127
إعادةُ المعبد إلى حالتهِ الأصلية.
كان ذلك يعني الإطاحة بالكاردينال الذي كان يُسيطرُ على سُلطة المعبد، والقبض على المهرطقين الذين تسللوا إلى داخله، وإعادة البابا إلى موقعه الشرعي.
“لكننا لا نعلم حتى أين يوجد البابا.”
“لديَّ فكرةٌ عن مكانه.”
توقف أديليو عن الكلام فجأةً ووجّه نظره نحو الباب. تبعت ڤيولا نظراته في نفس الاتجاه.
“يبدو أن هناك أحدًا هنا.”
“ربما يكون الفارس صديق ديزي.”
وبمجرد أن انتهى أديليو وڤيولا من حديثهما، سُمع صوت طرقٍ على الباب.
“أنا ثيودور.”
“ديزي، هل يمكنني الدخول؟ أنا قلقٌ بشأن الصراخ الذي سمعته قبل قليل.”
مع تقديم ثيودور لتعريفه الصادق، تلاه صوت چيوفانا، تبادلنا النظرات فيما بيننا.
على عكسنا، الذين قرروا عقد تحالفٍ مع أديليو، كان ثيودور يحملُ كراهيةً شديدةً تجاه الشياطين، ولن يكون سعيدًا بهذا الوضع. أما چيوفانا، كونه من أقارب البابا، فمن غير المرجح أن يرحب بهذا أيضًا.
“دعهم يدخلون.”
“بالنظر إلى كل ما فعلاه لمساعدتنا حتى الآن، أعتقد أنه من الصواب أن نوضح لهما. لكن ربما يجب أن نتحضر قليلًا؟”
بينما كنت مترددة، هز أديليو رأسه.
“لا تقلقِ. لديَّ طريقتي الخاصة.”
ڤيولا، التي لم تتمكن من إخفاء تعبيرات الشك، مشت بترددٍ نحو الباب.
فُتح الباب، وعند رؤية أديليو داخل الغرفة، امتلأ وجه ثيودور بالتجهم على الفور.
“كنت على وشك أن أحييكم بقول ‘صباح الخير’، لكن لماذا هذا الوغدُ موجودٌ في غرفةِ ديزي؟”
“ادخل أولاً.”
مع تزايد عدائية ثيودور، قامت ڤيولا بسحبه إلى الداخل.
أُغلق الباب مرة أخرى، وساد صمتٌ مشحونٌ بالغموض في المكان.
“هل يمكن لأحدٍ أن يشرح لي ما يجري؟ لماذا يجلسُ العدو بكل أريحيةٍ هنا؟”
“سيكون من الأفضل لو تحدث أحدكما لتوضيح الأمر.”
“سأتولى الشرح. أولاً، اجلسوا.”
على الرغم من أن أسئلة ثيودور وچيوفانا لم تكن موجهةً إليه، تدخل أديليو وأشار لهما بالجلوس.
وبترددٍ واضح، جلسا في النهاية. وما أن استقرا، بدأ أديليو الحديث.
“أولاً… السير ثيودور، أنت من قرية بيساتشي، أليس كذلك؟”
“…….”
اتسعت عينا ثيودور بغضب تجاه كلمات أديليو.
“لا يهم مدى وحشية الشياطين، فهذا ينطبقُ فقط على جزءٍ منهم.، الشياطينُ كائناتٌ عاقلة.”
“ما هذا الهراء؟”
وبغضبٍ شديد، وقف ثيودور فجأة.
“إذا قتلتُكَ الآن، هل ستُعمُ الفوضى بين الشياطين؟”
“لن أنصحك بهذه الخطوة.”
وعلى الرغم من الغضب المشتعل في نظرات ثيودور، بقي أديليو غير متأثر. ثم ضرب بإصبعه، لتظهر وثيقة عقد.
“اسمي أديليو جوينوس. بصفتي ملك الشياطين، يمكنني الاطلّاعُ على أيِّ عقدٍ أبرمه بنو جنسي.”
اقتربت الوثيقة المرفرفة نحو ثيودور.
“لماذا تعتقد أن فظائع الشياطين انتشرت؟ هم كائناتٌ عاقلةٌ تحافظُ عادةً على الحدود. لكن عندما يتم تجاوز الحدود، يكون ذلك إما بسبب مجانين، أو نتيجةً لطلبات البشر الذين أبرموا عقودًا معهم.”
“ما هذه الوثيقة؟”
“إنه العقد الذي أبرمته الأميرة الأولى بلير أودڤيليا مع شيطان.”
“أختي الكبرى؟”
تحدث چيوفانا بصوتٍ متفاجئ، ثم صمت ليستمع بانتباه.
“ألّا يذكرُ العقدُ أن بعض القرى تم تدميرها لزراعة ‘عشب الشيطان’؟”
“…….”
“إحدى تلك القرى كانت بيساتشي.”
“…….”
نظر ثيودور إلى العقد بنظراتٍ فارغة، ثم أمسك بالورقة وقرّبها ليقرأ المحتوى بسرعةٍ وباهتمامٍ بالغ.
“ليس من السهل زراعة عشب الشيطان على أراضي البشر. خلال خمس سنواتٍ فقط، تصبح الحقول غير قابلةٍ للاستخدام. فتتعفن الأرض، وهذا التعفن يُستخدم كدليلٍ على زراعة عشب الشيطان. ولمنع ذلك…”
“لمنعه؟”
“يُطلقون الوحوش لتدمير القرية تمامًا من على الخريطة.”
“حدثت مثل هذه الفظائع؟”
ارتعش جسدي غضبًا لمجرد تخيّل هذا القسوة. وضع أديليو يده على كتفي ليُهدئني، لكن بمجرد أن وقعت أعين أخواتي به، ابتعد بسرعة. كان يبدو عليه أنه يراقبُ الموقف بحذر.
حدّق ثيودور بأديليو دون أن يرفَ له جفن.
“على عكس بقية أفراد العائلة الملكية، كانت الأميرة بلير جريئة. عقدت صفقةً مع الشياطين على الرغم من اعتراض مرؤوسيها.”
“لماذا زرعت الأميرة بلير عشب الشيطان؟ ما الهدف من كل هذا؟”
“لا يوجد مخدرٌ أكثر فاعليةً منه. مقارنةً بالمواد الأخرى، فإنه يمنح شعورًا بالرضا الساحر لدرجةٍ مرعبة، مما يجعله مطلوبًا لدى الكثيرين ومربحًا للغاية. بالمناسبة، أعتقد أنهم يعملون أيضًا على تطوير ترياقٍ له.”
بعد أن انتهى من الإجابة على سؤال ثيودور، انتقل نظر أديليو هذه المرة نحو جيوفانا.
“بالطبع، شخصٌ مثل الأمير چيوفانا، الذي يحمل دم البابا، لن ينغمسَ في أمورٍ كهذه.”
“إذًا، كنتَ تعرف عني مسبقًا.”
عند كلمات أديليو، بدا الحذر واضحًا على وجه چيوفانا.
وكان الجواب عن كيفية معرفته واضحًا.
“أنا أيضًا أتيتُ من المستقبل، لذا من المستحيل ألّا أعرف.”
“…يبدو أن لديك شيئًا تريدُ أن تقوله لي.”
“أعتقد أنني أستطيع إخبارك بمكان البابا. ويمكنني أيضًا المساعدة في الإمساك بالشخص الذي جعل المعبد يصلُ إلى هذا الوضع المزري.”
“ما الشرط؟”
“لقد تحدثت بالفعل مع أميرات عائلة ليڤيان، وكل ما أحتاجه هو تعاونكَ بخصوص هذا الأمر.”
وجّه چيوفانا نظره نحو ليليانا وڤيولا.
وبلا تردد، عرضت الاثنتان العقد الذي تلقياه، وسرعان ما بدت على الأربعة، باستثناء أديليو وأنا، تعبيراتٌ مليئةٌ بالقلق والتوتر.
“ليست الأميرة بلير فقط، بل العديد من النبلاء رفيعي المستوى متورطون، وهم يُفسدون الإمبراطورية.”
تحدث أديليو بسلاسة، كما لو كان يلقي خطابًا.
“لأجل انتقام السير ثيودور، ولأجل تحقيق العدالة لأميرات عائلة ليڤيان، ولضمان عودة البابا بأمان، ولإحياء المعبد، وحماية الإمبراطورية.”
صفق أديليو بيديه معًا.
تلاشى التشتت من نظرة ثيودور، وركز انتباهه على أديليو.
“يبدو أنني سأحتاج إلى مساعدتكم جميعًا.”
“كنت أعلم أن أختي كانت تُنظمُ حفلاتٍ سرية، متجنبةً أعينَ الآخرين، لتنغمس في أعمالٍ مخزية. كما علمتُ أن المخدرات كانت تُباع هناك. ولكنني لم أتخيّل أبدًا أن الأمر يتعلق بزراعة الأعشاب الشيطانية.”
ضغط چيوفانا على صدغيه كما لو كان يعاني من صداع.
لكن حتى مع الضغط بقوة، لم يبدُ أن الألم يتراجع، واستمر بالتجهم.
“زراعة الأعشاب الشيطانية عملٌ بشعٌ لا ينبغي أن يحدث أبدًا. لا يمكننا السماح بحدوث شيءٍ مشابه لما حدث في قرية بيساتشي مرة أخرى.”
بدا أن چيوفانا قد اتخذ قراره.
كانت أخواتي قد وافقنّ بالفعل على العقد، ولم يبقَ سوى ثيودور ليقرر.
