0
المُقدِّمة
يُقال إن دماغ الإنسان، إذا ما غُمر في الدوبامين، لا يعود يُفرّق بين اللذّة والألم.
‘أفما أنا إذن ممّن فاض فيهم الدوبامين؟’
تروّيتُ في فكرتي مليًّا.
أمام ناظري كان رجلٌ شديدُ الجمال جاثيًا على ركبتيه، يرمقني ببريقٍ في عينيه كأنه ينظر إلى ضياءٍ من عالمٍ آخر.
ما ظننتُ أن في هذا الوجود من يفوقه حُسنًا وجمالًا.
تحوّل بصري من الرجل إلى أرجاء الغرفة.
ثم كأن يدًا خفيّة ساقتني، فهويتُ جالسة على السرير.
آه، ما ألين هذا السرير وما أدفأه…….
لقد قيل إن أمهر صنّاع الإمبراطوريّة أمضى ثلاث سنين في دراسة علم فرش الأسرة (؟) ليُخرج هذا العمل.
وهل كان هذا كلّ شيء؟ إن إطار السرير من الذهب الخالص.
والكتب المصفوفة إلى جواري هي كلّها من مؤلّفات كُتّابي الأحبّة، لم يُنشروها بعد.
لقد كُتبت تلك الروايات خصّيصًا لي، وأفنى الكاتب في كتابتها ثلاثة أشهر كاملة.
بل إن الفاكهة الموضوعة إلى جوار الكتب لا تُرى في هذا الفصل من السنة، ولا تُجلب إلا بعناء.
وأمّا الطعام، ففي كلّ وجبة يُقدَّم لي ما أعدّه الطاهي الفائز بالمركز الأوّل في مسابقة الطهو الإمبراطورية.
الحقّ أن المكوث في هذا المكان نعيم، لا أوراقَ أُرهق بها، ولا صداعَ سياسةٍ أو إدارة.
بل إن أمنيتي الأبديّة، أن أنام ما حييت، قد أُجيبت في هذا المكان.
‘يا إلهي، إني في حيرةٍ من أمري.’
همستُ في أعماقي.
‘……الاحتجازُ هذا! لا يُشبه ما ظننتُه أبدًا……!’
نعم، لقد كنتُ محتجزة، لكنّي كنتُ سعيدة. وأعلم ما يُسمّى هذا.
إنه، احتجازُ الإمبراطور……!
الرجل الجاثي أمامي مال برأسه ببراءةٍ كأنه لا يدري من أمر الدنيا شيئًا.
عندها فقط، وبين ملامحه الفاتنة، أفاقت روحي من سُباتها.
……وها أنا أقع في حضن الراحة من جديد!
وهذا ما لا ينبغي أن يكون.
فهذا المكان من عالم الرواية، وذاك الرجل هو البطل القاسي المتوحّش في قصة من قصص الأسر والانحطاط!
لقد كان عليّ أن أُحتجز عند هذا اللـ*ـين، فأبكي بحرقة، وأشهق شجى…….
فكيف آل بي الحال إلى هذا؟
“سموك.”
قلتُ ذلك وأنا لا أزال في دوامة من الذهول، ففتح الرجل عينيه الطويلتين بالرموش وردّ عليّ.
وقد شكّل كفّيه كزهرةٍ يستند بها وجهه.
وغدت وجنتاه محمرّتين كبتلات الخجل.
“نعم، يا عزيزتي.”
“……ارجُك أن تكفّ عن استخدام تلك الألقاب السخيفة.”
عندها فقط، ارتسمت على شفتيه المكتنزتين ابتسامة تنمّ عن الطاعة.
أنف كالنقش، وفكّ حاد كأن الإله قد نحته بيده، إنه، حقًّا، رجل ذو هيئة لا يُشقّ لها غبار.
“نعم، يا دوقتي. آوه! سمعتُ أن جزءًا جديدًا من الكتاب الذي كنتِ تقرئينه قد صدر. سأحرص على جلبه لكِ هذا المساء.”
“……أتقصد أن الجزء الثاني من <حتى الشيطان يخضع لتدقيق الضرائب> قد نُشر؟”
آوه، لقد أفلتَت منّي الكلمات. مررتُ بكفّي على وجهي، متأفّفة. فابتسم هو بهدوء وقال برقة.
“نعم، وقد أخبرني الطاهي أيضًا بأنه أعدّ اليوم طبقًا من لحم العجل، كما تحبّينه. هل نكثر من الفلفل؟”
“نعم……كثيرًا…….”
آه، ما هذا الذي يحدث.
