في اليوم التالي.

بعد أن أتممتُ كلّ الاستعدادات اللازمة، سلّمتُ رودسيل إلى فيليس.

“سأرافقكِ.”

“رودسيل.”

“……نعم.”

“سأذهب مع والدك. رودسيل، حضّر ألذ وجبة ممكنة. وعندما نأتي جميعًا، سنتناولها معًا. وبعد الانتهاء، هل يمكنك ترتيب رسّام ليُنجز صورة عائلية نيابة عن والدك؟”

“أمي…….”

“هذا من شأن ابننا فقط. رودسيل هو الآن الوصي على الدوقية. سأعود مع والدك، فلا تقلق، حسنًا؟”

رغم تعبير الحزن العميق على وجه الطفل، لم يكن بالإمكان أخذه معنا.

ففي حال حدوث أي طارئ، قد يلقى سيهليوس حتفه فورًا.

“حسنًا.”

“وأيضًا، هذا ما أردت أن تحضره لي.”

قدّم الطفل إليّ منديلًا أبيض مزينًا بعدّة زهور.

“هذا؟”

“نعم، شكرًا لك.”

كانت تلك عشبة تُعرف باسم أغنية الليل. لم أختَر حرق المكان، بل فضّلت طريقة أخرى، وقررتُ الذهاب شخصيًا إلى القصر الإمبراطوري حاملةً هذا الدليل الذي قد يثبت وجود السم.

“أمي، حقًا لن يحدث أي مكروه؟ لن يقع لنا شيء، أليس كذلك؟”

“نعم، ثقِي بي. لطالما حلت أمك كل الأمور، وستفعل ذلك هذه المرة أيضًا.”

“……نعم.”

“فيليس، اعتني برودسيل جيدًا.”

“لا تقلقي، سأظل مع السيد الصغير في انتظار عودتكما بسلام.”

“حسنًا.”

تركتهم خلفي وركبتُ عربة الدوق.

كان معي مدير الخدم وقائد الفرسان، وأربعة فرسان آخرين اختارهم قائد الفرسان.

ركبنا جميعًا العربة، وانطلقت نحو القصر الإمبراطوري.

“كما قالتِ، تم إبلاغ جلالة الإمبراطور. الدوقة لديها أمر ترغب في قوله شخصيًا.”

“شكرًا على مجهودك.”

“ولكن، ألا يزعجك اللقاء وجهاً لوجه مع الإمبراطور وحدك؟”

“لا تقلقي، يجب أن أُريه هذا. سأُنقذه بنفسي.”

خلال الرحلة، كانت العربة تسير بسرعة على الطريق الخلفي الهادئ، ربما بسبب الإبلاغ المسبق. شعرت ببعض القلق من احتمال أي مكيدة من الإمبراطور، لكن لحسن الحظ لم يحدث شيء.

مكتب الإمبراطور.

توقف الخادم عند باب كبير بعد أن قال ذلك.

“يمكنكِ الدخول.”

“سيدتي…….”

“لينتظر الجميع بالخارج. لا تقلقي، لن يحدث أي مكروه.”

“……حسنًا، سأنتظر.”

وأخيرًا فُتِح الباب.

كان الباب ذهبيًا لامعًا، وخلفه جلس الإمبراطور على مكتب ضخم.

عندما دخلت، أُغلق الباب بسرعة، وانحنيت احترامًا.

“أُحييكِ، جلالة الإمبراطور.”

“لقد منحتك الفرصة لمرة واحدة فقط لمقابلة الإمبراطورة الدوقة.”

تصرفه كان حادًا وباردًا، يكاد يخترق الروح.

ولم يكن ذلك مستغربًا، فالإمبراطور يظن أن الدوق هو قاتل ابنه، والدوق هو زوجي. مجرد منحي فرصة اللقاء كانت إنجازًا كبيرًا.

“جلالتك.”

“لا تقولي إن الدوق بريء، فهذا ليس وقتًا للحديث عن ذلك.”

“هل أستطيع الاقتراب قليلًا؟”

“تعالي.”

فور سماحه، تقدمت ووضعّت المنديل على مكتبه. انتثر المنديل بسلاسة لأنه لم يكن مربوطًا.

تغيّر وجه الإمبراطور فور رؤيته، لقد علم بالأمر بالفعل.

“لماذا جلبتِ هذا الآن؟”

“يبدو أنّك تعرف بالفعل.”

“نعم، زوجك أعطى هذا لابني.”

