كل شخص يمر بفترة طيش في شبابه، ويُعاني من العواقب بسبب تصرفاته الطائشة.
“بوللو” لم يكن استثناءً.
كان لديه ماضٍ مُخجل ومذل، بل ومخيف لدرجة أنه لا يريد حتى تذكره.
قبل خمس سنوات…
في فترة شهدت تحولات كبرى، حيث تثبتت معالم ساحة المعركة، وازداد عدد أقوى المحاربين من 6 إلى 7.
في ذلك الوقت، كان “بوللو” يعتقد أن العاصمة الإمبراطورية هي العالم بأسره.
وجد نفسه في قاعة حفلات:
“ابن عائلة ‘نوتيم’!”
“آه، ابن عائلة ‘بولد’! أراك مرة أخرى هذا العام.”
“هذه الحفلة تقام مرة واحدة في السنة. إن لم نستمتع الآن، فمتى سنفعل ذلك؟”
“هذا صحيح!”
كانت هناك حفلة سرية وحصرية في الإمبراطورية، لا يحضرها إلا أبناء النبلاء من رتبة كونت فما فوق.
حفلة تُقام مرة واحدة في بداية كل عام، يجتمع فيها الأبناء والبنات الأرستقراطيون لتبادل العلاقات… وبصراحة، كانت حفلة مليئة بالفساد.
بالطبع، لم يكن الجميع فاسدين.
كان هناك استثناءات مثل “جوهرة عائلة جراهام” أو “التابعين المخلصين للعائلة الإمبراطورية”.
ولكن لأنه اعتقد أنه على حق، ولأنه كان مختلفًا عنهم، كان “بوللو” منهمكًا في البحث عن فتاة تقضي الليل معه.
في ذلك اليوم، التقى بـ”شبح السيف كاشا”.
“ها هو قد وصل. جوهرة عائلة جراهام.”
“من هذا الرجل بجواره؟ هل يعرفه أحد؟”
“يبدو أن ابن عائلة جراهام أحضره كضيف خاص. سمعت أنه أجنبي.”
“إلبيرت جراهام”
بطل ذهب إلى ساحة المعركة قبل أن يبلغ سن الرشد، وحصل على مآثر عظيمة، لكنه عاد بجروح لا تُغتفر جعلته مقعدًا في كرسي متحرك.
كان مشهورًا بلقب “جوهرة عائلة جراهام”، وكان حضوره للحفلات أمرًا غامضًا.
وهذا الرجل أحضر معه ضيفًا.
“يبدو وكأنه جالب للنحس.”
بجانب الرجل المقعد في الكرسي المتحرك، وقف وسيم ذو ملامح نقية.
كانت لديه هالة غريبة. رغم ملامحه الودودة، إلا أن تعابيره الباردة وعضلاته البارزة من تحت ملابسه جعلته يبدو كفارس عائد من ساحة المعركة.
في ذلك الوقت، وصفه “بوللو” قائلًا:
“يبدو أنه عالق في مرحلة المراهقة. أعرف هذا النوع من الأشخاص. يعتقدون أنهم الوحيدون الذين يعانون في هذا العالم، ويظنون أن هذا الأمر رائع. انظر إليه، يبدو وكأنه واقع في غرام نفسه!”
“هاها! أنت قاسٍ جدًا يا ابن عائلة نوتيم.”
“وماذا في ذلك؟ إنها الحقيقة.”
“هذا صحيح.”
بالنظر إلى الوراء، ربما كان ذلك بسبب الغيرة.
أو ربما كان بسبب الشعور بالتهديد.
منذ لحظة ظهوره، سرق هذا الغريب كل أنظار الفتيات اللاتي كان “بوللو” يستهدفهن.
لم يكن “بوللو” الوحيد الذي شعر بذلك.
جميع أبناء النبلاء الذين أرادوا التقرب من “إلبيرت جراهام”، والذين فقدوا اهتمام الفتيات بسبب هذا الغريب، كانوا حذرين منه.
