121
في اللحظة التي قفزت فيها ديزي من النافذة، سيّطرت أفكارٌ عديدة على عقل أديليو.
‘ربما كنتُ قاسيًا معها أكثر من اللازم؟’
أو ربما كان هناك بعض التوتر الذي لم يكن يعرف عنه؟
لم يعرف لماذا اتخذت هذا الاختيار، لكنه ندم على عدم ملاحظته له وركض أمام النافذة.
رأى ديزي تغادر قلعة ملك الشياطين وهي بين ذراعيّ ڤيولا.
في تلك اللحظة، بدلًا من الشعور بالغضب، تنفسّ الصعداء لأن ديزي كانت آمنة.
بعد لحظةٍ من الهلع، بدأ أديليو في تقييم الموقف بهدوء.
تقدّم ثيودور، الذي كان مع ڤيولا، وقاتل فرسان الشياطين لإفساح الطريق.
كان الفرسان الذين من المفترض أن يحموا القلعة عاجزين بسبب الظهور المفاجئ للدخيل.
أديليو، الذي كان يراقب، صرّ بأسنانه.
– بانج!
غير قادرٍ على السيطرة على غضبه، ضرب النافذة بقوة، مما تسبب في انهيارها وإحداث ضوضاء عالية.
لا بد أن ديزي، التي كانت تغادر دون النظر إلى الوراء، قد فزعت من الصوت ونظرت إلى الوراء.
التقت أعينهما.
ثم ضيّقت عينيها وبدأت تلوّح بيدها.
لم تبدو خائفة.
لم يشعر بأيّ مشاعر ندم أو توترٍ منها على الإطلاق.
“لماذا إذن؟”
‘ألم تطلبِ مني أن آخذكِ معي؟’
طلبت منه أن ترافقه وأرادت أن تكون بجانبه.
“قلتِ أنكِ تحبنني.”
بدأت النافذة تتحطم مرة أخرى بصوت طقطقة.
“قلتِ أنكِ تحبينني، إذًا لماذا، لماذا تهربين؟”
كان عليه أن يهدأ.
‘لا ينبغي لي أن أفقد أعصابي لمجرد أن لعبةً مثيرةً للاهتمام قليلًا قد هربت.’
نعم، لم يكن هناك سببٌ للغضب إلى هذا الحد.
‘أعرف، أعرف.’
لم يستطع أن يفهم لماذا على الأرض كان يشعر بالغضب في أعماق قلبه.
“أنا أحب ديزي؟”
هو، الذي يقود جيش الشياطين، أحبَّ ديزي، قديسة قوات العدو.
أراد أن ينكر ذلك على الفور، قائلاً إنه لا معنى له، لكن فمه لم يتحرك.
“هذا سخيف.”
استسلم أديليو وسقط على الأرض.
اتكأ على الحائط وأغمضت عينيه.
كان عليه أن يعود بذاكرته ويرتب ذهنه المرتبك.
عندما أغمض عينيه، ظهر مكانٌ مليئٌ بالظلام فقط، وبدأ أديليو في البحث في ذكرياته بمفرده هناك.
ما جاء في ذهنه على الفور كان وجهًا مليئًا بالاستياء.
كان هذا هو الوجه الذي رآه في ذلك اليوم عندما أصبح مهتمًا بالقديسة التي اعتقد أنها رقيقةٌ وضعيفة.
✲ ✲ ✲
بين البيض المولود من شجرة الحياة، كان الكائن الذي استيقظ بأقوى قوة بين كل ملوك الشياطين في كل العصور.
هل هذا لأنه كان يتمتع بقوةٍ أقوى من أيِّ شخصٍ آخر منذ البداية؟
كان الجميع يتطلعون إليه ويحترمونه.
على عكس ابتسامته اللطيفة، فقد كان كائنًا مليئًا بالغطرسة والغرور ولا ينحني لأحد.
كان من المفترض أن يصبح ملك الشياطين القادم، لكن حياته كانت مملةً للغاية.
لم يكن مهتمًا بالمنصب السهل الذي أُعطي له منذ لحظة ولادته.
إذا كان مصيره أن يحكم، فإن الشياطين وحدها لا تكفي.
المكان الذي اتجّه إليه انتباهه بشكلٍ طبيعي هو القارة البشرية.
كانوا يعتبرون الشياطين كائناتٍ شريرة ويرفضونها. في الوقت نفسه، كانوا يعتقدون أن البشر فقط هم من يمتلكون البركة.
