الفصل 39: أمي؟
الغميضة …
كانت هذه اللعبة المفضلة لدى سيدريك .
حتى قبل بضع سنوات، كان يهرب من الخادمات والمعلمين، ويتسلل إلى المبنى الرئيسي، ويحاول أن يلمح والده المشغول .
مجرد رؤية والده من بعيد كانت تجعله سعيداً .
كان فخوراً بكونه ابن دوق .
دوق محترم ومحبوب من الجميع .
لذا فإن التخطيط للتسلل إلى المبنى الرئيسي لرؤية والدته بدا أكثر كلعبة أطفال من كونه فعلاً خطيراً .
كل ما كان عليه فعله هو إلهاء الحراس بالقرب من نافذة المكتبة في الطابق الأول .
كان الموقع بعيداً عن المدخل الرئيسي أو الباب الذي يستخدمه الخدم عادة، لذا لم يكن هناك سوى حارسين في الجوار .
ألقى حجراً من بعيد .
صوت الارتطام شد الحراس، فغادروا للبحث عن مصدر الضوضاء .
اكتملت الخطوة الأولى بهذا الشكل دون أي عوائق .
كان التنقل داخل القصر أسهل بكثير .
لم يكن هناك خدم في الجوار.
ممرات فارغة، وأروقة هادئة، وجو مخيف .
مشى بحذر إلى الطابق الثاني، محاولاً عدم إصدار أي ضوضاء .
أثناء فحص الغرف في الطابق الثاني، سمع ضوضاء .
خرجت خادمة من غرفة في نهاية الممر، تحمل وعاءً من الماء ومنشفة .
وكان على سيدريك أن يختبئ حتى تنزل الدرج .
كان يعلم أنها تحتاج خمس أو عشر دقائق للعودة بعد تفريغ وعاء الماء في حوض المطبخ .
لكن هذا كل ما يحتاجه .
‘ سأتأكد من أن أمي بخير وسأرحل فوراً،’ كان يفكر لنفسه .
عندما فتح سيدريك الباب، رأى أمه جالسة على الأريكة بجانب النافذة .
كان ضوء الشمس يسطع مباشرة عليها. ونسيم لطيف يحرك شعرها .
كانت ترتدي فستاناً أبيض جميلاً وشعرها مُصفف بشكل جميل كما لو كانت ذاهبة إلى حفلة .
رؤيتها جعلته يشعر بالارتياح .
شعر بالراحة لأن كل الأفكار المظلمة التي خطرت في ذهنه الليلة الماضية كانت بعيدة عن الحقيقة.
“أمي،” قال بنبرة منخفضة .
لكن لانا لم تجب، فقط كانت تحدق خارج النافذة .
“ أمي، أنا سيدريك… أعلم أنك قد تكونين غاضبة مني، لكنني اريد التحدث معكي… أمي؟ “
مرة أخرى، لا إجابة .
بدأ قلب سيدريك يخفق بسرعة ومشى نحو والدته .
“ أمي؟” قال أخيراً، واصلاً إليها .
كانت حدقة عينيها متسعتين وبدت متعبة جداً حتى أنها لم تستطع ان تميل بوجهها اتجاهه .
كان من الواضح أن هناك شيئاً خاطئاً .
حاول سيدريك ألا يصاب بالذعر وبدأ يهز كتفيها، يناديها باسمها، محاولاً إنكار ما يراه .
انفرجت شفتا لانا قليلاً، كما لو كانت تحاول أن تقول شيئاً، لكن صوتها لم يخرج .
“ أمي، من فضلك أخبريني… لماذا أنت هكذا؟!” قال بصوت مرتعش .
كسره أن يرى والدته في حالة سيئة كهذه .
“ كان يجب ان تكوني بخير!” صرخ سيدريك و بدأت الدموع تنهمر. لكن لا فائدة، لانا لم تستطع الإجابة عليه .
لم يكن هناك وقت كافٍ وكان على سيدريك أن يغادر في أسرع وقت ممكن .
مسح دموعه وأخذ يد لانا اليمنى .
“ سأعود لأخذك… أعدك.” قال لها قبل أن تعود الخادمة .
عندما سمعته لانا، سقطت دمعة من عينها .
كما لو أنها تطلب المساعدة .
قبل إغلاق الباب عليها، ظل سيدريك ينظر إليها، لم يكن يريد أن يتركها وحدها .
كان يعلم أنها ربما كانت خائفة، لكن لم يكن هناك شيء يمكنه فعله لها .
لذا كان عليه أن يكبت مشاعره ويغلق الباب.
بعد ما رآه، لم يكن سيدريك قادرًا على التفكير بشكل صحيح في ذلك اليوم .
كان متوتراً وظل يقضم أظافره.
الأسوأ من ذلك أنه لم يستطع أن يعتمد على دونا .
الآن بعد أن عرف الحقيقة، فهم لماذا منعته دونا من الذهاب إلى المنزل الرئيسي .
وربما حتى كانت راضية عما يحدث للانا، لكن سيدريك لم يكن كذلك. لم يكن يريد أن يرتكب نفس الخطأ مرة أخرى .
لذا جلس وكتب رسالة يشرح فيها كل ما رآه وأين تقع لانا، وأخفاها في قميصه .
في الصباح التالي، ذهب سيدريك مع دونا إلى حفلة شاي استضافتها الكونتيسة أزميرالدا .
لحسن الحظ، في مثل هذه المناسبات، يجلس الأطفال منفصلين عن والديهم. لذا حصل سيدريك على فرصة لتنفيذ خطته دون أن يعلم أحد .
أحد الأطفال المدعوين للحفلة كان تيد، ابن البارونة أورلين .
عندما لم يكن أحد ينظر، سحب سيدريك تيد جانباً وأعطاه الرسالة .
“ هل يعمل والدك لدى الفيكونت كايزن؟” سأل سيدريك تيد بتوتر .
“ نعم، والدي محاسب الفيكونت .”
“ تيد، لدي معروف أطلبه منك، وهو شيء أنت وحدك تستطيع فعله .”
“ حسناً” اجابه تيد على الفور لأنه رأى مدى يأس سيدريك وهو يمسك الرسالة بيديه المرتعشتين.
“أخفِ هذه الرسالة وأعطها لوالدك ليتمكن من تسليمها سراً للفيكونت كايزن .”
بعد ذلك، كل ما تبقى هو الانتظار .
انتظار وصول الرسالة إلى يدي كايزن… انتظار مجيئه وإنقاذ لانا …
عَلم سيدريك أنه بسبب رسالته، قد يتحطم عالمه …
لكنه كان يعلم أنه لا يمكن أن يبني سعادته على بؤس الآخرين .
******
Instagram: Cinna.mon2025
التعليقات لهذا الفصل " 39"
كم عمر سيدرك عشان يفكر بهذا العمق