ومجرد أن أنهت استسلامها، دخلتُ الغرفة بسرعة، فتجمّد وجه “كلوي” كتمثال.
“لم أتوقع أن تتذرعي بحجّة واهية كهذه.”
“سيّدتي…”
نظرتُ إلى فيليس، ثم نحو كلوي.
“علمتُ أنّكِ لن تأتي إن طلبتُكِ، لذا جئتُ بنفسي. كيف حالك، كلوي؟”
“ما سبب زيارتكِ لي؟”
نظرتُ إلى فيليس مرة أخرى.
“فيليس.”
“نعم.”
ما إن دخلنا، حتى أبدت “ميا” وجهاً متجهماً، تحدق بنا.
وبدت أكثر صحة الآن، وقد امتلأت وجنتاها، تحتضن دميتها وتختبئ خلف والدتها.
“هلّا أخذتِ ميا معكِ قليلًا؟ لديّ أمر مهم أودّ التحدث به.”
“تفضلي بالحديث هنا، ولماذا تريدين أخذ ابنتي؟”
“لا تقلقي.
لن أفعل لها أي سوء. الغريب أنّك، أنتِ ذاتك، التي حاولت بكل الطرق أن تجعلي ابنتك تلتقي بابني، ترفضين الآن أن تتركيها معي.”
“……”
“لا! لن أذهب!”
لم أرَ طفلة مزعجة كهذه من قبل. كانت هذه المرة الثالثة التي أراها وهي مستيقظة، وما زلتُ أجدها صعبة التأقلم.
“ميا. هل تتذكرين من أنقذك؟ على الأقل، إن كنتِ تعرفين معنى الامتنان، اخرجي مع فيليس.”
“لا أريد! لا أريد! أمّي، لا أريد!”
“دعينا نتحدث فقط، سيّدتي.”
“هل أنتِ متأكدة؟ كلوي؟ لن أخفي أي شيء عن الطفلة.”
“……”
لكن “كلوي” لم تُبدِ أي رغبة في إخفاء شيء. كان على وجهها فقط تعبير عن الانزعاج.
‘هل تعرف ميا كل أسرار أمّها؟’
يبدو أنّها تعرف بالفعل.
ولكن، سواء علمت ميا أنّ هذا العالم رواية وأنّ أمّها روح دخيلة فيه أم لا، لم يكن لذلك أي تأثير على أمري.
حتى لو كانت ميا بطلة الرواية، فالأحداث تغيّرت بالكامل، ولم تعد هذه الرواية كما كانت.
وأخيرًا، بعد أن تنفّست بعمق، ربّتت “كلوي” على كتف ابنتها وقالت:
“ميا، اخرجي قليلًا مع الخادمة.”
“لماذا!”
“قلتُ اخرجي. ألن تغضبيني؟”
“……”
كانت ميا في الماضي تخاف مني، وكانت تفرح عند سماعها أن ابني سيكون صديقها.
لكنّها الآن تظهر عداءً واضحًا تجاهي. يبدو أنّها لم تعد ترغب في الاقتراب منه.
وهذا في الحقيقة يُريحني، إذ لم أرغب أصلًا في لقاء ابني بها.
وأخيرًا، خرجت ميا مع فيليس بخطوات مترددة.
أغلقتُ الباب بنفسي، وأدرت القفل، ثم واجهتُها مباشرة.
“لماذا جئتِ؟ هل تريدين طردي؟”
“يا للمهانة. لو كنتُ مكانكِ، لكنتُ رحلت منذ زمن بعيد. لماذا تصرّين على البقاء هكذا؟”
“سواء بقيت أم رحلت، فهذا شأني وحدي، وليس لكِ شأن به. هل ستستخدمين سلطتك لتُسكتيني؟ إلى متى…”
“كفى.”
رفعتُ يدي، فتوقفت فجأة عن الكلام، كأن الهواء انقطع عنها.
“كفى؟”
“نعم. فليس هذا سبب مجيئي اليوم.
كلوي، جئت لسببٍ آخر.”
“سبب آخر؟”
“كيف عرفتِ أنني كنتُ مريضة بالمرض نفسه الذي أصاب رودسيل؟ لا أحد أخبرك بذلك.”
تجولتُ ببطء في الغرفة، لم يكن فيها شيء مميّز، والأغرب أنّها خالية من ألعاب الأطفال، كأن الطفلة لا تعيش هنا.
“هل يجب أن أجيب؟”
“لا ضرورة لذلك، لكن الأمر مريب. هل أخبرك أحد؟ بحثت ولم أجد من يتعامل معك أصلاً.”
لم أتوقع أن تجيبني.
ولو أجابت، لزاد ذلك الشكّ فيها.
لكنها التزمت الصمت، وكان هذا كافيًا لتأكيد ظني.
“إذن، لا جواب لديك. فكّري كما تشائين.”
“حسنًا. سأفعل.”
أومأتُ برأس هادئ، ثم التقيتُ عينيها من جديد.
“هل انتهيت؟ إذا كان الأمر كذلك، أرجوكِ اخرجي.”
“لا. لم أنته بعد. كلوي، لماذا تدّعين أنك قدّيسة؟”
“يبدو أنّ خادماتك أخبرنك بعدما عبثن برسائلي، أليس كذلك؟ كم أنت وضيعة لتفعلين هذا!”
“وضيعة؟ أنتِ من تخفين الرسائل منذ أن تصلك!”
“وضيعة؟! كيف تجرؤين!”
كانت “كلوي” شخصًا مضطربًا، امرأة متأثرة بسير الرواية، تتشبث بمصير محدد لها، على عكسي، فأنا أرتاح كلما تغيّر مسار الأحداث.
وهي، كلّما تغيّر، تغمرها الهواجس والقلق.
كان هذا ما خلصت إليه، لكن ما الذي سيحدث لو دفعتها أكثر؟
“إذًا، لا جواب لديك. لماذا تدّعين القداسة؟ تتوقين لأن تسير الرواية كما كُتبت، ومع ذلك تكذبين؟”
“كل ما فعلته كان لأجل أن تسير الأحداث كما ينبغي. ولست أتظاهر، أنا حقًا القديسة.”
“حقًا؟ وكيف وأنت بلا قدرة على الشفاء؟”
تجمّدت ملامحها عند ذكر الشفاء، ‘إذن هي فعلاً بلا قوة.’
لكنها ابتسمت بثقة متحدية.
“لو كنت مكانك، سيّدتي، وعرفت أحداث الرواية، لاستغليت هذه المعرفة لكسب ود الناس.”
“لهذا تدّعين القداسة؟”
“بالضبط. الفرق بين من يعرف كيف يستغل معرفته ومن يضيّعها. الطفلة الصغيرة لن تغيّر شيئًا.”
“احفظي لسانك.”
“ولماذا؟ تلك الطفلة لن تكون بطلة الرواية أبدًا. الرواية لا تتغير.”
“بل تقولين هذا لأنك تتمنين أن تبقى كما هي، لتظلي أنت وابنتك في مركزها. لكن بعد كل هذا التغيير، هل هذه هي الرواية نفسها؟ استفيقي يا كلوي، لقد انتهى أمرك.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 59"