تجمّدتْ ملامحُه فجأةً، وارتسمَتْ بين حاجبَيْه علاماتُ انقباضٍ غير متوقَّعة.
“أتُريدين ألّا يكون بيننا حتى مجرّد تلامس؟”
“نَعَمْ.
لا لمس، ولا تدخّل، ولا مراقبة من أيّ طرف.
كلٌّ منّا يعيش كما يشاء، بلا اكتراث بما يفعله الآخر.”
ولأني لم أُطِق ثِقَل نظراته، صرفتُ بصري إلى الطفل.
وفوق ذلك، لم يزُل عن نفسي القلقُ من أن يكون سبب اصطحاب الدوق لي أنّه اكتشف أمر هذه الرواية، ويُريد أن يتركني فريسةً لرودسيل كي يقتلني، فتعود الأحداث لمسارها الأول.
“للمرة الأولى في حياتي. اعتدتُ أن أفعل ما أشاء بلا تردّد، لكن هذه المرّة لا أريد ذلك.”
“أتفعل هذا لمجرد أن تلفت انتباهي؟ لتُظهر لي وجهًا جديدًا وتُبقيني هنا؟”
لِمَ تُصرّ على بقائي؟
صورته الآن تختلف عن ماضيه، حتى أنّه يُنكر مبادئه. وذلك ما زاد خوفي.
“نعم.”
“إذن افعل ما يُريحك.”
لو كان صادقًا في قوله، لأطاعني من البداية حين طلبتُ أن يترك الكاهن. لكنه الآن يقول عكس ما فعل آنذاك.
“كما كنتُ دائمًا.”
ومضيتُ تاركةً إيّاه خلفي، ودخلتُ القصر مع رودسيل. لم أعلم ما ملامح وجهه في تلك اللحظة، لكنّي كنتُ قد أنهيتُ كلامي.
“سيّدتي!!”
“هل أنتِ بخير؟ وجهُكِ شاحب جدًّا…”
“رجاءً، لا تُغادري القصر بعد الآن. ابقَي معنا هنا.”
كان الخدم يستقبلونني بوجوهٍ ممتقعة ودموعٍ تترقرق.
لم تكن علاقتنا تتجاوز سيّدة وخدمًا، لكنّهم أظهروا حفاوةً عجيبة. ولم يكن عندي طاقة لأفكّر في ذلك، إذ أطبق عليّ التعب.
‘ما كنتُ أتوقع عودتي. لقد كان فراري عبثًا.’
شعرتُ أنّي أضعت وقتي.
‘لا، على الأقلّ تيقّنتُ أن الإله لا وجود له.’
فلو كان موجودًا ورأف بي قليلًا، لَما تركني. لم أطلب سوى أن أختفي، أن أخرج من هذه الرواية بهدوء، أن لا يجدني أحد.
لكنه لم يُلبِّ أبسط ما توسلت له.
لا يوجد من يهتم لي في هذا العالم.
وبهذه القناعة، عدتُ إلى غرفة نيديا، وألقيتُ بجسدي على السرير.
صدق المثل: “من يخرج من داره يتعنى.”
‘يا لها من راحة.’
الفراش الوثير، والأغطية الناعمة، وثياب النوم الفاخرة من الحرير، والغرفة المهيّأة بأفضل درجة حرارة ورطوبة. كلّ شيءٍ مرفّه كامل.
وأنا التي اعتدت حياة البساطة، لم أملك إلا أن أشعر بسعادة خالصة.
‘إذًا، لا داعي للهرب مجددًا… والأجدر أن أبحث عن كْلُوي وميّا.’
وما إن جال هذا بخاطري، حتى تذكّرتُ ذلك الحلم.
‘ماذا كان ذلك الحلم؟’
لعلّه مجرّد وهم نسجته نفسي المحبطة.
تقلّبتُ قليلًا، وإذا برودسيل يقف متردّدًا عند سريري.
“أمّي، هل أستطيع أن أنام إلى جوارك؟”
“همم؟”
“أُريد أن أستلقي بقربك، لكنّي أخشى أن تغضبي.”
“ولمَ أغضب؟”
“لأنّ هذا ليس من طِباع والدي.”
“والدك؟ ماذا تعني؟”
أمعنتُ النظر في عينيه.
“أنتِ… لم تكوني تُحبّينني إلا عندما أتصرف كبالغ.
كنتِ دومًا تريدينني أن أُشبه أبي، وألا أتصرف كالأطفال.”
الغريب أنّه حين كنّا بعيدًا عن القصر، تصرّف كطفل، لكن بمجرد عودتنا بدا فاقد الثقة بنفسه.
“هل قلتُ هذا فعلًا؟”
“نعم. إذن… لا يجوز لي، أليس كذلك؟”
رأيتُ تردّده، فربّتُّ على السرير بجانبي.
“تعال.”
“هاه…؟”
“لنَنَمْ معًا. لقد عدتُ بعد زمن، ولا أريد أن أبقى وحدي. هل تملأ فراغ مكاني الليلة؟”
“حقًّا؟”
لم يُكمل الكلمة، حتى اندفع مسرعًا إلى جانبي.
‘أيّ تفكيرٍ كان يَحكم نيديا؟’
أن يكون “كأبيه”؟
مددتُ يدي على رأسه، محاوِلةً إبعاد هذه الفكرة، لكنّها ظلت تُلحّ عليّ.
وأخيرًا انكشف لي السبب.
‘لقد كانت نيديا… عاشقةً للدوق حتى الجنون.’
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 6"