“هَذا…… ألم أبلغك بما سيجري؟ هل تَشكّ بي الآن، يا جلالة الإمبراطور؟”

“يجب أن أشكّ. كل المعلومات التي زوّدتيني بها كانت دقيقة، حتى خبر سقوط ابني. لكن من جعل ابني يسقط هو أنتِ، فما الضمان أنّك لم تفعلي شيئًا آخر؟”

“أتشكّ بي……؟”

“بالطبع!! كيف لي أن أثق بمن أعطى ابني السم ليقتله، ومن ادّعى أنّه يرى المستقبل ليكسب ثقتي! إذًا، حان وقت تجربة تلك النبوءة العظيمة. نعم، يكفي أن تتنبّئي بما ستقوله الدوقة لاحقًا.”

أكثر المواقف إحراجًا لمن يعرف المستقبل هو حين يُتهم بتغييره. وكانت هذه بالضبط مأساة كلوي، التي هزّت رأسها بلا حول ولا قوة.

“كيف…… تستطيع التصرف هكذا معي، يا جلالة الإمبراطور؟ حين أعطيتك جميع المعلومات وقلت إنها مفيدة……!”

“إذن، أخبريني عن ذلك المستقبل الذي ترينه.”

“اليوم، لست بمزاج يسمح لي بالكلام.”

هذه الجرأة الفائقة لم أر مثلها من قبل.

 تجاهلت كلوي أوامر الإمبراطور وسارت بثقة نحو عربة المعبد.

“مهما يكن، لقد اكفرت عن ذنبي طوال حياتي بخدمة المعبد كقديسة. 

إحضاري هكذا وارتكاب هذا الفعل الوقح هو من نية الإمبراطور تجاه المعبد، وسأبلغ القنصل بذلك.”

“ها، ها…… أنا…… أنا……!!”

الإمبراطور، الذي صُدم كالأحمق، لم يستطع فعل شيء بينما صعدت كلوي عربة المعبد وغادرت.

“يبدو أنّ كل كلامك انتهى، يا جلالة الإمبراطور. سنغادر نحن أيضًا.”

“……”

وقف الإمبراطور مذهولًا ثم عاد إلى عربته وهو غاضب.

شعرت بالطمأنينة وأمسكت بيد سيهليوس بحزم.

“ستكون الأيام القادمة مشوقة.”

“أظن ذلك.”

“أتطلع لمعرفة ما سيحدث لاحقًا.”

“أما أنا، فأتوق لأن نعيش الحب فقط من الآن فصاعدًا.”

أمسك سيهليوس بخصري وجذبني نحوه. 

التقيتُ وجهه عن قرب، وازداد وجهي احمرارًا، هل من شدة النفس أم من وسامة وجهه؟

“الآن، لا الإمبراطور ولا كلوي، ولا أحد يستطيع أن يعيقنا. 

لن يحدث شيء لنا.”

“النهاية ليست نهاية. 

يجب أن نرى كلوي تغوص في الجحيم أولًا.”

“قبل ذلك، دعنا نتذوّق طعم الجنة.”

تراجع خطوة خفيفة ثم حملني بين ذراعيه.

“سيهليوس ……”

“لا تقلقِ. 

سأهتم بكِ، كل ما عليك فعله هو الاسترخاء تحتي.”

أين يمكن أن يُقال كلام أكثر إثارة من هذا؟

“حقًا……”

ثم أخذ سيهليوس يدي إلى السرير. 

وعندما كان على وشك خلع ملابسه، دخل رودسيل الغرفة.

“أمي! لنذهب في نزهة!”

“……رودسيل. اليوم، لدى أبي وأمي أمر مهم……”

“أبي، لماذا جعلتِ أمي مستلقية؟ ولماذا تخلع ملابسك؟ ماذا تريد أن تفعل بأمي؟؟”

“أه؟ هذا……”

“هل تريد أن تؤذي أمي المريضة؟”

رودسيل، الذي عاد شعوره بعد كل شيء، جاء مسرعًا نحو السرير بصوت غاضب.

“هذا……”

“ما هذا!”

“……ذلك……”

“لا مفر، سيهليوس. 

سأستمتع بالجنة لاحقًا.”

تنحى عني واستعد لارتداء ملابسه، ولكن رودسيل ظل غاضبًا، فكان مضطرًا للابتعاد عن السرير.

“سأنام بجانب أمي اليوم!”

“رودسيل، جانب أمك لأبيك.”

“لا، هذا مكاني. 

أبي لم يهتم بأمي، إذاً مكاني هنا.”

“ها…… رودسيل. 

هل تفعل هذا؟ بعد كل ما فعلتُه لك……!”

“الحب وما بجانب أمي أمر مختلف، أبي.”

