ارتسم على محيّا الكونت تعبيرُ الاستحالة، كأنّه يهمس: هذا أمر يفوق قدرتي، بينما الدوق كان من النوع الذي يُنفّذ قراراته دون أي تردد.
اشتدت قبضته على السيف الموجه إلى عنق الكونت تدريجيًّا، وكأنّ الشفرة تجسّد إرادته الصلبة القاطعة.
“ا، انتظر… هل تحاول قتلي الآن؟!”
“لن يكون ذلك سيئًا. إذا قضيتُ عليك، فلن تواجه زوجتي أي إزعاج بعد اليوم.”
“نيديا، تعالي وحاولي منعه… هل بإمكانك؟”
رغم توسّل الكونت المؤثّر، أمسك الدوق بيدي نيديا بقوة، كأنّه يقول: لَن تُضيفي أي كلمة مهما حدث.
“كما ترى، أنا لا أمتلك أي قوة على الإطلاق.”
“نيديا!”
“لقد كرّر والدي دومًا أنّ المرأة يجب أن تطيع الرجل، وسأطيع أوامر زوجي كما أمرني.”
لم أرغب في نطق أي كلمة دفاعًا عنه. أمام هذا التصريح الصريح، اكتفى الكونت بابتسامة متوترة، غير قادرة على إخفاء إحراجه.
“أيها الدوق المحترم، مع ذلك… أليس أنا والد نيديا؟ إن أصابني مكروه، كم ستشعر ابنتي بالحزن…”
“حسنًا، حتى الأب يجب أن يكون مفيدًا في الحياة. لماذا نحتفظ بمن لا يفيد أكثر من المشردين؟ قتلك الآن ليس أمرًا سيئًا. آه، وبما أنّك أب يحب ابنه، يمكنني قتلك غضبًا ومنح تعويضات لابنك، حينها لن يُسجن الابن الذي تحبه.”
“ماذا…؟ ما هذا الكلام….”
“أنت تدّعي حب ابنتك، أليس كذلك؟ إذًا، أليس هذا مقبولًا؟”
تحول وجه الكونت إلى رمادي شاحب، كأن الدم قد توقف عن الجريان.
“مزاحك مبالغ فيه.”
“هذا ليس مزاحًا، بل حقيقة. هذه طبيعة عائلة الدوق، هؤلاء الذين يفتقرون للعقل يصبحون دوقات. وأنت حاولت السيطرة على عائلتي لمجرّد أنّك والد زوجتي.”
ربما أدرك الكونت جنون الدوق، فابتسم ابتسامة متوترة ومحرجة.
“هاها… سأحرص ألا يزعجني هذا مجددًا، لذا…”
“حقًا غبي… نسيت ما قلته!”
حينها فقط التفت الكونت إلى نيديا بعينين ملؤهما الأسف.
“آسف، نيديا… لأنني والدك، جعلتك تعانين كثيرًا. لَن أفعل ذلك مجددًا، ولن أتواصل معك بعد اليوم. لقد أرهقتك بطمعي غير الضروري.”
لم يكن لديه أي رغبة في الانتقام من نيديا.
بغضّ النظر عن حياتها السابقة، لم يشأ التدخل، حتى بعد أن أصبحت جزءًا من حياته. لم يرغب في أن تكون ماضياتها ذريعة لما فعلته نيديا بابنه طوال الوقت.
لم يرغب في إشعال الدراما، فتجاهل الأمر، لكن الدوق حل كل شيء نيابة عنه، مما جعل قلبه يخفق بشدة.
“إذًا، أيها الدوق المحترم…”
أمسكت بيده بكل قوتي.
“يمكنك التوقف.”
“هل هذا يكفيك؟”
“كلا.”
“إذًا…”
“لكنني لا أرغب في استنزاف طاقتي هنا أكثر. انتهت مهمتي، وكل ما أريد الآن هو العودة إلى عائلتي.”
حينها رفع الدوق سيفه عنّي.
“إذا كان هذا ما ترغبين فيه، زوجتي.”
استطاع الكونت زيغمنت، الذي كاد أن يكتم أنفاسه خوفًا من الأذى، أن يتنفس أخيرًا بارتياح.
لم ينطق بأي كلمة أخرى، واكتفى بالنظر إلينا بوجه غاضب، مليء بالاستياء.
“ما تلك النظرة؟ هل هي استياء، أيها الكونت؟”
“آه، لا… لنعد إذًا. نيديا، اذهبي بسلام.”
صدر عن الكونت صوت لطيف لم أسمعه من قبل، ولوّح بيده مودعًا، وهكذا خرجنا أنا والدوق من الغرفة.
