الفصل 2 :
لقد مُتُّ.
بما أنّني صُدمتُ بشاحنةٍ ضخمة تزن ثمانية أطنان، فبنسبة 99.9%، ما لم تقعَت معجزة، فلا بدّ أنني قد متُّ فعلًا.
لكن.
‘أين أنا؟ من هؤلاء الأشخاص؟’
غرفةٌ مليئة بالأثاث العتيق.
عندما استعدتُ وعيي، وجدتُ نفسي جالسةً على سريرٍ مُظلّل بستارةٍ فاخرة، بينما أشخاصٌ يرتدون ملابس من العصور الوسطى الغربية يرمقونني بنظراتٍ باردة.
وكان أكثرهم عدوانيّةً رجلٌ في منتصف العمر ذو شارب، كان يرمقني بنظرةٍ عدائية واضحة.
“هل أتيتِ إلى هذا القصر بنيّة ارتكاب هذا الفعل منذ البداية؟ هل كنتِ تنوين تلطيخ شرف عائلة وينستاين؟”
في البداية، لم أتمكّن من التمييز إن كان ما يحدث حلمًا أم واقعًا، لكن عندما سمعتُ ذلك الكلام، استيقظتُ تمامًا.
منذ كنتُ في دار الرعاية، مرورًا بالمدرسة الابتدائيّة، ثم المتوسّطة والثانويّة، والجامعة التي دخلتُها بمنحة ثم انسحبتُ منها، وأماكن العمل التي قضيتُ فيها خمس فترات تدريبٍ مؤقّتة كلّ منها لمدّة ثلاثة أشهر.
كلّما حدثت مشكلة، سواء أصيب أحدهم أو فُقد شيء أو تحطّمت الممتلكات، يُوجَّه إليّ الاتهام فورًا: “أنتِ مَن فعل هذا، أليس كذلك؟”
هذا الموقف مألوفٌ جدًّا بالنسبة لي.
ولهذا، فأنا أعرف جيّدًا كيف أتعامل معه.
لو تصنّعتُ الجهل أو بدوتُ مرتبكة، فسأتلقّى التهمة بنسبة مئةٍ في المئة.
لذا، مسحتُ كلّ تعابير وجهي، ونظرتُ مباشرةً إلى الرجل الواقف أمامي.
“ما الذي يُزعجك؟ لا أعلم ما الذي يحدث، لكن إن كنتَ تُريد إلقاء اللوم عليّ، فعليكَ أن تحضر الدليل أولًا.”
عند سماعه تلك الكلمات، تراجع الرجل الغاضب خطوةً إلى الوراء وهو يطلق صوتًا خافتًا.
“أتتظاهرين بالجهل؟ حتى وإن حاولتِ التمثيل…!”
“ديفيد.”
وفي اللحظة التي بدا فيها أنّه سيدخل وضعية هجومية، جاء صوتٌ ثقيل من خلف ستارة السرير.
وبمجرد أن انطلقت تلك النبرة، هدأت أجواء الغرفة الصاخبة فجأة.
“نُقَدِّمُ احترامَنا لدوقنا المعظّم.”
الرجل ذو الشارب، والذي يُدعى ديفيد، استدار على الفور بانضباطٍ تام وانحنى باحترام.
وفعل الآخرون مثله.
‘دوق؟ ما هذا، هل أنا في روايةٍ رومانسية خيالية الآن؟’
…لا، لحظة. هل يُعقل؟
فكرةٌ لا تُصدَّق خطرت في ذهني.
‘لا، لا يمكن… لا يعقل.’
كنتُ أرغب في رؤية وجه الشخص الذي يُدعى بالدوق، لكن الستارة كانت تحجب رؤيتي.
بينما كنت أحرّك رأسي بحذرٍ دون أن أُثير الشكّ، عاد الصوت نفسه ليصدح من خلف الستارة:
“سمعتُ أن خطيبتي قد استيقظت.”
“خطيبة؟ تقصد تلك المرأة التي ألقت بنفسها رافضةً الزواج؟”
“ديفيد.”
عند هذا الصوت المليء بالتأنيب، انكمش ديفيد وخفض رأسه مجددًا وهو يعبس.
نظراتُه المليئة بالامتعاض توجّهت نحوي، وفي تلك اللحظة فقط أدركتُ شيئًا.
‘خطيبة؟ هل… هل يقصدني أنا؟’
الرجل الذي يُدعى بالدوق، هل هو خطيبي؟
“إنَّ الزواج الذي رتّبه الإمبراطور بأمرٍ إمبراطوري لا يمكن رفضه إلا بالموت. قرار خطيبتي كان… حكيمًا.”
رغم أنّني لم أرَ وجهه، فإنني شعرتُ بأنِّ نظره متوجّهٌ نحوي.
“ولكن من المؤسف أنّكِ نجوتِ.”
كان صوته الساخر يحمل لمحةً من المرارة.
وأثناء محاولتي تحليل ما قاله، أدركتُ فجأةً أمرًا مألوفًا.
‘زواجٌ بأمرٍ إمبراطوري؟ وانتحارٌ هربًا من الزواج؟… هذا يبدو مألوفًا جدًّا.’
وبينما كنتُ أُفتّش في ذاكرتي، واصل الرجل حديثه:
“بما أنّها أصيبت بجروحٍ خطيرة، فسوف نؤجّل موعد الزفاف. سأُبلغ جلالة الإمبراطور بذلك.”
“آه، عذرًا… أممم…”
“إذن، ارتاحي تمامًا إلى أن تتعافَي.”
ومع صدى خطواته المتباعدة، أدركتُ أنّه غادر.
ظلّ ديفيد منحنيًا حتى اختفت الأصوات، ثم استدار نحوي بحدة.
“بما أنَّ الدوق قد دعاكِ بخطيبته، فسوف أناديكِ بلقب السيّدة المستقبلية. لكن لا تتوقّعي أن يُمنح لكِ أيُّ نوعٍ من الصلاحيات، ولا تطلبي شيئًا مطلقًا. هل فهمتِ؟”
“أعني…”
“اصمتي تمامًا، لا تفعلي شيئًا، ولا تغادري هذا المكان. هل هذا صعب الفهم؟”
لم يُتِح لي أي فرصة للكلام، وأطلق نحوي نظرةً حادّة.
رغم أنَّ في داخلي مئة سؤالٍ وسؤال، فقد أومأت برأسي.
‘أوّلًا، يجب أن أفهم الوضع.’
ولتحقيق ذلك، عليّ أن أُخرج هذا الرجل من هنا.
ولحسن الحظ، نطق بما أردتُ سماعه:
“سأنصرف الآن. أليس!”
“نعم، كبير الخدم!”
ركضت فتاةٌ صغيرة في أواخر سنّ المراهقة نحوه بانضباط، وانحنت باحترام.
“اعتني جيّدًا بالسيدة المستقبلية، ولا تدعيها تشعر بأيِّ إزعاج.”
“أنـ… نعم، حاضر!”
ثم خرج كبير الخدم وكلّ من كان معه، تاركين الفتاة وحدها معي.
بعد أن أُغلِق الباب بصوتٍ خافت، أسرعت أليس نحوي وركعت بجانب السرير تنظر إليّ بعينين دامعتين.
وجهُها المنتفخ قليلاً بدا لطيفًا.
“سيّدتي، لماذا أقدمتِ على هذا الفعل؟”
“أنا لا أعلم.”
“عفوًا؟”
سحبتُ خصلةً من الخيط البنفسجي المترنّح أمامي.
“آي، آي…”
بما أنَّ رأسي وخزني قليلًا، يبدو أنَّ هذا هو شعري.
“لا أظنّ أنّها كاميرا خفيّة تستهدف المدنيين…”
“عفوًا؟”
“أنتِ تُدعين أليس، أليس كذلك؟”
أين أنا؟ من أنا؟ من هؤلاء؟…
قرّرتُ أن أستخدم الكلمة السحرية التي ستُجيب عن كل شيء دفعةً واحدة:
“أعتقد أنّني فقدتُ ذاكرتي.”
“نعم؟ نـ… نعم؟”
“لا أتذكّر شيئًا على الإطلاق. آه، لكنني أستطيع التكلّم، كم هذا مدهش.”
كانت دهشتي نابعةً من أنّني أتحدّث بلغةٍ ليست الكورية بسلاسة.
“دكتور! الدكتور ويليام!”
لكنّ أليس، التي لم تكن تعلم هذا، اعتقدت أنّني فقدتُ عقلي، فصرخت وركضت خارج الغرفة كمن فقدت صوابها.
لكنني لم أشعر بالضيق، فقد عادت سريعًا ومعها الطبيب المسؤول عن صحّتي.
* * *
الطبيب ويليام، المسؤول عن صحّة عائلة وينستاين.
كادت أليس أن تجرّه جَرًّا إلى الغرفة، وبعد أن طرح عليّ بضعة أسئلة، أطلق تنهيدةً ثقيلة، ثم نطق بما كنتُ أريد سماعه:
“يبدو أنّكِ قد فقدتِ ذاكرتكِ.”
“فقدتُ ذاكرتي؟ أنا؟”
“بما أنّكِ سقطتِ من مكانٍ عالٍ على رأسك، فليس ذلك غريبًا. هل تشعرين بأيِّ إزعاجٍ آخر؟”
بعد سؤاله، ضغطتُ على مختلف أجزاء جسدي.
“لا أشعر إلا بالقليل من التعب.”
بعد إجابتي، شعرتُ بالغرابة.
‘لقد قفزتُ من مكانٍ مرتفع، ومع ذلك لم ينكسر أيُّ عظم؟’
لكنني قرّرتُ أن أُركّز على الأسئلة الأهم أولًا.
