الفصل 15 :
“نَعَم، يا سيّدتي الخطيبة! لقد جاء الوحي!”
“لم يَمضِ حتّى دقيقةٌ واحدة منذ أن رفعنا الصلاة، ومع ذلك نزل الوحي مباشرة! يبدو أنّ الحاكم يُحبّ سيّدتنا حقًّا!”
كان صوت الحماسة الصادرة من الفارسين خلفي يَصدحُ بوضوح، لكنّني لم أستطع الردّ عليهم بشيء.
ولِما لا.
BESTماء البحر
أوه… لو كان قد طلب من البطلة، لكانت قد أنقذته ㅠㅠ
فالرسالة الإلهيّة جاءت بهذا الشكل المروّع.
* * *
بعد عودتها من المعبد، ذهبت إينوسينسيا مع الخادمات لتلقّي درس الرقص.
كان من المُفترض أن يرافقها كاي وتيشزاري أيضًا، لكن كانت لديهما مهمّة أخرى، فاستبدلهما فارسان آخران.
وتلك المهمّة هي:
“إذن، ما الذي حدث؟”
كان عليهما إبلاغ تيمينوس بما جرى اليوم.
“لقد تلقّت سيّدتنا الخطيبة الوحيّ من جديد اليوم.”
“يبدو أنّ سيّدتنا الخطيبة حقًّا امرأةٌ مُباركة. لقد أوصلت صلواتنا للرب أيضًا!”
ارتسمت على وجهي كاي وتيشزاري علامات انفعالٍّ خفيف وهما يقدّمان تقريرهما.
لا بدّ أنّهما تأثّرا كثيرًا بإينوسينسيا، حتى إنّهما لم يُدرِكا أنّهما يواجهان تيمينوس مباشرة.
وبينما أطبق تيمينوس شفتيه في دهشة من ذلك، أخرج كاي من حضنه كرةً بلوريّة.
“كما أمرتم، سجّلنا اللحظة التي تلقّت فيها سيّدتنا المُرتقبة الوحي.”
كان أمر تيمينوس هو: إن تلقّت إينوسينسيا وحيًا آخر، فليسجّلوه بصورة في الكرة البلورية ويحضروا له المقطع.
ويا للمفارقة… كان قد استوحى هذا الأمر من كلماتها هي.
“أ… أليس هناك أداة سحرية تُسجّل أقوال الشخص الآخر أو أفعاله؟”
“لا بدّ أنّها لم تلاحظ أنّكم تسجّلون بالكرة البلورية، صحيح؟”
“نعم. لكي لا تنتبه سيّدتنا المُرتقبة، فعّلنا الأداة السحرية قبل دخولنا المعبد. لحظة من فضلك.”
كان على وجه كاي شيءٌ من الشعور بالذنب وهو يعبث بالكرة البلوريّة.
فهو، رغم ولائه، لم يكن مرتاحًا للغدر بامرأةٍ يؤمن تمامًا أنّها مُباركة.
ومع إحساس تيمينوس بالضيق بدوره، مدّ يده لكاي.
“يكفي. سأراها من البداية.”
“آ… حاضر.”
ولأنّ كاي سلّم الكرة وهو في منتصف العبث بها، فقد ظهرت فيها بالفعل صورة إينوسينسيا وهي تدخل بيت العبادة.
ـ واو! واااو! لقد أصلحوا التمثال كلّه! واستبدلوا البلاط والنوافذ! واو، واااو!
كانت إينوسينسيا، مثل جروٍ يخرج للنزهة بعد غياب طويل، تتجوّل في الداخل بوجه مليء بالحماس.
تُزيح الستائر وتعيدها مكانها، تقرفص على الأرض وتلمس السجّاد بيديها.
كانت عيناها، وهما تتأمّلان التمثال المُرمّم بعناية، تلمعان بشكل يفوق أيّ شيء آخر في المكان.
وبعد قليل، التفتت إينوسينسيا داخل المشهد المُسجَّل.
كانت تريد النظر إلى كاي، لكن بالنسبة لتيمينوس الذي يُشاهد من الكرة، بدا وكأنّها التفتت لتنظر إليه هو.
ـ رائع جدًّا! أعجبني كثيرًا! بلّغِ الذين قاموا بترميمه شكري. وكذلك الدوق!
وحين امتلأت الكرة البلورية بابتسامتها العريضة—
نادَى تيمينوس كاي دون أن يشعر.
“أعد تشغيلها من البداية.”
“نعم؟”
“من البداية، ثانية.”
“آ… نعم.”
هل يكون قد سُجّل شيءٌ مُسيء لسيّدتنا الخطيبة؟
وبينما لم ينتبه إلى أنّ قلبه بدأ يميل نحو إينوسينسيا، أعاد كاي تشغيل المقطع من البداية بيد مرتجفة.
ـ أحم. لا تُفاجئي كثيرًا حين نصل المعبد.
ـ ها؟ لماذا؟ ماذا هناك؟
ـ سترين بنفسكِ.
كان وجه إينوسينسيا منذ تلك اللحظة ممتلئًا بالتوق. كطفلٍ استيقظ صباح عيد ميلاده.
ومهما حاولت إخفاء ذلك، فإنّ خطواتها الخفيفة القلقة، ونظراتها السريعة نحو الجهة التي يقع فيها المكان، كانت تفضحها.
‘…هل كانت دائمًا امرأة لا تستطيع إخفاء مشاعرها بهذا الشكل؟’
لو فكّر قليلًا… فإنّ أوّل مرة رآها فيها بعد فقدان ذاكرتها كانت هكذا أيضًا.
تلك النظرات التي كانت تُحدّق في وجهه كما لو كان عملاً فنّيًا، أو تلك العيون اللعوبة التي تُلاحق جسده.