“من المؤكد أنك تعرف ذلك. لا أعلم كيف اكتشفت التفاصيل، لكن سأوضح الآن، جلالة الإمبراطور. هذه العشبة تُعرف باسم أغنية الليل.”

بدى الإمبراطور وكأنه لم يسمع الاسم من قبل، وأمعن النظر فيها بصمت.

“هذه زهور كانت تُزرع في عائلة الدوق منذ زمن بعيد. إذا كان زوجي مذنبًا، فذنبُه الوحيد أنه قام بزراعتها. فقد كانت زراعتها واستيرادها وتداولها محظورة.”

“هل الدوقة تعترف بالذنب نيابة عنه؟”

“لكن لم يكن هناك خيار آخر. كانت لعائلة الدوق أمراض وراثية تحتاج لهذه الزهرة.”

“هذا كلام لا يُصدّق.”

هزّ رأسه بلا تصديق.

“هل تعتقدين أنني سأصدق هراء كهذا، نيديا؟”

“يجب أن تصدق، فذلك مذكور في الكتب التي سجلت هذه العشبة.”

“هل تعتقدين بوجود مثل هذه الكتب؟”

“نعم، وستكون موجودة أيضًا في مكتبة القصر.”

الكتاب الذي أخبرني به فيسريو كان محفوظًا في مكتبة القصر ليكون دليلًا لإنقاذ زوجي.

“إذن يمكننا البحث عنه؟ إن كان كذبًا……”

“لكن ليس في مكتبة القصر.”

“أتمزحين؟”

“شخص آخر احتفظ به لغرض مختلف. كلوي وابنتها ميا يقيمان الآن في القصر، أليس كذلك؟”

“……لا أعلم.”

“ليس عليك إخباري. فقط ابحث عن المكان الذي يقيمان فيه.”

بعد لحظات من التفكير، رنّ جرس المكتب. دخل خادم، وهمس الإمبراطور معه.

“سأتبع الأوامر، جلالتك.”

“وأيضًا، إذا كان هناك أي حلوى تتناولها ميا، أحضرها أيضًا.”

“لماذا فجأة؟”

“لتكون جزءًا من التحقيق، لكن دون علم كلوي وميا.”

“لا تقلقي. لقد تم إخراجهم وفق الجدول.”

وفق الجدول الأصلي، كان الإمبراطور سيذهب مع كلوي إلى الدوقية لمداهمة الحديقة السرية. لكنه أرسل كلوي أولًا لتقابلي.

“حسنًا، إذًا تحقق من ذلك.”

تراجعت خطوة للوراء.

عاد الخادم بعد وقت طويل، حاملاً سلة مليئة بالحلوى والكتاب نفسه الذي رأيته في الدوقية.

الإمبراطور نظر إلى الكتاب الموثّق بختم القصر وبدأ بتصفحه.

[أغنية الليل.

أجمل الزهور الموجودة حاليًا.

……

يجب تحويل الزهرة إلى دواء خلال ساعة واحدة، وإذا فشلت، يزيد السم وتختلف فعاليته.

……

تناول الدواء بعد ساعة يسبب أحلامًا مرعبة، ولا يوجد ترياق.

……

زهرة يجب ألا تُزرع أبدًا. لكل شخص تأثير مختلف. عائلة إيكارت هي الوحيدة التي استخدمتها كدواء. كل دوق تناولها.]

“أكيد الاسم أغنية الليل.”

“نعم. وهناك رسم للزهرة أيضًا. وبسبب الأحداث السابقة، أصبح الدواء مجهولًا للبلاط والتجار، واستخدمته عائلة إيكارت فقط لإنقاذ الأبناء.”

“……”

ثم جاء دور السلة.

هذا ما لم أتوقعه، وكان فيسريو قد أخبرني عنه.

“حلوى ميا، بعضها مغلف بورق مختلف.”

كانت معظم الحلوى مغلفة بشفاف أو ألوان، وبعضها بورق أبيض.

“لقد وُجدت في غرفة ولي العهد، ورق أبيض بحجم كف اليد، ولم يُكتشف أي محتوى بداخله. لأنه كان لتغليف الحلوى.”

أخرج الإمبراطور الحلوى المغلّفة بالورق بسرعة، وفكّها الخادم واحدة تلو الأخرى، وأومأ الجميع برؤوسهم.

“إذن، ما الذي تريد قوله؟ كلوي عملت في الدوقية مؤخرًا، وربما نفذت هذا بأمر الدوق. حضرت معها إلى الحفل مؤخرًا أيضًا.”

تغيّر تقييم الإمبراطور لكلوي، وكان هذا كافيًا لإثبات الأمور.