كما كان شعره الأسود المائل للأزرق مُسرَّحًا للخلف بطريقة مرتبة تُبرز جبينَه الوسيم.
كان مظهرًا نادرًا، إذ لم يكن يُسرِّح شعره للخلف عادةً.
لطالما كان وسيمًا، لكن مظهره وهو مرتدٍ ملابسَ الحفلات كان آسرًا ، يصعبُ صرفُ النظر عنه.
عندما رأته تيريز، شعرت بالفرح لكنها تكلَّمت بصوتٍ باردٍ متصنع.
“هل أتيتَ؟”
“أجل.”
أجاب دنيس بغمغمة.
“اشربي.”
كان لا يزال يُقرِّب الكوبَ من شفتيها.
نظرت تيريز إلى الكوب ثم أمسكته بيديها.
كان العصير المصنوع من برتقالٍ طازجٍ حلوًا وباردًا.
عندما انتشر عصير الفاكهة المنعش في فمها، شعرَت وكأن طاقتها تعود إلى جسدها المُنهَك.
“شكرًا لك.”
قالت تيريز مترددة.
“حسنًا.”
أخذ دينيس الكوب الفارغ منها وسلمه إلى خادمةٍ لتنظيفه.
” لماذا لم تأكلي؟”
سأل دينيس مرة أخرى.
“… لا شهيةَ لدي.”
“ولِمَ؟”
“…”
لم تُجِب تيريز.
هل عليها أن تقول؟
بدا أنه لا يعرف حقًّا.
في حفل زفافهما، وفي حفلة عيد ميلاد دينيس السنوية، وفي حفل رأس السنة، وفي مناسبات كاحتفال الحصاد.
كانت لا تضع شيئًا في فمها منذ الصباح.
ما الفائدة من إخباره بأنها لا تستطيع الأكل بسبب التوتر كلما اضطرت للظهور أمام الناس؟
فهو لا يريد حتى معرفة ذلك على الأرجح.
تذكَّرت تيريز ذكرى لم ترد تذكرها.
ربما كان أول حفلٍ تحضره مع دينيس بعد زواجهما.
بسبب ضغط وثقل كونها أول مناسبة تقيمها كأميرة، لم تكن قد أكلت جيدًا منذ اليوم السابق.
كما أن اضطراب نومها منذ أيام جعل حالتها الجسدية ليست جيدة.
استيقظت بعد نومٍ خفيفٍ متقطع، وحاولت تناول بضع قطع فاكهة كفطور، لكنها أُصيبت بعسر هضمٍ شديد.
لا تتذكر حتى كيف أنهت الحفل في تلك الحالة.
بعد انتهاء الحفل و عودتها إلى غرفتها، أمضت اليوم بأكمله تتقيأ.
حتى عندما تناولت حساءً خفيفًا، استمرت في التقيؤ، حتى لم يَخرُج في النهاية سوى عصارة المعدة الصافية.
أين كان هو وماذا كان يفعل بينما كانت هي مريضةً بهذا الشكل؟
كما هي العادة، لم يبحث عنها دينيس.
ومع ذلك، ربما أخبره خدمه عن حالها.
أحقًّا لم يعرف؟
أسمعَ ثم تظاهر بعدم المعرفة؟ أم لم يرد أن يعرف؟
عندما كانت تحاول استعادة قواها بصعوبة، جاء إليها في منتصف الليل.
مثل لصٍّ تسلَّل إلى غرفة نومها تحت جنح الظلام، لم يسألها عن أي شيء، لم يلاحظ حتى أنها فقدت وزنها خلال الأيام الماضية.
لم يقل أي شيء.
فور رؤيته لها، انهمر بقبلاته على شفتيها الجافتين المتقشرتين بسبب عدم تناول الطعام بشكل صحيح.
ثم احتواها بين ذراعيه حتى الفجر.
بعد ذلك، عانت من وعكة صحية شديدة لأكثر من أسبوع.
هل تريد حقًّا أن تعرف كل هذه التفاصيل أيضًا؟
عندما تذكَّرت ذلك فجأة، قطبَت تيريز حاجبيها.
فكل ما يحتاجه هو دواء سريع وسهل لحلّ مشكلة الأرق.
