سقط الثقل عن كتفيها فبرز خط عنقها الأنيق أكثر من قبل.
كان وجهها متفاجئًا.
قال إيريك متابعًا:
“أعلم أن ما أقوله يبدو تبريرًا، ومع ذلك أرى أن عليّ أن أشرح. لقد كنتُ صغيرًا جدًّا آنذاك. كان قراري في ذلك اليوم اندفاعًا لا أكثر.”
بدأ الأمر برغبته في منع زواج يملأ قلب تيريا حزنًا، لكن السبب الذي جعله يقدم حتى على الهروب، كان كلمات أبيه:
‘أدِّ ثمن ما أنفقتُه عليك.’
طعنة لفظية ظلّت مغروسة في صدره حتى هذا اليوم.
قال: “أما عن سبب عدم عودتي، ففي البداية كان البغض، ثم جاءت الظروف العاجلة، وفي النهاية كان التردد. لقد تركتُ هذه الأرض قبل عشر سنوات لأني كرهت والدي بشدة. لم أدرِ أن ذلك سيجرّ عليكِ كل هذا العناء. كنتُ أظن أنكِ عدتِ بالفعل إلى بيتك الأصلي…”
ثم صمت.
‘لا، هذا مجرد عذر.’
لو أنه فكّر قليلًا في طبيعة هذا الزواج، في كونه زواج مصلحة وعقدًا متفقًا عليه، لعلم أن الأمر غير وارد.
لكنّه لم يشأ قط مواجهة هذه الحقيقة، ولذلك لم يدركها حتى النهاية.
أطبق شفتيه بإحكام، وأحنَى رأسه قليلًا.
وقال: “أعتذر. لا أريد أن تكون كلماتي نهاية الأمر. أنا مستعد لدفع الثمن…”
فقاطعته تيريا بصوت منخفض:
“ألستُ أنا؟”
قال متفاجئًا: “…ماذا؟”
رفع رأسه فرأى تيريا وقد وضعت يدها على فمها.
كانت على وجهها أمارات ‘أخطأتُ’.
قالت بخفوت: “…أعتذر، لقد قاطعتك.”
آه، إذن هذا ما أقلقها.
تصرف يليق بها تمامًا.
هزّ إيريك رأسه وقال:
“لا بأس. ثم لا، لم تكوني أنتِ سبب رحيلي.”
أنتِ لم تكوني سوى ضحية تعيسة انجرفتِ في النزاع بيني وبين أبي—هكذا قال في نفسه.
لم يكن يجرؤ على أن يرجو منها الغفران.
فأن تلطّخ سنوات أحدهم ثم تكتفي باعتذار لفظي، ذاك أشنع من ألا تعتذر أصلًا.
كان عليه أن يدفع الثمن بما يستطيع.
ولحسن الحظ، كان لديه ما يمكن أن يقدمه لها:
‘الإرث.’
إرث والده.
ذاك ثمرة عمره بأسره، والثروة التي أسهمت تيريا بيدها في بنائها.
كان من الأصل حقها المشروع.
وليس ذلك وحسب، بل إن هذه الإقطاعية وهذا البيت، بما حُمّلا من واجبات والتزامات، كان الأحق بها من تحمّلت عبئهما طوال هذه السنين.
أمّا إيريك فقد قضى عمره هاربًا منهما.
وإذ لم يعد قادرًا على تحمّل المسؤولية، فما تبقّى له إلا أن يؤدي ما عليه من واجب.
سواه لا سبيل له.
لو كان الأمر قبل عشرة أعوام لكان مختلفًا، أمّا الآن فقد تغيّر كل شيء.
ذاك الفتى الطائش صار مرتزقًا لا يحسن إلا القتل في ساحات الحرب، وتلك الفتاة الباكية لم تعد تعرف إلا كيف تصمد وحيدة.
لو كان ثمة أمل في التغيير، لكان يومها.
أما اليوم، فلن يعود إلى البدايات ولو جلس هنا ما شاء من السنين.
ولو تدخل الآن، فلن يكون إلا ناهبًا يسلب ما صنعته بيديها.
وحين فكّر في مصلحتهما معًا، وجد أن الفُرقة هي الصواب.
هنالك فقط عزم قلبه.
‘سأرحل.’
سيمنحها كل ما هو حقها وما تستحقه.
وحين يبرأ جرح ساقه تمامًا، سيترك لها كل ما بناه آل فورتمان عبر الأجيال، كيلا تكون أعوامها الماضية هباءً.
قال بأدب جم:
“هل لعلّكِ تتفضلين بقبول اعتذاري؟”
وكانت تيريا قد استعادت سكينة وجهها، فأجابته على طريقتها:
“…لا داعي لاعتذارك. فما عرفت يومًا أن ألومك.”
ثم عادت تكمل طعامها كأن شيئًا لم يحدث.
دوّى صوت الأواني قليلًا، ثم عاد الصمت ليسود.
ظلّ في قلبه غموض، لكنه لم يحاول أن يسبر مقصودها.
إذ كان قد عقد عزيمته بالفعل.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 11"