ـ رائع جدًّا! أعجبني كثيرًا! بلّغِ الذين قاموا بالترميم شكري. والدوق أيضًا!
شعَر بأنّ قلبه، الذي كان يَخفق بخفوت، ينتفض دفعة واحدة.
مرة أخرى… الدوق.
‘لماذا طلبتِ معرفة اسمي إذن؟’
وحتى شكرها على الترميم… ألم يكن ينبغي أن تقوله بنفسها؟
هو أصلًا لمّا يُصلح المكان إلا خشية أن تتردّد على هذا المكان المُتهالك مجددًا طلبًا للوحي… أفلا تُقابل الإحسان بالامتنان؟!
“أعدها من البداية.”
“نعم.”
ـ رائع جدًّا! أعجبني كثيرًا! بلّغِ الذين قاموا بالترميم شكري. والدوق أيضًا!
الآن اتّضح له أنّ اسمه جاء في النهاية فقط… كما لو تذكّرته في اللحظة الأخيرة… وكأنّها أضافته مُرغَمة.
ـ واو! واااو! لقد أصلحوا التمثال! واستبدلوا البلاط والنوافذ! واو، واااو!
“…من جديد.”
ـ واو! واااو! لقد أصلحوا التمثال! واستبدلوا البلاط والنوافذ! واو، واااو!
ومع استمرار تيمينوس في إعادة المقطع عدّة مرّات بلا سبب مفهوم، بدأ كاي وتيشزاري يشعران بالغرابة.
لكن دون أن يلاحظ تبادل النظرات بينهما، بقي تيمينوس يُعيد نفس اللقطة ثم قال:
“أعلم أنّ خلف المعبد مبنى مُنهار.”
“نعم، إنّه غرفة الاعتراف. إنها أكثر تهالكًا من المعبد حتى، ولا يمكن فتح بابها.”
“بلّغ ديفيد بأن يُرمّمها تمامًا كما فُعِل بالمعبد، وليُخصَّص لها عمّال جدد.”
“حاضر.”
لم يعلم كاي لماذا يصدر تيمينوس هذا الأمر، لكن تيشزاري كان أذكى… وقد فهم السبب فورًا.
وكان السبب:
‘بعد ترميم غرفة الاعتراف أيضًا… ستأتي بنفسه، أليس كذلك؟’
لكن رغم إدراكه لهذا، لم يُدرك تيمينوس شيئًا آخر:
لماذا أصبح ينتظر شكرها بهذا الشكل أساسًا؟
وبعد أن أعاد تيمينوس المقطع خمس مرّات أخرى من البداية، وصل أخيرًا إلى مشهد تلقي الوحي.
ضوء أبيض نقيّ ممتزج بجزيئات ذهبية… ثم نافذة مُعلّقة في الهواء.
عندها أصبح وجه تيمينوس جادًّا، وكذلك توتّر كاي وتيشزاري.
“هل من المحتمل أن يكون هذا الوحي مُجرد وهْمٍ سحري؟”
“مُستحيل.”
أجاب كاي بثقةٍ تامة.
“في المرة السابقة لم نكن نعلم مسبقًا بأنها ستتلقّى الوحي، فلم نتمكن من فحص الأمر، لكن هذه المرة كنّا مستعدين تمامًا. لم أشعر بأي حركةٍ سحرية.”
رغم تواضعه، فإنّ مستوى كاي السحري مُرتفع جدًّا.
وإن كان يجزم بهذا الشكل… فلا يمكن أن تكون إينوسينسيا قد استخدمت السحر.
“ليست لغة الإمبراطورية… هذه صيغة لغوية لم أرَ مثلها من قبل.”
“ليست لدي معرفة كافية، لكن ربما تكون لغة الآلهة؟”
هزّ تيمينوس رأسه موافقًا، لكن من دون تأكيد، إذ لم يسبق له رؤية لغة الآلهة.
‘لو كانت لدينا كتب بلغة الآلهة، لعرفنا فورًا.’
لكن مع انهيار معبد الشمال قبل 300 عام، ورحيل جميع الكهنة، لم يبقَ شيءٌ تقريبًا من آثار الدين هناك.
ولولا وصيّة الأسلاف… التي تُحمّل عائلة وينشتاين عار فقدان المعبد، وتحفظ بقاء المعبد وحيدًا… لما بقي حتى هو.
‘سأُرسل أحدهم للعاصمة لجلب كتاب لتعليم لغة الآلهة.’
فلا أحد يُتقن تلك اللغة سوى الكهنة. وبالتالي لا توجد كتب تُدرّسها إلا في المعبد العظيم.
ورغم صعوبة التسلل إليه للحصول على نسخة… فالأمر ممكن إن صبر.
لكن فجأة، غمر تيمينوس شعور بالشك.
‘هل عليّ أن أفعل كلّ هذا؟’
امرأة تُظهر مشاعرها بهذا الوضوح… احتمال أن تكون مُحتالة يبدو ضئيلًا.
ومادام ليس سحرًا، فالنافذة التي ظهرت لا تفسير لها إلا أنّها وحيٌّ حقيقي.
ومع ذلك…
‘وماذا لو صدّقتها… وثبت العكس؟’
ثم تبعه سؤال آخر:
‘في ماذا بالضبط… أخشى أن أكون مُخطئًا؟’
“هل يمكنني مناداتك تيمينوس؟ ألا تملك لقبًا كدلع؟ تيمي؟ ميني؟”
لماذا يُلاحقه صوتها الآن؟
وبينما يحاول طرد أفكاره المتشابكة… اتّخذ تيمينوس قرارًا أخيرًا.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 قناة التيلجرام مثبتة في التعليقات 》
حسابي ✿ 《انستا: fofolata1 》
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 15"