“إنّه الفارس الذي جاءت به السيّدة معها عند زواجها. كان يُدعى فيسريو.
لطالما قالت السيّدة إنّه شخص استثنائي لا يشبه أحدًا، وهو الوحيد الذي يمكن أن تُسند إليه ظهرها باطمئنان. لهذا السبب، لم يعده أحد مجرّد فارس، بل عاملَه الجميع كأحد أفراد العائلة وكضيف له مكانة خاصة.”
“إذن…… كان الأمر كذلك؟”
“نعم. ولهذا حين كان يُطلَب مِن الجميع أن يتركوا المكان للسيّدة مع فيسريو، لم يكن أحد يعترض أو يُبدي دهشة. لقد كانا يُشبهان الأخ وأخته حقًّا.”
“لكنّه رجل في نهاية الأمر……
هو ليس أخًا صريحًا بل ابنًا بالتبنّي، ومع ذلك كان كل العاملين في قصر الدوقية على علم بالحقيقة، أليس كذلك؟”
أليس الأغرب أن يخلوا لهما المكان بهذه السهولة؟ فلو حدث ذلك لكان من الطبيعي أن يثير الشكوك حول نيديا.
“بالنسبة للسيّدة، الرجل الوحيد في حياتها هو الدوق فقط.”
“آه.”
أمام حزم فيليس، انعقد لساني عن الكلام.
“……إذن الجميع تغاضوا عن ذلك.”
“أجل. غير أنّ السيّد فيسريو بدا وكأنّ مشاعره لم تكن مشاعر أخوية عاديّة.”
“مشاعر مختلفة؟”
“على أيّ حال.”
كنتُ على وشك الاسترسال بالسؤال لكنّي عدلتُ عن ذلك.
في الحقيقة، حتى أنا لم أرَ في تصرفاته مجرّد علاقة أخوية. وإن كان بليد الإحساس، فإنّ نظراته وأفعاله كانت حبًّا صريحًا.
‘إن كانا نشآ كالأشقاء، فلماذا إذن؟ لا أستطيع استيعاب ذلك.’
ومهما يكن، فقد كان أمرًا يمكن التغاضي عنه.
بل إنّ سلوكه كان يحمل علامات غريبة.
“ولماذا لم يظهر طوال الفترة الماضية؟ لقد مرّ وقت طويل منذ عدتُ.”
“بعد رحيل السيّدة، عاد إلى قصر عائلته.
ويُقال إنّه خرج يبحث عن السيّدة هناك.”
“إذن عودته الآن فقط؟”
“نعم. وهذا ما يبدو غير طبيعي.
كنّا نظن أنّه سيهرع إلى هنا فور سماعه بخبر عودة السيّدة…….”
أمالت فيليس رأسها متفكّرة، ثمّ أومأت.
“هممم.”
“لكنّ ما لم يخطر لنا أبدًا هو أن السيّدة فقدت كل ذكرياتها عنه.”
“لا تبدين مذهولة كثيرًا.”
“بل كنتُ أستغرب من هدوئك المبالغ فيه.”
“ماذا تعنين؟”
تردّدت طويلًا ثمّ فتحت شفتيها بتردّد، كأنّها تتساءل إن كان مسموحًا لها بالحديث. وأخيرًا قرّرت الكلام.
“في الحقيقة، لقد سقطتِ فجأة وفقدتِ وعيك.”
“أنا؟”
“نعم. وبما أنّكِ كنتِ معروفة بقوة صحتك، لم يتوقع أحد ذلك.”
ارتجفت فيليس وهي تسترجع الموقف.
“اعتقد الجميع أنّك على وشك الموت.
لقد اسودّ وجهك كما لو كنتِ قد ابتلعتِ سمًّا…… لم نتخيل رعبًا كهذا. لحسن الحظ أنّ السيد الصغير لم يشهد ذلك، لكن سيّدنا كاد يُجنّ مما رأى.”
“حدث أمر كهذا فعلًا؟”
“نعم.”
كان الأمر غير متوقّع تمامًا، حتى إنني لم أستطع صياغة ردٍّ فوري.
“الأطباء لم يعرفوا السّبب. بعضهم ذهب إلى أنّكِ قد تفارقين الحياة.”
“لم أعلم شيئًا عن ذلك.”
“وحين استيقظتِ، اتفق الجميع على كتمان السرّ.
بدا أنّكِ لا تتذكرين شيئًا، فقرّر أفراد العائلة منذ ذلك الحين أن يعاملوكِ بلطف أكبر.”
“آه.”
تذكّرتُ فجأةً الخادم الواقف أمام غرفة الدوق، الذي كان يتصرف بارتباك كلما رأى نيديا.
وغيرُه كثيرون من خدم القصر. كنت أظنّ أنّهم تغيّروا بعد عودتي، لكن الحقيقة كانت غير ذلك.
غمرني شعور بالأسى. كم كنتُ سخيفة إذ كرهتُهم بلا سبب، فقط لأنّهم لم يعودوا كما عهدتهم.
أردفت فيليس:
“ولحسن الحظ، بعد يوم واحد فقط، استيقظتِ. ومنذ ذلك الحين، تصرّفتِ وكأنّ شيئًا لم يحدث، فلم يجرؤ أحد على التكلّم في الأمر. وبعدها مباشرةً أعلنتِ الطلاق، وكأنّكِ صرتِ امرأة أخرى…….”
