━━━●┉◯⊰┉ الفصل 6 ┉⊱◯┉●━━━
“آنستي ، بشأن ما حدث بالأمس…”
فتــحت جيانا فمها بحذر .
“أمس ؟”
يبدو أنها تتـــحدث عن المعركة مع كلاريسا وطرد
يروي ، لكن التعبير الجاد على وجهها لم يبدو
وكأنها ستقول ‘تهانينا على الفوز’ .
آه ، هل سوف تقوم بتوبيخي بسبـب تبديل الطعام ؟
شَعُرتُ بالعرقِ الباردِ يَتصـبَّبُ مِن على وَجْهِي .
جيانا شخص لطـيف ، لكنها تبدو
مخيفة عندما تغضب و توبخني .
“ما حدث بالإمس كان أمرًا لا مفر منه…”
“أنا مدينة لكِ يا آنستي .”
وفي حين كنتُ أفكر في أختلاق عذر ، كانت جيانا بالفعل تنحني على ركبة واحدة تمــسك بيدي .
“هاه…؟”
“لو لم تكشف آنستي عن أفعال يروي…كنتُ أنا مِن سأتعرض للضرب والطرد بعدها .”
تحدثـت جيانا التي كانت على
تواصل بصري معي ، بصوت خافت .
لمعت عينيها وذلك بسبب الدموع التي تجمعت بها .
“كلا ! لو لم أذهب للمطبخ…”
“كان يجب أن أعتني بمسألة الطعام في وقت سابق حتى لا تضطرِ للذهاب إلى المطبـخ ، في الواقع ليس لديَّ ما أقوله حتى لو عوقبت على ذلك .”
هززت رأسي نافية ، لكن جيانا لم تترك يدي و أكملت .
“لأنكِ كنتِ صغيرةً ولم تشتكي من أيَّ شيء…أعتقدت إنه لا توجد مشكلة في هذه الحالة ، لإكون صادقة
لقد شعرت حتى بالاستياء من الآنسة لأنني أعتقدت
أنه لا يتم الاعتراف بعملي .”
“جيانا…”
“لكن ، لن يكون الأمر هكذا بعد الآن .”
مسحت جيانا دموعها وابتسمت إليَّ .
لقد كانت ابتسامة أظهرت عاطفة صادقة .
“لقد أتخذت قراري في اللحظة التي جعلت
فيها آنستي السيدة تعتذر إليَّ ، ما دمتُ أعيش ، أنتِ ستبقين سيدتي الوحيدة…”
قالت ذلك بينما قد قبلت ظهر يدي .
“لن يتــغير هذا إلى الأبد .”
لم أستطع التفكير في أي شيء لقوله في تلك اللحظة .
قسم الولاء كان شيئًا لم أسمعه من قبل في حياتي السابقة .
كانت جيانا شخصًا لطيفًا ، لكن كانت هناك مسافة بيننا .
لم أرغب في إيذاء جيانا بسبب ظروفي ، ولم يكن لدى جيانا أي سبب لتكون مخلصةً إليَّ ، وتخاطر بحياتها من أجلي .
كنت أعتقد أنه من الجيد أنها تزوجت وتركتني
في وقت كنت فيه في خطر خاصة وإن حبيب
جيانا كان ساحرًا متخفـيًا .
بفضل ذلك ، لم تتجنب الصراع بيني وبين كاليستا فحسب ، بل نجت أيضًا بعد اندلاع حرب ولي العهد .
كانت الفائزة الحقيقية .
“يـُمكنكِ الذهاب الآن ، ثم سوف
أراكِ في وقت الطعام .”
كما لو أنها قالت كل ما تريد قوله ، وقفت وأصطحبتني معها إلى الخارج .
تحرك الماء في تلك الزجاج الزرقاء في يدي .
فقط ، ما الذي حدث للتو ؟
لم أنوي القيام بذلك ، لكن العلاقة بيني وبين جيانا يبدو أنها أصبحت أعمق وأكثر مودة وصدقًا من السابق .
***
“هَاه !”
صرير- كليك-
“آهَه !”
صرير-
“آه…”
بعد أن أخذت نفساً عميــقاً ، ضغطت بجسدي كله
على باب المكتبة الضخم ، حيث كان مزخرف بالذهب
الموجود في ذلك الخشب السميك ، حينها أستجمعت
قوتي مرة أخرى .
كانت محاولتي اليائسة لفتح الباب هي الثالثة بالفعل .
في المرتين السابقتـين ، فٌتح الباب قليلًا ثم أغلق مرة أخرى .
