صيد الوحوش السحرية (3)
“يا للهول! كدت ألا أعرفك! كيف تغيرت بهذا الشكل؟”
ضحك ليوتين ضحكة مدوية بينما كان يتحدث بحماس.
رد إيريك بضحكة مكتومة:
“أما أنت فلم تتغير إطلاقاً، فقط كبر حجم جسدك.”
“ألا تستطيع التحدث بطريقة لائقة؟”
“يا لهذا الصديق…”
مقابلة أصدقاء الماضي تبقى ممتعة مهما تكررت،
خاصة عندما يكونون أصدقاءً مقربين.
“لندخل أولاً. لابد أن الرحلة الطويلة أتعبتك.”
“نعم نعم… آه! لم أحيي السيدة بعد! أنا الفارس ليوتين من جيديون! كنت الذراع اليمنى لهذا القائد في الماضي!”
“أهلاً وسهلاً بك.”
حنت تيريا رأسها قليلاً كما هي عادتها.
بينما كانوا يدخلون القصر، انغمس إيريك في ذكريات الماضي متجاهلاً الهدف الأصلي من اللقاء.
“سمعت أنك أصبحت فارساً، لكنني لم أعرف أنك في الإقطاعية المجاورة. لماذا لم تكن في ويبين؟”
“هم لا يوظفون فرساناً هنا. جيديون ما زالت تحتفط بفرسانها للحفاظ على هيبتها. آه! لا تأخذ هذا كإهانة لويبين.”
“لا تهتم، أنا لا أمانع.”
“هذا يريحني.”
استمر الحديث طويلاً،
من أحوالهم خلال السنوات العشر الماضية،
إلى أخبار الأصدقاء الآخرين،
ثم انتقلوا إلى أحداث مهرجان الحصاد الأخير،
ليعودوا في النهاية إلى ذكريات الماضي.
كانت الذكريات حية وكأنها حدثت بالأمس،
فلم تفارق الابتسامة شفتي إيريك.
لكن المحادثة توقفت فجأة عندما تدخلت تيريا:
“سيدي، أعتذر لمقاطعتكم، ولكن ربما حان وقت مناقشة مهمتنا.”
“آه، أنا آسف. لقد كنت متحمساً جداً.”
“لا بأس.”
كان توقيت تيريا مناسباً،
فبدون تدخلها لربما استمر الحديث حتى الصباح.
أيد ليوتين رأيها بضحكة مدوية:
“نعم، أنا هنا في مهمة رسمية بعد كل شيء. صيد الوحوش كان الموضوع؟ سيدتي، هل يمكنك إعطائي تفاصيل أكثر؟”
“الأمر بسيط. وحش من جبال القرية نزل وأثار الفوضى. حسب تحقيقاتنا، يُرجح أنه ذئب كاليسو. اقترح سيد القصر وجود فارس لأسباب أمنية.”
“همم، بالتأكيد يمكنني المساعدة في صيد الوحوش. لدي خبرة في ذلك من جيديون.”
استمع إيريك إلى حديثهما بابتسامة خفيفة،
على الرغم من أنه يعرف أن الوحش هو ذئب النصل وليس ذئب كاليسو،
لكنه لم يشأ أن يثير شكوك تيريا بالتصحيح أمامها.
‘سأخبر ليوتين لاحقاً على انفراد.’
بينما كان يفكر بذلك، راقب إيريك ليوتين بدقة:
‘إنه مدرب جيداً.’
كانت طاقة ليوتين الروحية مستقرة تماماً.
لم يكن هذا مفاجئاً، فمنذ الطفولة كان معروفاً بقوته البدنية،
لذا لم تكن التدريبات الشاقة مشكلة له.
بهذا المستوى، يمكنه مواجهة ذئب النصل في معركة مباشرة.
إذا استخدم سيفه لقطع مخالب الوحش وبنادقه لاختراقه، فسيكون ذلك كافياً.
“…فهمت. قوتنا تتكون من ثلاثة صيادين مسلحين بالبنادق ودليل. ليس سيئاً. آمن أكثر مما يجب لصيد ذئب.”
ضحك ليوتين وهو يهز رأسه:
“لننطلق الآن! يمكننا استكمال الحديث لاحقاً يا قائد!”
في اللحظة التي نهض فيها،
التفت ليوتين نحو النافذة فجأة وقال “ها؟” بتعجب واضح.
تبع إيريك نظره نحو النافذة…
“ما الذي يحدث… همم.”
تقطّب جبين إيريك.
“إنها تثلج.”
بدأت حبيبات بيضاء بالتساقط بخفة من السماء إلى الأرض.
من حجم الحبيبات، كان واضحاً أن هذه ستكون عاصفة ثلجية متراكمة.
* * *
كان هناك مشكلة في التحرك فوراً.
إذا تجمد الطريق، ستصبح حركة العربة أو الخيول مستحيلة، والأهم من ذلك أن ابتلال الجسد بالثلج سيؤدي لانخفاض حرارة الجسم.
ليوتين كفارس قادر على التحكم بالـ”مانا” سيكون بخير، لكن الآخرين قد يتأثرون.
ومع ذلك، لا يمكنهم ترك الوحش حراً طليقاً.
في النهاية، توصلوا لاستنتاج واحد:
“لننتظر حتى يتوقف الثلج ثم نتحرك.”
كان هذا رأي ليوتين.
“ليس أمراً سيئاً بالكامل. تراكم الثلج يعني أن آثار أقدام الوحش ستكون أكثر وضوحاً. سيسهل ذلك تتبع مساراته وتحديد موطنه.”
“متى تتوقع أن يتوقف؟”
“ربما بحلول الظهيرة.”
بما أن الانتظار لن يكون طويلاً، وافق إيريك وتيريا.
بعد تناول الغداء بفترة ليست بطويلة، أنهى الثلاثة استعداداتهم للرحيل.
سأل ليوتين:
“هل أنت متأكد أنك ستأتي معنا؟”
“همم؟ أهناك مشكلة؟”
“كيف لا توجد مشكلة؟”
توجهت نظرات ليوتين إلى ركبة إيريك.
ابتسم إيريك ببرود.
في النهاية، من الطبيعي أن يقلقوا عليه وهو الذي لا يستطيع المشي بشكل صحيح دون عكاز، فكيف سيتسلق الجبل؟
لكن من وجهة نظر إيريك، هذا أمر مثير للسخرية.
“لا تدع مظهري يخدعك، لقد تجولت في القارة لمدة عشر سنوات. إصابة صغيرة كهذه لن تعيقني.”
“إذا كنت مصراً فلن أمنعك… لكن عندما يظهر الوحش، ابق خلفي تماماً.”
“سأضع ذلك في الاعتبار.”
في الواقع، كان إيريك يفضل أن تبقى تيريا بعيداً عن الخطر، لكن كيف له أن يقول لها “هذا خطر فابقى في المنزل” وهو الأعرج؟
الأهم من ذلك، كانت إرادتها قوية وعزيمتها صلبة، فكيف يعترض؟
نظر إليها إيريك نظرة خاطفة.
‘همم، إنها صامتة بشكل غير معتاد اليوم.’
انشغاله بالحديث مع ليوتين جعله يغفل عن ملاحظة ذلك سابقاً.
ولكن الآن بدأت التفاصيل تظهر واحدة تلو الأخرى.
هل هي متوترة؟
لسبب ما، بدا تعبير وجهها أكثر حزماً من المعتاد.
في تلك اللحظة:
“لننطلق.”
مع كلمات تيريا، تحركت العربة.
وصلوا إلى القرية بعد ساعة تقريباً.
عند الوصول، كان الصيادون والدليل ورئيس القرية الذين أتوا في اليوم السابق في انتظارهم.
“يا… يا سيدي، سيدتي ، هل ستأتيان أيضاً؟”
قال رئيس القرية بذهول، لكن لم يكن لديه وسيلة لمنع سيد الإقطاعية وزوجته.
كل ما يمكنه فعله هو الإنحناء بتردد عند كلمات إيريك.
كان هذا أمراً جيداً بالنسبة لإيريك.
“لا تقلق، فقط اهتم بتهدئة أهالي القرية.”
ابتسم إيريك ببرود ثم قال للصيادين:
“حسناً، يبدو أن الجميع مستعد، فلننطلق.”
“نعم!”
وهكذا بدأت رحلة الصعود إلى الجبل.
على الرغم من كونه جبلًا خلف القرية، إلا أنه جزء من سلسلة جبلية ضخمة، وكان المسار الذي يُعتقد أن الوحش نزل منه طريقًا معتادًا لجامعي الأعشاب.
كان إيريك يفحص المناطق المحيطة بينما يتسلق الجبل، ويراقب الصيادين وليوتين بعناية.
كان يخطط لإعطائهم تلميحًا عن ذئب النصل.
‘حان الوقت لظهور بعض الآثار.’
كانت هناك طريقة أفضل من قول “هذه آثار ذئب النصل” مباشرةً.
في النهاية، سيكون من الأسهل جعلهم يستنتجون نوع الوحش بأنفسهم من خلال الآثار المحيطة بدلاً من محاولة تحديد نوعه من حالة السياج أو طريقة تدمير القرية.
لم يكن إيريك يخطط لأن يأخذ زمام المبادرة الآن.
“لقد وجدنا شيئًا!”
صرخ أحد الصيادين وسط ذلك.
توجه إيريك للنظر.
‘همم، هذا غامض.’
ضيق عينيه.
ما وجده الصياد كان أثر أقدام.
كانت أكبر من حجم ذئب كاليسو المعتاد، لكنها لم تحمل السمات المميزة لذئب النصل.
“آثار الأقدام كبيرة جدًا.”
كان هذا كل ما يمكنه قوله.
لكن ردود الأفعال اللاحقة كانت كما توقع.
“بالتأكيد كبير بما يكفي لتدمير قرية بأكملها.”
