125
“همم.”
استيقظت بشكلٍ طبيعي، متسائلةً ما إذا كانت الشمس قد أشرقت بالفعل.
شعرت براحةٍ بعد نومٍ عميق، لكن عينيّ رفضتا أن تُفتحا. شعرت بجفافٍ غير معتاد في حلقي هذا الصباح، مما جعلني أرغب بشدةٍ في شرب الماء.
حاولت تحريك جسدي الثقيل بصعوبة، لكنني أدركت أنني لا أملك قوةً كافية.
بينما كنت أتأوه بصوتٍ منخفض، شعرت بشخصٍ يدعم رقبتي بلطف ويساعدني على الجلوس.
“هل أنتِ بخير؟”
“همم.”
“تفضلِ، اشربِ بعض الماء.”
الماء الفاتر الذي انساب عبر حلقي بدا وكأنه ماء الحياة. شربته بنهم، لكن شعورًا غريبًا انتابني فجأة، مما دفعني إلى فتح عينيّ على اتساعهما.
“صباح الخير.”
كان مظهره المنعش يلمعُ حتى في ضوء الصباح الباكر، مما جعلني أكاد أبصقُ الماء الذي كنت أشربهُ.
سرعان ما ابتلعتُ ما تبقى من الماء في فمي، وبدأت أرمش بعينيّ.
على عكس حالتي، حيث كنت قد استيقظت للتو، بدا أدليو مستيقظًا بالكامل. لقد كان قد استحم وارتدى ملابس جديدة، مما جعلني أفرك عينيّ بلا وعي.
‘لماذا أديليو هنا؟’
بمجرد أن راودني هذا السؤال، اجتاحتني ذكريات الليلة الماضية.
احمرّ وجهي فورًا، وسمعته يكتم ضحكته.
“ما زلتِ تشعرين بالنعاس، أليس كذلك؟ لكن ما رأيكِ في غسل وجهكِ أولاً؟”
“ن-نعم، يجب أن أفعل.”
رغم أنني كنت أرتدي بيجاما بشكلٍ لائق، إلّا أنني سحبتُ طرف الغطاء لتغطية نفسي بخجل. فجأةً، رفعني بين ذراعيه.
“أنزلني!”
بدأت بمحاولة ركله بخجل، لكنه خفف قبضته فجأةً وكأنه يمازحني.
في حالةٍ من الذعر، تمسكتُ برقبة أديليو بإحكام، وسمعت ضحكةً راضية.
أدركت أنه كان مجرد مزاح، فنظرت إليه بغضب، لكنه لم يخفِ متعته.
“يمكنكِ الاتكاء عليّ بأريحية. “
“حسنًا، سأفعل ذلك.”
انزعجت قليلًا وتركت جسدي يسترخي تمامًا، لكنه لم يُظهر أي تغييرٍ في ملامحه.
“سأستحمُ بمفردي.” – كان ناوي يحممها ولا ايه 😭؟-
“هل أنتِ متأكدةٌ من أنكِ لا تحتاجين إلى مساعدة؟”
“لماذا تسأل سؤالًا كهذا؟!”
رفعت صوتي قليلًا بخجل، لكنه استمر في الضحك بهدوء وكأنه في مزاجٍ جيد.
“ومتى قمت بتحضير الماء؟”
عند دخول الحمام، لاحظت أن الحوض الفاخر كان ممتلئًا بالماء الدافئ.
بعد أن استحممتُ بسرعة وغطست في الماء، شعرت بأن التعب الذي أثقل جسدي يتلاشى.
‘لكنني أشعر أنني نسيت شيئًا ما.’
بينما كنت أستمتع باللحظة، تاركةً أفكاري تتجول، سمعت فجأةً صرخةً عالية من الخارج.
“آآآه!”
كانت تلك صرخة ليليانا.
عندها تذكرت ما نسيت.
‘مهلًا، هذا هو المعبد المركزي!’
قفزتُ بسرعة، ارتديت ملابسي بشكلٍ عشوائي، واندفعت خارج الحمام.
ما رأيته كان ڤيولا، التي وجهّت سيفها نحو أديليو بنظرةٍ حذرةٍ وحادة، بينما كانت ليليانا تقف خلفها، تُحدقُ فيه بغضب.
لكن أديليو، غير مبالٍ، كان يبدي ابتسامته اللطيفة المعتادة. وعندما رآني أخرج، رفع يديه قليلًا وكأنه يظهر حسن نيته.
“ديزي! تعالِ إلى هنا فورًا!”
مدّت ليليانا يدها نحوي، ووجهها مليءٌ بالقلق.
وفي الوقت نفسه، شعرت أن رأسي يدور بسبب المشهد الفوضوي.
أصوات خطوات الفرسان المقدسين والكهنة كانت تقترب بسرعة، مما زاد من الفوضى.
