لو لم يكن هناك حاجز زجاجي بيننا، لاندفعت نحوي على الفور، كما بدا من تعبير وجهها المتوحش.
“أفي هذه اللحظة، ما زلتِ متمسكة بمن أوصل الرسالة؟ المهم أن الحقيقة هي أنكِ لم تكوني حاملاً، أليس كذلك؟”
“يون يوجين!!”
صرخت سورين نحوي، وقد بلغ بها الغضب ذروته، ووجهها ممتلئ بالحقد.
وحين شعرت أنه لا أمل في الحصول على أي تساهل مني، بدلت موقفها على الفور.
ـمنذ البداية، هل من المنطقي أن ترجوا مني المغفرة؟
حتى في النهاية، كانت حقيرة ووقحة للغاية.
“إذن، بأي وجه جئتِ إلى هنا؟!”
“…”
“هل أردتِ أن تشاهدي؟! أن تنظري كيف دمرتِ حياتي بيديكِ، أيتها الأخت؟!”
بدا أن تصرفي الهادئ وأنا أسدّ أذنيَّ قد زاد من استفزاز سورين، فارتفع صوتها أكثر.
حتى أن صراخها أصبح يصم الآذان في غرفة الزيارة الصغيرة.
“لماذا تعتقدين أن جيهان أوپا اختاركِ وتركَني أنا؟!”
“…”
“لأنكِ قاسية بهذا الشكل، وتخنقين من حولك! بصراحة، أنتِ أيضاً لم تحسني التصرف، أليس كذلك؟ من الخطأ أن تفشلي في الحفاظ على رجلكِ! لماذا تتصرفين بجنون بعد أن سُلِبَ منك؟!”
لهاثها الغاضب كان يعكس مدى حنقها، وقد بدأت بالكاد تسيطر على نفسها.
وكان من المفترض أن تكون قد أُبلغت مسبقاً أن كل محادثات الزيارة تُسجَّل.
لكن سورين، وقد فقدت عقلها، لم تكن حتى تدرك أنها تقدم تصريحات قد تُستخدم ضدها في المحكمة.
“أنتِ الوريثة الوحيدة، لديكِ كل شيء…! ولم تكوني حتى في علاقة حب عميقة مع اوبا فما الذي يجعلكِ كل هذا غيظاً؟ هل كان من المزعج جداً رؤية صديقتك المقربة تنجح؟”
“…”
“لدرجة أنكِ أرسلتِني إلى مركز الاحتجاز! كان من الممكن أن تُحلّ الأمور بهدوء، أليس كذلك؟!”
منذ متى أصبحت محاولة القتل شيئاً يمكن تجاوزه بهدوء؟
سورين، وقد غلبها الغيظ، كانت تتقيأ غضبها المسموم.
“كنتُ أتمنى لكِ الخير! أليس من المفترض أن تتمني لي الخير أيضاً؟ أن تشجعيني لكي أنجح؟”
شعرت بالغثيان من كلمات سورين التي لم تكن إلا كلمات فارغة.
كنتِ تتمنين لي الخير، أنتِ؟
أمام الناس، تظاهرتِ بأنكِ تهتمين بي، لكن خلف ظهري كنتِ على علاقة غير شرعية بخطيبي.
لو كنتِ حقاً تتمنين لي الخير، لأخبرتِني على الأقل قبل زفافي.
بعد الحادث الذي فقدت فيه عائلتي، كنتِ أنتِ من دمّرتِ آخر ما تبقى لي من منزل وأسرة.
كيف لكِ أن تدّعي أنكِ كنتِ تهتمين بي؟
حين ذهبت بكل وقاحة تقلبين اللوم عليّ، تداخل وجهكِ في هذه الحياة مع صورتكِ في حياتي السابقة.
كيف لا تختلفين عنها أبداً؟
لكن رؤية سورين الغاضبة والمليئة بالحقد جعلت قلبي يهدأ على غير المتوقع.
الشيء الوحيد الذي أخطأت فيه هو:
أنني كنتُ ساذجة فوثقتُ بكِ و بسو جيهان لا أكثر.”
وقد دفعت ثمناً باهظاً لقاء تلك الثقة في حياتي السابقة، لذا حان الوقت لإنهاء هذه العلاقة المشؤومة.
“أنتِ كما كنتِ، وقحة وغبية.”
“ماذا؟”
ليتكِ لم تظهري هذا الوجه القذر حتى النهاية.
لو كنتِ كذلك، لربما منحتكِ كلمة رحمة واحدة، على الأقل من أجل الماضي.
“سورين… عيشي في الندم.”
سيكون مؤلماً.
فكلما استرجعتِ الأيام التي لا يمكن استعادتها، سيزداد تأنيب ضميركِ عمقاً.
“من الآن فصاعداً، سيكون كل لحظة من حياتكِ جحيماً حقيقياً.”
حتى تتمنّي الموت على أن تواصلي العيش.
لترَيْ كم هو مؤلم ما مررتُ به أنا.
.
.
.
حين توجهتُ إلى موقف السيارات التابع لمركز الاحتجاز، رأيت جايها واقفاً خارج السيارة.
كان واقفاً مستنداً بزاوية مائلة، وما إن لمحني أقترب حتى لوّح بيده.
رغم المسافة البعيدة، كان أول ما وقعت عليه عيناي هو الجبس الذي يلف يده اليمنى.
كنت أنوي التوجه مباشرة إلى المنزل بعد خروجي من مركز الاحتجاز، ثم الذهاب إلى المستشفى مع جايها.
لكن ما إن انتهت الزيارة وخرجت، حتى وجدته واقفاً بالفعل أمام المركز في انتظاري.
كيف أتى إلى هنا بذلك الذراع؟
سألتُه بدهشةٍ تملأ قلبي.
“كنتُ سأذهب لأقلك إلى المنزل… لماذا أتيتَ إلى هنا؟”
“الانتظار في البيت لم يكن مجدياً من الناحية العملية.”
“رغم ذلك…”
المسافة بين بيتنا الجديد ومركز الاحتجاز ليست قصيرة.
نظرتُ إلى جايها، فابتسم بعينين شبه مغمضتين على هيئة قوس.
“لو كنتُ انتظرتُكِ حتى تعودي إلى المنزل، لكان عليّ الانتظار ساعة ونصف وفكرة الانتظار لتلك المدة بدت طويلة جداً.”
“…….”
“لذا جئتُ إلى هنا، لأننا نلتقي بشكل أسرع بهذه الطريقة.”
قالها بوجهٍ بريء مفعم بالدهاء، ثم جذبني نحوه فجأة.
وجدتُ نفسي بين ذراعيه، ولم أتمالك نفسي من الضحك للموقف المفاجئ.
ألم نكن معاً منذ أن استيقظنا صباحاً حتى خروجي من البيت؟
لم تمضِ سوى بضع ساعات منذ مجيئي إلى مركز الاحتجاز، ومع ذلك لم يستطع الانتظار وجاء لرؤيتي.
كلما عرفته أكثر، زاد دهشتي به.
قبل أن أقترب منه إلى هذا الحد، كان من الصعب فهم ما يدور في داخله.
أما الآن، فهو يدهشني وكأنني أتعرف عليه مجدداً، وصدقه العفوي يعجبني كثيراً.
ربما لأنه شخص يختلف عني كثيراً…
وبالطبع، لأن هذا هو جايها، استطعتُ أن أثق به وأبوح له بأسراري.
والآن، أشعر حقاً أنه بات شخصي بالكامل.
“إذاً، هل طلبتَ من السكرتير هان أن يُوصلك إلى هنا؟”
“يا لكِ من بارعة! كيف عرفتِ؟”
أجابني جايها بابتسامة طبيعية لا تكلف فيها.
لا يمكن التفاهم معك، حقاً.
من المؤكد أنه لم يكن من الممكن أن يقود السيارة وهو بذراعٍ مجبّسة.
ولم يكن هناك غير السكرتير هان ليقود به هذه المسافة الطويلة.
“الأمر واضح عليكَ أن تعامل السيد هان بلطف دائم.”
“لا يمكنني معاملته بأفضل من هذا أنا أدفع له أعلى راتب في المجال.”
صُدمتُ عند سماعي أنه يتقاضى أعلى راتب في المجال.
