الفصل 34: أوليفيا

كلما أغمضت لانا عينيها للراحة، كانت تحلم بفتاة تُدعى أوليفيا.

شعرها أبيض طويل كحرير العنكبوت، وبشرتها بيضاء كالثلج، وعيونها وردية.

عيناها كحجر ياقوت بلون فاتح، ورموشها غير مرئية من بعيد رغم كثافتها، لأنها خالية من أي لون سوى الأبيض.

جمال نادر لا يمكن تقليده بصبغات الشعر أو المكياج.

يومًا بعد يوم، كانت لانا ترى ذكرى قصيرة لأوليفيا على شكل حلم، وبدت حقيقية بشكل مقلق.

“من هذه الفتاة؟” سألت لانا نفسها، مرتبكة مما حدث.

أحيانًا عندما تستحم، كانت ترى وجه أوليفيا يبتسم لها في انعكاس الماء.

وأحيانًا أخرى، كانت تسمع صوت أوليفيا وهي تغني في منتصف الليل.

صوت كانت الوحيدة التي تسمعه. “ماريسا، أعتقد أنني أُجنّ.” قالت لانا لماريسا بعد ليلة أخرى من الأرق.

“ماذا تقصدين يا سيدتي؟“

“أرى وأسمع هذه الفتاة في أحلامي باستمرار، لا بل أحيانًا حتى وأنا مستيقظة، حتى أنني أخلط بين ذكرياتها وذكرياتي.” سألت لانا وهي مستلقية على سريرها لأنها كانت منهكة عاطفيًا لدرجة تمنعها من فعل أي شيء.

“أتفهم يا سيدتي، لو كنت مكانكِ لتمنيت لو كنتُ شخصًا آخر أيضًا.”

“ماذا تقصدين يا ماريسا؟“

“سامحيني يا سيدتي، لا أجرؤ على قول ذلك.”

“أرجوكِ تحدثي، أعدكِ ألا أغضب.”

“ترك زوج من أجل حبيب ثم الندم والعودة، حتى أنكِ تخلّيتِ عن طفلكِ، أعتقد أن هذا صعب عليكِ جدًا لتتحمليه، لذا يخدعكِ عقلكِ بخلق هذه الشخصية المزيفة كمهرب.” قالت ماريسا بنبرة لطيفة.

“هل هذا ما يحدث لي؟ هل أُجنّ أخيرًا؟” قالت لانا وهي تغمض عينيها بيأس: “لكن هناك شيء يمكنكِ فعله”. قاطعت ماريسا أفكار لانا العميقة.

“يمكنكِ تجنيب السيد كايزن هذا البؤس، أعني، هل رأيتِ السيد كايزن مؤخرًا؟ يبدو سيئًا للغاية، يعمل باستمرار ويقلق طوال الوقت. سامحيني على قول هذا، لكن علاقتكما تؤذي بعضكما البعض. في النهاية، أنا مجرد دخيلة والخيار لكِ، ومهما كان قراركِ، سأساعدكِ، لكن من فضلكِ ضعي المستقبل في اعتباركِ عند اتخاذ القرار“.

شعرت لانا بحزن شديد لسماع ما قالته ماريسا، و أرادت الذهاب لرؤية كايزن، أرادت إثبات خطأ ماريسا.

أرادت أن تثبت لنفسها أن حبهما يستحق فرصة.

ضعفت لانا في الأسبوع الماضي، واضطرت للتمسك بالحائط وهي تتجه ببطء نحو مكتب كايزن.

طلبت منها الخادمات التوقف والسماح لهن باستدعاء كايزن لرؤيتها، لكنها رفضت أن تكون عبئًا.

سارت إلى غرفة كايزن، ولكن قبل أن تطرق الباب، سمعت كايزن يصرخ.

“تشخيصك خاطئ!!” قال كايزن بصوت عالٍ لأحدهم.

“يا سيدي، عليك أن تثق بكلامي، زوجتك تعاني من الهستيريا” سمعت أحدهم يتحدث.

“أحضرتك إلى هنا لمساعدة زوجتي لا لتتهمها بالجنون.”

“إغماء، هلوسات، شلل، تقلبات مزاجية، وانفعالات لا يمكن السيطرة عليها.” هذه كل الأعراض التي تعاني منها زوجتك، وهي بالتأكيد هستيريا وفقًا للكتب الطبية.

“إنها لا تهلوس، إنها فقط مشوشة” ​​قال كايزن بصوت منخفض، لأنه لا يستطيع قول الحقيقة حتى لو أراد.

إذا انكشف أمر السحر الأسود وتعويذة تبديل الجسد، فقد تُجبر لانا على الخضوع لمحاكمات السحرة، حيث لا ينجو منها سوى 30% من الناس.

وبما أن المحاكمات تُدار من قِبل الكنيسة، فلا يستطيع حتى الأمير مساعدته إذا انتشر اي خبر عن حالة لانا.

“يا سيدي، أنا طبيبٌ ملكي، ولن أقبل أن أُعامل بهذه الطريقة، نصيحتي هي أن تُحبسها في مكانٍ منعزل حتى تتعافى، وإن لم تتحسن، فضعها في مستشفى للأمراض العقلية، لأن في رأيي سيزداد الأمر سوءًا من هنا“.

اكتفَت لانا من حديثهما، وعادت ببطء إلى غرفتها وهي أكثر حزنًا من ذي قبل.

كانت تعلم أن كايزن لن يتخلى عنها مهما كلف الأمر، وأن مشاعره صادقة، ولكن إذا كان كلام الطبيب صحيحًا، وهي تفقد نفسها تدريجيًا، فلا تريد أن تؤذي كايزن.

“ربما كانت ماريسا محقة، يبدو أن كل ما أستطيع فعله هو إيذاء من حولي”، فكرت لانا في نفسها تلك الليلة، وحسمت أمرها أخيرًا.

عليها الرحيل…

إذا غادرت، يمكنها على الأقل إنقاذ سيدريك، فكرت في نفسها.

كانت تعلم أن الرحيل سيؤلم كايزن بشدة، لكن من الأفضل أن تفعله دفعة واحدة بدلًا من أن تترك جراحًا في قلبه تدريجيًا حتى يجد يومًا ما صعوبة في حب ما أصبحت عليه.

امرأة لا تستطيع التمييز بين الحلم والواقع…

امرأة غير متأكدة من هويتها…

امرأة تصاب بالجنون تدريجيًا…

في الصباح الباكر التالي، وحتى قبل الإفطار، نادت لانا ماريسا .

“ماريسا، هل تساعديني على الهرب؟” سألت لانا دون تردد.

“نعم يا سيدتي”، أجابت ماريسا وهي تنحني برأسها.

*****

Instagram: Cinna.mon2025

غدا نهاية الموسم الأول 🎉🎉

هل انتم متحمسون ؟؟؟😆❤️