بينما كان الوضع يزداد سوءًا، نقر أديليو لسانه بخفة وفرقع بأصابعه.
“أُفضل أن تبقى الأمور هادئة.”
وراء ابتسامته الخافتة، أُغلق باب الغرفة بصمت.
بدأ موظفو المعبد بالخارج يطرقون الباب، يسألون عما يحدث. فصرخت على عجل:
“لا شيء! كل شيءٍ على ما يرام، لذا أرجو أن تذهبوا!”
رغم تذمرهم، كررت كلامي عدة مرات حتى ابتعدوا على مضض.
سرعان ما عاد الهدوء إلى الممر، لكن التوتر داخل الغرفة ازداد.
“ما الذي يحدث هنا بالضبط؟”
سألت ڤيولا، وسيفها لا يزال موجهًا نحو أديليو.
استمرت ليليانا في التلويح بيدها، تحثني على الاقتراب منها، ووجهها مليءٌ بالذعر.
“لماذا أنتَ هنا؟ هل تخطط لاختطاف ديزي مرة أخرى، أيها الشيطان القذر؟!”
فقدت ڤيولا أعصابها، وزادت حدة نظرتها، وسيفها يرتعش من الإحباط.
على الرغم من التوتر الشديد، ظل أديليو هادئًا.
“أود ذلك، لكن ديزي لن تحب ذلك. ومع ذلك، إذا أرادت ديزي ذلك، فسأفعل بكل سرور ……”
نظر إليَّ بابتسامةٍ ماكرة وكأنه يُشيرُ إلى أنه سيتصرف بمجرد موافقتي.
عندما هززت رأسي نفيًا، نقر بلسانه بخيبة أملٍ مزيفة.
“توقف عن المراوغة. لماذا أنتَ هنا؟”
سألت ڤيولا مرة أخرى، بصوتٍ مليءٍ بالحزم.
رد أديليو بسهولة، بابتسامةٍ غير مبالية.
“إذا كنتِ تسألين لماذا أنا هنا، فهو للاعتراف.”
“م-ماذا قلت؟”
تشوّهت ملامح كلٍّ من ليليانا وڤيولا بالصدمة.
وكأنهما تشكان في سمعهما، قامتا بقرص خديهما لمعرفة ما إذا كانتا تحلمان.
لكن أديليو أوضح الأمر دون تردد.
“جئت إلى هنا لأعترف لــ ديزي. وديزي قبلت مشاعري الليلة الماضية.”
“ديزي!”
صرخت الاثنتان في انسجامٍ تام، وتحوّلت نظراتهما إليّ. شعرت وكأنني مذنبةٌ ولم أستطع النظر في أعينهما، فأخفضت رأسي خجلًا.
“ديزي، لم تفعلِ شيئًا خاطئًا. فلماذا تخفضين رأسك؟”
رفع أديليو ذقني بلطف، وابتسامته الرقيقة التي تبعث على الطمأنينة.
على عكسي، كان هادئًا تمامًا رغم تعقيد الوضع.
عندما رسمت ملامح وجهٍ متجهمةٍ قليلًا، تمتم بشيءٍ عن كوني لطيفة، ثم طبع قبّلةً خفيفةً على شفتيّ.
سمعت صيحات الصدمة مرة أخرى من خلفنا، لكن أديليو تجاهلها وسحبني خلفه لحمايتي.
ثم، وكأنه يزيد الطين بلة، قال بهدوء:
“مر وقتٌ طويل يا متعاقداتي.”
“…من الذي تناديه بمتعاقدكِ؟!”
صرخت ليليانا بغضب، لكن أديليو استمر بلا اكتراث.
“مهما أنكرتنَّ، العقد لن يختفي ببساطة.”
“انتظر، ماذا تعني…؟”
عندما نقر أديليو بأصابعه، ظهرت ورقتان، وتحوّلت وجوه الاثنتين إلى اللون الأبيض الشاحب تمامًا.
“لا يمكن أن يُلغى عقدٌ دُفع ثمنه بالروح ببساطة. مهما عُدتما بالزمن، فإن السجل سيظل محفورًا في أرواحكما، لا يمكن أن يختفي.”
عند سماع تعليق أديليو الساخر، صدرَ من ڤيولا صوت صرير أسنانها وكان عاليًا لدرجة جعلني أرتجف من الرعب.
“إذًا، لقد عدتَ أيضًا. بعدنا، والآن حتى أنت…”
كانت نظراتها المليئة بالكراهية، وكأنها على وشك تمزيقه في أيِّ لحظة، تمنعني من التدخل.
“استنتاجكِ خاطئ. لقد عدتُ أولاً، وبفضلي تمكنتنَّ من العودة أيضًا.”
“ما الذي تعنيه بذلك؟”
“لقد تمنيتُ ذلك بشدة، وتم الاستجابة لأمنيتي وعدتُ إلى الماضي. لولاي، لما تمكن أحدٌ منكنَّ من العودة.”
“من سيصدق هذا الكلام السخيف؟”
“على الأقل، ديزي ستصدقني.”
“ومن تظن نفسك لتتحدث عن ديزي بهذه الطريقة؟”
‘ڤيولا… هذا ليس الوقت المناسب للتركيز على ذلك.’
قمت بكتم أنفاسي ببطء وسرت لأقف بجانب أديليو.
بطبيعة الحال، انقلبت الابتسامة المليئة بالأمل على وجه ليليانا، التي ظنت أنني أمشي نحوها، إلى تعبيرٍ قاسٍ.
“لماذا تتحدث بهذه القسوة مع أختيّ؟”
“أنا فقط أقول الحقيقة. بفضل قلادة الــ ليڤي التي أعطيتيني إياها، وصل دعائي إلى الحاكم، وتمكنت من العودة إلى الماضي. وها أنا الآن واثقٌ بأن القدر جمعنا مرة أخرى.”
أخرج بفخرٍ قلادة الــ ليڤي التي كانت معلّقةً حول رقبته.
على الرغم من صغر حجمها، إلا أن القلادة ملأت أعين الاثنتين بالذهول.
“تلك… إنها تذكارٌ من والديّ الحقيقيين. قبل وفاتي مباشرةً، أعطيتُ النصف الثاني لأديليو.”
عندما أظهرت لهما النصف الآخر الذي كنت أملكه، ظهرت الصدمة على وجهيهما.
“متى حدث ذلك…؟”
“متى حدث ذلك…؟”
كان أديليو مستمتعًا تمامًا بردة فعلهما، حيث ابتسم وكأنه يجد الموقف ممتعًا للغاية.
“عليكما أن تكونا ممتنتين لي. فأنا من نصحت ديزي عندما كانت مترددة بشأن التصالح معكما.”
وأضاف أن علاقتنا ما كانت لتصبح جيدةً إلى هذا الحد لولا تدخله، مما زاد من دهشة الاثنتين.
“أديليو…”
“أخبريني، أين الخطأ في كلامي؟”
قال أديليو وهو يهز كتفيه وكأنه على حقٍ تمامًا.
رؤية غروره أثارت غضبي، لذلك لا يمكنني سوى تخيل مدى غضب أخواتي.
عندما نظرت إليهما، لم أفاجأ برؤية الغضب لا يزال واضحًا على ملامحهما.
“أيها الشيطان الحقير، كيف خدعت ديزي؟”
كان صوت صرير أسنان ليليانا مخيفًا.
وجهها الجميل الذي تحول إلى وجهٍ يملأه الغضب والحقد كان مزعجًا ومخيفًا بطريقته الخاصة.
أما ڤيولا، التي كانت تبعث منها هالةٌ قاتلة، فلم تكن أقل رعبًا.
“ماذا يمكنني أن أفعل إذا كنتُ لا أستطيع إلّا أن أحبها؟”
عند رده، لم تستطع ليليانا ولا ڤيولا إنكار كلامه.
“هذا قد يكون صحيحًا، لكن مع ذلك!”
“ديزي، هذا الرجل—أعني هذا الشيطان—خطيرٌ للغاية. أنتِ تعلمين ذلك، أليس كذلك؟ لذا، تعالِ هنا، حسنًا؟”
نبرة ليليانا اللطيفة والمُلحّة جعلتها تبدو وكأنها تتوسل من شدة يأسها.
“للأسف بالنسبة لكما، ديزي اختارتني بالفعل.”
ثم جذبني أديليو إلى أحضانه، وكأنه يتباهى، وطبع قبلةً خفيفة على وجنتي.
“يا لكَ من شيطانٍ من وقح!”
لم تستطع ڤيولا أن تتمالك نفسها، فإستلّت سيفها واندفعت نحونا.
‘هذا سيئ.’
إذا استمرت الأمور بهذه الطريقة العاطفية، فسوف يخرج الموقف عن السيطرة.
في حالةٍ من الذعر، خطوت للأمام، ناشرة ذراعيّ على مصراعيهما لحماية أديليو.
أخواتي، وكأنهما صُدِمتا تمامًا، نظرتا إليّ بعيونٍ دامعة، وكأنهما نسيتا حتى كيف تعبّران عن غضبهما.
وفي مثل هذا الموقف المتوتر، أضاف أديليو تعليقًا آخر مستفزًا:
“بغض النظر عن مقدار غضبكما عليّ أو سبكما لي، حقيقة أنني عدتُ بدافع الحب لن تتغيّر. الحب— يا له من شعورٍ جميل.”
بهذه اللحظة، كان أديليو حرفيًا التجسيد المطلق للوقاحة الحقيقية.
[ يُتبع في الفصل القادم …..]
– ترجمة خلود