117
أردت أن أجيب بـ لا.
ولكن ربما بسبب الجو غير المعتاد، لم يكن من السهل عليَّ أن أفتح فمي.
هبّت ريحٌ قوية عبر النافذة المفتوحة.
كانت الستارة البيضاء الرقيقة تتراقص مع الريح القوية، وكان وجه أديليو الواقف أمامي واضحًا بشكلٍ أكبر تحت ضوء القمر.
‘هل هو غاضب؟’
لم يكن هذا موقفًا أستطيع فهمه.
لم أره منذ عدة أيام، وحتى إذا رأيته أثناء النهار، سيتظاهر بعدم ملاحظتي ويبدأ بالهرب، ولكن بعد كل هذا جاء إليّ فجأةً في منتصف الليل ويسألني عما إذا كنت أحاول الهرب؟
“لماذا أنت غاضب؟”
أليس هذا هو السؤال الصحيح الذي يجب أن أسأله الآن؟
هبّت ريحٌ قوية مرة أخرى، وأُغلق الباب بصوتٍ عالٍ.
لقد فزعت من الضوضاء العالية وهززت كتفي، ولكن قبل أن أُدرك ذلك، ظهر ظل أديليو فوق رأسي، وكأنه جاء نحوي.
عندما رفعت رأسي، رأيت وجهه بتعبيرٍ باردٍ لا يزال غير مألوفٍ بالنسبة لي.
“سألت عما إذا كنتِ تحاولين الهرب.”
بدا أن أديليو ليس لديه نيةٌ في الابتعاد عن الطريق حتى أجيب على سؤاله.
“وماذا في ذلك؟”
نشأ شعورٌ غريبٌ بالندم. كان يجب أن أقول لا، لكن قبل أصحح جوابي خرج صوتٌ غير راضٍ.
“إذًا لقد حاولتِ الهرب، على الرغم من أنكِ طلبتِ مني اصطحابكِ معي.”
تغيّر تعبير أديليو في لحظة.
ارتفعت زوايا فمه وأمسك بمعصمي فجأةً وسحبني بين ذراعيه.
من الواضح أنه يبتسم، لكن لماذا ما زلت أشعر بأنه غاضب؟
لم يمض وقتٌ طويلٌ قبل أن يحملني.
ربما كان ذلك مجرد هلوسة، ولكن عندما رفع رأسه، بدا وكأن الارتباك مكتوبٌ على وجهه.
لكن هذا التعبير اختفى في لحظة.
بصوت اصطدامٍ عالٍ، أُجبرت على الاستلقاء على السرير.
“مع أنكِ طلبتِ المجيء إلى هنا، تريدين العودة الآن؟ هل هذا المكان فظيعٌ بالنسبة لكِ؟”
بينما كنت أرتجف من برودة يده التي تلمس خدي، سحب يده ببطء.
ومع ذلك، على عكس أفعاله، بدأت شعلةٌ غريبةٌ تظهر في عينيّ أديليو وهو ينظر إليّ.
“ماذا عليّ أن أفعل لكي أمسح فكرة الهروب من عقلكِ الصغير هذا؟”
“أنا لا أعرف حقًا ما الذي تتحدث عنه.”
“لا تعرفين؟ هل تريدين مني اخباركِ؟”
أديليو، الذي كان يجلس فوقي، حدق فيّ بهدوء وخفض رأسه تدريجيًا.
في الفجر الهادئ عندما كان الجميع نائمين.
دخلت رائحته المألوفة في أنفي حيث كنا قريبين جدًا لدرجة أننا كنا نسمع دقات قلب بعضنا البعض.
“هناك الكثير من الطرق لمنعكِ من الهروب.”
“أديليو.”
“إذا ضغطتُ على كاحليكِ الرقيقين الآن، فسوف ينكسران بسهولة.”
“أنا حقًا لا أحب الشعور بالألم.”
بلعت لعابي دون أن أُدرك ذلك عندما قال شيئًا مخيفًا للغاية بهذه البساطة.
“إذا كنتِ لا تريدين أن تشعرِ بالألم، يمكنني وضع الأغلال على كاحليكِ، وإذا كنتِ خائفةً من ذلك، يمكنني التأكد من أنكِ لن تستطيعِ حتى الخروج من هذه الغرفة. ستكون كقفصٍ مزّينٍ لكِ. لن يكون هذا سيئًا أيضًا.”
“لا، لا أريد.”
“أو هناك طريقة أخرى …….”
أمال أديليو رأسه تدريجيًا مع تعبيرٍ جاد.
بدا الأمر وكأنه يحاول تقبيلي.
‘هل لا بأس بعدم التحرك؟’
لم أكن متأكدةً مما إذا كان عليّ أن أدفعه بعيدًا أم لا.
