94
كانت عملية ذهابي إلى المعبد أكثر سلاسةً مما كان متوقعًا، ولكن عملية الدخول لم تكن كذلك.
قيل إن عدد الأشخاص في المعبد قد زاد، وعلى عكس ما سبق، كان هناك كاهنٌ يحرس البوابة حتى في الصباح الباكر.
راجعت ملابسي واقتربت منه.
“ما الذي أتى بكِ إلى هنا في هذا الصباح الباكر ، أيتها المؤمنة؟”
سعدت برؤية الكاهن يرحب بي بأدب، لكنني حاولت إخفاء ذلك وتحدثت بهدوء.
“ظروفي صعبة وأحتاج إلى مكانٍ للإقامة. هل من الممكن بالنسبة لي أن أبقى ليلةً في المعبد؟”
ابتسم الكاهن الشاب ببراعة وقال دون أن يخفي فرحته.
“بالتأكيد.”
بعد الإجابة بهذه الطريقة، لم يبتعد عن الطريق، بل مدّ يده كما لو كان يتباهى.
لقد رمشت، وتساءلت عن نوع هذا الموقف، لكنه عبس قليلاً وسأل بصراحة.
“هل تخططين حقًا للبقاء في مكان يُعبد فيه الحاكم دون دفع الثمن؟”
“…….”
عندما لم أقل شيئًا، عبس الكاهن.
“هاه.”
هذه المرة، شعرت بالسوء عندما أطلق تنهيدةً كما لو كان مندهشًا.
“سمعت أن المعبد مفتوحٌ لأي شخص. لا يهم إذا كان يمتلك المال أم لا.”
“همم.”
هل لأن كلامي صحيحٌ حتى لو لم يكن مرغوبًا فيه؟
قال وهو يستدير مع تعبيرٍ مستاء.
“للأسف، لم تعد هناك غرفٌ شاغرة. إذا كنتِ مصرة سأرشدكِ إلى غرفة الصلاة.”
“رائع.”
لم يعطني الكاهن إجابةً واحدة، بل أدار ظهره لي ببرود وقادني إلى غرفة الصلاة.
“سيأتي المؤمنون بعد الفجر، عليكِ الرحيل قبل ذلك الوقت.”
“لقد أردت بالفعل القيام بذلك. شكرًا لك.”
ولم تكن هناك إجابة.
كما لو أن إجابتي لم تكن مهمة، كان الكاهن يسير بالفعل عبر الردهة.
وكانت خطواته خشنةً جدًا، وكأنه غاضب لأنه لم يستلم المال.
‘آغه.’
هل كان المعبد مكانًا يتم أخذ المال فيه بهذا الشكل؟
من الواضح أن التبرعات كبيرةٌ جدًا، لذا فإن تشغيل المعبد لن يكون صعبًا.
عندما تذكرت أنه مدّ يده كما لو كان ذلك طبيعيًا، عقدت حاجبي تلقائيًا.
كانت غرفة الصلاة أصغر بكثير من تلك التي آتي إليها عادةً، لذلك لم يكن هناك حتى تمثال حجري للحاكم الذي كنت أراه دائمًا.
لقد كان مكانًا هادئًا حقًا للصلاة، لكن هذا وحده سيكون كافيًا.
وضعت يدي معًا وأغلقت عينيّ.
أتمنى أن أحصل على إجابة.
✲ ✲ ✲
فتحت عينيّ المغمضتين بينما كان نسيمٌ خفيفٌ يدغدغ خدي.
كانت الأضواء البيضاء الصغيرة مثل الزهور تطفو في الهواء، وكانت الرياح تهب بلطف، كما لو كنت منغمسةً في ذكرى سابقة.
بعد المشي لمسافةٍ قصيرة عبر العشب ذي اللون الأخضر الفاتح، رأيت شجرةً ضخمة مهيبة.
تشبه الشجرة الطويلة شخصيةً وُجدت لحماية البشر.
تُزهر الشجرة باللون الأخضر طوال العام، وتتألق أوراقها باللون الأبيض وتفيض القوة المقدسة دومًا.
أشعر براحةٍ شديدة لدرجة أنه بمجرد الاقتراب منها، أشعر وكأنني عدت إلى مسقط رأسي، وابتسمت بهدوء.
الصوت الذي تدفق في الهواء همس بهدوء كما لو كان يحكي سرًا ثم اختفى.
نظرت حولي في دهشة، ولكن لم يكن هناك شيءٌ هنا باستثناء شجرة العالم.
قبل أن أتمكن من السؤال من هو، أحاطت بي كرات الضوء العائمة.
كانت كرات الضوء التي بدت وكأنها تحميني مبهرةً للغاية لدرجة أنني أغمضت عينيّ، وعندما فتحتها مرة أخرى، ما رأيته كان غرفة صلاة صغيرة.