بالنسبة للشباب في ذروة غرائزهم الجنسية، كان هذا الدخيل الذي يعكر نظامهم البيئي تهديدًا كبيرًا.
في جو مشحون بالحذر، كان هذا الرجل و”إلبيرت جراهام” الوحيدين الذين بدوا مرتاحين.
حتى أن الفتيات بدأن تحيط بهما في دائرة.
وفي تلك اللحظة…
“اسمع يا ابن عائلة نوتيم، لدي أخبار مدهشة.”
قال ابن عائلة “بولد” الثاني:
“يبدو أن هذا الرجل مرتزق. تعرف عليه ابن عائلة جراهام أثناء الحرب.”
“…أيقولون أنه ليس من النبلاء؟”
“يقال إنه بلا جنسية.”
“واو…!”
غيرة الشباب كانت سطحية وعدوانية.
“بوللو” في ذلك اليوم كان كذلك.
عندما ظهرت نقطة ضعف ذلك الغريب الذي بدا لا يُقهَر،
أصبح قلبه الطفولي طماعًا عند رؤية هذا الضعف.
أراد أن يستغل عيوبه ويجثيه على ركبتيه.
أراد أن يثبت تفوقه.
ثم أن يأخذ مكافأته المستحقة.
كانت ردة فعله سريعة.
تقدم “بوللو” مع مجموعته نحو الرجل المحاط بالفتيات.
“وجه جديد لم نره من قبل!”
بابتسامة مشرقة وذراعين مفتوحتين، تظاهر بالترحيب.
“آه، ابن عائلة ‘نوتيم’، سررت بلقائك.”
“تعرف على قريب عائلة جراهام. هل يمكننا التعرف على صاحبك؟”
“امم…”
ابتسامة “إلبيرت جراهام” المحرجة زادت من ثقة “بوللو”.
في ذلك الوقت ظنها ترددًا، لكنه الآن يدرك أنها كانت قلقًا من طبيعة “كاشا” النارية.
كيف كان له أن يعرف؟
لقد أساء تفسير التردد على أنه ضعف، واستمر في الهجوم.
“من أي عائلة أنت؟”
“…لا عائلة.”
“ماذا؟”
“لا أنتمي لعائلة. أنا مجرد مرتزق يتجول في ساحات القتال.”
إجابته بدت غير مريحة.
شعر “بوللو” بلذة خبيثة.
“واو… شخص بلا عائلة في هذا الحفل؟ هذا حقًا…”
انضم الشباب الآخرون إليه في سخرية، مما زاد من ثقته.
ربما لهذا السبب قال ما ندم عليه لاحقًا:
“اهدأوا جميعًا. ربما ليس لديه والدين. أليس مرتزقًا؟ أو ربما…”
كان عليه ألا يكمل.
“…ربما هرب من والدين فاشلين فأصبح بلا عائلة.”
ما حدث بعد ذلك لم يتذكره جيدًا.
بل بالأحرى، لم يرغب في تذكره.
كل ما يتذكره “بوللو” بوضوح هو:
صوت انشطار الخشب طوليًا!
ثم ألم مروع كما لو أن رأسه قد انتزع من عنقه!
“آآآه!”
صرخت الفتيات.
سمع أنين الشباب المرافقين.
بينما كان “بوللو” في حالة ذهول.
“آخ… آآه!”
لم يعرف متى سقط على الأرض.
حاول التمسك بشيء ولكن دون جدوى.
لم يعرف أنه قد صُفع على وجهه إلا بعد انتهاء الحفل.
فالصفعة العادية لا تصدر صوت انشطار الخشب!
على أي حال، ما زالت كلمات ذلك الرجل ترن في أذنيه:
“لديك لسان طويل. لو التقينا في ساحة المعركة لانتزعت رأسك من عنقه.”
حتى في غمرة ذهوله، كان صوت الرجل واضحًا.
