فكل الأعمال الكبرى التي كان عليه أن يتعلمها قد انتهت، ولم يتبقَّ سوى بعض المعاملات الورقية البسيطة.
وهي مهام يمكن لتيريا وحدها أن تنجزها، ومع ذلك كان إيريك موجوداً في المكتب، فقط لأن تيريا نصحته بأن يعتاد على الحضور والانصراف بشكل يومي.
ولذلك لم يجد أمامه ما يفعله سوى مراقبتها.
ومن هناك، تكرّرت في ذهنه أفكار بعينها.
أفكار عن شعور غريب كان قد انتابه يوم زيارة الممّون.
‘حين أرحل، ستبقى وحيدة من جديد. ماذا لو واجهت ما حدث في ذلك اليوم مرة أخرى؟’
ذلك الإحساس كان يترك في صدره ضيقاً لا يزول.
وظلّ حتى الآن يلازمه، كتموّج صغير لكنه مزعج بما يكفي ليشغل باله باستمرار.
ومع ذلك، لم يكن من السهل أن يجد له جواباً.
ولذلك لم يفعل إيريك سوى أن يسند ذقنه على يده، يراقبها بين الحين والآخر، إلى أن رفعت تيريا رأسها فجأة لتلتقي عيناهما.
فوجئ، واضطرب في لحظة.
سألت تيريا:
“هل لك حاجة؟”
لم يكن لائقاً أن يقول إنه كان يحدّق فيها فحسب.
فتعجّل بتبرير آخر:
“لا… كنت أنظر إلى عباءتك.”
“آه، تقصد هذه؟”
مرّرت يدها على الفرو.
“إنها مصنوعة من جلد وحش. كانت هدية من سكان الإقطاعية قبل نحو سبع سنوات.”
“هكذا إذن؟”
“نعم. يومها هاجم وحش الجبل القرية وأحدث أضراراً، فخرج أهل الإقطاعية للصيد، وبعد أن قتلوه، صُنعت من جلده هذه العباءة.”
اسم مألوف عاد إلى ذاكرته.
“وحش الجبل… يعيد إليّ ذكريات قديمة.”
ضحك إيريك بخفة، وقد أزاح حرج اللحظة.
“أتذكر أنني في صغري كنت أثير الضجة مطالباً برؤية ذلك الوحش بعيني.”
فقد كانت جبال شاهقة وراء إقطاعية ويبين، عدد قممها يتجاوز العشرة بسهولة.
غاباتها كثيفة، وتضاريسها وعرة، فلا يكاد الإنسان يطؤها.
ولذلك، تكوّن هناك بشكل طبيعي موطن لوحوش البرّ.
كان الوحش بالنسبة للأطفال خصماً لا يمكن أن يغيب عن لعبة الفروسية.
وكان الأمر كذلك بالنسبة لإيريك أيضاً.
فهو، بما كان عليه من شقاوة وتهور، ما إن تغيب أنظار الكبار عنه حتى يقود أصدقاءه نحو الجبل الخلفي بحثاً عن وحش يطاردونه.
‘هل رأيت واحداً مرة واحدة فقط…؟’
يتذكر أنه رأى من بعيد ذئباً ضخماً بحجم عدة رجال بالغين مجتمعين، فهرب مذعوراً حتى كاد قلبه يتوقف.
المضحك أنه، رغم تلك التجربة المرعبة، ظل يصعد الجبل مراراً باحثاً عن الوحش من جديد.
وحين يفكر الآن، يستغرب كيف بقي حيّاً بعد كل ذلك.
‘همم، لا… ربما لم يكن الأمر كذلك.’
ربما السبب في أنه لم يرَ الوحوش كثيراً يعود إلى معلمه.
فمسكن معلمه كان في منتصف الجبل الخلفي، ومع طباعه، لا بد أنه قضى على جميع الوحوش القريبة.
وحين يستعيد ذكرياته، يتذكر أن معلمه كان يطعمه لحماً مشوياً ذا رائحة زفرة غريبة بشكل متكرر… ولعله كان لحم وحش.
‘كان طعمه ذا إدمان قوي.’
ففي أول لقمة كان الطعم نفّاذاً، لكن مع الوقت لم يجد له بديلاً، حتى صار يشتاق إلى ذلك المذاق بين الحين والآخر.
حتى في ساحة المعركة، حين كان الحنين إلى الوطن يفيض في صدره، كان طعم ذلك اللحم الزفر يعود إلى ذاكرته.
ضغط إيريك شفتيه وهو يتذوق الذكرى.
وفي تلك اللحظة، تنبّه إلى أن تيريا تحدّق فيه بثبات.
“آه… اعذريني. يبدو أنني شردت بأفكاري أكثر مما ينبغي. حديث الوحش أعاد إليّ رفاق الصبا، فأسرني الحنين…”
“…لا بأس.”
خفضت بصرها، لكن ملامحها بدت على نحو مغاير لما اعتاد منه.
ولم يكن في وسع إيريك أن يعرف السبب.
فأمال رأسه متعجباً.
عندها دوّى صوت الباب.
دووم―
“سيدتي، هذه أوراق جديدة.”
دخل ألديو إلى المكتب حاملاً كومة من المستندات بلغ ارتفاعها حتى خصره.
فارتعد إيريك من الدهشة.
“مـ… ما كل هذا؟”
“لا أمر عظيم فيه. فقط مطالب الإقطاعيين حين جُمعت تكاثرت على هذا النحو.”
مطالب إلى هذا الحد؟
تملّك الخوف إيريك فجأة.
فويبين لم تكن إقطاعية كبيرة، وإذا كان هذا حجم الأوراق فيها، فكيف ستكون الحال في الأقاليم العظمى؟
عندها خطر له أن حياة النبلاء قد تكون أصعب بكثير مما تبدو.
لكن سرعان ما تبدّد ذلك الظن.
“لسنا مضطرين لقراءتها كلها.”
هكذا أوضحت تيريا.
“الأمور الصغيرة نمرّ عليها مروراً. أما جمعها وقراءتها فليس إلا لفهم أحوال الإقطاعية: أي المطالب تتكرر أكثر، وما هي السلع ذات الطلب الأعلى. حين نعرف ذلك، يصبح تسيير شؤون الأرض أيسر.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات