الفصل 4 :
* * *
قبل وصول أليس بخمس دقائق، كان تيمينوس يقرأ تقرير الطبيب ويليام بصحبة ديفيد.
“…فقدان في الذّاكرة؟”
استرجع تيمينوس تلك اللحظة التي ذهب فيها للقاء إينوسينسيا.
‘الآن بعد أن أتذكّر، لم أنظر حتى إلى وجهها.’
حتى الآن، لم يشعر بحاجةٍ إلى ذلك. فما الذي سيدفعه لتفقّد وجه امرأةٍ رمت بنفسها من علوٍّ شاهق لأنَّ الزواج منه أسوأ من الموت؟
منذ البداية، كان هذا الزواج مجرّد أمرٍ من الإمبراطور، دون أيِّ مشاعرٍ تُذكر. لم يكن ينوي الاهتمام بها إطلاقًا، ولكن…
‘…من كان يظنّ أنّها ستفعل شيئًا بهذه الجرأة؟’
ألقى تيمينوس التّقرير من يده على الطاولة بنفاد صبر.
“كلّ شيء طبيعي ما عدا الذّاكرة؟ هل يُفترض بي أن أصدّق هذا الكلام الآن؟”
أومأ ديفيد برأسه كما لو كان يتّفق معه، لكن ما قاله لم يكن تأييدًا، بل نقلًا للوقائع.
“بحسب تقرير الطبيب ويليام والخادمة، يبدو أنّها حقًّا فقدت ذاكرتها.”
“وما الدليل؟”
“كلٌّ من أليس والطّبيب ويليام تحدّثا عن نظراتها وتصرّفاتها.”
عندما وصلت إينوسينسيا إلى قلعة وينستاين، ثمّ صعدت إلى البرج وألقت بنفسها، كان هناك من رآها في تلك الحالة.
جسدٌ يرتجف من الخوف، ونظراتٌ تمتلئ باليأس والاستسلام.
لكنّ كلّ ذلك قد اختفى فجأة.
تيمينوس لم يستطع تصديق الأمر. فهو من شهد بأمّ عينه كراهيتها وخوفها منه عن قرب.
“إ…إ…إينوس…”
امرأةٌ لا تستطيع حتّى نطق اسمها عند النّظر في وجهه، فكيف يُفترض به أن يتّخذها زوجة؟
لكن مهما كانت مزعجة، فهي مرشّحةٌ أرسلها الإمبراطور بنفسه. ولم يكن بإمكانه طردها دون مبرّر مقنع.
‘ربّما يمكنني استغلال هذا الأمر كذريعةٍ لإعادتها إلى العاصمة…’
لكن هل سيقبل الإمبراطور بذلك؟ ألن يرسل له مرشّحةً رابعة أكثر سوءًا؟
وبينما كان تيمينوس غارقًا في تفكيره، دخلت أليس.
“تقول السّيّدة إنّها ترغب في الذّهاب إلى المعبد. هل يمكننا اصطحابها؟”
“المعبد؟ هاه، فقدت ذاكرتها ويبدو أنّها لم تنسَ كيف تُصلّي؟”
بدت الدّهشة على وجه ديفيد.
فقد أمروها بأن تظلّ في غرفتها بهدوء، ولم تمرّ سوى بضع ساعات!
ولو كان القرار له وحده، لما وافق إطلاقًا.
لكنّ تيمينوس كان حاضرًا، فلم يكن أمام ديفيد سوى الصّمت وتحريك شاربه.
متأكّدًا من أنَّ سيده سيتّخذ نفس القرار…
“اسمحي لها بالذّهاب. رافقيها إلى المعبد.”
“ج…جلالتك؟”
“لكن سأُرسل حرسًا لمرافقتها. لا بدّ من أن يرافقوها.”
“نعم، مفهوم.”
ربّما كانت تتوقّع هذا، فأومأت أليس بالموافقة.
بعد خروجها، سأل ديفيد تيمينوس وهو لا يُخفي استغرابه:
“جلالتك، كيف تأذن لها بالخروج وأنت لا تعلم ما الذي تُخطّط له؟”
“إن كانت تخفي شيئًا، فلا بدّ من أن نُمهّد لها الطّريق حتّى تمضي في خطّتها، ونُمسك بالدّليل.”
“آه… أجل! كلامك منطقيٌّ فعلًا!”
تيمينوس شعر بأنَّ الأمر قد يكون في صالحه.
ما إن يحصل على دليلٍ قاطع، سيتمكّن من إعادتها إلى العاصمة دون أن يعترض الإمبراطور.
‘…شيءٌ كـ الزواج لا يليق بوحشٍ مثلي.’
من الأفضل أن تنقطع هذه السّلالة الملعونة إلى الأبد.
ومع تنفّسه العميق وكأنّه يُبعد عنه رماد الخيبة، أمر ديفيد.
“ارسل كاي وتشيزاري لمرافقتها. أخبرهما أنّه في حال بدت تصرّفاتها مريبة، يمكنهما التّصرّف فورًا.”
“أمرك، جلالتك. سأتّصل بهما على الفور.”
كان تيمينوس مقتنعًا تمامًا أنَّ شيئًا سيقع في المعبد.
وبالفعل، مع غروب الشّمس، عاد الحارسان شاحبين كالأموات.
لكنّ ما قالاه لم يكن كما توقّع تيمينوس إطلاقًا.
“السّيّدة… السّيّدة تلقّت وحيًا إلهيًّا!”
كان ذلك ضربًا من الخيال.