لكن في بعض الأحيان، كانوا أكثر شرًا من الشياطين.
كان جشعهم وغطرستهم مضحكةً حقًا.
بمجرد النظر إليهم وهم يعقدون عقدًا مع الشياطين الذين يكرهونهم كثيرًا من أجل رغباتهم الخاصة، يمكننا أن نرى مدى الانفصام الذي يعانون منه.
عقود الشياطين مقدسة، وإذا لم يفوا بوعودهم، فيجب أن يدفعوا ثمنًا باهظًا.
اعتقد البشر أنها تعويذةٌ شريرة، لكن العقد الذي تم إنشاؤه كجزءٍ من شجرة العالم كان جيدًا وقويًا مقارنةً برغبات البشر.
بصفته ملك الشياطين، كان لدى أديليو القدرة على قراءة جميع العقود وحتى التدخل لتناسب أذواقه الخاصة.
كانت العقود شريرةً للغاية لدرجة أن بعضها أثار اهتمامه.
“إنه ممل.”
ومع ذلك، فإن مشاهدة رغبات هؤلاء الرجال قد وصلت إلى حدها لم تقتل شعوره بالملل.
“أنا أشعر بالملل.”
لقد نجح أيضًا في التسلل إلى العائلة الإمبراطورية في أودڤيليا، وهي إمبراطوريةٌ عظيمة، باستخدام أولئك الذين وقّعوا عقدًا مع العائلة المالكة.
كان من المثير للاهتمام في البداية أن يرى بشرًا جشعين يستخدمون أيَّ وسيلة لمهاجمة بعضهم البعض، لكن الأمر انتهى هناك.
“هل يجب أن أقتلهم جميعًا؟”
أليسوا تافهين لدرجة أنه لا توجد حاجةٌ لإبقائهم على قيد الحياة؟
ملل الحياة اليومية.
سيكون من الرائع لو تمكنّ من حل هذه المشكلة.
“أعتقد أنه سيتعين عليّ بدء حرب قريبًا.”
بدلاً من الإكتفاء بمتعة رؤيتهم يركضون، أدركَ أن البشر كائناٌ مزعجة تمامًا مثل الحشرات الطائرة.
من الطبيعي التخلص منهم قبل أن يصبحوا أكثر إزعاجًا.
لقد قاد الشياطين والوحوش وحاول الغزو من خلال التحوّل إلى كائنٍ شرير كما أراد البشر.
اعتقد أن الأمر سيكون سهلًا.
بعد كل شيء، البشر كائناتٌ سهلة يمكن هزيمتها بسهولة.
مثل خطيبة الأمير الأول أو الحارسة الشخصية للأميرة الأولى.
حتى أولئك الذين تظاهروا بالشجاعة انهاروا في لحظة، لذلك لم يعد هناك أيُّ أمل.
نعم، لقد اعتقد ذلك.
“لماذا تفعل هذا؟”
كانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها شخصًا يقف منتصبًا في مُعسكرٍ مُدّمر ويخبره بكل ما يريد قوله.
كان الفرسان في الدروع مستلقين بلا حول ولا قوة، وكان الجميع مليئين بالخوف، لكن عزيمة الشخص الذي بدا الأكثر رقةً هناك لم تنكسر.
“سنكون قادرين على العيش في وئامٍ تام دون بدء حربٍ مثل هذه.”
إعتقدَ أنها لم تكن كائنًا قويًا، بل مجرد شخصٍ غبي مليءٍ بالمثالية.
“الانسجام بين الشياطين والبشر. ما هذا الهراء؟”
لم يكن هؤلاء الأشخاص ممتعين لأنهم كانوا أكثر عرضةً للإحباط مقارنةً بــ أولئك الذين لديهم رغبات دنيئة.
‘لا يوجد سبب للتعامل مع الناس المملين.’
ابتسم أديليو مثل الفائز وغادر دون حتى الإجابة.
كان هذا يعني أنه لا توجد قيمةٌ في الرد على إنسانٍ سيموت هنا على أيِّ حال.
وكان هذا التنبؤ خاطئًا بشكلٍ مذهل.
“لأيّ سببٍ ستبدأ هذه الحرب!”
لم يجب على السؤال الغبي.
على الرغم من تجاهل أيليو الصارخ، لم تستسلم القديسة.
حاصرت قوةٌ ضخمة المعسكر البشري.
أولئك الذين استسلموا وسقطوا في اليأس أعطوا القوة لأرجلهم المنهارة ونهضوا.
لم يرغبوا في خسارة حياتهم لأملٍ غير حقيقي.
لكن بمجرد ظهور القديسة تغيّر جو ساحة المعركة.
انهار معسكر الشياطين، الذين خفضوا حذرهم معتقدين أن الأمر قد انتهى، وتم دفعهم للخلف بطريقةٍ مذهلة، مما خلق موقفًا حيث كان عليهم التراجع.
قرر أديليو تغيير أفكاره.
من شخصٍ غريب، إلى شخصٍ مثيرٍ للاهتمام.
شخصٌ ما يجلب له المتعة فجأة.
فرسانٌ وجنودٌ يموتون، نقصٌ لا نهاية له في الإمدادات، ضغطٌ عالٍ، أشخاصٌ أنانيون يعتمدون عليها فقط لسرقة إنجازاتها.
حتى في الواقع القاسي لساحة المعركة لــ إمرأةٍ شابةٍ بلغت للتو العشرين من عمرها، لم تتوقف وكأنها لا تعرف معنى الاستسلام.
لذلك، خسرَ عمدًا ووضع أيضًا الكثير من الضغط عليها.
إلى متى يمكن للقديسة أن تتحمل؟
متى ستيأس وتتخلى عن كل شيء وتلوم أولئك الذين أعطوها هذا المصير؟
أخيرًا أصبح لديه هدف، لكن لسوء الحظ، لم يتحقق هذا الهدف.
لأن النهاية تم الوصول إليها عبثًا.
الفارس الذي كان من المفترض أن يحمي القديسة أبرم عقدًا مع الشياطين وخان البشر.
القديسة التي طعنها سيف الفارس كانت تموت في عذاب حيث استهلكتها طاقةٌ شيطانية كبيرة لم تستطع التعامل معها.
“أنتِ بحاجةٍ إلى مساعدة، أليس كذلك؟ أبرمِ عقدًا معي.”
“لا أحتاج إلى مساعدتك. سأتغلب على هذا الألم بطريقةٍ ما.”
هل كان هذا كبريائها كــ قديسة؟
أم كانت في الأصل هكذا؟
“هذا مؤسف. أعتقد أنكِ لستِ القديسة عن عبث.”
كان مدحًا خالصًا وليس سخرية.
بعد ذلك، لم تعد القديسة تظهر في ساحة المعركة.
الناس خائفون ومنشغلون بالهرب.
حتى مع استمرار الحرب المملة، اعتقد أن القديسة ستتغلب بالتأكيد على الألم وتتقدم للأمام.
‘هل تخلّوا عن القديسة؟’
امرأةٌ ليس لديها سُلطةٌ في الإمبراطورية تولّت زمام المبادرة في ساحة المعركة، ورفعت الروح المعنوية وحمت الإمبراطورية، لكنهم تخلّوا عنها بسهولة؟
‘البشر مقززون للغاية.’
كان الأمر مضحكًا لشخصٍ بدأ حربًا، لكنه كان صادقًا.
أصبحت عينا أديليو باردة.
لا توجد حاجةٌ للنظر إلى حربٍ أصبحت بالفعل فوضى بعد الآن، أليس كذلك؟
“نحتاج إلى تغيير استراتيجيتنا قليلًا. لا يمكننا إضاعة وقتنا هنا إلى الأبد.”
أعطى أديليو أمرًا لقادة الفيلق المجتمعين في المقدمة.
“هاجموا العاصمة.”
“الآن؟ أنتَ مضحكٌ جدًا. اعتقدت أنك تهاجم البشر لأنك تشعر بالملل ولكنك أنانيٌ وغبيٌ أيضًا.”
فقط ستيلا، أخت أديليو الأصغر وأقوى شيطانٍ من بعده، أبدت استيائها منه.
كان بالفعل عند نقطةٍ شعر فيها بالإحباط، لذلك قبل ذلك بكل سرور.
لم يهتم أديليو ونهض وغادر المخيم.
ستعتني ستيلا بالباقي على أيّ حال.
لذا الآن هناك شيءٌ واحدٌ يجب عليه فعله.
‘دعنا نكتشف ما تفعله القديسة.’
كان ذاهبًا للقاء القديسة التي تم التخلي عنها.
لأنها ما زالت مثيرةً للاهتمام.
[ يُتبع في الفصل القادم …… ]
– ترجمة خلود