من الواضح أننا في موقفٍ جاد، لكن لماذا يبدو تعبير أديليو غريبًا وهو يقترب؟
عندما خطرت فكرة أن أديليو قد يُقبّلني، بدأ قلبي ينبض بسرعةٍ كبيرة حتى شعرت وكأنه سينفجر.
‘ماذا عليّ أن أفعل؟’
على الرغم من أنني كنت أعلم أنها مجرد لحظةٍ عابرة، إلا أنني شعرت وكأن الوقت يمر ببطءٍ شديد.
كنت على وشك إغلاق عينيّ لأنني لم أكن أعرف أين أضعهما حيث كانت المسافة بيننا تنعدم تدريجيًا، وكأننا على وشك التقبيل.
على عكس توقعاتي، لم تلامس شفتاه سفتيّ.
أطلق أديليو ضحكةً ضعيفة ودفن رأسه بهدوءٍ في كتفي.
لم تكن قبلة، لكنها كانت محرجةً بنفس القدر.
“من فضلكِ ابقِ ساكنةً قبل أن أفعل شيئًا أسوأ لكِ.”
صوتٌ مملوءٌ بالجدية، وكأنه يتوسل إليّ، ونفسٌ خفيفٌ دغدغ المنطقة المحيطة بعظمة الترقوة.
“أرجوكِ يا ديزي.”
مع أنه تظاهر بالصلابة إلا أنه كان واضحًا أنه يتوسل إليّ.
رفع رأسه قليلًا وبدا وكأنه نادمٌ على ما قاله.
لا، كان وجهه مليئًا بالخوف وليس الندم.
‘أديليو يشعر بالخوف؟’
ما الذي هو خائفٌ منه حقًا لدرجة أنه يبدو هكذا؟
الغريب أنني شعرت وكأنني أستطيع معرفة الإجابة دون أن أسأل.
لا، كنت متأكدة.
“لقد تأخر الوقت. هيا اخلدِ إلى–.”
لففت ذراعيّ حول رقبته قبل أن يتمكن من إنهاء كلامه.
انهارت الذراع التي كانت تدعمني بسبب العناق المفاجئ، وفجأةً أصبح محبوسًا بين ذراعيّ.
قريبٌ جدًا بما يكفي بحيث إذا تحرك قليلًا، سيلامس شفتيّ.
ابتسمت بمرح وكأنني أتباهى.
“أنا لست خائفةً منك.”
( لا، ارجعي خافي كدا يا عبيطة)
اتسعت عينا أديليو وكأنه سمع شيئًا لم يتوقعه أبدًا.
“أردت أن المجيء إلى هنا لأنني أردت حقًا أن أخبركَ بهذا.”
السؤال الذي سألني إياه عندما دمر القرية التي زُرع فيها العشب الشيطاني وكشف عن هويته الحقيقية.
لقد تمكنت أخيرًا من الإجابة على ذلك.
وقعت نظراتي على شفتيه اللتين انفتحتا في حرج، وكأنه لم يكن يتوقع سماع هذه الكلمات.
عندما رأيت شفاهه الحمراء الزاهية، تحرك جسدي بشكلٍ غريزي.
– تشو.
كانت مجرد لمسةٍ خفيفة، لكن الدفء جعلني أضحك.
“أشعر بالرضى الآن.”
ربما مرت حوالي 3 ثوانٍ؟
تحوّل وجه أديليو إلى اللون الأحمر الفاتح مثل التفاحة.
“م-ماذا!”
حتى عندما تلعثم بسبب الإحراج، لم أستطع التوقف عن الضحك.
“لا يمكن لشخصٍ يخاف منكَ أن يفعل هذا، أليس كذلك؟”
أغلق أديليو شفتيه ردًا على جوابي الماكر.
ارتفعت زوايا شفتيه المغلقة ببطء.
ثم وقف فجأة.
تردد صدى صوت دقات قلبٍ بهدوءٍ بيننا.
صوت دقات القلب، الذي كان أعلى من ذي قبل، لم يكن صوت قلبي.
“أنتِ تفعلين أشياء سخيفة.”
“ألم تعجبك؟”
“لا، بل اعج– لا تعليق.”
توجّه أديليو إلى النافذة وأغلقها.
ثم أدار ظهره لي.
“هل من عادتكِ أن تتركِ النافذة مفتوحة؟ ماذا يجب أن أفعل إذا أُصبتِ بنزلة برد؟ هل نسيتِ أن جسدكِ ضعيف؟ لقد نمتِ هكذا الليلة الماضية أيضًا.”
“هل أتيت بالأمس أيضًا؟”
استمر الصمت للحظة.
شعر أديليو بخجلٍ شديد.
سألت، غير منتبهةٍ لحقيقة أنه كان يلعق شفتيه كما لو كان موضوعًا غير سار.
“هل تأتي لزيارتي في كل ليلة؟”
“…….”
إن الصمت يدل على أنني محقة.
أنا سعيدةٌ للغاية لدرجة أنني لا أعتقد أن ابتسامتي الحالية ستختفي.
