الفصل 11 :
‘ما، ما هذا؟’
ظهرت نافذة ناصعة البياض في الهواء، مُحاطة عند حوافّها بجدائل ذهبيّة تُشبه شُعَب اللبلاب.
والكتابة المدوّنة عليها كانت هي الأخرى تتلألأ بلونٍ ذهبيّ.
‘هذا… أليس ذلك؟ نافذة نظام؟’
وبينما كنتُ أحدّق في النافذة التي طَفَت أمامي وفمي مفتوح على مصراعَيه، سمعتُ صوت أليس يأتي مليئًا بالأسف.
“أعتذر. لقد تضرّر كثيرًا، أليس كذلك؟ سألتُ هنا وهناك عن إمكانية إصلاحه، فَقِيل لي إنّ إصلاحه لا يُمكن إلّا في المعبد المركزي….”
“آه، نعم، فهمت. لا بأس. شكرًا لأنّكِ وجدتِه. فأنا لم أكن أعرف حتى أين فقدتُه… هل… هل تُرِينني أين وجدته؟”
“في الحقيقة…”
تردّدت أليس قليلًا وهي تراقب وجهي، ثم قالت:
“وجدته فوق القمّة.”
“القمّة؟ …آه، المكان الذي سقطتُ منه؟”
أومأت أليس إيماءة صغيرة معبّرة عن الحرج، ومع تلك الحركة الصغيرة أصبح الجوّ بيننا مُحرجًا.
“إه، إهم.”
وأخذ كاي وتيشاري هما أيضًا يتظاهرَان بالانشغال، أحدهما بسعالٍ جاف، والآخر بالتحديق في السقف.
وبما أنّ نافذة النظام ظهرت أمامي فجأة، صار الحديث معهم مُربِكًا، فقلت لهم إنني أريد البقاء وحدي.
“تعلمون الكتاب الذي استعرناه البارحة من المكتبة؟ أريد قراءته اليوم.”
“آه، نعم. مفهوم. إن احتجتِ شيئًا فادعونا.”
“سنكون خارج الباب.”
خرج الثلاثة، وبعد ذلك صعدتُ إلى السرير وأسدلتُ كامل الستائر المُحيطة بالمظلّة، ثم نظرتُ إلى النافذة البيضاء التي ما تزال طافية أمام عيني.
‘تقول إنّ الشروط قد استُوفت لذلك فُتح وحيّ الحاكم؟ فهل الشرط هو العثور على بقايا الهَرطقة؟’
إذا استرجعتُ توقيت ظهور النافذتين، فالمقصود ببقايا الهَرطقة واضح.
أخذتُ أحدّق في القلادة المكسورة الموضوعة فوق المنديل الأبيض.
‘هذه بالضبط… نفس القلادة التي كانت البطلة تحملها على غلاف الرواية.’
وبحسب أليس، فقد وُجدت القلادة فوق القمّة التي ألقيتُ نفسي منها.
وفوق ذلك، لا يوجد أيّ كاهن في الشمال. إذن من المؤكّد أنّ هذه القلادة كانت تخصّ إينوسينسيا.
‘ولكن كيف يُمكن أن تكون هذه هرطقة؟’
أنا، وكذلك بياتريس، كلتانا مُرشَّحتان لمنصب القديسة. فكيف يكون ما نحمله من قلائد، أشياء هرطقيّة؟
وهذا يعني…
‘يعني أنّ المعبد المركزي بأكمله… هرطقيّ!’
وفي تلك اللحظة…
ظهر تنبيه:
ظهور المهمّة الرئيسيّة!
*أنقذي هذا العالم الذي سيفقد الحاكم ويؤول إلى الهلاك.
مكافأة النجاح: تذكرة رغبة واحدة
عقوبة الفشل: الموت
[قبول]
“هاه؟”
ارتعبت وأنا أقرأ النافذة الجديدة التي طَفَت أمامي.
‘مهمّة رئيسيّة؟ هل نحن في لعبة الآن؟ …لا، لحظة!’
العالم الذي سيفقد الحاكم ويهلك.
عنوان الرواية التي قرأتُها: “العالم الذي فقد الحاكم”!
‘ألا يعني ذلك أنّ الحاكم الذي يعبدونه في المعبد المركزي… مزيّف؟ وأنّ ضياع الحاكم هو حرفيًّا؟’
ارتجف جسدي كلّه من القشعريرة التي بدأت من مؤخرة عنقي وامتدّت إلى كل أطرافي.
