الفصل 3 :
* * *
عنوان الرواية التي أنا فيها هو <العالم الذي فقد الحاكم>.
في الواقع، كان من السهل توقّع الجو العام للرواية من عنوانها فقط. من الواضح أنّها ليست من نوع الروايات المُريحة.
لكنّني انجذبت إلى الغلاف الجميل، ونقرتُ على العمل… وفي النهاية، توقّفت عند الفصل السبعين.
فالعلاقة بين البطلة والبطل لم تحمل ذرّةً واحدة من الرومانسية، وكانت الأحداث كأنّها كابوسٌ لا ينتهي.
‘بصراحة، كان نوع الرواية أقرب إلى “الهروب من الغرفة” منه إلى الرومانسية…’
على أيِّ حال، ما هو دور إينوسينسيا التي تجسدتُ فيها ضمن الرواية؟
باختصار، كانت مجرد أداةٍ لتأكيد مدى رُعب سمعة الدوق الوحش.
‘لقد أنهت حياتها لأنها لم تُرِد الزواج مِن الدوق الوحش، لكنّ الشائعة في الخارج كانت أنّه هو مَن قتلها.’
بمعنى آخر، ولكي تسير أحداث الرواية حسب الخطة، كان ينبغي لـ إينوسينسيا أن تموت لحظة قفزها من مكانٍ عالٍ.
وبالفعل، لقد ماتت. لكنّ روحي دخلت ذلك الجسد وأعادته للحياة، وهنا تكمن المشكلة.
وما المشكلة في هذا؟ بعد موت المرشحة الثالثة للعروس، يُرسل الإمبراطور المرشحة الرابعة إلى الشمال.
وهي البطلة: بياتريس.
بمعنى آخر، لا تبدأ الرواية فعليًّا إلا بعد أن تطأ بياتريس أرض الشمال بوصفها المرشحة الرابعة للعروس.
‘لكنّني عدتُ للحياة في هذا الجسد… مِما يعني أنَّ بياتريس لن تظهر حتى!’
ولكي أعرف كيف يمكن إصلاح هذه الفوضى العارمة، كان عليّ الذهاب إلى الكنيسة.
لكن…
“الكنيسة؟ أُه… الكنيسة…”
أظهرت أليس ردة فعلٍ مترددة إلى حدٍّ ما.
“لا تقولي لي… لا وجود لكنيسةٍ هنا؟”
“ليس الأمر أنّه لا توجد كنيسة، بل… لستُ متأكدة إن كان يُسمح بأن أُرافقكِ إلى هناك. أرجوكِ، انتظريني قليلاً، سأذهب لأطلب الإذن.”
صحيح، فكبير الخدم أمرني بالبقاء بهدوء في الغرفة قبل ساعتين فقط.
كان من الطبيعي أن تخرج أليس بوجهٍ حائر لتأخذ الإذن.
‘انتظري لحظة، ماذا لو لم يمنحوا الإذن؟’
ما الحل؟ ماذا سأفعل؟
‘سأتظاهر بالإغماء وأستلقي، ببساطة!’
هل كان ذلك التصميم واضحًا في ملامحي؟
بعد نحو ساعة، عادت أليس ومعها بشرى جيدة: حصلت على الإذن من كبير الخدم.
لكنّها لم تعد وحدها.
“بما أنَّ الكنيسة قديمة ومتهالكة، أُمرتُ أن أرافقكِ مع حراسٍ لحمايتكِ.”
“نحن من سيحرص على سلامة السيّدة.”
وقد نظر إليّ الفارسان بعينين صارمتين، وكأنّهما يقولان: لا تفكّري حتى في الهرب منّا.
لكنّني لم أُظهر أيَّ تردد.
‘هاه! حدّقوا ما شئتم. هل تظنّونني سأنهار؟’
يبدو أنّهما يحاولان كسر عزيمتي، لكن للأسف… روحي صارت من التيتانيوم من كثرة ما لاقته في الحياة.
‘طبعًا هذا لا يعني أنّني لا أحقد!’
حين تنقلب الموازين، سأذيقكم الويل من الاستعلاء!
* * *
بصراحة، ظننت أنَّ أليس تكذب. حين قالت إنَّ الكنيسة متهالكة جدًّا.
‘حسبتُها مجرد ذريعةٍ لتُبرّر مرافقة الحراس.’
“هل… هذه هي الكنيسة؟”
“نعم… أليست حقًا متهالكة؟”
لم أتمكّن حتى من مجاملتها والادّعاء بعكس ذلك.
كلمة متهالكة نفسها لطيفة أمام هذا المنظر. فهذه ليست كنيسة، بل بناء مهجور.
السقف مليء بالثقوب، والبلاط مُتشقق ومكسور.
التمثال الوحيد الذي بقي واقفًا كان بارتفاع نظري تقريبًا، لكنه لم يكن سوى هيكلٍ مغطّى بالطحالب والغبار والعناكب.
هل يوجد إنسانٌ يمكنه الشعور بالعظمة الحاكم أمام هذا التمثال؟
أنا بالتأكيد لا.
‘هل سبب تحوّل البطل إلى وحش… هو غضب الحاكم؟’
إن رأيت هذا المكان، لا أظنّ أنَّ أيِّ حاكمٍ رحيم سيبقى هادئًا!
“بما أنّني فقدتُ ذاكرتي… أسأل من باب الجهل فعلاً… ألا يُصلي الناس في الكنيسة هنا؟”
من أجابني لم تكن أليس، بل أحد الفرسان، صاحب الشعر الأسود.
“لا يُمكنهم أن يُصلّوا.”
“لا يُمكنهم؟ لا يُصلّون؟”
“نعم. ليس فقط في وينستاين، بل في كلّ الشمال، لا يوجد كاهنٌ واحد.”
“وإذا لم يوجد كاهن، لا يمكنهم الصلاة؟”
“أليس هذا بديهيًا؟ غريبٌ أنّك لا تعرفين، وأنتِ مرشحةٌ لِتكوني قديسة!”
“ألم تسمع من الطبيب ويليام؟ قلتُ إنّني فقدتُ ذاكرتي.”
“آه، صحيح، هذا جزءٌ من قصّتِكِ، أليس كذلك؟”
عاملني الفارسان وكأنّني مُحتالة.
وحين نظرتُ إليهما بعينين غاضبتين، تدخّلت أليس وهمستْ:
“إن لم يوجد من ينقل صوت المؤمنين إلى الحاكم، أي الكاهن، فلا فائدة من الصلاة.”
أجل، أظنّني قرأت شيئًا كهذا في الرواية أيضًا.
‘وكان الكاهن بحاجةٍ إلى القلادة ليتمكّن من إيصال الصلاة، أليس كذلك؟’
وحين جاءت بياتريس إلى الشمال، فقدت قلادتها وهي تحاول الهرب، وبالتالي لم تستطع أن تُصلي…
مهلًا؟
‘هل هذا يعني أنّني أحتاج القلادة أنا أيضًا؟’
تحسستُ عنقي فلم أجد شيئًا.
“أليس، هل كانت هناك قلادةٌ بين ممتلكاتي؟”
“قلادة؟ لا أظنّ… هل أذهب وأتفقد؟”
“لا، سأبحث لاحقًا بنفسي.”
سواء نجحت الصلاة أم لا، بما أنّي وصلت إلى هنا، فلا ضير من المحاولة.
‘لكن… فلنُنظّف المكان أولًا.’
تنهدتُ وأنا أنظر إلى الكنيسة التي كانت أقرب إلى الخراب منها إلى بيت عبادة.
“أريد تنظيف المكان قبل الصلاة، أين أدوات التنظيف؟”
“نعم؟ أنتِ بنفسك؟”
كانوا يحدقون بي وكأنّني قلتُ شيئًا غريبًا.
“أليشت هذه خدمة الحاكم أيضًا؟”
بدا أنَّ حجّتي هذه راقت لأليس، فهزّت رأسها.
“انتظري قليلاً، سأذهب وأحضر الأدوات.”
ثم بدأتُ وأليس بتنظيف الكنيسة، كلّ واحدة تحمل ممسحةً أو مكنسة.
لكن ما لم أتوقّعه، هو أنَّ الفارسين اللذين ظننتُهما سيكتفيان بالمشاهدة، تحرّكا واقتربا.
“دعينا نُساعد. نحن من سيقوم بهذا العمل.”
يبدو أنّهما تأثرا بمشهد أليس وهي تعمل بجهدٍ لأجلي؟
‘لا يُمكنني أن أُضيّع هذه الفرصة!’