ثمّ حدّقت بي.
“ثمّ غادرتِ القصر. أليس كذلك؟”
“هكذا…… أظنّ؟”
كنت أظنّ أنّني حَللتُ في هذا الجسد فجأة، لكن تبيّن أنّ الأمر مختلف.
في الرواية لم يذكر أنّ نيديا واجهت خطر الموت قبل يد رودسيل.
ومع ذلك ها هي قد واجهت موتًا ونجت.
ثمّ جئت أنا بعدها.
‘لماذا اختلفت الأحداث عن الرواية؟’
هل كانت التفاصيل موجودة أصلًا لكن لم تُذكر لأن نيديا لم تكن البطلة؟
‘وما الفرق إن عرفت السبب؟’
خمدت أفكاري سريعًا.
ربما لم يكن الأمر سوى وسيلة لدخولي إلى جسدها. وحين نظرت إليه من هذه الزاوية، انطفأ فضولي.
“قد يكون ذلك سبب موافقة السيّد على الطلاق.”
“آه. ربّما.”
فهمت الآن دوافعه الحقيقية.
كنت أظنّه قد ملّ من حب نيديا المبالغ فيه، لكن يبدو أنّه لم يكن الأمر كذلك.
ربما كان يهتم بها أكثر مما توقعت.
“ومع ذلك ظلّ شديد القلق عليكِ…… حتى أنّه أهمل أعماله خشية أن يُصيبك مكروه بعد رحيلك.”
“أيّ ناظر مِن الخارج كان سيظنّه عاشقًا متيّمًا.”
قلت ذلك ساخرًا، لكن داخلي تململ شعور مبهم.
لم يكن هذا يعني أنّي أحببته فجأة، لكن تأكّدت أنّه كان يُفكّر في نيديا بصدق.
“هل زال صداعك؟”
توقّفت لحظة.
قبل قليل كان رأسي يوشك على الانفجار، لكن الآن صار خفيفًا على غير المتوقّع.
“يبدو أنّه اختفى.”
“الحمد لله. لأنّه لو علم سيّدنا بمرضك، لأقام الدنيا وأقعدها، وستتعبين أنتِ.”
“فلا تذكري له أمر الصداع.”
“حسنًا. لكن رجاءً أخبريني فور ظهور أي عارض آخر.”
أومأتُ وأنا أحوّل نظري نحو النافذة.
‘فيسريو…….’
ربما كان هو سبب أوجاعي. ومع ذلك، لم أرغب بالتفكير فيه. أردت فقط تجنّبه.
خفضت بصري نحو جسدي.
‘كنتُ مريضة إذًا.’
ثمّ هززتُ رأسي.
ما دمت بخير الآن فهذا يكفيني. الماضي لا فائدة منه.
“أمّاه!”
وبينما أنا غارقة في أفكاري، اندفع رودسيل إلى الغرفة بعد أن أنهى دروسه.
“أنهيتَ دروسك؟”
“نعم! هيا بنا يا أمّي.”
“إلى الغرفة؟”
“لنأخذ كتبنا ونذهب إلى البركة!”
“البركة؟”
“نعم!”
كانت هناك بركة في قصر الدوقية.
ليست واسعة كالبحيرة، لكنّها أكبر مِن أن تُعدّ مجرّد بركة. كانت مياهها صافية ونقيّة، مصدرها الجبل خلف القصر.
لكن، هل أخبرتُ رودسيل عنها سابقًا؟
حين وصلنا إلى الغرفة وأخذنا الكتب وبعض الوسائل، اتجهنا نحو البركة.
لكنّ الأمر بدا غريبًا.
نيديا لم تكن تسمح لأحد بذكرها بحجة أنّها خطرة، فكيف عرف بها رودسيل؟
“رودسيل.”
“نعم!”
ابتسم وهو يحتضن كتبه بحماسة.
“كيف عرفتَ بوجود البركة؟ هل كنت تعلم عنها من قبل؟”
“لا.”
“إذن مَن أخبرك؟”
أشار بيده إلى الخلف.
وهناك التقت عيناي بوجوه الوصيفات المتجهمة، التي ازدادت سوءًا منذ سمعن اسم البركة.
وفي نهاية الإشارة…… كانت تقف كلوي.
“كلوي. هل أنتِ من أخبره؟”
“آه. في الحقيقة…….”
رمقتها فيليس بنظرة صارمة حادّة.
فهي بطبعها لم تكن لتكشف عن أمر البركة أبدًا، خاصة وأنّها أكثر مكان كنتُ متحفظة بشأنه.
“ألَمْ تسمعي النهي مِن قبل؟”
“عن ماذا؟”
“عن البركة.”
أخذت كلوي تزيح عينيها مضطربة ثمّ أمالت رأسها بتردّد.
لم تُجب إجابة صريحة.
“كان الدوق الصغير يقرأ كتابًا وذكر البركة، فظننت أنّه يعرف، فأخبرته لا غير.”
ارتسم الغضب على وجه فيليس حتى بدت كأنّها ستطردها من المكان.
وذلك وحده جعل كلوي أكثر ريبة في عيني.
‘هل كانت تعرف أنّني لا أريد أن يعلم رودسيل بوجودها، ومع ذلك تعمّدت إخباره؟’
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات