غادر فريق إي هيون مدينة تشنغدو ، وانطلقوا بخيولهم تحت قيادة بانغ سوول إلى مدينة تشونغتشينغ ثم استقلوا قارباً.
كان عليهم القيام بذلك لأن الطريق كان وعراً للغاية إذا حاولوا الصعود شمالاً والمرور عبر ممر جيانغه المؤدي إلى مقاطعة شنشي
ساروا على طول نهر يانغتسي (العملاق)، ثم نزلوا في مدينة يتشانغ بمقاطعة هوبي ليركبوا الخيول مجدداً.
كان بإمكانهم مواصلة الإبحار حتى ووهان ، ولكن في هذا القسم، كان الطريق الإمبراطوري ممهداً ومستقيماً، لذا كان ركوب الخيل أسرع.
لحسن حظ إي هيون لم يضطروا إلى المبيت في العراء حتى الآن فقد تواصلت رحلتهم بالنوم إما على متن القارب أو في النُزُل
كان النوم ليلاً كل يوم تحت سقف وعلى سرير ممكناً بفضل السرعة المذهلة لحصانَي تشونغ وول ونار الرعد ، ولأنهما نادرًا ما يتعبان.
لا تزال الحالة الجسدية لـدانغ سا هيون غير جيدة وفي ظل هذه الظروف، لم يكن ليتحمل مواصلة النوم على الأرض الباردة في العراء لهذا، لم يستطع إي هيون إلا أن يعتبر ذلك حظاً سعيداً.
وهكذا، سار الفريق على طول الطريق الإمبراطوري، وعبروا من مقاطعة هوبي إلى مقاطعة هينان ، ثم دخلوا طريقاً جبلياً.
لم تكن هذه المنطقة وعرة التضاريس، إذ لم يكن بها سلاسل جبلية ضخمة فقد كان الطريق الجبلي ممهداً لدرجة تسمح بمرور العربات.
ولكن، أليست الجبال بطبيعتها موطناً لقطّاع الطرق؟
شعر إي هيون ببعض التوتر، ولكن لم يصادفوا حتى حرف القاف من قطّاع الطرق، مما جعل قلقه بلا جدوى.
عندما سأل بايك ريم عن ذلك، أجاب بابتسامة
“اطمئن، لا يوجد قطّاع طرق في هذه المنطقة الآن.”
“حتى مع أننا بعيدون جداً عن ووهان وسونغشان هنا؟”
تضم ووهان في مقاطعة هوبي تحالف فنون القتال وطائفة وودانغ ، بينما تضم شونغشان في مقاطعة هينان طائفة شاولين .
من الطبيعي ألا تجد أثراً لقطّاع الطرق بالقرب من تلك المناطق.
لكن الموقع الحالي لفريق إي هيون بعيد جداً عن كليهما ففي مقاطعة سيتشوان ، توجد عشيرة دانغ وطائفة تشينغشينغ وطائفة إيمي ، ومع ذلك يوجد فيها قطّاع طرق هذا أمر طبيعي بالنظر لاتساع أراضي عالم فنون القتال.
“هذا صحيح، ولكن يبدو أنه قد تم القضاء عليهم بشكل شامل على طول هذا الطريق الإمبراطوري منذ فترة قصيرة لذا، لن يجرؤوا على الاقتراب لفترة من الوقت.”
“أنت تعرف الكثير.”
“في الحقيقة، هذا ما أخبرني به السيد الشاب أنا لا أعرف الكثير عن جغرافية أو ظروف هذه المنطقة يمكن القول إننا جميعاً سنضيع في هذا الطريق الجبلي لولا السيد الشاب.”
“آها، هذا مطمئن جداً.”
“هاهاها! على أي حال، بفضل سرعة تشونغ وول ونار الرعد، يمكننا الوصول إلى القرية التالية اليوم أيضاً.”
“—هذا ما قاله السيد بانغ أليس كذلك؟”
“نعم!”
وبينما كانوا يسيرون في الطريق الجبلي، توقفت فجأة خطوات نار الرعد الذي يحمل بانغ سوول
عبس بانغ سول ونظر إلى الأمام، وسرعان ما تبعه تشونغ وول وتوقف خلفه.
“سيدي الشاب! لماذا توقفت… آه، يا للهول.”
تنهد بايك ريم.
أمامهم كانت هناك عربتان وعشرون شخصاً تقريباً متجمعين وهم يتذمرون.
سرعان ما أدركوا سبب توقف الناس في ذلك المكان فقد سد الطريق صخرة ضخمة بدت وكأنها سقطت من سفح الجبل.
تمتم بانغ سوول بهدوء
“هل حدث انهيار صخري؟”
“يبدو كذلك ماذا نفعل؟ هل نعود أدراجنا؟”
“لا ، لا حاجة لذلك.”
حرك بانغ سوول حصانه نار الرعد للاقتراب من الأشخاص المتجمعين في الأمام.
كانوا جميعاً يهمسون ويتشاورون مع بعضهم البعض، وعلى وجوههم علامات الانزعاج.
“هل هم من حراس القوافل ؟”
“يبدو كذلك ، هناك شيء يشبه علم حراسة القوافل معلق هناك.”
وبينما كان إي هيون و بايك ريم يتبادلان الحديث، بدأ تمتمة الحراس الواقفين أمام الصخرة التي سدت الطريق تتحول تدريجياً إلى قلق.
لعن الحارس الذي بدا أنه القائد وتنهد، ثم ركل حصاة في الطريق.
“اللعنة، لماذا ينقطع الطريق هنا بالتحديد! ونحن على بُعد خطوة من وجهتنا”
“ألا يجب أن نعود ونسلك طريقاً آخر؟”
سأل حارس شاب بجانبه بحذر هز القائد رأسه.
“طريق آخر؟ هذا هو الطريق الوحيد لعبور هذا الجبل إذا تجولنا حول الجبل، فسوف يستغرق الأمر بضعة أيام إضافية على الأقل مما هو مقرر.”
“لكن ليس لدينا طريقة لإزالة هذه الصخرة…”
“ومن قال إني لا أعرف ذلك؟!”
وفيما كانت هذه المحادثة العقيمة تتكرر، تدخل صوت غريب من خلفهم فجأة.
“هل أنتم حراس قافلة؟”
استدار القائد فجأة.
كان صاحب الصوت مفاجئاً، إذ كان فتى يجلس على صهوة جواده وينظر إليهم من الأعلى ارتجف حاجب القائد وعلامات الحذر تظهر عليه.
“… من أنت؟”
الفتى، والشخصان اللذان كانا يقتربان خلفه، كانوا يمتطون خيولاً ممتازة.
اقترب بانغ سوول من القائد ونزل بخفة من نار الرعد ثم قال
“أنا مجرد مسافر عابر هل تعثرتم بسبب هذه الصخرة؟”
“كما ترى.”
“إذاً، لنحاول إزالة هذه الصخرة معاً إذا عدنا، فسوف نضيع الكثير من الوقت.”
عند هذه الكلمات، عبس القائد ونظر إلى بانغ سوول من أعلى إلى أسفل.
سواء بسبب حقيبته الخفيفة التي يحملها للسفر، أو ملابسه الفاخرة التي يرتديها في رحلته كان من الواضح أنه كان سيد شاب تربى في رغد.
“هل تقول هذا كلاماً جاداً؟ هذه الكتلة الصخرية الضخمة لن تتحرك حتى لو اجتمع عليها عشرات من الرجال الأقوياء.”
“ربما لو كانت صخرة ضخمة جداً، لكن هذه ليست كذلك.”
“ماذا؟”
وضع بانغ سوول يده على سيفه الكبير الذي كان يحمله على ظهره
“أرجو منكم إبعاد الناس والعربات قليلاً.”
“ماذا؟ هل تحاول تقسيم الصخرة بذلك السيف؟”
“صحيح.”
“يبدو أنك سيد شاب بدأت للتو رحلتك في عالم فنون القتال كيف يمكنك قطع صخرة عملاقة كهذه بسيفك؟”
هز القائد رأسه متذمراً، وضحك الحراس لبعضهم البعض بخفة.
قال أحد الحراس الذي كان يراقب من الخلف بسخرية
“يا هذا، أيها الفتى ربما بالغت في الحديث لصديقك الذي خلفك بأنك تستطيع شقها لا تقل كلاماً فارغاً…”
“سواء كان كلاماً فارغاً أم لا، هذا ما سنعرفه قريباً.”
لم يكن هذا الكلام من بانغ سوول، بل قاله بايك ريم كانت علامات الضحك والهدوء قد زالت تماماً من وجهه المبتسم دائماً.
“أنا بخير، ابتعد يا بايك ريم.”
“لكن هؤلاء الناس يسخرون منك يا سيدي الشاب!”
“من الطبيعي أن يفعلوا ذلك عندما يظهر فتى غريب ويقول شيئاً يبدو غير منطقي ألم تكن قلقاً بشأن إرسالي إلى الخارج دون حارس واحد؟”
“آه يا سيدي الشاب، هذا شيء وهذا شيء آخر!”
