الفصل 5
* * *
أشعّة الشمس الساطعة راحت توخز جفوني.
“أووو…….”
بسبب الأرق في الليلة الماضية، كان من الصعب جدًا عليّ أن أفتح عينيّ.
عندما سحبتُ الغطاء فوق رأسي واستدرت إلى الجهة الأخرى، سمعتُ أنفاسًا متوترة عند رأسي.
“……أليس؟”
أليس، التي كانت قد سحبت الستائر للتوّ، ارتبكت وتلعثمت وهي تسألني:
“آه، حان وقت الدواء… لكن، إن كُنتِ متعبة، هل أعود لاحقًا؟”
كنت أرغب فعلًا في الإيماء برأسي، لكن حين فكّرت في الأمر، أدركتُ أنّه ليس وقت النوم بهدوء وراحة.
“لا، سأستيقظ…….”
أجبرتُ نفسي على النهوض، ومددتُ ذراعيّ فوق رأسي لأتمطّى.
وحين فعلتُ ذلك، لاحظت أن أليس تنظر إليّ وكأنَّ في ذهنها الكثير مِما تريد قوله.
“ما بكِ؟”
“في الواقع… كما قلتُ البارحة، لا يجب أن تتحدثي إليّ بلُطف، يا سيدتي المستقبلية.”
“ألم ننتهِ من هذه القصّة أمس؟ اتفقنا أن نُسقط الألقاب عندما أصبح السيدة رسميًا.”
“لقد كنتُ منحصرة التفكير. حتّى لو كنتِ السيدة المستقبلية، فأنتِ سيّدتي الآن. لا يُمكن لشخصٍ مثلي، مجرد خادمة، أن يُخاطَب بلُطف.”
كان صوتها حازمًا على نحو غريب.
أمس لم تكن تحاول إقناعي بهذه الدرجة. ما الذي تغيّر خلال ليلةٍ واحدة؟
‘…آه. النبوءة.’
“فـ، فقط قداسة البابا أو السيّدة القدّيسة مَن يُمكن أن يتلقّى نبوءة!”
هل يُقال إنَّ الجهل يُعطي الشجاعة؟
لأنني كنتُ أجهل ذلك، تصرّفت بتهوّر، لكنّي الآن عرفت أنَّ النبوءات لا تُمنح لأيِّ أحد.
‘لم أكن أعلم أن الكهنة المتدينين جدًا هم بذلك المقام الرفيع.’
“هناك شيءٌ واحد أودّ أن أسأل عنه.”
“سيّدتي المستقبلية…….”
“حسنًا، حسنًا، سأُخفّف لهجتي، هل هذا أفضل؟”
“نعم!”
عندما ابتسمت بذلك الوجه المضيء، عرفتُ أنَّ مخاطبتي لها بلُطف كانت تُزعجها فعلًا.
‘حسنًا، فهمتُ واحدةً على الأقل.’
يبدو أن لقب القدّيسة يُخيفها أكثر من لقب زوجة الدوق المستقبلية.
ففي الأصل، إنوسينسيا، اليتيمة مجهولة الأصل، لم تكُن لتُصبح خطيبة الدوق لولا أنّها كانت إحدى المرشّحات لمنصب القدّيسة.
وإرسالها من المعبد الكبير إلى الشمال تمّ من خلال صفقة بين الإمبراطور والبابا…
“بالمناسبة. ألم يقل كبير الخدم أمس شيئًا عن شرف وينستاين؟ ما علاقة ذبك بإلقاء نفسي من الشرف؟”
“آه، هذا لأنّه……”
تردّدت أليس وهي تراقب وجهي بحذر قبل أن تُجيب بحذر:
“ببساطة… لو حدث شيءٌ لكِ بعد وصولكِ إلى وينستاين، فستكون المسؤولية على عاتق دوق القلعة.”
“ولماذا؟”
“لأن ما حدث قد وقع داخل قصر وينستاين، بل داخل منزل الدوق نفسه. فوق هذا، فـ… السمعة السيئة تُلاحق الدوق…….”
تلعثمت أليس، وكأنّها لا تجرؤ على قول الحقيقة بصفتها مجرد خادمة. لكنّني فهمتُ قصدها بسهولة.
‘في الرواية، كان يُعرف البطل بلقب الدوق الوحش بسبب سمعته السيئة.’
لذا ما إن تنتشر أخبار موت العروس الثالثة في قصره، سيفترض الجميع أنَّ الدوق هو من قتلها.