بسبب ذلك ، تَصـبَّبُ العرقِ الباردِ مِن جسدي بأكمله .
لم تكن هذه مكتــبة يمكن للأطفال أستخدامها .
كلا ، في المقام الأول ، كنتٌ الطفلة الوحيـــدة في الدوقية التي يمكنها دخول هذه المكتبة .
تحرك أيها الباب اللعين !
حدقت في الشيء البني الموجود على الباب ، وأستجمعت قوتي مرة أخرى .
“آآآآآآه !”
إرتطام-
بكل القوة التي أستخدمتها ، كانت تستطيع رؤية خيط من الأمل .
في السابق ، كان الباب قد تحرك ثم أغلق مرة أخرى ، لكنها الآن تســتطيع رؤية ما بداخل المكتبة .
“أوه !”
كلاك-
وفجأة قد فٌتح الباب .
“هيكك-!”
متكئةً على الباب عندما فٌتح فجأة ، حينها كنتٌ
سإسقط داخل المكتبة .
إذا لم يمسك شخص ما بذراعي ، كنتٌ سإقع .
“لقد أثرت ضجة منذ اليوم الأول آنستي .”
لم يكن ذلك الشخص سوى ثيون من أمسك بذراعي بأصابعه الطويلة .
خلف تلك النظارات حدقت بيَّ عيناه .
“يجب أن تكون هادئةً في المكتبة .”
“لكن ! لا يوجد أحد هنا الآن…”
“ذلك مزعج بالنسبة إليَّ لسماعه .”
آه ، قول هذا فضيع جدًا لطفلة كانت
على وشك السقوط للتو .
أعتقدت أن علاقتنا أصبــحت أقرب قليلًا
بعد طرد يروي براون .
ترك ثيون ذراعيَّ ووقف .
لقد بدا أكثر رعبًا عندما وقف بشكل مستــقيم بجسده الطويل .
أبتداءً من التعبير الصارم على وجهه ، يبدو إنه سيلقِ درسًا عليَّ حول آداب المكتبة .
شبكت يديَّ معًا بهدوء ، وحاولت التحكم قدر الإمكان في تعابير وجهي بينما أنتظره حتى يتكلم .
“لم تخفِ الطعام ، إليس كذلك ؟”
“نعم .”
“نصف الكتب الموجودة في الطابق الثالث يوجد منها كتاب واحد فقط في الإمبراطورية ، حتى الإمبراطور يطمع في الحصول عليهم .”
“نعم .”
“إذا كانت هناك كتب تريدين قرأتها ،
فعليك أن تريها إليَّ أولاً .”
“نعم .”
“إذا كان هناك أي علامة على الكتاب…كح كح !”
سعل ثيون فجأة في وسط كلامه .
“كح ، كح ! المعذرة آنسة هاربر .”
“سيد ثيون…هل أنتَ بخير ؟”
“أنا بخير ، هذا بسبب الطقس الجاف…كح كح !
يمكنكِ الذهاب الآن .”
وكأنه معتاد على ذلك ، أخرج منديلًا وغطى فمه به واستدار .
كان الدم قد خرج من فمه .
“كح ! كح…”
تجاهلت صوت السعال وذهبت بهدوء .
“لابد أن هذا يحدث معه منذ وقت طويل .”
ثيون الذي كان لديه كل شيء ، لم يمــتلك صحة جيدة كما كان في حياتي السابقة .
كان دائمًا يعاني من هذا السعال .
إستمر الأمر هكذا حتى مات .
كانت هذه الأمور غير قاتلة حقًا ، لكنها كانت مؤلمة جدًا بالنسبة للشخص الذي يعاني منــها .
في الشتاء كانت هنالك أوقات أيضًا أسعل فيها الدم ، ولم أتمكن حيـنها من النوم بشكل جيد في الليل .
لقد جربت جميع أنواع الأدوية ، لكنها لم تنجح ، لم يكن هذا مرضًا شائعًا ، بل كان سببه عشب سام كنت أتناوله عن طريق الخطأ عندما كنت طفلةً .
نظرًا لأن الأعشاب السامة نفسها ليست شائعة ، لم يكن هناك أحد في العاصمة يمكنه علاج هذا .
“لكن ، كانت هنالك طريقة…”
توقفت عن صعود الدرج وأدرت رأسيَ لأنظر إلى ثيون .
ترددت للحظة ، متسائلةً ما إذا كان عليّ أن أخبره بالمعلومات التي عثرت عليها في حياتي السابقة .
“كح !”