مهما قال سيهليوس، استقر رودسيل بجانبي بثقة.

“يمكن لأبي أن ينام هنا.”

“آه! لا أحب هذا……”

رودسيل على يميني، وسيهليوس على يساري يحتضنني من الخلف. 

ثم عضّ رقبتي برفق.

“آه……”

“أمي، ماذا بك!”

“لا شيء، هيا لننام.”

خفت أن يلاحظ رودسيل، فاحتضنته ومرّرت يدي على رأسه.

“تصبح على خير، يا بني.”

“نم جيدًا… أمي. إن حاول أبي أي شيء، سأخبرك.”

“لا تقلق.”

ولكنه، بلا خجل، استمر في مضايقتي. 

—

منذ ذلك اليوم، وصلتني شائعات عن كلوي حتى دون أن أبحث عنها.

قالوا إن الإمبراطور تقدم بشكوى رسمية ضدها في المعبد بسبب ما قالته أمام الدوقة. 

لكنها كانت محمية تمامًا بسبب كونها قديسة، ولم يُمنع منها شيء.

في النهاية، ذهبت أنا شخصيًا إلى المعبد.

وأظهرت قدراتي المستقبلية أمامهم، نلت لقب القديسة، وأظهرت أنّ قوتي أعلى من قوة كلوي.

لذلك، حاول المعبد التقليل من شأن قدرات كلوي وسحب لقبها.

في النهاية، تم سحبها إلى القصر، وبعد ستة أشهر، لاقَت حتفها.

كان آخر ما صرخت به كلوي:

“دعوني أرى ميا!!”

هل كانت قلقة على الطفل الذي سيبقى وحيدًا بعد موتها؟ أم كان يشير إلى أمر آخر؟

على أي حال، تلقت أعنف عقوبة، قُطعت أطرافها جميعًا، وبعد ذلك أحياها القصر بعناية، وربطوا جسدها على جبل لتتعرض للنسور.

الذي حاول قتل ولي العهد، والذي زعم معرفة المستقبل ليخدع الإمبراطور والناس، انتهى مصيره رهيبًا.

بينما كنت في حضن سيهليوس أستمع لكل ذلك، أغمضت عيني.

“الآن، انتهى كل شيء.”

“هل انتهى حقًا؟”

“لماذا؟ لقد ماتت الشريرة بالفعل.”

“ربما، لكن أظن أنّ النهاية ليست هنا.”

قال ذلك، ثم دار سيهليوس حولي ونظر في عينيّ مباشرة.

“حتى لو لم تكن النهاية، فلا بأس. 

أنت لست وحدك الآن. سنتجاوز أي شيء، حتى لو كان الإمبراطور، أو المستقبل المجهول لنا.”

“نعم.”

“إذن لا تقلقي على شيء.”

تبادلنا القبلات. شعرت بأن قلقي يذوب على شفتيه.

‘نعم. ماذا سأخاف؟’

المستقبل المعروف لي توقف عند هذا الحد. 

ربما بسبب ذلك شعرت بالاطمئنان. 

لكن كم شخص يعرف المستقبل حقًا؟

“صحيح، فأنا مع من أحب، فما الذي يدعو للقلق؟”

وضعت يدي على رقبته.

“فلتبقى دائمًا بجانبي.”

“كما تودين. 

حتى لو رفضتِ، سألتصق بك كما في السابق. 

وإذا كان حبي خاطئًا، أخبريني.”

“الحب ليس له صواب ولا خطأ.”

وقفت على أطراف أصابعي وقبّلته أولًا. ابتسم سيهليوس بهدوء.

“اليوم كان من الجيد أن أنام رودسيل أولًا. 

الآن فقط يمكن أن نستمتع.”

“اجعل الحرارة معتدلة.”

“كما تأمرين.”

لم ينتهِ انتقامتي، ولم تنتهِ قصتي.

لكن بما أنّني لست وحدي الآن، حتى لو لم أعرف المستقبل، لا خوف ولا قلق.

بل ربما عدم معرفة المستقبل هو ما يجعلني أعيش اليوم بأكمل وجه.

︶ ⏝ ︶ ୨♡୧ ︶ ⏝ ︶

الحمدُ للهِ الذي تكتملُ بنعمِهِ الخيراتُ وتُختَمُ بهِ الطيّباتُ.

ها قد وصلتُ إلى ختامِ إحدى أحبِّ الرواياتِ إلى قلبي، وأنا غامرةٌ بالرضا والسعادةِ عمّا بلغتُهُ فيها.

وأرجو أن تكونوا أنتم أيضًا قد وجدتم من الرضا والبهجةِ مثلَ ما وجدتُ.

كانت معكم في هذه الرحلةِ العذبة:

مترجمتكم المُخلِصة زوزيتا 🌸.