‘ماذا كان ذلك؟’
كان واضحًا جدًا بحيث لا يمكن وصفه بالحلم.
ربما كان الحاكم يحاول حقًا أن يريني شيئًا ما.
أمسكت بالحقيبة الصغيرة التي أحضرتها معي وصفيت ذهني.
أدركت أن القوة المقدسة التي تحتوي على إرادة الحاكم قادتني بوضوحٍ إلى هنا لنقل هذه الكلمات.
الحاكم يريد مني زيارة شجرة العالم.
‘أين شجرة العالم؟’
تعمل شجرة العالم كخط دفاعٍ على الحدود بين عالم الشياطين وعالم البشر لمنع غزو الشياطين والوحوش.
ولأنها كانت بعيدةً عن العاصمة، فقد استغرق الوصول إلى هناك حوالي أسبوعين.
‘من المحتمل أن تكون الرحلة طويلة.’
بما أن شجرة العالم تقع بالقرب من المعبد المركزي، ألن تكون فكرةً جيدة أن أطلب المساعدة من المعبد؟
وبينما كنت أفكر في ذلك، نهضت من مقعدي.
هذا لأنني قررت أنه سيكون من الجيد الكشف عن أنني ديزي ليڤيان وطلب المساعدة من المعبد بشكلٍ جدي.
لا أعرف ما يريده الحاكم بالضبط ، ولكن إذا ذهبت إلى شجرة العالم، فسوف أحصل بالتأكيد على إجابة حلمي.
سيبزغ الفجر قريبًا، لذا عليّ أن أقابل رئيس الكهنة قبل أن يصبح هذا المكان مزدحمًا.
‘إلى أين يجب أن أذهب؟’
وبينما كنت على وشك مغادرة غرفة الصلاة، رأيت بابًا بسيطًا على يمين الرصيف.
أعتقد أنني سمعت أنه إذا ذهبت إلى هناك، ستجد غرفةً يقيم فيها الكهنة.
بخلاف ذلك، كان عليّ أن أخرج مرة أخرى وأجد غرفة صلاةٍ فاخرة، لذلك فتحت الباب بعناية.
وكأن توقعي كان صحيحًا، ظهر ممرٌ يؤدي إلى الداخل، فابتسمت ابتسامةً مشرقة وبدأت في المشي ببطء.
‘هذه هي المرة الأولى التي أذهب فيها إلى الداخل بهذه الطريقة، ولكن لماذا يبدو المكان مألوفًا جدًا؟’
كان من المدهش أنه على الرغم من أنني لم آتي إلى هنا من قبل ، إلا أنني اتخذت قراراتٍ دون تردد عند مفترق الطرق، بل ووجدت الطريق الصحيح.
بينما كنت أنتقل إلى الزاوية مع أخذ هذه الفكرة في الاعتبار، اختبأت دون وعيٍ عندما سمعت أصواتًا.
“هل هناك أخبارٌ من ليڤيان؟”
“يقولون إن الحارس صارمٌ للغاية لدرجة أنهم لا يستطيعون حتى تسليم رسالةٍ واحد.”
حبست أنفاسي بشكلٍ تلقائي عند سماع أصوات الكهنة.
“كيف يجرؤ الدوق على محاولة التمرد على الحاكم دون التفكير قليلًا حتى. ماذا سنفعل الآن؟”
“يبدو أن ليڤيان ليس لديه نيةٌ للتخلي عن القديسة. بما أن الأمر استمر بهذا الشكل، ماذا عن طلب المساعدة من العائلة الإمبراطورية؟”
“يا له من هراء!”
الشخص الذي بدا أنه الشخص الأعلى رتبةً رفع صوته بصوتٍ أجش.
“ماذا سيحدث لسُمعة المعبد إذا طلب المساعدة من العائلة الإمبراطورية؟ بالكاد نستطيع أن نستعيد المؤمنين الذين فقدناهم بفضل ظهور القديسة!”
“لكن لا يوجد شيءٌ يمكننا القيام به حيال ذلك بما أن ليڤيان اتخذ مثل هذا الموقف المتشدد. أم يجب أن نسأل المعبد المركزي؟”
“لا يمكننا طلب مساعدة المعبد المركزي. سيحاولون بالتأكيد أخذ القديسة.”
تحدث بصوتٍ غير جذاب، وهو يلمس لحيته وكأنه غارقٌ في أفكاره للحظة ولا يقول شيئًا.
“أنت تعلم كم زادت التبرعات منذ ظهور القديسة، أليس كذلك؟ إذا أخذ المعبد المركزي القديسة، فستذهب كل التبرعات إلى هناك.”
“همم. أعتقد أن هناك خطر حدوث ذلك.”
