إلى درجةٍ أنّها كانت تتمنّى أن يرى صورةَ الدوق منعكسةً في الطفل الذي أنجبته.
وهذا ما جعل الأمر أشدَّ رعبًا وإزعاجًا.
أُدركت أنّ الحبّ قد ينحرف أحيانًا، غير أنّه مهما فكّرت، لا أرى أنّ مثل هذا التعلّق يُمكن أن يُسمّى حُبًّا.
‘إنْ تغيّرتُ أنا، فهل سيتغيّر الطفل؟’
مددتُ يدي أُداعب شعر لودسيل، الممدّد إلى جانبي وملامح الرضا تكسو وجهه.
لم تمضِ لحظات قليلة حتّى امتلأت الغرفة بأصوات أنفاسه الثقيلة ونومه العميق.
رمقتُه بعينين ممتلئتين بالارتياح، وكدتُ أستسلم للنوم أنا أيضًا بعد مشقّة الرحلة الطويلة، لكن فجأةً سمعتُ حركةً بجانبي.
كنتُ على وشك أن أفتح عينيّ نصف المفتوحتين، لكن حدسي جعلني أثبت مكاني بلا حراك.
يدٌ صغيرة راحت تُلامس رأسي ببطء.
“أمّاه، ليتكِ تبقين راقدةً إلى الأبد.”
كلماتٌ رقيقة جعلت ابتسامةً خفيفة ترتسم على شفتي، غير أنّها ما لبثت أن تلاشت.
“أمّاه، ليتكِ لا تفتحي عينيكِ أبدًا، وتظلين دائمًا إلى جانبي.
أُريد فقط أن أُبقيكِ بقربي.”
صوتُه البارد المريب بعثر أثر النُّعاس من جفنيّ.
“أمّاه…… لذا، لا ترحلي إلى أيّ مكان.
إنْ غادرتِ هذه المرّة…… فسيغمرني هاجس أن أفعل المستحيل كي لا أترككِ تفلتين من جانبي.”
لودسيل الذي تجاوز حدود التعلّق، قال ذلك بصوتٍ حزين وهو يُداعب رأسي.
عندها فقط أيقنتُ تمامًا: أنّ الهروب من حياتي هذه أمرٌ لا سبيل إليه.
—
بعد بضعة أيّام.
جاء سيهيلوس إيكارت، الدوق وزوجي السابق، إلى غرفتي التي لم يعتد دخولها يومًا.
“ما الذي جاء بك؟”
اقترب صامتًا، ثم وضع شيئًا فوق الطاولة التي رُتّبت عليها بعض الضيافة.
“وجدتُه أثناء الطريق.”
“…….”
كان عقدًا، ماسةً شفافة يتوسّطها شيءٌ أحمرُ نابض، كأنّ زهرةً حمراء تنمو داخلها.
“يشبه عينيك.”
“كلا، هذا لا يُشبه عينَيَّ أبدًا.
بل هو أقرب إلى عينيك أنت.”
“أيًّا يكن.”
أطلقتُ نظراتي نحوه فيما يُلقي كلماته ببرود.
“أهو هديّة؟”
“لم أشترِه، فلا يُعتبر هديّة.
هو مجرّد خردة.”
“……خردة…….”
هل صار يُهدي القمامة الآن؟ حدّقتُ فيه بوجهٍ خاوٍ.
“إذن سأرحل.”
ذلك كان كلّ ما قاله، وهمَّ بالانصراف، فيما أنا ظللتُ أتأمّل العقد.
ترسّخ في ذهني يقين: كلّما بدا لطيفًا، كان هدفه فقط إبقائي أسيرة هنا.
نهضتُ بدافع العناد، ومددتُ العقد إليه.
“إنْ كان خردةً، فخُذه معك.”
“أحضرته من أجلكِ، فاحتفظي به.”
“من أجلي؟”
“نعم. لقد حصلتِ عليه بنفسك.”
ماذا يعني هذا؟ ما الذي فعلتُه غير الهروب؟
ارتسمت الحيرة على وجهي وأنا أحدّق بالعقد، فاقترب هو وانتزعه، ثم وقف خلفي.
“ماذا تفعل؟”
“اثبتي.”
فتح العقد ووضعه حول عنقي.
ساورني خوف: هل يُريد قتلي به؟ هل غايته موتي؟ تجمّد جسدي، غير أنّ ما لامس جلدي كان مجرّد برودةٍ لطيفة.
“يليق بكِ تمامًا.
عيني لم تخطئ.
المرأة التي اخترتُها، والشيء الذي اخترتُه.
مشهد رائع.”
“…….”
“سأغادر الآن.
لكن إنْ تجرّأتِ على نزعه، فسأضع لكِ في المرّة القادمة طوقًا يمنعكِ من الفرار.
فكوني مطيعة.”[زوزو: هاه؟ وتفك؟؟؟؟ شنوهايييييي].
“ماذا تقول؟!”
ارتجفت شفتي من شدّة الدهشة، لكنّه لم يأبه، وغادر الغرفة بهدوء.
“أيّ جنون هذا……!”
لطالما كان متسلّطًا، غير أنّ هذه المرّة بلغ الأمر ذروته. كنتُ أظنّ أنّ بقائي بلا حراك سيجعله غير مُبالٍ، لكنّه بدا أكثرَ التصاقًا بي من أيّ وقت مضى.
