“تلك الفتاة دارسي هي أختي الصغرى! والحقيقة أنّ لقائي بسيدي كان من خلالها! أليس كذلك، يا سيدييي!!!”
وبذلك التمثيل الفجّ، لم يملك إيريك إلا أن يهز رأسه موافقًا بعجلة:
“نـ… نعم، صحيح…!”
“كم أنا ممتن لأختي، إذ بفضلها تعرّفت إلى من أنقذني! لكن، أأنا حقًّا أشبهها إلى هذا الحد؟”
“همم، القامة الطويلة وملامح الوجه بعض الشيء…”
“هاهاهاه! نعم، لقد كانت دارسي منذ صغرها تعاني كثيرًا بسبب قامتها! ولذلك بدأت تتعلم فنون التجميل حتى وصلت إلى ما هي عليها الآن! كهه، إن رؤية تلك الفتاة وقد بلغت من النجاح حدّ أن تتولى زينة النبلاء، لشيء يبعث في قلبي فخرًا لا يوصف!”
في تلك اللحظة، أُعجب إيريك إعجابًا عظيمًا.
‘الخبير يظل خبيرًا بالفعل!’
إنه خبير في الكذب، وخبير في التنكّر، وخبير في التبرير!
حقًّا، ما أمهره في حسن التصرّف كما يليق بالقتلة!
ولقد ارتفع مقدار ثقة إيريك بدانال قليلًا.
“على أي حال! أرجو أن تتكفّلوا بالأمر!”
كُنج!
فجثا دانال على ركبتيه.
“نرجوكم أن تتكفّلوا بالأمر!!!”
كوغوغونغ!
فهوى التابعون الذين خلفه على ركبهم بقوّة كادت أن تحطّم مفاصلهم.
تلاقى بصر إيريك وتيريا.
ابتسم إيريك ابتسامة صغيرة.
“ألا يبدون جديرًين بالثقة؟”
“…نعم، إنّه جديرون بالثقة حقًّا.”
لكن في نفسها كان هنالك ارتياب طفيف.
فلم تبدُ تيريا مقتنعة بجدارتهم بالثقة.
—
ومهما يكن، فالخلاصة أن الاستقطاب قد نجح.
وقد ثُبّت عقدُ “ظل القمر” بالكتابة، ولم يتبقَّ سوى تنصيب هؤلاء الفرسان، وما يتطلّبه ذلك من بعض الاستعدادات.
“لقد أحسنتَ صنيعًا. لقد كان تصرّفك السريع موفّقًا أيضًا.”
فامتدح إيريك ظل القمر بسعادة.
فأجاب دانال وهو ينحني برأسه عميقًا:
“كلّ ذلك بفضل بركة سيّدنا الجليل.”
“هاها، وما الذي فعلتُه أنا لأستحقّ ذلك؟”
“صدقتَ القول.”
“همم؟”
“…لا شيء.”
‘ألعلّي أخطأت السمع؟’
تساءل إيريك في نفسه، ثم حكّ أذنه وقال:
“على أي حال، يجب أن نجهّز دروعًا كاملة قبل التنصيب. لن نذهب بعيدًا… نعم، هنالك حدّاد في ويبن يجيد صناعة الدروع، فلنذهب إليه.”
وما إن نطق إيريك بذلك حتى شعر بشيء من البهجة الخفيّة.
فذلك الحداد العجوز “هارمن” كان هو المسؤول عن أسلحة ودروع آخر فرسان ويبن، السير زيغ.
وكان إيريك في صغره كلما سنحت له الفرصة، قصدَ حدادته ليتأمل الدروع التي يصنعها، حتى غدا ذلك هواية يومية له. وفجأة، داهمته تلك الذكريات.
“أيها الصبي، ستُتلف الدرع بكثرة لمسها.”
“وما الضير؟ أليست هذه الدروع هي ما سأرتديه يومًا؟”
“أي دروع ترتديها؟ أتظن أن نيل الفروسية أمر هيّن؟”
“سأنجح في ذلك، فأنا ممتلئ بالموهبة!”
“ومن قال ذلك؟”
“أستاذي!”
“هاه، ذلك اللصّ الجبلي؟ وماذا يدري هو!”
كان العجوز كثير التذمّر، غير أنّه إن فكّر إيريك في الأمر الآن، لم يجد من كان يحنو عليه مثل هارمن.
“خذ هذا. لقد خبزها لك ميرن صاحب المخبز.”
“ما هذا؟ خبز بالملح؟ لقد مللت منه.”
“إذا أعطيتُك شيئًا، فاكله صامتًا ولا تُكثر جدالًا!”
وما إن استحضر إيريك صورته، حتى انفلتت منه ضحكة مكتومة.
وسمع أنّه ما زال قائمًا في الحداد نفسه.
“فلننطلق إذن.”
قال إيريك وهو يستند إلى عصاه.
