الفصل الرابع: الأمومة
“ماذا يحب الأولاد في سن الخامسة؟” سألت لانا مارغريت فوراً قبل حتى أن تلقي تحية الصباح عليها.
كان اليوم هو يوم زيارة طفلها، لكن كان عليها أن تسأل الآخرين عما يحب وما يكره، وما الذي يفعله عادةً أثناء زياراته.
أرادت لانا أن يكون كل شيء مثالياً قبل وصول سيدريك.
أصرت على مساعدة مارغريت في تحضير الطعام، وطلبت من برنارد أن يُحضر المهر إلى مقدمة المنزل بعد الغداء لمساعدة ابنها على ركوبه.
كانت متوترة وتحققت من كل شيء مئات المرات.
“ماذا لو بكى؟ لا أعرف كيف أواسي طفلاً… ماذا لو تحدث عن ذكريات أو أشياء لا أعرف عنها شيئاً…لا أعرف حتى كيف أرد عندما يناديني أمي.”
تشتت ذهن لانا في الاف الاتجاهات حتى اقتربت العربة أكثر فأكثر.
كان قلبها يخفق بسرعة، وكانت تحاول الحفاظ على ابتسامة على وجهها.
عندما فُتح الباب، خرج لويس حاملاً سيدريك بين ذراعيه.
كان صبياً جميلاً ذا شعر أشقر. “مرحباً يا أمي،” قال عندما أنزله لويس.
“مرحباً يا سيدريك،” أجابت ثم أضافت بتوتر، “تفضل بالدخول. لابد أنك متعب من الرحلة”.
.عندما جلسوا إلى المائدة، كانت مارغريت تُحضر الأطباق واحداً تلو الآخر.
كان سيدريك طفلاً مؤدباً للغاية، وجلس هادئاً على المائدة.
ظلت لانا تنظر إليه بدلاً من تناول الطعام، وأدركت كم يشبه والده.
نفس العينين الزرقاوين الساطعتين والشعر الأشقر، كلاهما بدا كأنه من عالم آخر. عالم لا تنتمي إليه هي…
وصلوا أخيراً إلى الحلوى، وأحضرت لانا أحد الأطباق التي صنعتها بمساعدة مارغريت.
“لقد صنعت فطيرة التفاح هذه بنفسي. أتمنى أن تعجبك.” عندما جلست، مال لويس وهمس لها شاكراً.
بدا سعيداً جداً برؤية مدى جهدها وبدأ يأكل.
مرة أخرى، أدركت أن سيدريك لم يُظهر أي اهتمام ولم يبدُ سعيداً على الإطلاق.
بل كان ينظر إلى الساعة من وقت لآخر كما لو كان يتمنى أن يمر الوقت بسرعة، وهذا أثقل قلبها. صحيح أنها لا تتذكر عنه شيئاً، لكنها شعرت بالمسؤولية تجاهه.
علامات تمدد الجلد البيضاء الباهتة التي ترها على بطنها كلما غيرت ملابسها كانت دليلاً على أنها حملته لمدة 9 أشهر.
أرادت أن تتصرف مثل الأم حتى لو لم تكن مثالية، وكانت لا تزال ترغب في المحاولة.
“سيدريك، هل تريد ركوب المهر في الخارج؟” سألت لانا فجأة محاولةً تخفيف الجو المتوتر في الغرفة.
“نعم” أجاب، لكن مرة أخرى دون أي تعبير على وجهه.
راقبت برنارد وهو يساعده على ركوب المهر ويتجول حول المنزل.
كانت لانا تراقب سيدريك، وعندما التفتت أدركت أن لويس كان ينظر إليها مع ابتسامة على وجهه.
“أنا سعيد بقضاء الوقت معاً كعائلة،” قال بنبرة سعيدة.
“نحن نبدو بالتأكيد مثل العائلة… لكن ليس كعائلة سعيدة” أجابت بتعبير حزين.
“لا، حبيبتي، لا تقولي ذلك. سيدريك غاضب قليلاً فقط لأنني أحضرته إلى هنا بدلا من السماح له بالذهاب إلى حفل عيد ميلاد صديقه.” “
لا أعتقد أن هذه هي المشكلة،” قالت ثم اقتربت من سيدريك محاولة التحدث معه.
لكن حدس لانا كان صحيحاً. سيدريك لم يكن سعيداً بوجوده هنا.
مهما قالت، لم يكن متأثراً، ومهما سألت، كانت إجاباته مختصرة.
“هل يمكننا العودة إلى المنزل الآن؟” قال سيدريك بعد نزوله من المهر.
“لكن لا يزال لدينا وقت،” أجاب لويس بتعبير مرتبك.
“لكنني أريد العودة إلى المنزل. لقد فعلت كل ما طلبت مني.”
عند سماع كلمات سيدريك، بدا لويس أكثر صدمة من لانا.
“لا بأس، لويس, ربما يكون سيدريك متعباً. في المرة القادمة يمكننا الذهاب لقطف التوت،” قالت لانا بابتسامة حزينة.
“لا” قال لويس بنبرة جادة بدت وكأنه غاضب تقريباً. “سيدريك، لقد أخبرتك أن والدتك مريضة وأنك بحاجة للبقاء بجانبها. لذا حاول قضاء المزيد من الوقت معها،” قال لويس واضعاً يده على كتفه الصغير.
“لا!” صرخ سيدريك ودفع يده بعيداً “لا!! لا يوجد شيء لأفعله هنا! أريد الذهاب للعب مع أصدقائي أو العودة إلى القصر الكبير حيث دونا، وليس هذا المنزل البائس!”
استمر في التذمر، ولم يعرف لويس كيف يهدئه.
اقتربت لانا ببطء من سيدريك وانحنت لتنظر مباشرة في عينيه.
“أنا آسفة. سأُعد أنشطة أكثر متعة في المرة القادمة،” قالت وهي تساعده على ارتداء سترته. “إنه الربيع لكن الطقس لا يزال بارداً، فاحرص على ألا تمرض،”
قالت مبتسمة كما لو أن كلماته لم تؤلمها. كما لو أن ذكره لاسم دونا أمام أمه الحقيقية لم يؤلم قلبها.
“أنا آسف، حبيبتي،” استمر لويس في الاعتذار قبل أن يضع سيدريك في العربة ويغادر.
لكن لانا تصرفت كما لو أن كل شيء على ما يرام. لوحت لهما مودعة، وعندما اختفت العربة، محت الابتسامة المزيفة التي كانت تحافظ عليها على وجهها.
“لا داعي لتحضير العشاء،” قالت لمارغريت ثم ذهبت إلى غرفتها وأغلقت الباب.
*****
Instagram: Cinna.mon2025
التعليقات لهذا الفصل "4"