في طريقنا إلى العربة، بقي الدوق صامتًا وهو يمسك يدي، صمت يفيض بالأمان والطمأنينة.
حتى وصلنا إلى العربة وأُغلقت الأبواب، وانطلقت.
كنت أنا من بدأت الحديث أولًا.
“أنت…”
كان شعورًا غريبًا يمزج الخجل بالارتياح. كان يجب أن أقول: لماذا جئت؟ يمكنني إدارة الأمر بمفردي.
لكن عند ظهور الدوق شعرت وكأنّي أرى فارسًا على حصان أبيض، وقلبي يخفق بشدة. لم يكن خوفًا من الكونت، بل إحساسًا بالحرج، لكنه لم يكن سلبيًا.
“لم… جئت؟”
“فكرت متأخرًا، لم أرد أن تواجهينه وحدك.
هل ارتكبت خطأً بقدومي؟”
“…لقد انكشف أمري.”
“انكشف؟ هل كان هناك شيء؟”
“لكنني لم أشعر بالسوء، شعرت بالسعادة لقدومك.”
كانت هذه أول كلمات إيجابية أخرجتها منذ زمن طويل. استغرب الدوق طبيعيًا، لكن ابتسامة رقيقة ارتسمت على وجهه.
“هل تقولين ذلك بصدق؟”
“نعم، رغم كل شيء، شعرت بالارتياح لوجودك بجانبي.”
اتكأ على النافذة، ونظر إلى الخارج، كأنه يراقب العالم بعين مطمئنة.
“غريب… عادةً كنت ترفضين أي شيء… واليوم تشكرينني.”
“لا، ليس غريبًا… لأنك كنت بجانبي، فأنا سعيدة.”
سادت لحظة صمت هادئة، يوم مناسب لتبادل المشاعر الصادقة.
“أما بخصوص أخي، لم أكن أعلم.”
“هذا طبيعي، فقد رفضت كل الرسائل منذ عودتك.”
“كنت تعرف…”
“نعم، كانت الأخبار متداولة في الإمبراطورية، لم يكن عليّ البحث.”
فهمت أنّه فعل ذلك من أجلي، من أجل حمايتي.
“نيديا.”
“نعم.”
“سواء أحببت أم لا، لن أتركهم يفلتون من العقاب.”
“…لماذا؟”
“هل تريدين حماية أولئك الذين لا يشبهون العائلة؟”
تظاهرنا بعدم الاهتمام، لكن عيناه الباردة كشفت عن جدّيته.
كان يطلب إذني، لكن الأمر في الحقيقة كان إعلانًا، ومع ذلك سأل عن رأيي، كأنه سيحترم رفضي.
ثم عبّر عن مشاعره بصراحة:
“إذا رغبتِ، سأصبر. لكن لا أريد أن أصبر بلا سبب. وأريد إذنك لأنتقم لمن أساء إليك.”
“أنت كنت السبب في أكبر شقاء لي.”
“ولهذا أعاقب نفسي يوميًا، كل يوم أشعر بالندم.”
عادةً لم تعجبني كلماته، لكن اليوم، شعرت بحرارة قلبه تلمس قلبي.
“هل لم تفهمي؟”
“كلامي هو قوتي، وأنت أحببت هذا الجانب مني.”
“وهذا ليس كل شيء… أحببت كل شيء فيك.”
سادت لحظة صمت، ثم أومأ برأسه ببطء، كمن يثبّت قراره.
“إذًا، الجواب… هل تريدين ألا تنتقمي؟”
“يمكنك الانتقام… بل، يجب عليك.”
“حسنًا.”
لم أفكر يومًا في الانتقام، لكنه سيقوم به من أجلي، وكان شعورًا رائعًا ومطمئنًا.
“سآخذ كل ما حصلت عليه بفضلك، وسيأتون إليك يشكون.
ليرتاح قلبك.”
“رائع.”
وصلت العربة إلى منزل الدوق، وأمسكت بيده بعد طول انتظار، ليس بدافع الرسمية، بل تناغم القلوب والنية الصافية.
كانت حالة الطفل رودسيل كما هي، ولم نجد حلًا، ومع ذلك شعرت بسعادة غريبة، شعور متغير بداخلي، ربما بسبب التعب ورغبتي في الاستناد، لكن هذه اللحظة كانت ممتعة ومليئة بالراحة.
—
مرت يوم أو يومان منذ أن سمحت لكلوي بقضاء وقت خاص مع رودسيل بمفردهما، وقد مضت ثلاثة أيام كاملة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 49"