ركبوا العربة، وبعد عشرين دقيقة تقريبًا، اجتازوا حقول القمح، ثم ولجوا القرية، وانعطفوا قليلًا إلى أطرافها، فإذا بحدادة متواضعة قد ظهرت أمامهم.
كــانغ!
كــانغ!
ارتدّت أصوات مطارق الحديد في أجواء مألوفة.
“أهنا هو المكان؟”
سأل دانال بنبرة مشككة.
فأجابه إيريك سريعًا:
“مهارته لا يُشكّ فيها. فلم يصنع أحد في هذه الأنحاء دروعًا أكثر منه.”
قال ذلك وهو يدخل إلى داخل الحداد.
“أيها العجوز هارمن!”
فما إن قال ذلك حتى توقّف صدى الحديد.
“أه؟”
ارتدّ صوتٌ عجوز متعب.
ثم خرج من داخل الحدادة شيخ ضخم الجسد، كثّ اللحية، ملطّخ البشرة النحاسية ببقع السخام السوداء.
اتّسعت عينا العجوز هارمن بدهشة.
“أيها الصغير؟”
“لقد مرّ وقت طويل. لقد تأخرت كثيرًا في المجيء.”
“أمعقول؟ أأنت هو ذلك الصغير فعلًا؟! اقترب إليّ!”
لكن بدل أن ينتظره، تقدم هارمن بنفسه، وأخذ يتحسّس جسد إيريك من هنا وهناك.
فضحك إيريك ملء صوته.
فما زال هارمن أطول منه قامة، إذ بدا وكأنه يتجاوز المترين.
“لقد طال بي القَدّ كثيرًا، ومع ذلك ما زلت أقصر منك.”
“هوو…!”
تفجّر تنهيدة من صدر هارمن.
“أيها الأحمق، لقد عدت حيًّا وسليمًا…!”
كان كلامه يوحي وكأنه كان يتمنى موته، غير أنّ عينيه كانتا تفيض بالدفء.
ثم عانق إيريك بقوة.
“مرحبًا بعودتك، مرحبًا بعودتك يا فتى!”
شعر إيريك فجأة بوخزٍ دافئ في أنفه.
“يسعدني أن أراك لا تزال قويًّا معافى.”
“بل إن طريقتك في الحديث تُشبه العجائز أكثر مني!”
“هنالك ظروف جعلتني هكذا.”
“هراءٌ لا ينتهي!”
لقد كان لقاءً مبهجًا حقًّا.
—
كانت حدادة العجوز هارمن على حالها في ذاكرة إيريك.
المِطْرقة والسندان، والفرن المشتعل، وقريبًا منهما ورشة صغيرة وسفرة طعام.
جلس إيريك عند السفرة وقال لهارمن:
“لقد أصبحتُ الآن سيّد هذه الأرض.”
“لقد كنتَ تصرخ يومًا بأنك ستصير فارسًا، فإذا بك في النهاية سيّدًا.”
أتُراه قال ذلك وفي قلبه شيء من الأسف؟
ابتسم إيريك بهدوء.
“جرت الأمور هكذا، ولا يد لنا فيها. لكن إن شئت قل: عِوضًا عن ذلك، لقد استقطبتُ هؤلاء الفرسان ليكونوا فرساني. ولهذا احتجت إلى من يصنع لهم الدروع، فبحثت عنك.”
عندها اتجهت أنظار هارمن نحو ظل القمر.
ضيّق عينيه وهو يتفحّص أجسادهم، ثم قال بنبرة ممتعضة:
“ما هذا البنيان؟ أأحسنتَ اختيارهم أصلًا؟”
“…ومع ذلك، فأنا أستطيع استخدام قليل من المانا.”
قال دانال محتدًّا.
فضحك هارمن ساخرًا:
“الفارس يحتاج جسدًا قويًّا قبل أي شيء، فإلى أي مانا تتعلقون أيها الصبية؟! يا هذا، أأحسنتَ اختيارهم حقًّا؟”
“لقد أحسنت، فلا تشغل بالك. فأنا لي عينٌ خبيرة في انتقاء الرجال.”
“إن كنتَ تقول هذا فلن أمنعك…”.
تمتم العجوز وهو ينقر بفمه متأملًا ظل القمر من جديد.
في تلك اللحظة بالذات:
“جدي! لقد جئتُ…!”
انفجر صوتٌ يافع يملأ الحدادة.
فالتفت إيريك ليرى صاحب الصوت، ثم تجمّد مكانه.
“أوه! الأخ إيريك!”
“إنه حفيدي! ألا تذكره؟ حين رحلتَ كان في الرابعة من عمره، فانظر كيف كبر الآن!”
إنه حفيد هارمن، فيرون.
كان طفلًا ذا أربع سنوات حين رحل إيريك.
والآن صار في الخامسة عشرة.
دخلت المعلومة إلى عقله.
لكن لم يتجاوز الأمر ذلك.
فمع أنّ الوجه كان مبهجًا، لم تستطع ابتسامة أن ترتسم.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات