لفهم سبب تصرفات لانا، علينا أن نفهمشخصاً آخر… والدتها.
كانت مشهورة بجمالها في قريتها، وكان الرجال يتوسلون إليها يمينًا ويسارًا لتكون زوجة لهم.
“أنتِ جميلة جدًا!” هذا ما كانت تسمعه باستمرار خلال نشأتها.
وعندما بلغت أخيرًا سن الزواج، تقدم ابن رئيس القرية لخطبتها.
كان خيارًا ممتازًا، قريبًا من عمرها، وسيمًا، و يعبد الأرض التي تمشي عليها.
لكنها في اللحظة الأخيرة ترددت وقررت الهروب من والديها والانتقال إلى المدينة حيث توجد خيارات أكثر و تستطيع الزواج من شخص ثري او حتى نبيل.
لذا، ودون أن تنطق بكلمة، أخذت بعض المال من مدخرات والديها وغادرت إلى المدينة…
لكن الأمور لم تكن كما توقعت.
كان للرجال الأثرياء والنبلاء زوجاتٌ وعشيقات، وكن أجمل منها بكثير.
أصبح الحلم الذي راودها في العربة المتجهة إلى العاصمة، وهي تسير في الكنيسة نحو رجل أشقر وسيم، مستحيلاً.
لأنها رغم جمالها، كان لديها عيب واحد، وهو كونها من عامة الشعب.
كان زواج النبلاء معاهدة سياسية لإنهاء الحروب أو دمج الأراضي، أما عامة الشعب فلم يكن لهم أي قيمة استراتيجية إذا ما تزوجوا.
ولا ننسى هوس “الدم الأزرق”، ففي عهد النبلاء، حيث كان النبلاء يعتقدون أن دمهم مقدس، وأن زواج من العامة يعني إضعافه.
ونادراً ما كانت العائلة المالكة توافق على ذواج من هذا القبيل، ولكن حتى لو وافقوا، لم يعطى للزوج/الزوجة أي لقب، وكان أطفالهم محرومين من الميراث.
بسبب كل هذه العقبات أصبح مستقبل بيلا غير واضح.
لكسب لقمة العيش بدأت العمل في حانة صغيرة.
هناك التقت بالساحرة كاثرين، التي عرضت عليها المساعدة مقابل معروف.
لمدة سبع ليالٍ متواصلة، كانت بيلا، والدة لانا، تأخذ الرجال السكارى من الحانة إلى منزل كاثرين.
لم يخرج أي رجل دخل منزلها حياً.
أدركت بيلا أن ما تفعله خطأ، لكنها سئمت من الرجال القذرين الذين يغازلونها في الحانة.
ففعلت ما طلبته منها كاثرين، وفي المقابل أعطتها كاثرين كتابًا صغيرًا يحتوي على تعاويذ متنوعة، ثم غادرت المدينة.
كان الكتاب الذي حصلت عليه بيلا شيقًا، فقد كان يحتوي على إجابات لكل الأسئلة تقريبًا.
ولاكن واجهتها مشكلة صغيرة، التعاويذ لم تكن سهلة، ومكوناتها نادرة، ولم يكن هناك ما يضمن نجاحها، لكنها كانت خيارها الوحيد.
فقد كانت تكبر يومًا بعد يوم، وتفقد جمالها الذي اشتهرت به.
في النهاية، نجحت في صنع إحدى التعاويذ، تعويذة جرعة حب.
لكن لم تُجدِ الجرعة نفعًا في البداية.
جرّبتها على كل رجل نبيل زار متجرها حتى ظهر مفعولها اخيرا.
الضحية كان بارونًا في منتصف العمر، وقع تحت تأثير التعويذة وتوسل إليها كل يوم أن تكون زوجته الثانية.
في البداية، أرادت الرفض، لكنها تعلمت قبل بضع سنوات ألا تدع الفرص الجيدة تفوتها، فقررت قبول عرضه واستخدامه كأداة للصعود إلى القمة.
