نقر كارلوثيان لسانه عندما رأى أريادلين ترتدي ملابس شخص آخر.

“يا له من منظر قبيح.”

عند سماع كلماته، أغلقت الخادمات أعينهن بإحكام. 

تمتمت في نفسها: “لا، سيكون من الأفضل لو بقي صامتًا في أوقات كهذه.”

ألقت الخادمات نظرة على أريادلين، ولكن بدلًا من أن تتألم كما توقعن، مرّت بجانب كارلوثيان بوجه غير مبال.

“مَن لم يشتري لي قطعة ملابس واحدة حتى الآن؟”

“دعينا نوضح الأمور. أنا لستُ ملزمًا بشراء الملابس لكِ.”

×”يا إلهي، حتى أخذ الكلب يتطلب منكَ إطعامه وكسوته. ولكنكَ أخذت! شخصًا ولم تكن تقصد أن تزوّده بالملابس؟ يا له من أمر مخادع.”

“هل تقارنين نفسكِ بالكلب؟”

“ما الفرق؟ أنا خاطئة بعد كل شيء.”

 أغلق كارلوثيان فمه وكأنه ليس لديه ما يقوله. سخرت أريادلين من رد فعله وسارت في الممر بخطوات خفيفة.

كانت الخادمات يراقبن رد فعل كارلوثيان، وسرعان ما تبعن أريادلين، وكان كارلوثيان يتبعهن.

عندما وصلوا إلى الطابق الأول، كانت العربة جاهزة بالفعل. فتحت أريادلين باب العربة بنفسها، دون مساعدة كارلوثيان، وخطت على مسند القدمين المرتفع لتدخل.

 “أووه.”

 خطت بقدمها على حافة فستانها وترنحت، فحاولت الخادمات المذعورات الإمساك بها.

ولكن كارلوثيان كان أسرع. أمسكها من خصرها بكلتا يديه ورفعها بعناية إلى العربة.

 “أمر أخرق.”

“لن أشكركَ.”

 ركب الاثنان العربة، وصعدت إحدى الخادمات إلى جوار السائق.

تأكد سائق العربة من إغلاق باب العربة ثم انطلق بها. وبدأت عربة الدوق الأكبر دينافيس في التحرك نحو منطقة متاجر الملابس.

كانت العربة تهدر بهدوء أثناء سيرها. نظرَت من خلال نافذة العربة، وهي تشاهد المناظر المارة. يوجد متاجر لبيع الفساتين هنا وهناك. لكن العربة لم تتوقف. لم تستطع تحديد متجر الفساتين الذي كان كارلوثيان يبحث عنه.

“إلى أين نحن ذاهبان؟”

“إينارودي.”

“إينارودي؟”

لقد بحثت في ذاكرتها للحظة. لم يكن متجر إينارودي أفضل متجر للفساتين. كان مجرد مستوى أدنى من القمة، لكنه لم يكن المكان الذي يستخدمه النبلاء رفيعو المستوى.

“حتى لو لم يعجبكِ الأمر، تحمّليه.”

“لا، ليس الأمر أنني لا أُحب ذلك.”

لقد لمست خدها بشكل محرج، وفكرت: “بعد كل شيء، تم رفضنا من قبل جميع متاجر الفساتين الفاخرة، لذلك لم يكن هناك الكثير من الخيارات. لا بد أن كارلوثيان يمر بتجربة فريدة من نوعها بسببي.”

في تلك اللحظة توقفت العربة أمام متجر لبيع الفساتين وقد كُتب عليها بخط أنيق، إينارودي.

فتح السائق باب العربة، وخرج كارلوثيان أولاً، ثم مدّ يده إليها. أخذَت يده وخرجت من العربة.

وثم… من خلال نافذة الباب، تمكنت من رؤية ما بداخل متجر الفساتين. وبمجرد أن رأت المرأة بالداخل وجهها، انفتح فمها.

“أعتقد أنني مشهورة جدًا.”

وعندما ضحكت ودخلت متجر الفساتين، بدأوا يلهثون أكثر فأكثر.

“ماذا أرى في العالم؟”

“يا إلهي…”

“أوه سيدتي، هل سافرتُ عبر الزمن؟”

“حتى لو سافرتِ عبر الزمن، فلن تري مشهدًا مثل هذا…”

ألقى كل من النبلاء الجالسين في متجر الملابس تعليقًا. نظرت حولها إليهم. كانت وجوههم مألوفة في الغالب. بالطبع، نظرًا لمدى سيطرة أريادلين على المشهد الاجتماعي،

عندما دخلت هي وكارلوثيان، خرجت امرأة مضطربة مسرعة من مكان ما. كانت روزانا إستي، سيدة إينارودي. كان وجهها شاحبًا للغاية، إذ لا بد أن وصولهما معًا كان بمثابة صدمة كبيرة.

“مرحبًا بكَ، الدوق الأكبر دينافيس.”

استقبلت روزانا كارلوثيان بابتسامة محرجة للغاية. 

تمتمت في نفسها: “ومع ذلك، كانت نظراتها موجهة نحوي، وليس نحوه. أنا، مرتديةً فستانًا أخضرًا قديمًا وحذاءً قديم الطراز.”

“ما الذي أتى بكَ إلى هنا…؟”

تمتمت في نفسها: “نظرت إليّ متوسلة، وكأنها تتوسّل إليّ ألا أقول إنني أتيتُ لأخيط فستانًا. لكن كارلوثيان لم يكن من النوع الذي يلتقط مثل هذه التفاصيل الدقيقة.”

“نحن هنا لصنع فستان.”

“هذا لا يمكن أن يكون…”

كان رد فعل روزانا وكأن صاعقة ضربت خلفها.