وقبل أن ترفض أليس، كنتُ قد ابتسمتُ وأعطيتُ كلّ فارس أداة.
“رائع، شكرًا جزيلاً! إذًا، أنت امسح العنكبوت من السقف، وأنت نظّف هذه الزاوية.”
ورغم ملامح التذمّر على وجهيهما، لم يستطيعا التراجع.
‘جيد، ممتاز.’
وبالفعل، فإنَّ وجود رجلين قويين في التنظيف أحدث فرقًا كبيرًا في سرعة العمل.
كنتُ أتأمّل الكنيسة التي بدأت تستعيد بعض النظام، وتقدّمت نحو تمثال الحاكم وأنا أحمل قطعة قماش.
‘هل يمكن تنظيف هذا؟’
بدأتُ أفرك الطحالب الملتصقة، فتساقطت أخيرًا.
“دعيني أُساعدكِ، يا سيّدتي.”
انضمت إليّ أليس بعدما انتهت من تنظيف النوافذ، وبمساعدتها أصبح التمثال نظيفًا تمامًا.
رغم أنّه تالف مِن أماكن كثيرة، فإنَّ هيئته بدت كامرأةٍ تُجسد الحاكم.
“التمثال في حالةٍ سيئة، لكن لحسن الحظ، الوح سليم.”
“الوح؟”
“أنتِ لا تعرفين، صحيح… أنا أيضًا لم أره من قبل، فقط سمعتُ عنه من شخصٍ زار كنيسة العاصمة.”
بدأت أليس تفرك اللوح الحجري المائل عند قدمي التمثال.
“يُقال إنَّ الكاهن إن سأل الحاكم، يظهر له الجواب على هذا اللوح.”
“حقًا؟”
عندها، خطرت لي فكرةٌ لامعة.
‘يمكنني أن أجرّب ذلك بنفسي، أليس كذلك؟’
فأنا مرشحةٌ لأن أكون قديسة. بالتأكيد سيردّ الحاكم عليّ.
‘حقًا، فكرة مجيئي إلى الكنيسة كانت صائبة.’
بعد تنظيف التمثال بالكامل، شكرتُ الحارسين.
“سأنقل للحاكم كم تعبتم لأجله. انتظروني قليلاً.”
“لا داعي لذلك، فقط اجعليها قصيرة.”
قالها الفارس ذو الشعر الأحمر بوجهٍ متعب.
‘لا عجب أن الكنيسة بهذه الحالة. لا أحد يهتم هنا.’
في الرواية، كانت بياتريس تُسمي الشمال بـ أرض الخطيئة.
لم يُوضَّح السبب، لكن يبدو أنَّ كارثةً ما حدثت في الماضي.
‘لو كنت أعلم، لما تركت الرواية في منتصفها!’
لكن لا جدوى من الندم الآن.
ركعتُ أمام اللوح بأدب، وضممت يديّ وأغمضت عينيّ.
‘أيها الحاكم، هل تسمعني؟ أنتَ تسمعني، أليس كذلك؟ هل كتبتَ أنتَ هذه الرواية؟ آسفة على التعليق السلبي والمغادرة المفاجئة. أرجوك سامحني.’
لكن… هل كان تعليقي حقًا سلبيًّا؟
لم أقل إنِّ الرواية مملّة. فقط سألت: كيف يمكن أن تنتهي بقتل الجميع وانهيار العالم؟
‘بصراحة، ألا تعتقد أنًّ نهاية العالم كانت مبالغًا فيها؟ سأبذل جهدي بنفسي، فقط أعطني تلميحًا… شيئًا يمنع هذه الكارثة…’
“يا إلهي! يا سيّدتي! الآنسة إينوسينسيا!”
“هاه؟”
فزعتُ حين سمعتُ صرخة أليس، وعندما فتحتُ عينيّ، صُدمتُ بدوري.
اللوح، الذي قالت أليس إنّه يُظهر الإجابة بنورٍ لمن يسأل بإيمان…
ها هو أمامي… تتلألأ عليه حروفٌ بيضاء مضيئة.
BESTالشمس المنخفض
<“كنتُ أظنّ أن في الأمر ريبة حين قال فجأة إنه سيساعدني على الهرب… فإذًا، كنتَ أحد أتباع الإمبراطور.”>
‘هذا الاسمٌ… مألوف جدًّا…’
مهلًا.
لماذا… ظهر هذا هنا؟
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"