بدا في حالةٍ من التفكير العميق، لكنه رفع رأسه في النهاية لينظر إليّ.
“هل ستشاركين في هذا الأمر أيضًا؟”
رغم أن صوته حمل نبرة عدم رضا، لم أستطع إعطاؤه الإجابة التي أرادها.
عندما أومأت برأسي، عاد العبوس إلى وجهه.
“يبدو الأمر خطيرًا، لكن لا أعتقد أن لي الحق في منعكِ.”
بعد لحظةٍ من التردد.
أومأ ثيودور برأسه في النهاية.
“سأنضم؛ لكنني لن أوقع أيَّ عقدٍ مع الشياطين.”
“ليس من الضروري وجود عقد. فأنا لا أنوي زيادة عدد المتعاقدين.”
رفع أديليو كتفيه بلا اكتراث ونهض من مكانه.
حتى مع توجيه الجميع أنظارهم نحوه، لم يبدُ عليه أيُّ انزعاج. وبدلًا من ذلك، ابتسم برفقٍ ومدّ يده نحوي.
“بما أن النقاش قد انتهى تقريبًا، هل ننهضُ الآن؟”
أمسكت بيده ونهضت، ليطبع قبّلةً خفيفةً على ظهر يدي.
بينما كان التوتر في الغرفة يهدأ تدريجيًا، بدا أن الأجواء على وشكِ أن تسوءَ مجددًا عندما تحدث أديليو مرة أخرى.
“من الآن فصاعدًا، أنا الفارس المقدس أديليو، مرافقكِ من العاصمة.”
“من الواضح أنكَ مليءٌ بالأفكارِ التي من شأنها إفسادُ المعبد.”
سخر ثيودور، لكن أديليو تجاهله تمامًا ووقف بجواري مباشرة.
“بصفتي الفارس المقدس، أخطط للتجول في المعبد بكل فخر. وسيستمرُ هذا الوضع كذلك في المستقبل.”
“أنت تفعل ما يحلو لكَ تمامًا.”
علّقت ڤيولا بسخرية، لكنه، كعادته، لم يُعرها أيَّ انتباه.
“من الأفضل أن يعود الجميع إلى العاصمة الآن، باستثناء ديزي. فإن غيابكم لفترةٍ طويلة سيؤدي فقط إلى إثارة الشكوك.”
رغم اتفاقهم مع اقتراحه، بدا أنهم غير راغبين في اتباع كلماته. بقوا جالسين بتعابير غير مرتاحة.
“لا تقلقوا بشأن ديزي. سأكون مسؤولًا بالكامل عن عودتها إلى العاصمة بأمان.”
“على الأقل، أريدُ أن أبقى.”
رفع چيوفانا يده وعبّر عن رأيه.
تردد أديليو قليلًا قبل أن يهز رأسه موافقًا.
“إذا رأى البابا حفيده، فقد يُجددُ ذلك رغبته في الحياة. بالإضافة إلى أننا سنحتاج إلى أشخاصٍ لنقل البابا مباشرة إلى المعبد المركزي.”
بفرقعةٍ خفيفة من أصابع أديليو، تحوّل زيه إلى الزي المألوف للفارس المقدس.
بدت هذه الهيئة أكثر ملاءمةً له مقارنةً بمظهره السابق كملكٍ للشياطين. وبينما كنت أحدق فيه بدون أن أنتبه، ابتسم برضا.
“إذا استمررت بالنظر إليَّ هكذا، فسأشعرُ بالإحراج. هل أبدو جيدًا؟”
“نعم، تبدو رائعًا للغاية….”
“رائع؟ هل يعتقد أن ارتداء زي الفرسان المقدسين سيجعله فارسًا حقيقيًا؟” – اديليو التجسيد الحقيقي كذب وصدق الكذبة 😭😂-
عند كلمات ثيودور المليئة بالاشمئزاز، ابتلعت ما كنت على وشك قوله.
وكما هو متوقع، تجاهل أديليو النظرات الحذرة من الأربعة، وتابع حديثه بلا مبالاة.
“حان الوقت الآن للبحث عن البابا، ديزي.”
“هل نبدأ الآن؟”
عند صوت چيوفانا القلق، أومأ برأسه.
“إلى أين علينا الذهاب؟”
“إلى المكان الذي طلبت ستيلا من ديزي الذهاب إليه.”
رمشتُ بعينيَّ، متسائلةً كيف عرف أديليو أن ستيلا طلبت مني هذا.
بينما كنت أحدق فيه بشك، كانت نظرات الآخرين مليئةً بالفضول.
وبدا أن أديليو قرر أخيرًا الإجابة عن تساؤلاتهم.
“إلى شجرة العالم.”
[ يُتبع في الفصل القادم ……]
– ترجمة خلود