تلقي إينوسينسيا للوحي يعني ببساطة أنّها ليست مجرّد مرشّحة، بل هي القدّيسة نفسها.
* * *
بعد عودتي من المعبد، تناولت العشاء واستحممت بماءٍ ساخن، ثمّ تمدّدت في السّرير… لكنّ الصّدمة لم تزل بعد.
أعني، حقًّا…
‘كيف يُمكن أن يكون الوحي عبارةً عن تعليقٍ في قائمة التّعليقات؟’
بل لم يكن أيّ تعليق.
كان تعليقًا وضعته في آخر منصةٍ استخدمتها!
منصةٌ مشهورة بنظام النّشر الفوري، لا بالقصص الكاملة أو الكتب المجلّدة.
بمعنى آخر، لم يكن تعليقًا على العمل كاملًا، بل على إحدى الحلقات.
BEST: الشمس المنخفضة
<“كنتُ أظنّ أن في الأمر ريبة حين قال فجأة إنه سيساعدني على الهرب… فإذًا، كنتَ أحد أتباع الإمبراطور.”>
‘لابدّ أنِّ هذا يُشير إلى الحادثة الّتي وقعت عند وصول بياتريس إلى الشّمال، أليس كذلك؟’
رواية “العالم الذي فقد الحاكم” تبدأ بوصول بياتريس إلى الشّمال لتُصبح عروس البطل.
لكن حين وصلت، لم يكن البطل موجودًا، فتأخّر لقاؤهما الأوّل.
استغلّت بياتريس غيابه لتُخطّط للهروب. إذ كان لها حبيبٌ في العاصمة تُريد العودة إليه.
أظنّ أنَّ اسمه كان زينو أو شيءٌ من هذا القبيل؟
‘ذلك الحبيب هو أحد أسباب غياب أيِّ رومانسيةٍ بينها وبين البطل…’
فحاولت العودة إلى العاصمة، لكن لم يكن هناك من يُساعدها في الشّمال.
ولم تتوقّع أن يظهر أحدٌ ويعرض مساعدته…
-دق دق.
أوه، يا إلهي!
كنتُ غارقةً في التّفكير لدرجة أن طرقًا خافتًا كاد ينتزع صرخة من حلقي.
سددت فمي بالبطّانية كي لا أُطلق صرخة، ثمّ جلستُ ببطء.
‘مَن هذا الّذي يطرق… النافذة؟’
نعم، الطّرق لم يكن على الباب بل على النّافذة.
نظرتُ نحو الزجاج الغارق في السّواد، ثمّ اقتربت بحذر وسحبتُ النافذة.
-توك.
سقطت ورقةٌ مطوية عند قدمي.
[“أعلم أنّكِ ترغبين بالعودة إلى المعبد الكبير.
سأساعدكِ على الهروب من الدوق الوحش.”]
“ما هذا؟”
الهروب؟ فجأةً؟ من دون مقدّمات؟
لحظة…
* * *
في غرفةٍ مظلمة لا يتسرّب منها حتى الهواء، وقف رجلٌ مُلثم يواجه كرة تواصلٍ سحرية.
“وضعتُ الرسالة عند نافذتها كما أمرتم.”
-”مجرد رسالة؟”
“هناك الكثير من الحراس يراقبونها. كان هذا أفضل ما أستطيع فعله دون كشف هويتي.”
-”تبًّا… كنتُ آمل أن تموت، لكنّها أصرّت على العيش… مزعجة.”
تنهيدةٌ قصيرة تبعتها نبرةٌ مستغربة.
-”لكن ألم تُلقِ بنفسها من أعلى البرج؟ كيف بقيت على قيد الحياة؟”
“كانت مرشّحة القدّيسة، لا بدّ أنَّ قوّتها شفتها في الحال.”
-”حتى لو كانت مرشّحة، لا أظنّ أنّها كانت قادرةٌ على الشّفاء من إصابةٍ قاتلة…”
عند تعرّض الكهنة أو الفرسان لإصابات، تُشفى أجسادهم تلقائيًّا بقوّتهم الروحيّة.
لكن ذلك ينطبق فقط على الإصابات الخفيفة.
أما إصابة تؤدّي إلى الموت، فنجاة المرء منها تتطلّب أن يكون البابا أو القدّيسة.
“ربّما كان مجرّد حظ. سمِعتُ أنّها سقطت على عشبٍ ناعم.”
-”ليس حظًّا جيّدًا، بل حظًّا سيّئًا. على الأرجح، كانت تُريد الموت فعلاً.”
صوتٌ بلا عاطفة قال وهو ينقر لسانه.
-”بما أنّها ترغبُ بذلك، فلن يكون موتها ظلمًا. اقتلها عندما تحين الفرصة.”
“أمرك.”
بمجرّد أن انطفأ الضّوء داخل كرة التّواصل، جمع الرّجل أدواته بتلك المهارة المتمرّسة، وهو يفكّر.
‘هذه المهمّة ستكون سهلة.’
فالقلعة بأكملها تنظر لإينوسينسيا بازدراء بعد محاولتها الانتحار.
وهي الآن محاصرة، مراقَبة… فتاةٌ غبيّة لا تستطيع فعل شيء.
لا بدّ أنّها ستقبل العرض بكلّ سرور.
وهي لا تعلم أنَّ منقذها ما هو إلا قاتل سيُنهي حياتها.
‘على الأغلب، أسبوعان وتنتهي المهمّة.’
رفع الرجل طرف فمه بابتسامة.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 4"