التزم الحراس الصمت ولم يتدخلوا.
فمن خلال الاستماع إلى محادثتهما، بدا أنه ليس مجرد سيد شاب من عائلة عادية.
لو كان شخصاً من عائلة لا يعرفها سوى أهل المنطقة، لكان قد غضب وحاول إثبات مكانته بمثل هذه السخرية لكن هذا الفتى لم يتأثر على الإطلاق، وكأن هذا استفزاز تافه مثل هذا الموقف لا يمكن أن يصدر إلا من شخص لديه ثقة كاملة في نفسه.
يبدو أن تلك الخيول التي كانت تعلن عن نفسها بأنها خيول أصيلة لم تكن ترفاً لا يستحقه.
قال إي هيون للحراس
“الرجاء إبعاد العربات والناس جانباً كما قال صديقي، لن تخسروا شيئاً باتباع كلماته، أليس كذلك؟ إذا لم ينجح، فسنكون نحن فقط من نتعرض للإحراج وإذا نجح فعلاً، فسيكون ذلك خيراً لكم أيضاً.”
عند سماع ذلك، أومأ القائد برأسه.
“… هذا صحيح أبعدوا العربات!”
“نعم!”
بعد أن ابتعد الحُرَّاس، هز بانغ سوول سيفه الكبير الذي كان على ظهره بهدوء فصدر صوت طقطقة وانفتح قفل غمده من تلقاء نفسه.
سُرُرُرُونغ.
عندما سُحِبَ السيف الكبير وكُشِفَ نصله تحت أشعة الشمس، ابتلع الحُرَّاس ريقهم لا إرادياً لقد كانت هيبة السيف الذي يحمله الفتى عظيمة للغاية.
فذلك الحضور الثقيل المنبعث من حجمه الهائل جعل الناظر إليه ينكمش بشكل لا إرادي.
‘لكن هل يمكن لفتى يافع أن يلوِّح بسيف ثقيل كهذا بشكل صحيح؟’
سيكون من حسن الحظ أن يلوِّح به دون أن يتأرجح تحت وطأة وزنه، أو أن يتعثر فيه ويسقط على قدميه لا بد أنه تسرَّع وطمع في سيف كبير دون وعي منه.
سيكون منظراً يستحق المشاهدة حقاً لو أن هذا السيد الشاب، ذو المظهر الأنيق المرسوم، قام بتصرف قبيح ومشين انصبَّت على بانغ سوول نظرات عديدة ممزوجة بمثل هذا الترقُّب.
لم يكترث بانغ سوول لتلك النظرات، ورفع سيفه الكبير موجهاً إياه نحو الصخرة الهائلة.
وبعدها…
هوووونغ!
انبعث صوت ثقيل يخترق الهواء.
كوااااااااااااااااانغ!
تأخر ظهور موجة الصدمة قليلاً، ثم تفجَّرت، وتناثرت الصخرة العملاقة التي كانت راسخة قبل لحظات إلى آلاف الشظايا في كل اتجاه، وكأنها شجرة متعفنة.
هودودودودوك.
هودودوك.
لم يستطع الحُرَّاس أن يغلقوا أفواههم المفتوحة على مصرعيها أمام هذا المشهد الذي لا يصدق والذي حدث أمام أعينهم.
‘بهبوب السيف فقط حطم تلك الصخرة؟!’
امتلأت عيون الرجال بالدهشة والرعشة.
وفي خضم الصمت المُطبِق الذي خيَّم على المكان، كسرت همسة إي هيون المنخفضة هذا الجمود
“أعتقد أنه من الأفضل أن تحطِّمها مرتين أخريين.”
“من الذي تعطيه الأوامر؟”
قال بانغ سوول ذلك وهو يزمجر بين حاجبيه، ولكن يده كانت بالفعل تستعد للضربة التالية.
“كنت سأفعل ذلك على أي حال، دون أن تخبرني.”
كوااااااااااااااااانغ!
اهتزت السماوات والأرض مرة أخرى بصوت قوة الضربة.
وبعد أن كرر الأمر مرتين أخريين، تحوَّلت الصخور العملاقة إلى قطع صغيرة متناثرة يمكن للرجال الأقوياء حملها ونقلها بسهولة.
“هل هذا يكفي؟”
سأل بانغ سوول وهو يضع سيفه الثقيل على كتفه، فأجاب قائد الحُرَّاس بأسلوب فيه مهابة وأدب
“نعم، يكفي بل أكثر من كافٍ!”
أما إي هيون، فقد عقد العزم بهدوء وهو ينظر إلى الصخور المتناثرة
التعليقات لهذا الفصل " 58"