“لأنكَ اشتقت إليّ؟”
“كنت أحاول فقط التأكد من أنكِ بخير. فكرِ في الأمر على أنه نوعٌ من التحقق لمعرفة ما إذا كانت اللعبة في حالةٍ جيدة.”
أخبرني ألا أبحث عن أيِّ معنى لذلك، قائلاً إنه ليس بالأمر الكبير، لكن تعبير وجهه عندما قال هذه الكلمات بدا مضطربًا.
أضاف تعليقًا ساخرًا وكأنه لم يدرك حتى أنه كان يراقبني.
“أنتِ لستِ أكثر أو أقل من لعبةٍ بالنسبة لي. أنتِ مجرد لعبةٍ تثير اهتمامي، لذا تتم معاملتكِ بإحترام. “
“فهمت.”
“لذا تأكدِ من أنكِ تتصرفين بشكلٍ جيد. لا يمكنكِ التسلل ليلًا.”
لقد كان تحذيرًا قاسيًا، لكنه لم يسبب الكثير من الضرر.
“إذا قمتُ بنزهةٍ ليلية هل ستكسر كاحليّ؟”
“……..”
“أم أنكَ ستقوم بتقييدي؟”
“…….”
“أم أنكَ ستحبسني في هذه الغرفة كـطائرٍ أسير؟”
على الرغم من أنه قال إنه سيفعل هذه الأمور، إلا أنه أظهر ترددًا، لذا لا يمكن أن يكون الأمر مخيفًا.
بعد ترددٍ طويل، فتح فمه.
“لا أريد رؤيتكِ وأنتِ ترتجفين خوفًا لذا لن أفعل أيًّا من ذلك.”
كما هو متوقع.
ملك الشياطين المتغطرس، الذي يتصرف كما يحلو له دون الاهتمام بما يعتقده الجميع، يعامل قديسة العدو بشكلٍ لطيف.
‘أديليو أحمق.’
إنه أحمق لا يعرف حتى ما يدور في ذهنه.
‘من الذي قد ينظر إلى لعبة مع تعبيراتٍ كتلك أصلًا؟’
من احمرار خدوده إلى طريقة نظره إليّ.
أردت أن أضع مرآةً أمام أديليو الآن حتى يتمكن من رؤية وجهه، لكنه سينكر ذلك بشدة.
‘إذا كنت حائرًا بشأن مشاعرك أخبرني وحسب.’
في هذه اللحظة، عندما كنت مقتنعةً بأننا لدينا نفس المشاعر، ازدهرت ابتسامةٌ سعيدةٌ بشكلٍ طبيعي على وجهي كما في السابق.
“أنتِ لستِ خائفةً مني حقًا. لا يبدو أنكِ مدركةٌ لحقيقة أنكِ في منتصف أراضي العدو.”
“أخبرتكَ أن ذكرياتي عادت. بفضلك، تمكنت من العيش بسلامٍ في لحظاتي الأخيرة هنا في قلعة ملك الشياطين.”
“…… يبدو أنكِ تذكرتِ حقًا.”
“ليس لديّ أيّ سببٍ لأكذب عليك.”
لم يتجنب أديليو النظر إلى عينيّ وتحدث بصوتٍ هادئ، على عكس ما كان عليه من قبل.
“لقد ساعدت في تدمير عائلتكِ، وإمبراطوريتكِ تقريبًا. ومع ذلك، ألا تشعرين بالاستياء مني؟”
“هل نسيت بالفعل؟”
يبدو أنك خائفٌ حقًا من كرهي لك.
“أنا لا ألومك.” ( لوميه كدا يا بنتي )
أطلق ضحكةً جوفاء وكأنه لم يعد لديه ما يقوله مع ابتسامةٍ صادقة.
“هل لأنني تسللت إلى المعبد وتظاهرت بكوني فارسًا مقدسًا؟”
لم يسعني إلا أن أكون سعيدة لأن أفعاله تعكس مدى اهتمامه بي.
لقد فعل كل ذلك لأنني شخصٌ مهمٌ بالنسبة له.
“بعد التفكير بالأمر، ما قُلته كان صحيحًا. لقد أصبحنا أصدقاء.”
“لقد تقرّبت منكِ بنيةٍ غير صافية ….”
بينما استمر أديليو في الإنكار بشدة، لم أستمع إليه وتحدثت فقط بما يدور في بالي.
“أريد أن أرى صديقي غدًا أثناء النهار.”
“…….”
“من فضلك تعال إلى هنا أثناء النهار أيضًا، وليس فقط في الليل. لا تتجنبني، دعنا نأكل معًا ونذهب معًا في نزهة.”
“…….”
لم ينبس ببنت شفة لفترةٍ طويلة، لكنني كنت أعرف بالفعل الإجابة التي ستخرج من فمه.
“حسنًا.”
– ترجمة خلود