وهذا بالضبط ما حدث في الرواية، لأن شخصًا ما قام بالترويج لتلك الشائعات من وراء الستار.
ذلك الشخص كان الإمبراطور.
‘بل إنَّ الإمبراطور أشاع أن العروسين السابقتين قد قُتلتا أيضًا على يد الدوق الوحش.’
فكيف وصلت إنوسينسيا لتكون المرشّحة الثالثة؟
لأنَّ المرشحتين السابقتين هربتا قبل حتى أن تصلا إلى الشمال.
أي أن المسؤولية لم تكن على وينستاين بل على الإمبراطور نفسه، لأنه فشل مرتين.
‘وكان الإمبراطور رجلًا لا يحتمل السخرية، فحول كلّ اللوم إلى البطل وبدأ بنشر الشائعات بنفسه.’
وبمجرّد أن ماتت إنوسينسيا، سارع بإلقاء اللوم على الدوق، واتّهم البابا بأنَّ المرشّحة التي قدّمها معيبة، وأرسل مرشّحةً جديدة كعروسٍ رابعة.
بكلماتٍ أخرى، الإمبراطور استفاد من موت إنوسينسيا دون أن يخسر شيئًا.
‘حسنًا. الآن أستطيع أن أُدرك الوضع تمامًا.’
[أتمنّى عودتكِ إلى المعبد الكبير. سأُساعدكِ على الهروب من الدوق الوحش.]
‘متأكدة أنَّ بياتريس تلقّت نفس الرسالة في الرواية.’
في الرواية، عندما استلمت بياتريس تلك الرسالة، ظنّت أن هناك من جاء لمساعدتها، وصدّقته دون تردّد.
ثمّ بدأت بخطّة الهروب معه، لكن في تلك اللحظة ظهر البطل عائدًا من رحلته، ووجدها تهرب في ظلمة الليل مع رجلٍ غريب.
ولأنّه وجدهما معًا، استلّ سيفه وهاجمهما على الفور.
فمات الشريك المساعد في مكانه، بينما تعافت بياتريس فورًا بفضل قوّتها المقدّسة.
عندها، أدرك البطل أنها كانت المرشّحة الرابعة للعروس التي أرسلها الإمبراطور، فقبض عليها وأعادها إلى القصر وقيّد حركتها.
كان ذلك طبيعيًا، فهي حاولت الهروب فورًا دون أن تنتظر عودته.
لكن بياتريس، التي شاهدت البطل يقتل إنسانًا أمام عينيها، وجرحها أيضًا، وسمعته السيئة السابقة… وصمته تمامًا بالوحش.
وبصراحة، كان أسوأ لقاء أول في رواية رومانسية قرأتها في حياتي!
‘كان يجب أن أترك الرواية من تلك اللحظة. لا، في الحقيقة، من الأفضل أن أكون قد قرأت 70 فصلًا قبل أن أتقمّص الشخصية، بدلًا من 3 فصول فقط.’
على كل حال، مع الجمع بين محتوى الرواية وتعليقات القُرّاء وكلام أليس، أصبحتُ متأكدةً تمامًا:
‘هذه الرسالة أرسلها أحد جواسيس الإمبراطور.’
إن صدّقتُ المساعدة المزعومة، سأنتهي مذبوحة.
وربما، لو لم تُصادف بياتريس البطل في طريق الهرب، لكانت قد خُدعت وطُعنت وسط الغابة أيضًا.
‘الإمبراطور أراد قتلها، ليُحمّل البطل المسؤولية ويُثبّت صورته كوحش تمامًا. هل هو مجنون؟ مستعدٌ لقتل الناس فقط ليستعيد كبرياءه؟’
“أه… سيّدتي المستقبلية …….”
“هممم؟”
رفعت رأسي، فوجدت أليس تنظر إليّ بوجهٍ متعاطف.
ربّما بدوتُ وكأنّني أُتمتم غاضبة، فظنّت أنني لست بخير.
“هل تُريدين الخروج في نزهةٍ صغيرة بعد الفطور؟ قد يُخفف ذلك من توتّرك.”
“نزهة؟ هل يُمكنني؟”
كنتُ أعتقد أنَّعليّ أن أطلب الإذن في كل مرةٍ أخرج فيها!
“لا يمكنكِ مغادرة القصر، لكن يُمكنكِ التجوّل في الحديقة القريبة كما تشائين.”
“حقًا؟ كنتُ أحتاج فعلًا لهواء نقي. شكرًا لكِ على الاقتراح، أليس.”
