الفصل 19: الوداع
عندما استيقظت لانا، نظرت حولها ورأت أن كايزن لم يكن في الغرفة.
ثم وجدت حقيبة على طاولة قريبة منها تحتوي على معظم متعلقاتها: ثلاثة فساتين، وكتابان، ولوازم الحياكة.
قبل أن تنقلب حياتها رأساً على عقب، كانت لانا تعتقد أن الحدود ستفتح قريباً، لذا قضت الأيام القليلة الماضية في حياكة دمية قطة لتقدمها لماريا كهدية وداع.
لأنها كانت فقيرة، لم تستطع شراء خيوط ملونة، فاشترت خيوطاً بيضاء عادية فقط، وبعد ذلك، بمساعدة خادمة أخرى، صبغت بعض الخيوط بقشور الجوز لتجعلها بنية.
كانت الدمية تكاد تكتمل، وقررت أن تضع عليها اللمسات الأخيرة: عينان بنيتان وثلاثة شوارب على كل جانب.
عندما فتح كايزن الباب ورآها تحيك، فوجئ.
“أممم… علينا أن نذهب على عجل، لذا لا أعتقد أن لدينا وقت للعب.”
“من فضلك امنحني ساعة أخرى لإنهاء الدمية. على الأقل دعني أودع الأشخاص الذين اعتنوا بي خلال السنوات الثلاث الماضية بشكل لائق.”
بعد الحصول على الإذن، ودعت لانا الخادمات واللورد ماركوس وماريا الصغيرة.
حاولت أن تبتسم قدر الإمكان، لأنها لم تكن تريد أن تكون ذكرى ماريا الأخيرة عنها حزينة.
انحنت وناولت ماريا دمية قطة محشوة. “من اليوم فصاعداً، ستكون هذه القطة صديقتك الجديدة بدلاً مني… تصرفي بشكل جيد، وابقي فضولية، واستمعي لوالدك.” ثم داعبت شعرها بلطف.
كانت ماريا تتوق لأنتباه لانا وحنانها دائماً، و حصلت عليه أخيراً ولاكن بعد فوات الاوان.
غطت ماريا وجهها بالدمية لتخفي دموعها.
“سأتصرف بشكل جيد، لذا عودي يوماً ما،” قالت ماريا من وراء الدمية المحشوة.
“نعم،” أجابت لانا بابتسامة كبيرة.
ثم بدأت بالتوجه نحو العربة. كان بإمكانها أن تحاول مواساة ماريا أكثر قبل رحيلها، لكنها لم تكن تريد أن تقطع وعوداً فارغة. لأن مستقبلها كان لغزاً حتى هي نفسها لم تستطع معرفته.
طوال هذا الوقت، كان لويس يراقب من نافذة غرفته في الطابق الثاني.
راقبها وهي تدخل العربة مع كايزن.
كان يعلم أنه يجب عليه استردادها بأي ثمن، لكن الآن لم يكن الوقت المناسب.
في تلك اللحظة، لم يكن لديه أدنى فكرة عما كان كايزن يخطط له، وظن بحماقة أنه عندما يهدأ كايزن، سيتمكن من محاولة التحدث معه.
لذا وقف هناك يصر على أسنانه بغضب ويراقب عربتهما تبتعد.
في العربة، لم ينطق كايزن بكلمة واحدة، وظل يحدق الى خارج طوال الوقت.
بدا عقله مشغولاً، و كانت لانا كذالك ايظاً .
كان لكايزن تعبير مخيف على وجهه.
في تلك اللحظة، كادت تندم على قرارها بطلب المساعدة منه، لكنها تذكرت ما حدث صباح اليوم السابق.
وتذكرت كيف تجمد جسدها كله عندما رأت لويس في وسط البلدة. كانت قد خرجت لتنجز مهمة كالعادة، لكنها رأت شيءً مختلفا في القرية.
برز رجل أشقر وسط بحر من الشعر البني والأسود.
رغم أنه بدا متعباً ومريضاً، إلا أنه كان لا يزال جميلاً كما تذكرته لانا.
في تلك اللحظة، شعرت لانا أن قلبها توقف للحظة. كانت تعلم أنه ربما وصل إلى البلدة باحثاً عنها، وأنه مسألة وقت فقط قبل أن يكتشف أين تعيش ويقبض عليها مرة أخرى.
لذا ركضت بأسرع ما استطاعت وتوسلت لشخص تعرفه في البلدة أن يأخذها إلى قصر السير ماركوس.
في البداية، فكرت في أخذ متعلقاتها والمخاطرة بعبور الحدود، لكن ذلك لم يكن الحل حقاً. إذا كان لويس قد وصل إلى هذا الحد فيمكنه القبض عليها بسهولة لأنه دوق ولديه موارد كثيرة.
في تلك اللحظة، خطر شخص واحد في بالها… كايزن.
لم تكن متأكدة من كيف سيتفاعل إذا أخبرته الحقيقة، لكنه كان مهربها الوحيد.
اعتقدت أن كايزن سيساعدها على عبور الحدود لأنه أيضاً كان يريدها أن تختفي. لكنها لم تحلم قط أنه سيتصرف كزوج محب أمام الجميع ويطلب منها العودة معه.
بما أنه كان الأوان قد فات لفعل أي شيء، لم يكن أمام لانا خيار آخر سوى الذهاب معه.
كانت تأمل أن تتمكن من التحدث معه وإقناعه بالتخلي عن خطته وإنزالها في مكان قريب.
لكن بحلول الوقت الذي وصلوا فيه إلى البلدة التالية، مرضت فجأة.
أصيبت بحمى عالية و كانت ترتجف حتى بعد إشعال المدفأة لساعات و تغطيتها بطانية سميكة.
بالكاد استطاعت الأكل واستمرت في تقيؤ الأدوية التي واصل الأطباء إعطاءها لها.
لكن رغم أن عدة أطباء فحصوها، لم يستطيعوا وضع تشخيص أو معرفة سبب الحمى.
ربما لم يكن الأطباء يعرفون أو لم يصدقوا أن القلب الثقيل والعقل القلق يمكن أن يؤثرا على الجسد بطرق لا يمكنهم تخيلها.
كانت لانا مريضة طوال الرحلة، غير قادرة على التحدث، وفاقدة للوعي معظم الوقت.
وبعد خمسة أيام، وصلوا أخيراً إلى العاصمة، وبدأ فصل جديد في حياتها.
*****
Instagram: Cinna.mon2025
التعليقات لهذا الفصل " 19"
متحمسه كلش للأحداث الجايه
شكرا على الفصل الحلو