لقد خضعتُ مجددًا لإغراءٍ ناعم كنسيم الربيع. فأغمضتُ عينيّ بإحكام، فما كان لي أن أقاوم.
أنقذوني، لقد غدا الاحتجاز ناعمًا جدًّا، ومريحًا إلى حدٍّ مريب…….
الطعامُ من فرط لذّته يكاد يُذيب اللسان، وأحدٌ لا يعترض إن قضيتُ اليوم كلّه أتقلّب في الفراش بين دفتي الروايات!
هذا لا يشبه أبدًا الأسر الكئيب في الرواية!
بل إني أتقاضى مالًا على وجودي هنا!
إنه حقًّا ذروة حياة العاطلين.
لقد كنتُ ضحيّة أسرٍ سعيدة.
ثم، بجهدٍ جهيد، تذكّرتُ الغاية من مجيئي إلى هذا المكان.
تنحنحتُ، وتكلّفتُ ملامح الجدّ، وسألتُه.
“اهم، المعذرة، فليس هذا هو الأهم. سموك، متى ينفكّ ذلك النقش اللـ*ـين؟”
“من يدري…….”
تمتم الرجل، أو بالأحرى، تمتم جاكال، بطل هذه الرواية، بوجه شاحبٍ كأن الهمّ أثقله.
“ما دمتُ أرغب في أن أحتجزكِ، فلا يبدو أنه قد زال بعد.”
“…….”
كتمتُ الكلمات التي أوشكت أن تثور من شفتيّ.
“ثم إن غايتنا الكبرى كانت أن نخدع جلالة الإمبراطور تمامًا. لكن يبدو أن سموك الوالد لم يُخدع بالكامل بعد.”
وكان هو لا يزال جاثيًا على ركبتيه، وقد مدّ إليّ يده.
بحرارة المؤمن المتبتّل، وبفتور العاشق الغارق.
فابتلعتُ ريقي.
لقد كانت لـ جاكال عينان من ذهبٍ صافٍ، تُخايل فيهما لمعة الدهشة كأنّهما يضيئان ليلًا كالفراشات المتوهّجة.
غير أن عليّ أن أحذر.
فقد تلبّدت حوله هالة سوداء لم تكن فيه آنفًا.
ثم تنفّس ببطءٍ، كأن في صدره وجعًا خفيًّا.
“هاه……أظنّني بحاجة إلى عونكِ مجددًا اليوم، كي لا أفقد السيطرة.”
وارتسمت على فمه ابتسامة خطرة.
“أتعاونين معي؟”
ومرةً أخرى، بوجهه الوادع وابتسامته الفاتنة، مددتُ إليه يدي.
فقد كنتُ قد أبرمتُ عقدًا يمنع طغيانه.
وبكلامٍ أيسر.
الرجل كان ملعونًا، ولا يهدأ لُعنته سواي.
وكانت تلك اللعنة……غريبة جدًّا، إذ تجبره على أسر من يتعلّق بهم.
……ولماذا لم يُذكر هذا السخف في الرواية أصلًا؟
ثم اهتزّ السرير برفق، واقترب وجهه شيئًا فشيئًا.
حاولتُ التراجع، فانزلقت، وسقطتُ على السرير.
وبينما أنا مستلقية، أحدّق فيه مباشرةً، قلتُ.
“متى سيزول هذا النقش اللـ*ـين؟”
“آه. دوقتي. إنه يعذّبني…….”
اقترب وجهه أكثر، وشعرتُ بأنفاسه الحارّة تلفح أنفي.
ثم انزلقت تلك الأنفاس شيئًا فشيئًا إلى أسفل.
“أه…….”
ارتعشتُ دون وعي حين لامست حركتُه رقبتي، ثم، قهقه ضاحكًا بصوتٍ خفيض عذبٍ، خالطته نغمة فُتنةٍ ساحرة.
“أرجوكِ، اصبري عليّ قليلًا بعد. دَعيني أُبقيكِ محتجزة.”
وقد اقتربت شفتاه حدّ الالتصاق.
‘ما الذي مررتُ به حتى أعتاد هذا الجنون؟’
بدأتُ أستعيد ما مضى ببطء.
فما الذي جرى، بحقّ السماء…….
يُتبع….
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 1 - كلُّ شيءٍ بدأَ بإعلانِ أُختي عن عزمِها على الامتناعِ عن الزواجِ 2025-07-01
- 0 - المُقدِّمة [رَسمٌ توضيحِيٌّ] 2025-07-01
التعليقات لهذا الفصل " 0"