عندما ألتفت مرة أخرى بسبب صوت السعال ، رأيت ثيون يضغط بقوة على المنديل في فمه .
بدا وكأنه يشاهدني بطرف عينه ، محاولًا عدم
أصدار أي صوت .
“قلتِ لك أنني بخير آنستي لا داعي للقلق .”
أضاف ببرود .
جفل كتفيَّ عند سلوكه البارد هذا ، كان هذا تهديدًا ليَّ بإلا أشفق عليه .
نعم ، ثيون الذي جاء من خلفية فقيرة واختلط بالأثرياء ، وجد أن آكثر شيء يكرهه هو أن يُظهر له أي شخص الشفقة .
بمعرفة هذا ، حتى كاليستا التي اعتنت به في حياتيَّ السابقة ، لم تسأله حتى ما إذا كان بخير .
“أنا…”
حسنًا ، دعنا نتوقف عند هذا الحد .
بالأمس حاولت جذب انتــباه ثيون ، لكن الآن بعد أن مُنحت حق الوصول إلى المكتبة ، لم يعد لدي أي علاقة به .
على أيَ حال ، سينتهي به الأمر مع كاليستا باعتبارها سيدته ، وهذا يجعله خطرًا بالنسـبة لي .
التفتت بعيدًا وسرعت خطواتي .
الجو غير مريح ، وأنا بحاجة للذهاب إلى الطابق العلوي .
كلاك ، كلاك ، كلاك…كلاك .
‘هاه ؟’
“هَاه…”
على عكس رأيي ، تباطأ صوت خطواتي تدريجياً .
لماذا هذه السلالم عاليةٌ جدًا ؟
لم يكن ارتفاع السلالم طبيـعيًا ، وكان
سقف كل طابق مرتفعًا جدًا .
هذا يعني أنه كان عليَّ الصعود لفترة
طويلة للوصول إلى الطابق التالي فقط .
ومثل باب المكتبة ، لم تكن السلالم المرتفعة
مخصــصةً للأطفال .
لم يكن هنالك أعتبار لحالة التغذية السيئة خاصتي .
“ما…الذي حدث ؟”
أعتقد أنني تسرعت كثيرًا للوصول إلى الطابق الثاني بسرعة ، لدرجة أنني سقطت وعلقت ساقي .
علقت ساقيَ في المساحة الفارغة بين كل درج .
“كياااا !”
إمساك-
كانت هنالك أصابع طويلة ونحيلة تحمل جسدي .
في تلك اللحظة كان كلا قدمايَ في الهواء .
“…ثيون لماذا أنتَ هنا ؟”
“هل وقعت في حادث مرة أخرى أثناء غيابي ؟”
عندما رفعت رأسي ، لاحظت عينيَّ ثيون الرمادية تنظر إلي بغضب .
رفع-
أستخدم قوة يديه وقام بسحبي انا وساقي العالقة تمامًا كما يتم سحب الفجل في موسم الحصاد .
“أستطيع الذهاب بمفردي الآن !”
“هذا مضيعة للوقت ، لا يمكنكِ الصعود بسبب قصر ساقيكِ .”
دون الاستجابة لطلبي أمسك بذراعي ورفعني كأنني قطعة خشب .
شعرت وكأنني قطعةٌ خشبـيةٌ ثابتةٌ بدون
حراكٍ وأنا أصعدُ السلالمَ بين يديه .
طق ، طق ، طق .
صعد ثيون الدرج بهذه الحالة وعندما وصلنا قام برميَّ جسدي على السجادة الخضراء .
“آه…”
جلست على الأرض بينما قد تنهدت .
من الجيد أنه أوصلني بسرعة ، لكن ذلك أفقدني ماء وجهي .
“حسنًا ، نحن في الطابق الثالث .”
“أجل…”
أجبت بضعف ووقفت ، ثم أتجهت نحو الرفوف أمامي .
لم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى عدتٌ بحالة جيدة .
ما زال ثيون يراقبني بحذر من مسافة قليلة خلفي .
كان محرجًا ، لكنني لم أتمكن من أن أطلب منه أن يرحل بينما هو ينظر إليَّ بتلك النظرة الحادة .
حسنًا ، على أيَّ حال لقد وصلت .
قررت أن أنظر لهذا الوضع بطريقة إيجابية .
بينما أتعرف على ترتيــب الرفوف وعناوين
العديد من الكتب ، بحثت عن المكان
الذي أرغب فيه منذ البداية .
كلما خطوت أكثر ، أتسعت عينيَّ .
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 6"