ذلك الصوت البارد اللزج بقي عالقًا في ذهنه بوضوح حتى بعد خمس سنوات.
علم أن اسمه “كاشا”، وأنه ذلك الوحش الذي انضم حديثًا لقائمة الأقوى في القارة، بعد أسبوع من الحفل.
“أمضيت شهرًا كاملاً لا أغادر غرفتي خوفًا من انتقامه…”
هذه قصة أخرى.
باختصار، عاش “بوللو” محاولًا نسيان ذلك اليوم.
كان صوت “كاشا” مرعبًا لدرجة أنه ظن أنه لن يقابله مرة أخرى أبدًا.
لكنه لم يستطع التحرر من تأثيره.
لهذا السبب ولد في عائلة عسكرية وأصبح مسؤول إمدادات.
“ظننت أن كل هذا قد انتهى…!”
بعد استعادة الذكريات، ارتجف “بوللو” بينما يلقي نظرات خاطفة على ظهر “كاشا”… أو “إيريك بورتمان” الجالس في مقدمة العربة.
ظن أنه بمجرد أن يصبح ضابطًا، سيبتعد عن الخطوط الأمامية.
وأنه لن يقابل ذلك الرجل الذي قضى حياته في ساحات القتال.
لكن ماذا حدث؟
لماذا ظهر ذلك الوحش هنا كابن بارون رجع إلى ريفه بعد فترة طيش؟
“أوه، رائحة السماد!”
“إنها الريف، لا يمكنك توقع غير ذلك.”
“أيها الاحمقان!”
شعر “بوللو” بقشعريرة تسري في ظهره.
فجأة خطر بباله أنه يجب إسكاتهما.
في تلك اللحظة، نسي أنهما من جيش العدو ومنافسيه في الصفقة.
يمكن وصف هذا بالإنسانية.
كان “بوللو” على وشك اتخاذ قرار بطولي بإنقاذهما من فم ذلك الوحش المرعب.
لكن…
“هاها…”
عندما سمع ضحك “إيريك”، انكسرت عزيمته.
انحنى رأسه للأسفل.
غمره عرق بارد كالمطر.
“سيد بوللو، هل أنت بخير؟”
أومأ “بوللو” برأسه كالمجنون عندما سأله مسؤول إمدادات “أرمن”.
“بببخير!”
يجب أن يكون بخير.
ما زال هناك أمل أن “كاشا” لم يتعرف عليه بعد.
كان يتمنى ذلك من كل قلبه.
“أرجوك…”
صلى “بوللو” إلى السماء.
لكن الحياة لا تسير كما نتمنى.
لو استجابت السماء لكل الدعوات، لما كانت هناك حروب أو صراعات.
“إيريك” كان يعرفه.
بل ويتذكره جيدًا.
الشيء الوحيد الجيد أنه لم يكن في نفس حالة الغضب التي كان عليها قبل خمس سنوات.
بل كان العكس تمامًا.
“لماذا يحدث هذا لي؟ ما الذي يجري بالضبط؟”
كان “إيريك” جالسًا في مقدمة العربة، يتأمل المناظر الطبيعية بصمت، بينما تسارعت دقات قلبه.
“أيعقل أن يأتي عدوي إلى هنا من بين كل القارة؟ يا لها من مصادفة قاسية…”
شعر بالخطر والتوتر.
ماذا لو كشف هويته؟ ماذا لو أبلغ عن مكان “شبح السيف كاشا” في العاصمة؟
لم يستطع إخراج هذه الأفكار من رأسه.
أغمض “إيريك” عينيه بقوة وهو يفكر:
“…أين وضعت السيف؟”
في هذه الحالة، لم يبقَ سوى التهديد.
وإذا لم ينجح ذلك…
“…سأضطر إلى التخلص من الأدلة.”
“يا له من أمر مضحك، سأدفن جثة بشرية بعد وقت طويل.”
تشبث “إيريك” بقوة بمقعد العربة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 20"