورية بحر غامضة من البحر.

 “يا إلهي.”

 غطت روزانا فمها بكلتا يديها دون أن تدري. لقد تم صنع هذا الفستان الأزرق الفاتح النابض بالحياة، ولكن بسبب لونه الزاهي، لم يجد مالكته المناسبة بعد. ويبدو أن الموظفين أخرجوا على عجل كل ما استطاعوا إخراجه استجابة للطلب العاجل.

كان الفستان يناسب أريادلين تمامًا، وكأنه قد صُنع خصيصًا لها.

 “آه، جميلة…”

 كادت الكلمات أن تفلت من شفتيها، لكن روزانا تمكنت من حبسها والحفاظ على رباطة جأشها.

فكرت روزانا: “وعلى الرغم من سمعتها السيئة، كان من الواضح أن الفستان سيصبح موضوع نقاش في المجتمع.”

 “الفستان أزرق.”

 جاءت ملاحظة غير مبالية من كارلوثيان.

اتسعت عينا روزانا وهي تنظر إلى كارلوثيان. 

فكرت روزانا: “كيف يمكن أن يكون هذا كل ما قاله بعد رؤية مثل هذا الجمال؟ لقد بدت مذهلة! حسنًا، ماذا يمكن أن نتوقع من رجل لا يركز إلا على ولي العهد الأميرة دوروثيا؟ كان من المعروف أن الدوق الأكبر يحب ولية العهد دوروثيا. وربما كانت ولية العهد نفسها هي الوحيدة التي لم تكن تعلم بهذا.”

 “هل هناك فساتين أخرى؟”

“نعم، هناك.”

فكرت روزانا: “على الأقل كان يسأل عن الفساتين الأخرى. في بعض الأحيان، كان الأزواج غير المبالين يقولون ببساطة هذا جميل، بعد رؤية الفستان الأول ويشترونه على الفور. حسنًا، إنه لم يعد زوجها بعد الآن. في الواقع، نظرًا لأنه زوجها السابق، فهذه مشكلة في حد ذاتها. لقد كان العالم الاجتماعي مربكًا بالفعل.”

شاهدت روزانا أريادلين تدور أمام المرآة، مما جعل الفستان الأزرق السماوي يتوهج ويستقر بخفة، كأنها ملاك.

فكرت روزانا: “العيش مع امرأة بجمالها المذهل، ومع ذلك لا يزال يحب ولية العهد الأميرة دوروثيا… هذا الرجل هو حقًا شيء عظيم.”

 بدا أن أريادلين أُعجبت بالفستان لأنها نظرت إليه من زوايا مختلفة، ثم ابتسمت لروزانا بمرح. 

وجدت روزانا نفسها تبتسم لها بدورها: “إنها تبدو الآن وكأنها طفلة بعض الشيء.”

كانت روزانا تدرك جيدًا ما حدث لأريادلين. 

تمتمت روزانا في نفسها: “لقد فقدت أريادلين لقبها النبيل ونُفِيت من العاصمة.”

خدشت روزانا خدها عندما لاحظت الكدمات التي لا تزال ظاهرة على رقبة أريادلين.

فكرت روزانا: “لا بد أنها مرت بالكثير من الصعوبات في الخارج… لم أكن أعرف بالضبط ما حدث لها، ولكن بالنسبة لامرأة نبيلة عاشت حياة مدللة ليتم نفيها بهذه الطريقة، فمن غير المرجح أن تظل عاقلة. ربما لهذا السبب تتصرف بهذه الطريقة… ربما كان من الممكن أنها لم تعد في رشدها. لو كان الأمر كذلك، فإنه يفسر سلوكها الحالي، ترتدي بسعادة فستانًا لم تنظر إليه حتى من قبل وتبتسم بمرح.”

“هل نجرب فستانًا آخر؟”

قرّرت روزانا أن تستسلم لها، لأن الأمور وصلت إلى هذا. فكرت: “بصراحة، لم تكن هناك عارضة أزياء مثالية مثل أريادلين. كانت تتمتع بقوام مثالي ووجه جميل وشعر ذهبي، كان جمالها مرغوبًا في الدوائر الاجتماعية. كانت مثل الحلم.”

تم مرافقة أريادلين بعيدًا بواسطة أحد الموظفين. وبينما كانت تُغيّر ملابسها، أعقب ذلك فترة أخرى من الصمت.

استجمعت روزانا شجاعتها وتحدثت إلى كارلوثيان مرة أخرى.

 “السيدة أريادلين جميلة جدًا.”

“هل هي؟”

قمعت روزانا الكلمات التي نشأت من أعماقها: “هل أنتَ أعمى؟ آه، مع هذه الشخصية، فلا عجب أنه يستطيع أن يحب امرأة أخرى بكل صراحة بينما يعامل زوجته ببرود. إذا فكرنا في الأمر بهذه الطريقة، فمن المنطقي أن تصبح أريادلين بالشكل الذي أصبحت عليه. أريادلين، التي كانت ابنة لعائلة نبيلة مرموقة قبل زواجها. أصبحت أفعالها السيئة وقسوتها معروفة للعامة بعد زواجها. لسبب ما، بدأتُ أشعر بالأسف عليها.”

ظهرت أريادلين مرة أخرى في فستان مختلف.

لم تتمكن روزانا من منع نفسها من الاحمرار مرة أخرى.

هذه المرة، لفّ الفستان الأحمر جسد أريادلين النحيل الأنثوي بسلاسة. مصنوع من الساتان اللامع، مما جعلها تبدو وكأنها جنية نار. كان الفستان الأحمر مكملاً لشعرها الذهبي اللامع، وأصبحت عيناها الزرقاوان السماويتان نقطة محورية مذهلة، مثل المجوهرات.

“هذا، هذا…”

لقد أُصيبت روزانا بالدهشة: “هل سبق لي أن رأيتُ في حياتي عارضة أزياء مثالية كهذه؟” 

وبدأت تشير إلى موظفيها بإلحاح شديد.

 “أحضروا جميع الفساتين التي لدينا.”

“اعذريني؟”

“عجلوا!”

أصبحت عيون روزانا أكثر إشراقًا من أي وقت مضى، بعد أن وجدت إلهامها.