الفصل الثاني عشر: بعد أربع سنوات
منذ بضع سنوات، كان السير ماركوس يبحث عن خدم لقصره الجديد.
مع تقدمه في السن، أصبحت الرحلات بين مسقط رأسه ليتاريا وفالتوريا أكثر صعوبة.
أخبر الجميع أنه قرر أخيراً ترك العمل لابنه الأكبر والتركيز على صحته.
في البداية، اعتقد الناس أنه من الغريب أن يختار قرية صغيرة بالقرب من الحدود كموقع لقصره الجديد.
لكن في الواقع، كان الرجل العجوز يفكر في بدء تجارة العطور باستخدام الزهور المحلية يوماً ما.
فعقل التاجر لا يهدأ أبداً، يبحث دائماً عن الصفقة الكبيرة التالية.
لم يكن القصر كبيراً جداً مقارنة بالنبلاء الآخرين، ولم يكن بحاجة إلى عدد كبير من الخدم.
في المجموع، كان القصر يحتوي على اثنتي عشرة غرفة، تتطلب حوالي ثمانية خدم.
كبير الخدم، مدبرة منزل، طباخ ومساعده، خادمتان، سائق عربة، وبستاني.
كان ملء هذه المناصب صعباً، حيث كانت القرية صغيرة وكان لدى الجميع بالفعل وظيفة ورثوها من عائلتهم. هذا يعني أن السير ماركوس اضطر للتنازل من عدة جهات و توظيف أشخاص عديمي الخبرة، وهنا التقى بأليس.
لم تكن لديها خبرة أو خطاب توصية، لكنها بدت واثقة ومستعدة لفعل أي شيء.
وسرعان ما أدرك السير ماركوس أنه قام بعمل جيد باختيارها.
من التنظيف، إلى تلميع الفضيات، إلى غسل الملابس لقد قامت بكل مهامها على أكمل وجه ، بل حتى ساعدت البستاني في وقت فراغها.
رغم أنها كانت أصغر موظفة في المنزل، إلا أن الجميع أعجبوا بتفانيها.
ولم يعلم أحد أن ‘أليس’ لم يكن اسمها الحقيقي، بل ‘لانا’ .
أحياناً عندما يسأل أحدهم، كانت تقول أنها أرملة وليس لديها عائلة، لهذا تركت المدينة و انتقلت الى الريف.
لأنها كانت هاربة طوال السنوات الأربع الماضية، تعلمت كيفية قول الكذبة المثالية لجعل الناس يصدقونها.
كونها خادمة ذات رتبة منخفضة لم يكن سهلاً على الإطلاق.
كل صباح، كانت تستيقظ في السادسة صباحاً، تنزل إلى الأسفل و تشعل النار في المدفئة ثم تساعد في تحضير الإفطار.
كل هذا على معدة فارغة، لأن الخدم لا يستطيعون الأكل قبل أسيادهم. بعد ذلك، بدأت واجبات التنظيف بنفس الترتيب: ترتيب السرير، كنس الغبار، تنظيف المدفأة وإشعال نار جديدة، مسح النوافذ، وغسل الملابس.
كان غسل الملابس هو اكثر عمل تكرهه. في الشتاء كان الماء باردًا جدًا لدرجة أن يديها كانت تتحول إلى اللون الأحمر وكان جلدها يتشقق، وفي الصيف، كانت تضطر لغسل ستائر الشتاء السميكة والبطانيات.
أحياناً كانت تندم على قرارها بالتخلي عن الجواهر التي أحضرتها معها في اليوم الذي هربت فيه.
لكن الأطفال الذين التقت بهم في دار الأيتام في ذلك اليوم كانوا جائعين و يرتدون ملابس ممزقة، كان واضحا انهم لا يلتلقون دعماً مالياً كافياً.
الكثير من الأطفال كانوا محشورين في منزل صغير ومتهالك، ولم تستطع تجاهلهم.
الحرب تركت الكثير من الأطفال أيتاماً، والكبار أصبحوا أكثر قسوة.
الجميع كانوا يبذلون قصاري جهدهم للنجاة في هذة الضروف الصعبة، ناسين أولئك الذين يحتاجون المساعدة أكثر من غيرهم.
والعائلة الملكية أنفقت معظم ميزانيتها على الحرب.
لذا كان التخلي عن تلك الاحجار الامعة هو الخيار الصحيح لمنح أولئك الأطفال مستقبلاً أفضل.
لهذا السبب عليها أن تعمل بجد الآن وتتحمل كل شيء، مهما كان صعباً.
وفي الليل، بعد يوم طويل من العمل، كانت تصعد الدرج الذي يصدر صوت صرير مع كل خطوة حاملة شمعة في يدها.
رغم صعوبة وضعها الحالي كانت ممتنة. على الأقل السير ماركوس كان كريما و قسم منطقة العلية إلى غرف صغيرة، لذا لم تضطر لمشاركة غرفتها مع احد.
رياح الشتاء كانت باردة ولم تكن هناك مدفأة في مهجع الخدم مع ذالك تابعت روتينها اليومي.
كل ليلة كانت تفتح نافذة غرفتها وتنظر إلى الخارج ثم تدندن لحناً.
لحناً جاء إلى ذهنها يوما، مع انها لم تعرف العنوان أو من علمها إياه، لكنها شعرت بالسلام كلما دندنته لنفسها.
هذا هو واقع لانا الجديد. لقد كان قاسياً، ولكن على الأقل كانت حرة.
لهذا السبب كانت ممتنة لكل يوم.
قبل أن تغمض عينيها تلك الليلة، كانت متحمسة لحقيقة أن الغد عطلة.
كل أسبوع، كانت تحصل على نصف يوم إجازة، وكانت تستخدمه للذهاب إلى المدينة وإرجاع الكتب القديمة والحصول على اخرى جديدة.
سار كل شيء بسلاسة كالعادة، وحصلت على أحد الكتب التي أرادتها منذ فترة. بعد ذلك، في طريق عودتها إلى القصر، رأت عربة خارج الباب.
مما يعني أن ضيفاً قد وصل…
****
Instagram:Cinna.mon2025
التعليقات لهذا الفصل " 12"