تنهدتُ وأنا ألمس العقد الثقيل حول رقبتي.
“أتمنّى لو أستطيع التخلّص منه.”
في تلك اللحظة، ظهرت فيليس، إحدى الوصيفات المقرّبات من نيديا، بوجهٍ شاحب.
“سيّدتي…… لا أرى أنّ التخلّص منه فكرةٌ حكيمة.”
“ولماذا؟ لأنّه أهداه الدوق؟ هل تُريدينني أن أبتسم كالمغفّلة؟”
قديمًا، كانت نيديا ستفرح بمثل هذه الهديّة، لكنّي تجمّدت ملامحي. فيليس هزّت رأسها.
“ليس هذا السبب…… إنّما، للحديث عن هذا العقد، لا بدّ أن أذكر أوّلًا ما حلّ بالكاهن والكاهنة.”
ما شأنهما بالعقد؟ لكن ملامحها الجادّة دفعتني لأن أُومئ.
“إنْ رغبتِ بالقول، فتفضّلي.”
فأخبرتني:
في اليوم التالي مباشرةً، أُخِذ الكاهن والكاهنة إلى المعبد الكبير، وكان الدوق نفسه من ساقهما.
‘هاه…….’
إنّه بالفعل مختلّ عقليًا.
“قال الفرسان إنّه صاح هناك: ليخرج كبير الكهنة!”
“……ماذا؟ أحقًّا؟”
“أجل. فتجمّع الكهنة حوله يسألونه، لكنه أصرّ…….”
“لا تقولي إنّه واصل الصياح بنفس العبارة؟”
هزّت رأسها مؤكّدة.
“قال: إنْ لم يخرج، سأقتلكم جميعًا.
فما كان من كبير الكهنة العجوز إلا أن خرج مُسرعًا بمساعدة الآخرين.”
رأسي بدأ يصدع.
كبير الكهنة هو أكثر شخصية تُحاط بالاحترام في الإمبراطورية.
“ولمّا خرج، ألقى الدوق الكاهن أرضًا أمامه.”
“ألقاه؟”
“بل رماه عاليًا، نحو مترين في الهواء.”
“…….”
“ثمّ ضحك قائلًا: هذا الحقير تجرّأ أن يُهين زوجتي.
بمَ أعاقبه؟ لقد لوّث سمعة بيت الدوق، فبمَ ستُكفّرون أنتم؟”
كنتُ واثقة أنّه بنفسه من يُهين سُمعة البيت.
“ارتجف كبير الكهنة وهو يعتذر، لكنّ الدوق قال: وهل الاعتذار بالكلام يكفي؟”
“ثم ماذا؟”
“طالب بتسليم ذخيرة مقدّسة.”
“……ذخيرة مقدّسة؟”
نظرتُ لا شعوريًّا إلى العقد في عنقي الذي كان يصدر منه وهجٌ غريب.
“لا تعني…….”
أشارت فيليس إلى العقد.
“نعم، هو نفسه.”
“لا يُعقل…… أهذا عقد مقدّس؟”
“أجل.”
“هذا هراء.”
“لكنّه الحقيقة.
تلك الذخائر خمس: ثلاث محفوظة في المعبد الكبير، واحدة في القصر الإمبراطوري، وأخرى مجهولة المصير.”
اختنق صدري من وقع الكلام. كيف يُمكن أن يأتي به وكأنّه التقطه من الأرض؟!
“اسمه دمعة الحاكم.
اكتُشفت قبل نحو مئتي عام.
وظيفتها مجهولة، لكن جمالها الفريد جعلها مشهورة، وقلّة قليلة فقط رأتها بأعينها…….”
“كفى كلامًا.
لا أُريد سماع المزيد.
لا يُعقل أن يُلقي شيئًا بتلك القيمة وكأنّه لا شيء.”
“لكنّه بارع في الابتزاز، وقد نالها بالفعل.”
أنزلتُ يدي عن العقد.
“آه…… لهذا يُنادونه بالكلب المسعور.
بل، هو أبعد من ذلك. إنه مجرد مجنون. بل وصفه بالكلب إجحافٌ بحقّ الكلاب.”
“…….”
تبادلت الخادمات النظرات وابتسمن بارتباك، بينما كادت فيليس تُبدي موافقتها قبل أن تستدرك كلامها.
“في النهاية، حصل الدوق على دمعة الحاكم بعد أن طالب بمعاقبة الكاهن الذي أساء لسيّدتي، والكاهنة التي تجاهلتها.”
“لو سمع أحدهم هذا، لظنّنا زوجين سعيدين.”
لكن كلّ من في هذا البيت يعلم أنّ الحقيقة عكس ذلك تمامًا.
“فما كان مصيرهما؟”
“أُرسِل رأس الكاهن إلى قصر الدوق، وأُرسلت الكاهنة إلى حيّ الفقراء لتقضي حياتها في غسل الثياب.”
“يا للجنون…….”
تملّكني الذهول، فتابعت فيليس:
“ثمّ إنّ الدوق، في غيابك، كان يزور هذه الغرفة يوميًّا. أترين أنّ هذا قد يكون دلالة على أنّه تغيّر؟”
[زوزو: تخيلوني رياكشن البنت الي تعض أصبعها هههههه]
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"