الجميع اعترف بمهارتها، لكن هذا لم يعني أن الجميع أحب وجود امرأة في الجيش، خاصة الأمير الثاني.
“النساء لا يجب أن يقتربن من الأسلحة الخطيرة.” كان يقول لها كلما مر بها أثناء التدريب.
“هل تود أن ترى أيٌّ منا يجب أن يسقط السيف ويعود للتطريز؟” أجابت بسخرية.
من تلك اللحظة، أصبحا عدوين.
منذ سن السادسة عشرة، وضعا رهاناً أن “من يفوز ثلاث مرات متتالية سيحقق الآخر طلبه”، لكن لم يربح أياً منهما الرهان.
كلاهما كان ماهراً وشجاعاً، وحارب من أجل ما آمن به.
مرت أربع سنوات وما زالا يتقاتلان بنفس الطريقة.
أرادت أديلا من الأمير ألكسندر أن يرتدي فستاناً لأسبوع إذا خسر ثلاث معارك متتالية، بينما أراد الأمير من أديلا أن تترك الجيش إذا فاز.
كانت منافستهما معروفة بين الفرسان، وفجأة انقسمت وحدتهما إلى مؤيدين ومعارضين.
بالطبع، كان مؤيدو أديلا أكثر عدداً، لأنه رغم شعرها القصير، كانت ما تزال جميلة للغاية.
ربما لم تملك عيني أمها الذهبيتين، لكن بشرتها البيضاء كالخزف وعينيها الحادتين كانتا ساحرتين.
لكن معظم معجبيها كرهوا شيءً واحداً فيها… طريقة أكلها.
اعتقدت أديلا أن وزنها الخفيف نقطة ضعف أمام خصم أكبر، لذلك كانت تأكل دائماً حصصاً كبيرة آملة في زيادة وزنها، لكنها لم تنجح.
تدربت أديلا لأكثر من خمس ساعات يومياً، مما يعني أنها كانت ما تزال تحرق سعرات حرارية أكثر مما تستهلك.
كلما التهمت وجباتها بشراهة، كان الجميع يتجهون بأنظارهم بعيداً، باستثناء الأمير ألكسندر.
لم ينظر إليها لأنه وجد المشهد مزعجاً، بل لأنه وجدها لطيفة.
لم يعرف احد، لكن السبب الحقيقي وراء إصرار الأمير الثاني على إخراجها من الجيش كان رغبته في الزواج منها.
عندما ظهرت أديلا لأول مرة في المجتمع الراقي، وقع في حبها من النظرة الأولى.
بدت كسيدة أنيقة وجميلة، وأراد أن يعرف عنها أكثر.
حينها اكتشف أنها من عائلة بالوا، وأنها كانت تتدرب لسنوات لتصبح فارسة في وحدة والدها.
في البداية، اعتقد أنها مزحة وأنها أرادت فقط لقب فارس شرفي للحفاظ على سمعة العائلة كفرسان مخلصين للعائلة المالكة، لكنه كان مخطئاً.
كانت فارسة حقيقية أكملت كل التدريبات اللازمة.
وقفتها، الطريقة التي تمسك بها سيفها، ونظراتها الحادة وضحت مدى شغفها بأن تصبح فارسة.
لذلك حاول ألكساندر أن يجعل حياتها صعبة في المعسكر لتغادر، ثم يمكنه لاحقاً أن يطلب يدها للزواج.
لكن خطته انقلبت عليه، لأنه بعد أن علمت أديلا من كان وراء التنمر المستمر، بدأت تكره الأمير الثاني.
هذا التطور السلبي احزنه و قرر توقف عن تنمر عليها لفترة، لكن الحرب مع البرابرة اندلعت فجاء.
حرب قاسية حصدت أرواحاً كثيرة، لذلك قرر أن يبدأ تنمره مرة أخرى آملاً أن تغادر وتكون آمنة حتى لو كان هذا يعني أنها ستكرهه إلى الأبد.
لكن أديلا لم تتراجع أبداً، واستمرت في أداء واجباتها كفارسة بشكل مثالي.
أثناء الحرب، تم تعينها في المعسكر الأيسر، بينما تم تكليف ألكسندر بالحدود.
كان يسهر كل ليلة قلقاً عليها، وكان قلقه مبرراً، لأنه ذات مساء بينما كان يتناول العشاء سمع أخباراً أن المعسكر الأيسر تم تدميره بالكامل.
“لم يتركوا أحداً على قيد الحياة” قال الجندي الذي ذهب إلى المعسكر بعد انتهاء الهجوم وانسحاب البرابرة .
نهض ألكسندر فوراً وركض إلى حصانه وتوجه إلى المعسكر الأيسر دون تردد.
“رجاءً، كوني آمنة،” كان يكرر لنفسه في طريقه إلى هناك.
لكن عندما وصل إلى المنطقة، كان المعسكر الأيسر قد دُمر بالكامل، وساد الصمت، مما يعني أنه لم يبق أحد على قيد الحياة.
شعر ألكسندر كما لو أنه نسي كيف يتنفس للحظة، فنظر حوله بذعر.
“أديلا!!” بدأ بالصراخ كالمجنون، يحرك الجثث باحثاً عنها. سرعان ما وصل المزيد من الجنود وبدؤوا البحث عن الناجين.
لكن كان هناك شيء غريب، لم يجد جثة أديلا.
كان هناك 300 جندي في المعسكر الأيسر، وتم العثور على جميعهم موتى باستثناء أديلا.
في البداية، اعتقد أن هذا قد يكون شيئاً جيداً، لكن بعدها راودته أفكار مرعبة حول ما سيفعله البرابرة بها على الأرجح.
لذلك عاد إلى المعسكر في الخط الأمامي، حيث رأى أخاه الأكبر، ولي العهد ثيرون، يرتجف من الخوف، بينما الماركيز كايزن يتوسل إليه أن يعيره فرقة للبحث عن ابنته.
“اجمع نفسك، جيشك ينتظرك، أعطنا أمراً!” قال ألكسندر وهو يهز كتفي أخيه، ثم واصل محاولة إيقاظ أخيه الذي كان في صدمة كاملة ويرتجف بعد معرفة أن وحدة كاملة تم القضاء عليها.
“لا أعرف ماذا أفعل!” صرخ ولي العهد ثيرون من الخوف، لأنه لم يستطع اتخاذ قرار.
“سأقود الجيش، فقط أعطني الإذن رجاءً.” قال ألكسندر وهو ينظر في عيني أخيه الأكبر.
أومأ ثيرون بالموافقة، وغادر ألكسندر الخيمة بأسرع ما يمكن.
“شكراً لك على ما فعلته هناك.” قال كايزن، الذي تبع ألكسندر على ظهر حصانه.
“لا تشكرني، لنجد أديلا.”
كما يقولون، أحياناً الهجوم هو أفضل دفاع.
البرابرة لم يتوقعوا أن يهاجمهم جيش فالتوريا بعد خسارة وحدة كاملة، لذلك لم يكونوا مستعدين.
“هجوم!!” صرخ ألكسندر وسحب سيفه.
سمعت أديلا صوت تصادم السيوف وصرخات البرابرة من الخيمة التي كانت مربوطة فيها.
شعرت بالتوتر لأن نهاية المعركة ستحدد مصيرها.
سرعان ما سمعت صوت خطوات تقترب من خيمتها.
عبست وهي تطحن أسنانها، محاولة الاستعداد لما هو قادم.
لكن لدهشتها، كان ألكسندر.
“الحمد لله، تعال وحررني،” قالت وهي تتنهد، مرتاحة لأن أليكس وصل إليها قبل أن يقدموها كمكافأة لزعيم البرابرة.
لكن أليكس ركض وعانقها.
“انتظر، ما خطبك؟” سألت أديلا لأن ألكسندر كان يرتجف دون توقف.
“الحمد لله أنك آمنة،” قال ألكسندر بنبرة متوترة وهو يتفقد وجود أي إصابات، ثم حررها من الحبال.
“اعتقدت أنك تكرهني، لأن…” قالت أديلا لأنها كانت تشعر بالارتباك، لكن قبلة أليكس قطعت كلماتها.
“من أين جاءت هذه؟” سألت أديلا لأنها لم تفهم ماحدث.
“أحبك.” قال ألكسندر وهو ينظر في عينيها.
لكن كايزن أفسد الجو عندما دخل الخيمة وعانق أديلا.
“لا تقلق يا أبي، هؤلاء البرابرة الأغبياء لا يقتلون النساء، والسبب الوحيد في أسري هو أنني كنت آكل ولم يكن سيفي معي عندما هاجموا.” قالت أديلا وهي تحاول تهدئة والدها القلق.
وهكذا انتصرت فالتوريا في وقت قصير، وسرعان ما عادت جميع القوات إلى العاصمة للاحتفال.
استعرض الجنود العاصمة على خيولهم بينما رشقهم الناس بتلات الورد.
“إذن ما معنى تلك القبلة؟” سألت أديلا أليكس بعد أن اقتربت منه على حصانها.
“سأخبرك لاحقاً.” قال أليكس وهو يبتعد عنها.
“أحمق!” تمتمت أديلا لنفسها، لأنها كانت تفكر في القبلة طوال اليومين الماضيين، وأخيراً جمعت الشجاعة لتسأل، لكنه تجاهلها.
تلك الليلة، في الحفلة، وزع الملك الميداليات على الجنود، وادخر الجائزة الكبرى لألكسندر الذي تحرك بسرعة وأنقذ الموقف.
“هل لديك شيء تقوله لقادتك وفرسانك؟” قال الملك متوقعاً خطاباً عن فالتوريا وشجاعة الفرسان، لكنه حصل بدلاً من ذلك على اعتراف بالحب.
“تزوجيني، أديلا دي بالوا.” صرخ ألكسندر وهو يغمض عينيه.
صرخ بصوت عالٍ بما فيه الكفاية ليسمعه كل من في القاعة.
بمجرد أن فتح عينيه، رأى نظرة الدهشة على وجوه الجميع.
ساد الصمت، وبدأ الجميع ينظرون إلى أديلا لسماع إجابتها.
“لا” قالت، ثم شربت النبيذ أمامها.
ركض ألكسندر في اتجاهها وتوسل أمام الجميع. “لا أهتم إذا كنت تريدين البقاء فارسة لبقية حياتك، أريدك فقط أن تكوني زوجتي، لذلك رجاءً أعيدي النظر في قرارك.”
“لا، هل نسيت كيف عاملتني للسنوات الأربع الماضية؟ إلى جانب ذلك، لم تعتذر بعد.”
“أنا آسف، رجاءً اغفري لي،” قال بنظرة ذنب في عينيه. “تزوجيني، أعدك بأن أعاملك جيداً.”
“سأفكر في الأمر،” أجابت أديلا لأن أليكس بدا يائساً وغادرت القاعة، ثم بدأ الجميع بالهتاف.
وهكذا أصبحت قصة حب أديلا حديث العاصمة.
كانت هناك حتى شائعة أن الأمير الثاني رفض منصب ولي العهد، لأنه عرف أن أديلا ستكره أن تكون ملكة وستفضل البقاء فارسة.
استمر الأمير في مطاردتها، محاولاً إقناعها مراراً وتكراراً، حتى وافقت أخيراً بشرط واحد أن يحمل طفلها البكر لقب بالوا، حتى تستمر إرث عائلتها، ووافق ألكسندر فوراً.
تم الاحتفال بزفافهما لسبعة أيام وليال، وتم توزيع الطعام في جميع أنحاء العاصمة، وعاشوا جميعاً في سعادة دائمة.
***النهاية***
شكراً لكم على قراءة القصص الجانبية.
كانت قصتي الجانبية المفضلة هي قصة دونا وقد استمتعت كثيراً بكتابة قصة أديلا لأنها كانت المرة الأولى التي أكتب فيها قصة اعداء الى احباء.
إذا كنتم تريدون معرفة المزيد عن قصتي القادمة وعن الفنان الموهوب الذي يعمل على غلاف قصتي القادمة تابعوني على الإنستغرام:
Cinna.mon2025
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 56"