فتزوجت الرجل العجوز وكانت سعيدة بقرارها، لأنها الآن تستطيع حضور تجمع النبلاء، لأن زوجها فضّلها على زوجته الأولى بسبب تعويذة الحب.
كانت لا تزال مهملة في الحفلات بسبب أصلها، لكنها لم تهتم، ففي النهاية كانت تملك كتاب التعاويذ.
وفي كل ليلة، بعد أن تتأكد من نوم زوجها والخدم في المنزل، كانت تُخرج الكتاب، وتحاول أن تتعلم المزيد وتُحضّر المكونات بالمال الذي أعطاها إياه زوجها.
هذه المرة، جرّبت تعويذة الخصوبة، والتي نجحت على الفور وبشكلٍ مُفاجئ بعد استخدامها لأول مرة.
في كل مرة كانت تنظر فيها إلى بطنها الحامل، كانت تشعر بالفخر، لأنه كان دليلاً على أن طفلها سيعيش حياةً أفضل مما عاشته.
ولكن كانت هناك مشكلتان تنتظرانها في نهاية حملها.
كانت الطفلة فتاةً على عكس ما كانت ترغب فيه، وبدأت صحتها تتدهور لأن أحد مكونات تعويذة الخصوبة كان الزئبق، والذي لم يكن معروفًا في ذلك الوقت على أنه سم.
كانت حالتها الجسدية والنفسية تتدهور يومًا بعد يوم، لأنها كانت تحاول باستمرار استخدام تعاويذ عشوائية غير مكتملة لتجميل نفسها، لأن آخر تعويذة استخدمتها جعلت بشرتها تبدو أكبر سنًا.
لم تستطع الاعتناء بنفسها أو حتى بلانا التي كانت في السادسة من عمرها آنذاك.
حبست والدتها نفسها في غرفتها حتى وُجدت ميتة في سريرها ذات يوم.
وما زاد الطين بلة أن لانا هي من وجدت جثتها، لأنها ضلت تصرخ صباح ذالك اليوم و تطلب رؤية والدتها.
غطت الخادمة عينيها بسرعة، لكن الوقت كان قد فات.
حتى يومنا هذا، لا تزال صورة والدتها المتوفاة محفورة في ذهن لانا، كانت نحيفة كالجثة، شفتاها زرقاوتان، وعيناها مفتوحتان مليئتان بالكراهية.
بعد وفاة والدتها، عاملتها زوجة أبيها كما لو أنها لم تكن موجودة.
لم يُؤذوها جسديًا، لكن لم يعد يُسمح لها بتناول الطعام على نفس الطاولة.
لم يزورها والدها قط حتى في يوم عيد ميلادها.
وكانت تراقب عائلتها وهي تخرج للتنزه في الربيع بينما يتركونها في المنزل.
كما لو كانت ظلًا أو شبحًا.
لم يكن لديها خادمات يعتنين بها، ونُقلت غرفتها إلى القصر حيث يقيم الخدم الآخرون.
كانت تتقاضى 8 شلنات أسبوعيًا، وهو ما يكاد يكون أكثر من دخل الخادمة في ذلك الوقت.
ولم تستطع تذكر متى كانت آخر مرة اشترت فيها فستانًا أعجبها، وليس مجرد فستان مُوروث من أخواتها غير الشقيقات.
حتى ذلك الحين، لم تكن لانا تُكن أي مشاعر سيئة تجاه أي شخص، لأنها كانت تعلم أنها على الأقل لديها بطن ممتلئ بينما كان الآخرون يموتون جوعًا في الشارع.
كانت جثث المتسولين الذين يموتون في الشارع تُترك لمدة 3 إلى 4 أيام في الشارع حتى يتم دفنها، خاصةً في فصل الشتاء حيث يخفي البرد حتى رائحة الموت.
كانت راضية بما لديها وتنتظر ما يخبئه لها المستقبل.
عندما كانت صغيرة، كانت والدتها تحكي لها دائمًا قصصًا عن أميرة أنقذها الأمير الوسيم.
في سن الرابعة عشرة، أثناء الاستحمام، لاحظت لانا وجود تصبغ بني محمر يشبه يشبه الخزف المتصدع على بطنها.