“لا داعي…….”
ابتسمت أليس ابتسامةً خجولة، لكنّ ملامحها بدت كأنِّ بها شيئًا تُخفيه.
اعتقدتُ في البداية أنها مجرد أوهام، لكن فجأة، راودني شك.
‘لحظة. هل يُعقل أن تكون أليس من أتباع الإمبراطور……؟’
أشعر بقشعريرةٍ في كل جسدي.
‘لا، لا يمكن… لا يمكن!’
عندها أدركت أمرًا مهمًا.
في هذا العالم الذي سقطتُ فيه فجأة، لا يُمكنني الوثوق بأحد.
* * *
شُجيرات مهذّبة، وأزهارٌ مزروعة بألوانٍ مختلفة في كل زاوية.
بينها ممرٌّ ضيق ممتدّ، وما إن بدأت بالسير فيه حتى شعرتُ بالهواء ينعش أنفاسي من جديد.
لكن الشعور لم يدم طويلًا.
كنتُ أركل حجرًا صغيرًا على الأرض وأسترجع همومي المؤجّلة منذ قليل.
‘من الجيّد أنني اكتشفتُ أن رسالة الإمبراطور فخّ. لكن ماذا أفعل بها الآن؟’
لا أملك القدرة على التصرّف وحدي، ولا أستطيع طلب المساعدة من أحد، لأن لا أحد أثق به.
‘في روايات أخرى، كانت البطلة تحصل على ملف الرواية الأصلي كمرجع.’
لماذا لا أملك شيئًا كهذا؟ ماذا يُمكنني أن أفعل بتعليقٍ من التعليقات؟
لماذا، بحقّ الجحيم، تجسدتُ داخل شخصيةٍ في عالمٍ لا يملك أملًا ولا حلمًا؟
لقد قرأتُ مئات الروايات الرومانسية السعيدة والنهايات الوردية، مثل:
<طريقة عيش ابنة الرجل الغامض ببذخ>
<حب السيدة المدينة عميق>
<سأطلب الطلاق كمكافأة>
<سأخذ ظرف النقود>
تجسدتُ داخل شخصيةٍ في عالم لا أملك فيه أدنى فرصة!
“أوووووه! ……هاه؟ أليس؟”
يبدو أنّني غصتُ في التفكير لدرجة أنّني لم ألاحظ أنّني كنتُ وحيدةً تمامًا.
“أليس؟ أين ذهبتي؟”
نظرتُ حولي وناديتُ اسمها مرارًا، لكن لم يجبني أحد.
هل هو شعورٌ وهمي؟ رغم الإضاءة الساطعة، شعرتُ بأن الجوّ من حولي مُوحش.
فركتُ ساعدي المرتجف بيديّ وأجبرتُ نفسي على الابتسام.
“تمزحين معي، صحيح؟ ليس مضحكًا، اخرجي فورًا.”
بل هو ليس مضحكًا فحسب، بل مُرعب.
ماذا لو خرج جاسوس الإمبراطور وقتلني الآن؟!
‘لا. سأعود إلى غرفتي فورًا.’
قررتُ العودة والتوقّف عن البحث عن أليس، لكن في تلك اللحظة، رأيت ظلّ شخصٍ خلف جذع شجرة صنوبرٍ كبيرة.
‘ها هي!’
أسرعتُ نحو المكان.
“ما الأمر؟ لماذا تختبئين…… أوه؟”
ليست أليس؟
كان رجلًا، وليس امرأة. بدا أطول مني بكثير، وكان يُغطّي وجهه بقبعةٍ طويلة تُخفي كل ملامحه عدا طرف ذقنه.
‘مهلًا لحظة.’
هل من الطبيعي أن يُعلن أحدهم عن كونه مشبوهًا بهذا الشكل العلني؟!
أفلتُ كمّه ببطء وتراجعت خطوةً إلى الخلف.
حينها، سُمعت نفحة ضحكٍ خفيفة من تحت القبعة.
هل خوفي مضحكٌ بالنسبة له؟! بدأتُ أشعر بالغضب.
ثمّ هبّت الريح.
كانت قويةً بما يكفي لتُطيّر القبعة التي كان يرتديها الرجل.
وهكذا، في لحظة، كُشف وجهه.
الجانب الأيسر من وجهه، من الفكّ حتى الجبهة، كان مُغطّى بحراشفٍ ذهبية، مثل تلك التي تملكها الزواحف.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 5"