ابتسمَت بلا تفكير، مثل الحمقاء، وتركت يد كارلوثيان وتجولت بخفة حول متجر الفساتين.

نظر إليها النبلاء المحيطون بها والسيدة وكأنها مخلوقة غريبة، وحدقوا فيها. 

“ما المشكلة في الذهاب إلى متجر الفساتين لشراء فستان؟”

“هذا صحيح. ولكن…”

“لكن؟”

 رفع كارلوثيان حاجبه. 

ابتلعت روزانا بصعوبة وابتسمت بابتسامة محرجة.

تمتمت في نفسها: “حسنًا، يبدو أنها لا تريد أن تصنع لي فستاني، لكنها لا تستطيع الرفض أمام الدوق الأكبر.”

لمسَت الأقمشة المعروضة ونظرَت إليهما، وتمتمت في نفسها: “استطعتُ أن أفهم مشاعر روزانا تقريبًا، لكنني لم أستطع أن أتجول عاريةً.”

 “أغلقي عينيكِ وتقبّلي الأمر هذه المرة، من فضلك.”

 عندما التقت عيناها بعيني روزانا، ابتسمَت بابتسامة مشرقة. نظرت روزانا بعيدًا، مرتبكة. 

ما زالت مبتسمة بابتسامة مشرقة، وتحدثَت إلى كارلوثيان.

“متى نبدأ بتجهيز الفستان؟”

عند سماع كلماتي، حدّق كارلوثيان بثبات في روزانا. كانت روزانا تتعرق بتوتر وتتجنب النظر إلى عينيه بمهارة. 

ثم تحدّث كارلوثيان.

 “أنا رجل مشغول جدًا.”

“نعم…”

“ليس لدي الكثير من الوقت لأُضيعه في أشياء مثل هذه.”

“نعم نعم.”

“لذا، سيكون من الأفضل الامتثال بينما أطلب منكِ بلطف.”

 بدت كلماته الباردة وكأنها تخفّف من حدة الجو في محل الفساتين. نهضت السيدات النبيلات اللاتي حضرن لخياطة الفساتين من مقاعدهن وهن يبتسمن بخجل.

 “سيدتي، سوف نعود في وقت آخر.”

“نعم، نحن أيضًا.”

“أنا أيضاً.”

“آه، هاهاها.”

 أطلقت السيدة روزانا ضحكة جوفاء وهي تشاهد السيدات النبيلات يغادرن.

تمتمت في نفسها: “هل كان هذا من خيالي، أم أنني رأيتُ شيئًا يلمع في زاوية عينيها؟”

 “حسنًا إذًا… دعينا نأخذ قياساتكِ.”

 في النهاية، تقبّلت مصيرها واستدعت موظفيها. اقترب الموظفون مني وهم ينظرون حولهم بتوتر، حاملين شرائط القياس.

شخر كارلوثيان ثم جلس على الأريكة حيث كانت السيدات النبيلات يجلسن، ووضع ساقيه الطويلتين فوق بعضهما.

تمتمت في نفسها: “نعم، ساقاه طويلتان.”

 “من فضلكِ تعالي من هنا.”

 اتبعتُ الموظفين إلى الداخل لأخذ قياساتي.

راقبت روزانا أريادلين، التي ذهبت لأخذ قياساتها، ثم نظرت إلى الدوق الأكبر دينافيس.

“اعتقدتُ أن علاقتهما انتهت بالفعل. لماذا كان يحتجز خاطئة مثل أريادلين؟ بل وحتى كان يذهب معها لخياطة فستان!”

كانت روزانا في موقف صعب. ليس صعبًا فحسب، بل صعبًا للغاية. 

كان من الواضح ما ستقوله السيدات النبيلات، اللاتي رأين الدوق الأكبر يأتي لشراء فستان لأريادلين.

“هل سمعتِ؟ لقد صنعت فستانًا لتلك الشريرة؟”

“هل صنعت فستانًا للشريرة التي حاولت قتل ولية العهد؟”

“لكنها لا تستطيع رفض طلب الدوق الأكبر.”

“أشعر بالأسف تجاه السيدة، لكن لا يمكنني الاستمرار في الحصول على الفساتين من مكان صنع فساتين للشريرة.”

“أوه، كان رأسب ينبض. كيف يمكن لمتجر الفساتين الخاص بي، الذي عملتُ بجد لبنائه، أن ينهار بهذا الشكل؟”

لقد استاءت روزانا من أريادلين، التي كانت تأخذ مقاساتها بالداخل. لقد كان من الأسهل الاستياء منها بدلاً من الدوق الأكبر، بعد كل شيء.

في تلك اللحظة، نظرت أريادلين، التي انتهت من أخذ قياساتها، إلى روزانا. ألقت روزانا نظرة عليها، ونسيَت للحظة أن تتحكم في تعبيرات وجهها.

 أريادلين مرتديةً رداءً خفيفًا وفّره لها متجر الفساتين، بدت مختلفة عن ذي قبل. وجهها الجميل المبتسم بهدوء بدا مسترخياً، ورقبتها المستقيمة وخطوط جسدها الأنثوية كانت جميلة جدًا. لقد كانت نحيفة بعض الشيء، لكن الفستان استطاع إخفاء ذلك.

 “أووه.”

 غطت روزانا فمها من المفاجأة.

 “لقد كنتُ أُحدّق بها كثيرًا.”

 أريادلين، التي كانت تبتسم بمرح، أصبح لديها الآن تعبيرًا خافتًا لفترة وجيزة.

فكرت روزانا: “لقد كانت بالفعل ذات مزاج سيء. الآن بعد أن أصبحت في مرتبة الخاطئة، إلى أي مدى قد تصبح أسوأ؟”

ابتلعت روزانا ريقها بتوتر.