على الرغم من علمها أنها تُعامَل بهذه الطريقة.
هل أنت تريدني؟
أم أنك تريد جسدي فقط؟
“حسنًا. لا بأس،إذاً.”
كأنه قَبِل صمتها كإجابة، لم يسأل دينيس مرة أخرى.
ولم يحثَّها حتى على تناول الطعام بشكل صحيح.
ثم لم يقل شيئًا آخر.
نظرت تيريز إلى دنيس الجالس على الأريكة خلفها عبر المرآة.
بدت هالاتٌ سوداء تحت عينيه، ربما لأنه أيضًا لم ينم جيدًا الليلة الماضية.
“لقد أحضرتُ شريطي الزينة باللونين الأحمر والفضي، سمو الأميرة.”
عندما عادت الوصيفة ورأت دينيس وانحنت له، أومأ بيده وكأنه يقول “لا داعي”، ثم نهض من الأريكة.
“سأغادر الآن، اعتَنين بها جيدًا.”
“حسنًا، سمو الأمير.”
عندما انحنت الوصيفات للتحية، أومأ دينيس برأسه مرة واحدة، ثم غادر غرفتها بخطوات سريعة.
“يبدو أن سمو الأمير كان يعلم أن سمو الأميرة لم تتناول الطعام.”
قالت الوصيفة التي كانت تضع أحمر الخدود بجانب تيريز ذلك.
“مستحيل سموه وأنا نتناول الطعام بشكل منفصل كيف عرف؟”
“ولكن…”
ترددت الوصيفة.
فأجابت وصيفة أخرى:
“ربما سأل السيد دانيال”
كان دانيال (رئيس الخدم) مشغولًا بمهام أخرى وغائبًا عن جانبها مؤقتًا، لذا لم يكن بالإمكان سؤاله مباشرة.
“هذا ممكن!”
أيدت الوصيفات بعضهن البعض الرأي بأن ذلك قد يكون صحيحًا.
وضعت إحدى الوصيفات النقطة الفاصلة.
“لولا ذلك، فلماذا كان سيأتي إلى جناح سمو الأميرة حاملًا العصير؟”
حدَّقت تيريز في المرآة بلا حراك.
كانت هناك امرأة ذات تعبير متصلب في المرآة.
استمرت عينا تيريز في التوجه إلى المكان الذي كان جالسًا فيه.
لو كان بإمكانها قراءة ما بداخله، ولو لمرة واحدة.
لو أمكن ذلك، لكان ذلك رائعًا حقًّا.
“الثوب جميل جدًّا عليكِ، سمو الأميرة.”
“شكرًا لكن.”
بعد الانتهاء من الزينة.
كانت الوصيفات ينظرن إليها بتعبيرٍ مُرْضٍ.
بناءً على طلبها بإبراز النضارة، وبفضل المكياج، بدا وجهها أفضل من المعتاد.
على الرغم من أنها في الحقيقة لم تنم أكثر من المعتاد.
فحصت تيريز وجهها في المرآة عدة مرات بدقة.
لا يجب أن يظهر عليها ولو قدر ضئيل من التعب.
بما أن ماركيز إنجيلغر قد عاد من منطقة الحدود، كان عليها أن تظهر بشكل مثالي.
ماركيز إنجيلغر.
لقد عاد، لذا يجب أن أكون حازمة.
أُقيم حفل منح الألقاب في قاعة القمر، ثاني أكبر قاعة احتفالات في القصر الرئيسي، قصر بيليو.
حيث كانت أكبر قاعة احتفالات، قاعة الشمس، تُستخدم فقط للمناسبات الكبرى كحفلات التتويج أو انتصارات الملوك عبر الأجيال، لذا كان هذا الحفل عمليًا في أكبر القاعات.
أدركت تيريز أن دينيس، الذي تلقى مساعدة فانسان أثناء إغاثة ضحايا الفيضانات، قد بذل جهدًا كبيرًا في حفل منح الألقاب هذا.
الجو الحار، والشموع المضيئة للزينة، والحشد من الناس.
بسبب التوتر، شعرت تيريز وكأن وعيها يغيب تدريجيًّا.
التعليقات لهذا الفصل " 14"