عندما رأت تلك البقع، شعرت بالرعب وأخفتها عن الجميع خوفًا من أن تُمنع من الزواج ومغادرة منزل عائلتها بسببها.
ما اعتقدته مرضًا فظيعًا كان في الواقع شيئًا يسمى (بقع النار) ناتجًا عن التعرض المزمن للحرارة، وقد تشكل بشكل رئيسي لأن لانا كانت تستخدم زجاجة ماء ساخن على بطنها عندما كانت تعاني من الدورة الشهرية.
بدأت تشعر بالارتياب، لأنها قد لا تحصل على حياة الأحلام التي تمنتها، ومثل والدتها، بدأت تتصرف بجنون.
ثم تذكرت أنها رأت والدتها ذات مرة من خلال شق الباب تُجري تعويذة.
فبحثت في ممتلكات والدتها في العلية حتى وجدت الكتاب.
عرفت من المكونات والصور المروعة في الكتاب أنه ربما يكون سحرًا أسود، لكنها وعدت نفسها أن تستخدمه مرة واحدة.
ونجح الأمر، فقد عالجت جرعة من أربعة مكونات بشرتها في غضون أسابيع، وشعرت بتحسن أكثر من ذي قبل.
في سن السابعة عشرة، حصلت أخيرًا على عرض زواج من فيكسونت كايزن. كانت سعيدة، لأن أخواتها كن يغارن منها لأن كايزن كان معروفًا بوسامته.
لكن بعد فترة، بدأن يسخرن منها، لأنهن يعرفن نقطة ضعف لانا.
“دمهما قذر، وهما ينتميان لبعضهما البعض”، قالوا بصوت عالٍ من الحديقة لتسمعهم بوضوح.
ونجحت خطتهم، إذ شعرت لانا بالانهيار مجددًا وبدأت تصدق كلامهم.
ففكرت في طريقة لتجنب زواجها من كايزن أو إنهاءه، لتجد شخصًا ذا دم أفضل، حينها فقط تستطيع إرضاء غرورها والانتقام من شقيقاتها.
وبمجرد بحث بسيط، اكتشفت أن الطريقة الوحيدة للطلاق لاحقًا هي عدم قضاء الليلة الأولى معًا.
لأنه تحت هذا العذر فقط ستسمح العائلة المالكة بالطلاق، ويمكنها لاحقًا الزواج من شخص ذي مكانة أعلى.
ففي الليلة الأولى، فعلت كل ما في وسعها لمنع كايزن من لمسها، ونجحت خطتها.
وتأكدت من أن بعض الخادمات يعلمن أنها لم تقضِ ليلتها الأولى معه حتى يشهدن في مابعد لصالحها.
لكن خطتها التي اعتقدت أنها عبقرية ارتدت عليها.
لمعرفتها أنها لم تصبح سيدة المنزل بعد، تجاهلتها الخادمات، مما أغضبها.
على الأقل أخواتها اللواتي سخرن منها كنّ من النبلاء لا من الخادمات المتواضعات.
فقامت بطرد خادماتها بل وضربتهن، مما أصاب كايزن بخيبة أمل.
لم يعرف كايزن كيف يساعد، إذ رفضت لانا لمسته أو جهوده لتحسين علاقتهما.
ساءت الأمور عندما غادرت كايزن مع مندوب السلام، وسخرت منها السيدات الأخريات علنًا في المجتمع الراقي.
ألقى عليها بعضهن كأسًا من النبيذ متظاهرات بأنه حادث.
بينما أطلقت عليها أخريات ألقابًا بذيئة.
كانت الأمور تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، حتى اليوم الذي رأت فيه لويس لأول مرة في الحديقة.
رأته من بعيد في يوم زفافها، لكن الآن، عندما رأته عن قرب، أدركت كم كان وسيمًا.
كان نبيلًا كالعائلة المالكة، بشعره الأشقر، وملامحه التي تشبه الملاك.
“أريده” ظلت تكرر في ذهنها.
*****
Instagram: Cinna.mon2025
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 48"