الفصل السادس عشر: عشر سنوات من الراحة
لم يهتم أحد لاختفاء لانا في ذلك اليوم قبل ست سنوات. في الواقع، جلب ذلك الفرح للكثيرين.
للخادمات اللواتي كرهن فكرة أن تصبح ابنة غير شرعية زوجة رئيس عائلة بالوا، ولكايزن الذي تحرر أخيراً من جميع القيود.
الآن، إذا طلب منه أحد أن يتزوج مرة أخرى، فسوف يكذب ويقول أن لانا كانت الحب الحقيقي في حياته وأنه لا يستطيع الزواج من أي امرأة أخرى.
ذات مرة، عرض عليه ماركيز ماديسون ابنته كزوجة ثانية، فكذب كايزن وقال أنه لن يرتاح حتى يجد لانا وأنه لا يمكن لأحد أن يحل محلها.
في الواقع، لم يرسل أبداً فرقة بحث للعثور عليها، وكان سعيداً فقط لأنه لن يُجبر على الزواج مرة أخرى .
بالنسبة له، كانت النساء مخلوقات غريبة. يرتدين تنانير كبيرة بشكل سخيف ويجوعن أنفسهن من أجل الجمال.
كما يسرحن شعرهن عالياً ويملأنه بشعر الخيل والأسلاك. وما كان يكرهه أكثر هو أنهن يخفين حقيقتهم وراء عطر القوي من الورد والمسك.
وهكذا بدأت أسعد عشر سنوات في حياة كايزن.
ركز فقط على التدريب العسكري لوحدته، وبرفقة أفضل صديقيه، ولي العهد ودوق لويس، حقق المزيد من الانتصارات لبلاده.
لذا نعود إلى هذه اللحظة عندما التقى بزوجته مرة أخرى بعد كل هذا الوقت، أراد أن يعرف شيئاً واحداً.
لماذا تركته لتعيش مثل هذه الحياة البائسة؟
“أنا— أنا آسفة، يا سيدي، لكنني أعتقد أنك أسأت الفهم. اسمي أليس و—-” قالت بتوتر، محاولة إيجاد عذر، لكن كايزن قاطعها.
“لا بأس. لن أعاقبك أو حتى أطلب منك العودة. أتساءل فقط لماذا تعيشين هكذا.
بالحكم على الندوب في يديك والعرج الذي يظهر أحياناً، أنت تعملين فعلاً كخادمة وهذا ليس مجرد تنكر.
لماذا تخليت عن حياتك المريحة ككونتيسة واخترت هذه الحياة؟ هل كرهت الزواج مني أو البقاء معي لهذه الدرجة؟“
وقفت لانا صامتة لحظة، محاولة اختيار الكلمات المناسبة للرد عليه.
“يبدو انني خنتك لهذا غادرت …
لكنني لست متأكدة لأنني فقدت ذاكرتي منذ سنوات ولا أستطيع معرفة الحقيقة كاملة.”
أبقت لانا عينيها على الأرض، خائفة جداً من رؤية رد فعله.
“إذن لماذا أنت وحيدة الآن؟” سأل كايزن بهدوء.
“الشخص الذي كنت معه حبسني و لهذا هربت منه عندما سنحت لي الفرصة….”
“اذن، بعد كل شيء لم تكن الخيانة تستحق العناء…
هذا كل شيء. يمكنك الذهاب الآن.” قال وبدأ في قراءة الوثائق أمامه.
“حقاً، يمكنني الذهاب الآن؟” قالت بسعادة.
“افعلي ذلك قبل أن أغير رأيي، لأنني أكبح نفسي بكل قوتي لتجنب اعتقالك بتهمة استخدام السحر الأسود.”
“ماذا تقصد… لم أفعل أبداً“
“توقفي عن الكذب… أشعر برائحة السحر الأسود عليك. قد لا يعرف الآخرون، لكنني أستطيع رؤيته بوضوح.
لذا عودي فقط إلى العمل واختبئي جيداً كما كنت تفعلين خلال السنوات العشر الماضية. و دعينا لا نلتقي أبداً مرة أخرى.”
بعد سماع تلك الكلمات، استطاعت لانا التنفس مرة أخرى. الثلاثون دقيقة الأخيرة كانت صعبة حقاً عليها.
شعرت وكأنها تختنق، وفي كل مرة كان عليها أن تفتح فمها للدفاع عن نفسها، كانت جميع الإنذارات في قلبها وعقلها تخبرها بالهرب.
لذا كانت ممتنة لأن زوجها تركها وشأنها رغم ما فعلته.
رغم ذالك لم تستطع إخراج كلمات كايزن عن السحر الأسود من رأسها، ولاكن كان هناك امور أكثر اهمية في الوقت الحالي وقررت التحقيق في هذا الأمر بمجرد مغادرتها فالتوريا.
في اليوم التالي، سألت الخادمة الرئيسية بطريقة غير مباشرة عن المدة التي سيبقى فيها كايزن في قصر اللورد ماركوس، وكانت سعيدة بسماع الإجابة. الآن كل ما عليها فعله هو الانتظار ثلاثة أيام أخرى ليغادر كايزن، وحينها يمكنها أخيراً العودة إلى حياتها الطبيعية والهرب بمجرد فتح الحدود مرة أخرى.
بعد ذلك، عاد كل من لانا وكايزن إلى واجباتهما كما لو أن شيئاً لم يحدث.
ونادراً ما تقاطعت مساراتهما، وكلما حدث ذلك، شعر كايزن بالغرابة.
لم يستطع تحديد ما هو الخطأ تماماً، لكن عينيه كانتا تتبعانها.
لم يكن حباً أو انجذاباً، كان شيئاً آخر.
‘كيف يمكن أن تكون مختلفة جداً؟’ تساءل، وأخيراً توصل إلى استنتاج أن لانا كانت تقول الحقيقة حول فقدان ذاكرتها.
نبرة كلامها كانت مختلفة، طريقة مشيها كانت أكثر ثباتاً وثقة، وكانت لطيفة مع من حولها.
وكانت مختلفة عن المرأة التي تزوجها قبل عشر سنوات.
تلك المرأة كانت مادية وسطحية، ولم تمانع في طرد خادماتها إذا تحدثن بسوء من وراء ظهرها.
لكن الآن كانت خادمة مجتهدة يبدو أن الجميع يحترمها. أحياناً، في المساء، عندما كانت نافذته مفتوحة، كان يستطيع سماع لانا تغني لحفيدة صاحبة المنزل حتى تغرق في النوم.
في الليلة الأخيرة لكايزن في القصر، فتح النافذة غرفته عامداً هذه المرة وسمعها مرة أخرى.
“اجدف، اجدف، بقاربك، تحت القمر والنجوم. إذا سمعت الماء يبكي، فعلم انك ذهبت بعيداً جداً.”
كان غناؤها ساحراً لدرجة أن ابتسامة ظهرت على وجهه بشكل طبيعي.
وظن أن هذه ستكون آخر مرة يسمع فيها صوتها، لكنه كان مخطئاً.
*****
Instagram: Cinna.mon2025
ترقبوا لقاء لويس و كايزن في الفصل القادم
التعليقات لهذا الفصل " 16"