الفصل الثالث: ما حدث قبل ست سنوات
تجمّدت لانا من الصدمة عند سماع تلك الكلمات.
ثم أدركت أنه ربما كان على حق…
ربما كان الأفضل ألا تعرف، أو على الأقل أن تُهيئ نفسها لما ستسمعه…
“هل يمكنني الاستمرار؟” سأل لويس.
أومأت لانا برأسها وهي تمسك بحاشية فستانها.
في الحقيقة، كانت تريد أن تصرخ وتطلب منه التوقف، لكنها كانت بحاجة إلى تلك الذكريات.
مجرد أنها لا تتذكرها لا يعني أنها لم تحدث…
أرادت أن تعرف ما حدث حتى تعرف كيفية التعامل معه
“كان ذلك قبل ست سنوات…
زوجكِ قد سافر إلى دولة العدو مع وفد السلام.
للأسف، كان ذلك بعد زواجكما مباشرة.
بما أنكِ ابنة بارون غير شرعية، وبدون زوج يحميكِ، كنتِ تتعرضين للتنمر باستمرار من السيدات الأخريات.
ثم في إحدى الليالي، رأيتكِ تبكين لوحدكِ في الحديقة، ولم أستطع التحمل أكثر.
جلستُ هناك فقط، دون أن أنبس بكلمة، حتى توقفتِ عن البكاء.
في البداية، أردت فقط مساعدة زوجة صديقي المقرّب بشكل غير مباشر، لتجنب الإشاعات، لكن كلما قضينا وقتًا أكثر معًا، بعيدًا عن أعين الناس، وقعتُ في حبكِ أكثر.
عندما كنتُ معكِ، شعرتُ كمراهق يعشق لأول مرة.
أحببتُ طريقة ابتسامتكِ لنكاتي السخيفة، مع ان الدموع كانت في عينيكِ.
أحببتُ انعكاسي في عينيكِ الذهبيتين، المتلألئتين كالجواهر الثمينة.
وكرهتُ كل مرة اضطررت فيها إلى توديعكِ.
أردتُكِ أن تكوني ملكي…
كان عليّ كبح نفسي مرات لا تُعدّ كي لا أعانقكِ أو أعترف بحبي، لأنني عرفت أن حبي سيجلب لكِ التعاسة فقط.
لكن كل ذلك التحكم في النفس اختفى عندما اكتشفت أنكِ تشعرين بالمثل.
لأنه قبل أسبوعين من عودة زوجكِ، هربتِ من المنزل في منتصف الليل، دون أن تأخذي معكِ سوى الملابس التي كنتِ ترتدينها.
عندما ذكر الخادم اسمك في تلك الليلة، ركضت إلى أسفل الدرج وعانقتك على الفور.
في تلك اللحظة، وعدت نفسي أن أكون شجاعًا مثلكِ، وأن أفعل كل ما بوسعي لتحقيق حبنا.
لهذا السبب عليكِ الاختباء هنا.
كل من في العاصمة يعرف من تكونين وكيف تبدين.
وبعد كل هذه السنوات، زوجكِ لم يوقع أوراق الطلاق.”
الآن كان الأوان قد فات للتوقف، لذا سألت لانا سؤالاً آخر.
“ماذا عن ابننا، لماذا لا يعيش معي؟”
“قبل ولادة سيدريك، قررنا أن نجعله الوريث الشرعي لعائلتي.
ووافقتِ على ذلك لأنكِ لم تريدي أن يعيش في الخفاء أو يشعر بالخجل من وجوده.
ولتحقيق ذلك، تزوجتُ رسميًا من امرأة تُدعى دونا، ووافقت على هذه الخطة مقابل سداد ديون عائلتها.
لكنني لا أستطع السيطرة على جميع الخدم في القصر، وخشيتُ أن يؤدي اكتشاف الأمر إلى مشاكل في إرث ابننا. لذا يزوركِ سرًّا مرة واحدة في الشهر.”
عرف لويس أن هذا صعب على لانا أن تفهمه، وحاول أن يواسيها.
“لا تلمسني!!” صرخت لانا عندما رأت يد لويس تمتد نحوها. “آسفة، لكنني بحاجة إلى أن أكون وحدي الآن.”
ركضت صعودًا على الدرج بخطوات صاخبة وأغلقت الباب.
وبمجرد أن صارت لوحدها، بدأت تصرخ من الغضب.
كانت غاضبة من نفسها لوضعها نفسها في هذا الموقف.
“أرجوكِ اهدئي، حبيبتي، لم تتعافي تمامًا بعد.” سمعت لويس يتوسل من خلف الباب، ثم تابع: “سأجلب ‘سيدريك’ غدًا. سترين ثمرة حبنا. ربما عندها ستستطيعين مسامحتي ومسامحة نفسكِ.
حبيبتي..
لانا…”
بغض النظر عن عدد المرات التي نادى فيها اسمها أو توسل، لم تفتح الباب.
استلقَت على السرير وبكت بلا توقف، راغبةً في أن يغادر لويس، وفي النهاية فعل.
كانت هذه الليلة أصعب من سابقتها.
والزمن يمرّ ببطء شديد.
وبحلول الوقت الذي جفّفت فيه دموعها تمامًا، كانت قد سمعت زقزقة العصافير خارج النافذة.
ورأت أشعة الشمس تمتدّ أخيرًا إلى سريرها.
ثم في لحظة وضوح، أدركت شيئًا.
إنها لا تستطيع فعل أي شيء.
الغضب من نفسها…
أو الامتناع عن الطعام منذ البارحة لن يغير أي شيء.
وفي لحظة ضعف، أرادت أن تصدق كلمات لويس بأن ما فعلاه لم يكن خطأ.
لهذا نهضت، غسلت وجهها، وارتديَت ملابسًا جميلة لترى ابنها.
ربما لقاؤه سيساعدها على استعادة ذكرياتها.
وحتى لو لم يحدث ذلك، فقد يمنحها سيدريك هدفًا جديدًا في حياتها، ويساعدها على تقبّل الواقع القاسي الذي تعيش فيه.
لكن مجرد التمني لا يجعل الأمور تتحقق.
ولقاء ابنها للمرة الأولى جعل الموقف أكثر صعوبة.
****
Instagram: Cinna.mon2025
التعليقات لهذا الفصل "3"