“أليست الحقيقة كما أقول؟ يا فيليس، حتى أنتِ تعلمينَ أنّ مكان الدوقةِ لن يدوم طويلًا.”
“كفى يا كلوي! سيدتي تُحسن إليكِ بكلّ ما تستطيع، فكيف تردّينَ هذا الإحسانَ بالوقاحة؟”
لم تَعد فيليس قادرةً على الصبر، فانفجرت بالكلام.
“أتحسن إليَّ؟ كلّ ما تفعله نفاقٌ متقن، فهل عليَّ أن أشكرها عليه؟ تلك الطيبة ليست إلا قناعًا.”
“وما أدراكِ أنتِ؟ ماذا تعرفين عنها لتتكلّمي بهذا الشكل؟”
“أعرفُ أكثرَ ممّا تظنّين. انظري، حتى أنتِ لم تُنكري كلامي. لم تُجادلي في أنّ وضعَها سيّئ. إذًا، ألم تصدقي ما أقول؟ هه، يا للمسخرة!”
“أنتِ لا تعرفينَ ما يجري بين سيدتي وسيدي، ولا ما يُقال، ومع ذلك تملئينَ فمكِ بهذه الكلمات السخيفة! في نظري، أنتِ من تبدينَ تافهةً ومتعجرفةً، يا كلوي.”
“ولِمَ لا؟ أستطيعُ أن أكون كذلك.”
“حتى لو استطعتِ، فهذا ليس وقتَه. الناسُ سيظنّون بكِ الظنون. تتصرّفين وكأنّكِ صاحبةُ المكان، لكنّكِ في النهاية مربّيةٌ لا أكثر، وظيفةُ يمكن أن تُسحبَ منكِ في أيّ لحظة.”
لكن كلوي اكتفت بالضحك في وجهها، ضحكةً متعجرفةً باردةً، وكأنّ كلامَ فيليس لم يكن له وزن.
“أتسخرين؟”
“أفأبكي بدلًا من ذلك؟”
“……كلوي، أحيانًا أراكِ تتصرّفين كأنّكِ دوقةٌ فعلًا. ما بكِ؟ أترينَ نفسكِ أعلى منّي؟ أتظنينَ أنّني لا أبلغُ مستواكِ، ولهذا تُظهرين هذا الوجهَ أمامي؟”
في تلك اللحظة، أدركتُ بوضوحٍ ما كانت فيليس تعنيه. كانت كلوي تُعاملني بطريقةٍ مختلفةٍ تمامًا عن الآخرين. صحيحٌ أنّ فيليس أزعجتها، لكنّ ردَّها كان مفرطًا ومهينًا.
إن لم تكن تحتقرُ فيليس ولا تحتقرني، لما كانت لتتجرّأ على مثل هذا السلوك في حضرة خادمتي الأقرب إليّ.
هنالك مواقفُ يجوزُ فيها الاغتياب، ومواقفُ يُعدّ فيها ذلك طيشًا مهينًا، وكلوي كانت تتجاهلُ كلَّ ذلك كأنّها فوقه.
“أراكِ مرتبكة.”
“كنتُ دائمًا أتساءل يا كلوي، لِمَ تتصرّفين وكأنّكِ صاحبةُ القصر؟ في النهاية، أنتِ مربّيةٌ تتقاضينَ أجرًا، لا أكثر.”
“مكانتُنا مختلفة.”
“لكنّكِ تبقينَ مطلّقةً في النهاية.”
في تلك اللحظة، خمدَ ضحكُ كلوي فجأة، وساد صمتٌ ثقيلٌ كالغيم الداكن. تردّدتُ في الدخول، ثمّ مددتُ يدي إلى مقبض الباب.
“يا خادمةَ الدوقةِ العظيمة، التي ستصبحُ لا شيء بعد موت سيدتها، تذكّري هذا، ستندمينَ يومًا ما.”
التعليقات لهذا الفصل " 36"