تناولنا الطعام سويًّا بعد زمنٍ طويلٍ، كأنّ الحياة عادت إلى بيتنا.
ثم دخل الأطبّاء، وبعد فحصٍ مطوّل طمأنونا أنّ لا خطر بعد الآن، ومع ذلك ظلّ قلبي مرتجفًا.
“ابْقَ قليلًا في الغرفة، رودسيل.”
“لا أريد.”
“لكنّ أمّك قلقة عليك.”
“لا يعنيني قلقكِ. أريد الخروج.”
كان تغيّرُه واضحًا.
ذاك الطفل الذي كان لا يفارقني لحظةً صار يُظهر شيئًا من الجفاء.
قال الدوق إنّها آثار أريّات الليل.
اختفاء المشاعر…
ربّما لهذا كانت والدة الدوق تنظر إليه يومًا كما لو كان وحشًا.
وأظنّ أنّني بدأتُ أُدرك إحساسها أخيرًا.
ومع ذلك قلتُ له بحزمٍ لطيف:
“لن أسمح لك بالخروج قبل مرور ثلاثة أيّام دون إغماء.”
“هذا قاسٍ.”
“قد يكون قاسيًا، لكنّني لا أملك خيارًا، لأنّي أحبّك.”
“وهل للحبّ قيود؟”
تأمّلني بنظرةٍ غريبةٍ وأجاب بنبرةٍ مختلفة:
“لا. الحبّ لا يُقيّد. إنّه فقط يخشى الفقد، فيطلب القرب من محبوبه.”
“لهذا أريدك بقربي دائمًا، يا رودسيل. أحبّك كثيرًا.”
فابتسم أخيرًا ابتسامةً خفيفةً، تعيدُ شيئًا من وجهه القديم.
“إذن، فلنقرأ معًا بجانب أمّي.”
“كما تشائين.”
كان كلامه قصيرًا، لكنّي شعرتُ أنّ الدفءَ بدأ يعود إلى قلبه شيئًا فشيئًا.
تعاقبنا أنا وسيهليوس على الجلوس بقربه والحديث معه.
كانت كلماته قليلة، لكنها تزداد صدقًا مع مرور الأيام.
لم نُخبر أحدًا بحقيقته.
قلنا فقط إنّه مريض، واحتفظنا به في نطاقنا الضيّق.
وبحلول اليوم الثالث، لم يُغَشَّ الطفل بعدُ، وإن بدا أكثر نحولًا.
وأخيرًا خرج إلى دراسته.
“سأذهب الآن.”
“حسنًا.”
“أمّي.”
“نعم؟”
“إن لم يكن لديكِ عمل، يمكنكِ البقاء أمام الغرفة حتى أنتهي.
وبعد ثلاث ساعاتٍ تقريبًا…… سنخرج في نزهةٍ معًا.”
“سأكون هناك، أعدك.”
ضمّ كتبه الصغيرة إلى صدره وقال:
“أعرف أنّ السبب ليس مجرّد نزهةٍ، أليس كذلك؟”
“نعم.”
وفي تلك اللحظة، دخل سيهليوس بعد أن أنهى أعماله.
“إذا رغبتَ بالمجيء، فتعال.
سأذهب الآن!”
خرج رودسيل على عجلٍ، خجلًا من نظراتنا.
“إلى أين؟”
“إلى نزهةٍ صغيرة بعد ثلاث ساعات.
هل يمكنك الحضور في ذلك الوقت؟”
“بالطبع. وهذه أيضًا، أحضرتها لكِ اليوم.”
ناولني أوراقًا بدا أنّها مألوفة.
“أوراق الطلاق…….”
“نعم.
قالوا إنّ الخادمة استلمتها عنكِ، لكن لم نعرف من كانت.”
“آه…….”
“لقد أحرقتُها. فلا تقلقي بعد الآن.”
“ألا يجب أن نكتبها مجددًا إذًا؟”
تغيّر وجهه فجأة، وارتسم عليه توترٌ حادّ.
“هل تُفكّرين في إعادة كتابتها؟”
“نعم!”
“……هذا مستحيل.
فمنذ أن سلّمتك إيّاها، عشتُ في قلقٍ لا يُطاق.
لا تفكّري في ذلك مرّةً أخرى.”
“حسنًا، حسنًا.”
ضحكتُ من جديّته، وقلتُ بهدوء:
“في الحقيقة، أنا أيضًا لا أريد الطلاق منك.
لنتعاهد ألّا نتحدث عن أمورٍ كهذه مجددًا.”
ابتسم بخفوتٍ وقال:
“أعددتُها لأبدو جديرًا بكِ،
لكنّني الآن أريد أن أُريكِ كم أنا قادرٌ على إسعادك.”
“إذن فقد أحسنت التفكير.”
اقتربتُ منه، ووقفتُ على أطراف أصابعي لأطبع قبلةً على وجنته.
“هذه مكافأةُ الإعجاب.”
“……ألا يمكنكِ مكافأة أماكنَ أخرى أيضًا؟”
“انتظر قليلًا.”
“سأختنق إن انتظرتُ طويلًا.”
ابتعدتُ بخطوةٍ صغيرة وأنا أبتسم.
“من يصبر، ينل حظّه.
فالليلُ العميق أجمل من السطحي.”
“يا لحظّي العظيم إذن.
سأنتظر حتى تكوني جاهزة.”
لكنّه لم ينتظر طويلًا.
اقترب بخطوةٍ أخرى، وضمّ شفتيه إلى شفتيّ دون تردّد.
تسلّلت أنفاسه الحارّة إلى صدري في لحظةٍ واحدة.
“هُف…….”
أحاط بعنقي بيده الكبيرة، يمنعني من التراجع.
ثم ترك لساني حين شعر بأنّه تجاوز الحدّ.
“هذا تحذير.”
“قسوتَ عليّ…….”
“بل أنتِ من قسوتِ عليّ.
أنظري إليّ، أُطلق التحذير كلّ يومٍ وأكتم ما في قلبي.
على الأقل، بهذه الطريقة أملأ فراغه بكِ.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 62"
هل هذا الفصل هو الفصل 62؟