“القديسة أيضًا تُشكل مشكلة. إذا كان الحاكم قد اختارها، فمن الطبيعي أن تأتي إلى المعبد وتؤدي واجبها، لكنها تختبئ خلف العائلة.”
“سمعت أنها شخصٌ لطيف.”
“لذلك ستكون أكثر ملاءمةً لنا للاستخدام. إذا أظهرت وجهها للناس عدة مرات، سيزداد إيمان المؤمنين، وتكثر التبرعات.”
لقد أصابني صوته الجشع بالقشعريرة.
لقد سمعت أن المعبد فاسد، لكنني لم أتخيل أبدًا أنهم سيكشفون عن رغباتهم حتى مع ظهور القديسة.
علاوة ًعلى ذلك، كان من الصعب تصديق أن هذه الكلمات جاءت من فم رئيس كهنة معبد العاصمة.
كان من المثير للاشمئزاز رؤية عينيه تتألق فقط بالجشع، دون أي شعور بالامتنان أو أي نيةٍ لمساعدة المحتاجين.
‘أشعر بالغثايان.’
غطيت فمي لأمنع صوتي من الخروج.
“أعتقد أنني يجب أن أزور ليڤيان بنفسي. إذا ذهبت إلى هناك بنفسي ، سيسمح لي الدوق بالتأكيد برؤية القديسة.”
“أتعتقد ذلك؟”
“من الأساس ، إذا لم يعترض الدوق ليڤيان طريقنا ، فلن يكون من الصعب الاستفادة حتى من تلك الفتاة الحساسة.”
“هل أقوم بتجهيز العربة؟”
“نظرًا لأنه لن يقبل حتى رسالتي، فليس لديّ خيارٌ سوى لقائه وجهًا لوجه. فليكن الأمر كذلك.”
انتهى الحديث بينهما وذهبا إلى الجانب الآخر من الردهة.
تنهدت بعد أن رأيت أن الردهة كانت هادئة.
‘سيكون من الحماقة أن أطلب المساعدة من المعبد.’
حتى لو كشفت عن هويتي، فبدلاً من الذهاب للمعبد المركزي أو شجرة العالم، سينتهي الأمر بكوني محبوسةً هنا.
‘إذن ماذا يجب أن أفعل؟’
لقد فشلت في الحصول على المساعدة من عائلتي، كما فشلت أيضًا في الحصول على المساعدة من معبد العاصمة.
سيكون من الصعب بالتأكيد الذهاب بمفردي.
– أعطيني أنا، وليس أي شخصٍ آخر، الفرصة لمساعدتكِ.
كان من الطبيعي أن تتبادر كلمات أديليو إلى ذهني.
من كان يظن أنني سأطبق مزحته تلك؟
‘يبدو أنني أطلب المساعدة دائمًا.’
أمسكت القلادة المتدلية من رقبتي بإحكامٍ في يدي.
على الرغم من أنه كان معدنًا باردًا، إلا أنه بدا دافئًا بشكلٍ غريب.
سيكون القلق بشأن هذا الوضع غبيًا.
عدت إلى نفس الطريق الذي كنت أمشي فيه وغادرت قاعة الصلاة الصغيرة تمامًا.
كما لو أن الفجر على وشك أن يبزغ، كانت السماء المظلمة ملونةً باللون الأزرق.
‘التردد حقًا هو شيءٌ غبي.’
قررت أن أشكره على مساعدتي لاحقًا وفكرت في المكان الذي كنت فيه عندما تحولت إلى أرنب.
لقد كانت مسافة طويلة سيرًا على الأقدام، لكنني اعتقدت أنني أستطيع العثور عليه إذا تجولت قليلاً.
لقد نسيت أن وجودي لا يمثلني فقط، بل يمثل المعبد أيضًا.
لقد أدركت بعد فوات الأوان أنني لا أستطيع التحرك من أجل عائلتي فقط.
لو لم أسمع حديثهم سرًا، لكان قد تم استغلالي بهدوء دون معرفة أي شيء.
على الرغم من أنني شعرت بالأسف لعدم نضجي، إلا أنني شعرت بالارتياح لأنه لم يتم استغلالي.
سيكون من المريح معرفة أنه حتى في هذه الحالة، هناك شخصُ واحدٌ فقط يمكنني الوثوق به من المعبد.
لم أكن أرغب في إيقاظه في الصباح الباكر، لكني كنت بحاجة إلى مقابلته والتحدث معه قبل أن يأتي المؤمنون.
عندما وقفت أمام الباب الذي وصلت إليه، أخذت نفسًا عميقًا.
وفي اللحظة التي كنت فيها على وشك طرق الباب.
فُتح الباب كما لو كان ينتظرني.
[ يُتبع في الفصل القادم ……]
– ترجمة خلود