“هل من الحقيقي أنّني ألقيتُ بنفسي من مكانٍ عالٍ؟”
“في الواقع…”
تنهد الطبيب، وبدأ يحكي لي قصةً قصيرة وطويلةً في الوقت نفسه.
“السيّدة المستقبلية…”
* * *
قبل ثلاثة أيّام، وصلتُ—أي إنوسينسيا—إلى قلعة وينستاين في منتصف النهار، ثم صعدتُ إلى أعلى البرج مساءً وألقيتُ بنفسي.
بمعنى آخر، اخترتُ الانتحار بعد نصف يوم فقط من وصولي.
‘حتى العيش وسط الوحل أرحم من الذهاب إلى الآخرة… كم كان الأمر قاسيًا إذن؟’
بما أنّها لم تمكث هنا طويلًا، فإنَّ الطبيب وأليس لا يعرفان عنها الكثير.
لكنّ زواجها قد تقرّر بأمرٍ إمبراطوري قبل شهرين، وتردّدت حولها الكثير من الشائعات.
وحكيا لي تلك الشائعات، بالإضافة إلى ما جرى في القصر خلال الأشهر الستة الماضية.
بفضل ذلك، بدأتُ أفهم سبب الإحساس الغريب الذي راودني.
‘لا عجب أنَّالمصطلحات التي سمعتها بدت مألوفة!’
آخر شيءٍ فعلتُه قبل عبور الطريق هو كتابة تعليق على رواية رومانسية خيالية.
البطل تحوّل إلى وحش ودمّر العالم؟؟؟ هذه هي النهاية فعلًا؟؟؟ شعرت أنِّ هناك شيئًا غريبًا فجأة، فقفزت للحلقة الأخيرة، ولحسن الحظ فعلت. لو كنتُ أعلم أن النهاية ستكون هكذا لما بدأت الرواية أصلًا!
نعم، لا أريد تصديق الأمر، لكنّ هذا العالم على وشك أن ينهار.
وسينتهي على يد البطل الذي سيتحوّل إلى وحش! البطلة وكلّ من حولها سيموتون! وبعد دمار العالم، يختفي البطل نفسه دون أثر!
وفي هذا العالم المظلم البائس، الشخصية التي حللتُ فيها، إنوسينسيا، ليست حتى شخصيةً ثانويّة.
بل هي الخطيبة الثالثة التي تُقتل قبل بداية الرواية، لأنها فضّلت الموت على الزواج من البطل الملعون.
أي أنّني متُّ قبل أن تبدأ القصّة حتى!
‘حتى بعد أن صبرتُ وتحملتُ كلّ شيء في كوريا، أموت الآن بسبب شاحنة قطعت الإشارة؟ والآن سأموت مجددًا؟ بهذه السهولة؟’
…هاه! مضحك!
أنا التي لم تستسلم أبدًا حتى في أصعب الظروف في حياتي السابقة، هل تظنّون أنّني سأرضخ الآن؟
حتى لو أنّني دخلت رواية، فلن أنكمش!
سأعيش، وسأقاتل، وسأظلُّ حيّة حتى أصبح جدةً يحيط بها الأحفاد وأموت بسلام!
سأعيشُ حياةً سعيدة، وسأجعلهم يرون ذلك بأعينهم!
‘…صحيح أنَّ مستوى الصعوبة يشبه الجحيم.’
لكنّ ما يُطمئنني أنّه مهما انهارَ السقف، فهناك دومًا منفذٌ للنجاة.
‘في هذا العالم، هناك حاكمٌ حقيقيّ.’
ليس اثنين، ولا ثلاثة، بل واحد فقط.
حاكمٌ الواحد.
كان لهذا الحاكم تأثيرٌ عظيم على هذا العالم.
حتى الإمبراطور يركع للكاهن الأعظم الذي يُعدّ ممثّل الحاكم.
وبعد الكاهن، تأتي القدّيسة، وهي أقرب الناس إلى الحاكم.
والجسد الذي حللتُ فيه، إنوسينسيا، كانت واحدةً من أربع مرشّحات لتكون القدّيسة القادمة، كانت تتدرّب في المعبد.
‘حتى لو لم تكن قدّيسة، فإنِّ كونها مرشّحةً يعني أنَّ الحاكم رآها أهلًا.’
وهذا يعني أنَّ الحاكم يرى وضعي الحالي.
بل قد يكون هو من زرع روحي في جسدها.
‘سأعرف إن تحقّقتُ من الأمر.’
سحبتُ حبل النداء فورًا، واستدعيتُ أليس.
“أريد أن أُصلّي للحاكم. هل يمكنني الذهاب إلى المعبد الآن فورًا؟”
أيها الحاكم… دعنا نتحدّث بصراحةٍ، ولو مرة.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"
سرعة تقبلها للموضوع رهيببة