“نعم، يبدو أنه عينة قوية حتى بين البالغين.”
يبدو أن آثار الأقدام وحدها ليست كافية.
أطلق إيريك تنهيدة.
“لنواصل التحرك.”
كان يتمنى لو يمكنهم العثور على دليل أكثر وضوحًا.
النقطة الجيدة هي أنه لا يزال هناك متسع من الوقت.
عادةً ما تعشش الوحوش بعد الوادي الخامس، ونحن لا نزال في الوادي الأول، لذا لا داعي للقلق من هجوم مفاجئ.
الأهم من ذلك، أن شبكة المانا التي نشرها إيريك لم تلتقط أي أثر للوحش.
‘لا بأس.’
بينما كانوا يتسلقون الوادي الثاني منذ فترة، قطب ليوتين جبينه فجأة.
“…هذا جنون.”
كما قال، كان الوضع مجنونًا حقًا.
“كانت السماء صافية، فلماذا يبدأ الثلج بالتساقط فجأة؟”
تجمعت الغيوم الداكنة فجأة وبدأ الثلج يتراكم مرة أخرى.
حتى إيريك شعر بالذعر.
حتى الآن، لم يكن المشي صعبًا جدًا، لكن إذا استمر الثلج في التراكم، فمن المؤكد أنه سيعيق حركتهم بشكل كبير.
بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك مشكلة أكبر.
“سيدتي، هل أنتِ بخير؟”
“…نعم.”
لم يكن لون وجه تيريا جيدًا.
أدرك إيريك الآن أن حالتها غير طبيعية.
اعتقد في البداية أن احمرار وجهها بسبب البرد فقط، لكن الأمر لم يكن كذلك.
خلع قفازه ووضع يده على جبينها، فشعر بالحرارة.
“إنها نزلة برد.”
تصلب تعبير وجه إيريك تمامًا.
توجهت نظرات تيريا إلى الأرض.
“…إنه ليس شيئًا مهمًا.”
“كيف ليس مهمًا؟ لماذا لم تخبريني بهذه الحالة؟”
“…”
صمتت تيريا.
أصابت الحيرةُ وجوهَ الآخرين أيضًا.
“يا قائد، ماذا نفعل؟ هل نعود؟”
كلا، لقد ابتعدوا كثيرًا عن القرية بالفعل.
بحلول وقت عودتهم وتسخين جسدها، سترتفع حرارتها وسيغمى عليها لا محالة.
كان لا بد من التحرك بسرعة.
بينما كان إيريك يفكر، امتدت أفكاره إلى نقطة معينة وتوقفت هناك…
“ليوتين، سنذهب إلى هناك.”
“أين؟”
“الكوخ. هناك كوخ في الوادي الثاني، أليس كذلك؟”
اتسعت عينا ليوتين عند سماع ذلك…
“آه! المكان الذي تعلمت فيه السيف من ذلك اللص الجبلي!”
“كان فارسًا.”
“على أي حال!”
أشرق وجه ليوتين:
“حسنًا! هناك يمكننا الاحتماء من الثلج وتدفئة السيدة! فلننطلق فورًا!”
“سيدتي، هل يمكنكِ المشي قليلًا أكثر؟”
أومأت تيريا برأسها.
أمسك إيريك بكتفيها بقوة وقال:
“اصبري قليلًا.”
“…نعم.”
بدأ إيريك يدعمها ويسير بها بسرعة.
لحسن الحظ، بدا أن ليوتين يتذكر موقع الكوخ، فلم يتردد في السير أمامهم.
* * *
صَوتُ خطواتٍ تُغَطِّيها الثلوج…
في خضم ذلك، نظرت تيريا إلى إيريك نظرة خاطفة.
كان وجهها يعكس قلقًا بالغًا.
‘لم أتوقع أن ترتفع حرارتي إلى هذا الحد…’
وبّخت تيريا نفسها على غفلتها.
لكن لو عرفت مسبقًا، هل كانت ستقرر عدم المجيء؟
هزت رأسها.
لا، فالقلق كان السبب.
هذه السلسلة الجبلية في هذا الفصل، وإيريك بجانبها…
كل ذلك أثار ذكريات معينة.
وسط الدوار الناتج عن الحمى، بدأت مشاهد من الذاكرة تُطَبَّقُ بشكل ضبابي على منظر الجبل الثلجي المألوف.
– “اهربِ أولًا!”
كان الطفل أشقر الشعر يصرخ بينما يسيل الدم من رقبته.
كانت تعابير وجهه مضطربة للغاية.
وخلفه… كان هناك وحش أسود بعيون صفراء متوهجة.
– “بسرعة!!!”
لسبب ما، صدى هذه الصيحة بدا واضحًا في رأسها بينما…
*طَقطَقَةٌ*
فقدت تيريا الوعي وسقطت.
“سيدتي!!!”
كان صوت إيريك المفزوع آخر ما سمعته قبل أن يغيب وعيها.
التعليقات لهذا الفصل " 26"