وبينما أضمّ كتفي المرتجفَين بذراعي، ظهرت نافذة أخرى كما لو كانت تؤكّد كلّ ما فكّرتُ فيه.
[قبول]
“مهلًا. أرجوك، أيّها الحاكم. دعني أفكّر قليلًا.”
لم أقل إنني لن أفعل، فلماذا كلّ هذا الإستعجال؟
‘وبالمناسبة، أليس من المفروض أن تظهر خيارات القبول والرفض في مثل هذه الأمور؟ لماذا لا يوجد خيار الرفض؟’
[قبول]
“هل… هل تُلحّ هكذا؟ سأرفض هذا كلّه إن واصلت!”
وبعد تذمّري، توقّف زرّ القبول عن التمدّد أكثر، رغم أنّه بقي يتلألأ بالذهب.
‘دعيني أفكّر أولًا.’
ما الذي قيل عن المعبد المركزي داخل الرواية؟
إلى غاية الفصل 70، كانت أحداث الرواية تدور في الشمال، لذلك لم يُذكر المعبد إلّا على أنّه المكان الذي ستعود إليه بياتريس… ولا أتذكّر سوى ثلاثة أمور كبيرة عنه.
أولًا: يبدأ كلّ الكهنة وفرسان المعبد كتلاميذ، ولا يُصبحون رسميّين إلّا حين يتسلّمون القلادة من البابا.
ثانيًا: أعطى البابا الإمبراطور شيئًا نفيسًا من خزينة القصر الملكي مقابل إرسال إينوسينسيا إلى هنا.
ثالثًا: أرسل البابا مُفتّشي الهَرطقة إلى الشمال بحثًا عن شيءٍ ما… مهلًا؟
‘مُفتّشو الهَرطقة؟’
صحيح! كان للبابا ثلاثة مُفتّشين يعملون تحت إمرته مباشرة.
أرسل اثنين منهم إلى الشرق والجنوب بحجّة القضاء على الوحوش، لكن وظيفتهم الحقيقيّة كانت العثور على الهَرطقة وإحضارهم إلى المعبد.
‘لكن إذا كانت الهَرطقة تبحث عن الهَرطقة… أليس ذلك يعني أنّ جهة الهَرطقة هي الطرف الحقيقي الذي يتّبع الحاكم؟’
[قبول]
“آه، بحقّ السماء! أنا أحاول أن أستنتج بشظايا المعلومات القليلة المتاحة!”
لم أفهم لماذا يواصل مقاطعتي بينما أنا أعمل بكلّ جهدي للتفكير. خصوصًا أنّه لم يعطني خيار الرفض أصلًا.
“ثمّ أيّها الحاكم… أليس من الأفضل أن تُوكل هذه الأمور لشخص قرأ الرواية كاملة حتى نهايتها، بل أعاد قراءتها مرّات عدّة؟”
مع أنّه من المستبعد أن يُعيد أحد قراءة رواية ينتهي فيها البطل والبطلة بالموت ويهلك العالم.
“لماذا أنا؟ هل لأنني كتبتُ تعليقًا غاضبًا في نهاية الرواية؟ لا تقل لي إنك غضبتَ عليّ وقلتَ: إذا لم يعجبكِ نهايتي فغيّريها بنفسكِ؟”
[قبول]
“حسنًا! حسنًا! فهمت.”
يا لِعَجَلة هذا الحاكم! لو استمرّ الأمر هكذا سيمتلئ عالمي كلّه بكلمة [قبول].
وبينما أتذمّر، لمستُ زرّ القبول بطرف إصبعي.
واختفت كلّ نوافذ القبول المكدّسة دفعة واحدة، وظهرت نافذة جديدة.
*لقد قبلتِ المهمّة الرئيسيّة.
تمّ تحديث الهدف النهائي.
“الهدف النهائي؟”
وبالتزامن مع كلامي، ظهرت نافذة جديدة أمامي.
ظهور مهمّة فرعيّة!
*لم يعد سكّان الشمال يُصلّون منذ وقتٍ طويل، فتلاشت عقيدتهم وصار إيمانهم في مستوى الصفر.
قودي سكّان الشمال نحو الحاكم، وارفعي إيمانهم إلى 100.
مكافأة النجاح: تذكرة وحيّ واحدة
[قبول/رفض]
مهمّة فرعيّة، إذًا…
ولم تكن هناك عقوبة فشل. ربما لهذا السبب يوجد زرّ الرفض هذه المرّة.
‘لو كان خيار الرفض موجودًا قبل قليل لكان أفضل.’
مددتُ إصبعي نحو القبول ثم توقّفت.
“تذكرة وحيّ؟ ما هذا؟”
هل يعني أنّه ابتداءً من الآن أحتاج تذكرة لأتلقّى الوحيّ؟
لماذا؟ ألم يُعطني الوحيّ مجانًا في المرّة الماضية؟
“أيّها الحاكم! اشرح لي! ما هذه الطريقة؟”
هل ما أعطاني إيّاه سابقًا كان مجرّد عيّنة مجانيّة؟ وتريد منّي الدفع الآن إن أعجبني المنتج؟
“تستخدمني بلا مقابل ثمّ تريدني أن أدفع؟ يا لك من حاكم بخيل!”
كان يُكبّر زرّ القبول ليرعبني قبل لحظات، فلماذا يتجاهلني الآن تمامًا؟
هل مجرّد الضغط على القبول جعله يختفي للأبد؟
“مركز شكاوى! حماية المستهلك!”
…وكأنّ ذلك موجود!
لقد خُدعت. لذلك يُقال دائمًا: قبل توقيع أي عقد، افحص الشروط جيّدًا.
وحتى لو بكيتُ الآن فلن يعود شيء إلى الوراء.
‘حين أنجح في منع نهاية العالم… سأطلب أمنية هائلة.’
ولا أريد أن يقول لي يومها: “لا، اختاري شيئًا آخر.” عندها سأستلقي على الأرض وأبكي.
‘…ولكن كيف أفحص المهمّات؟’
وقفتُ أحدّق في الهواء، ثم تذكّرتُ الرسالة الأولى التي قالت إنّ وحيّ الحاكم قد فُتح، وتمتمت:
“وحي الحاكم.”
◆الهدف النهائي: إنقاذ العالم
◇الهدف الحالي: إيمان الشمال 100
*إيمان الشمال: -1
*الأغراض المهمّة المملوكة: لا شيء
كان العرض بسيطًا يُظهر ما أحتاجه فقط، لكن كان هناك أمران أغاظاني.
‘الإيمان ليس صفرًا بل سالب واحد؟ هذا يعني أنّ هناك شخصًا لا يُؤمن فحسب بل يضمر عداءً للحاكم أيضًا؟’
لكن بما أنّ السالب صغير، فسأتجاهله.
والأمر الثاني الذي يوجع القلب هو أنّ قائمة الأغراض خالية تمامًا.
حتى في عالمي السابق لم أكن غنيّة، لكنّ العثور على نفسي هنا بلا شيء، كروحٍ هبطت بلا أيّ ملكٍ أو غرض… جعل الأمر مؤلمًا.
‘لو كنتم لن تُعطوني تذكرة الوحي، فأعطوني مالًا على الأقل.’
كيف سأُنقذ العالم بهذه الطريقة؟
وبينما كنتُ أتنهد بحزن…
ـ طَرَق طَرَق طَرَق.
سُمِع طرقٌ خفيف على باب الغرفة.
ظننتُ أنها أليس فسمحتُ بالدخول.
لكن…
“الدوق يطلب رؤيتكِ لأمرٍ عاجل. سأُرافقكِ، يُرجى الذهاب حالًا.”
دخل ديفيد… صاحب الأنف المرتفع… بنبرةٍ فيها استعجال.
“أمرٌ عاجل؟ ما الأمر؟”
“ستعرفين حين نصل.”
كان يبدو بعجلة حقيقيّة لا تسمح بالشرح، وبما أنّه لا يبدو كاذبًا، أومأتُ ووقفت.
‘هل أمسكوا بكلّ الجواسيس؟’
ربما… نعم.
وربما اكتشفوا سرًّا مهمًّا لم يَخطر لي يومًا.
تسارع قلبي، وأسرعتُ أوبّخ ديفيد لأنّه يمشي ببطء شديد، متجهةً إلى المكتبة حيث يوجد تيمينوس.
وهناك… سمعتُ شيئًا لم يخطر ببالي قَطّ.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
حسابي ✿《انستا: fofolata1 》
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 11"