وربما بدت ملامحي متفاجئة، لأن وجه جايها امتلأ بابتسامة مرحة.
ثم فجأة، تذكرتُ أنني ما زلتُ بين ذراعيه.
صحيح أن موقف السيارات كان خالياً، لكنني بدأت أشعر ببعض الحرج من نظرات الآخرين، وكنت على وشك أن أتحرك للخروج من أحضانه.
في تلك اللحظة، تحركت نظرات جايها من وجهي إلى خلفي.
تغيرت ملامحه قليلاً وكأنه رأى شيئاً ما.
“ما الأمر؟ هل هناك شيء؟”
وحين حاولت الالتفات إلى الاتجاه الذي كان ينظر إليه، جذبني جايها إلى حضنه بشدة أكثر.
“لا، فقط… لأنني أحبك.”
لبُرهة، ظننتُ أن نظرته قد أصبحت حادة فجأة.
لكنه هز رأسه نافياً، وكأن الأمر لا يستحق الذكر.
وحين دفنتُ رأسي في صدره، انتشر عبيره المميز إلى أنفي.
كان عطراً يمنح راحةً في القلب، فهززتُ رأسي بخفة.
“وأنا أيضاً، أحبك.”
ضحك بصوت منخفض وكأنه راضٍ جداً بإجابتي.
“هل نذهب الآن؟ إن تأخرنا أكثر، سيوبخنا الدكتور كيم.”
خفف قبضته التي كانت تحتضنني.
وحين نظرتُ إليه داخل أحضانه، كان قد عاد إلى طبيعته المعتادة.
لقد أصبح الوقت متأخراً فعلاً.
كما قال جايها، كان وقت الموعد الطبي قد اقترب.
نظرتُ إليه وهو يتجاوزني ليركب في المقعد المجاور للسائق، ثم استدرت إلى الخلف بدافع القلق.
لكن لم يكن هناك شيء مميز، كان موقف سيارات عادياً لا أكثر
***
“هل أتيتما؟”
ما إن دخلنا إلى غرفة الفحص، حتى استقبلنا الدكتور كيم بترحيبٍ حار.
أخذ ينظر تارة إلى صور الأشعة التي صُوِّرت مسبقاً لذراع جايها ، وتارة إلى سجله الطبي، ثم سأل:
“تقول إنك تريد إزالة الجبس.”
“نعم، يبدو أنني مضطر لذلك بسبب العمل وجود الذراع على هذه الحالة يسبب الكثير من الإزعاج.”
قال جايها ذلك وهو يرفع ذراعه المجبّسة بتعبير مرتبك.
وقد كانت الإصابة في يده اليمنى بالذات، مما سبب له صعوبة كبيرة في حياته اليومية.
“همم، كيف حال الألم؟”
“خفيف جداً.”
خفيف جداً، حقاً؟
لم يمضِ سوى أيام قليلة وكان يتألم حتى من لمسة خفيفة.
عندما رميتُ عليه نظرة غير راضية، ابتسم جايها ابتسامة محرجة.
“بما أن المدير التنفيذي لا يستطيع تناول مسكنات الألم، لا بد أن الألم كان شديداً طوال الفترة الماضية.”
“نعم، للأسف ذلك بسبب رد فعل تحسسي، ولا يمكنني فعل شيء حيال ذلك.”
رد فعل تحسسي؟
كانت تلك المرة الأولى التي أسمع فيها أن لدى جايها حساسية تجاه الأدوية.
لكن يبدو أنني الوحيدة التي لم تكن تعرف، فقد بدا الدكتور كيم وكأنه على علمٍ بالأمر منذ زمن.
“على كل حال، سنقوم اليوم بإزالة الجبس وإذا شعرت بأنك لا تستطيع تحمُّل الوضع بعد ذلك، تعال مجدداً إلى العيادة.”
بعد خروجنا من غرفة الفحص، بدا وجه جايها أكثر إشراقاً.
ويبدو أن التحرر من الجبس الذي لازمه لعدة أسابيع كان سبباً في تلك الابتسامة العريضة التي ارتسمت على وجهه.
“هل أنت سعيد إلى هذا الحد؟”
“نعم، جداً! كنت أشعر بالاختناق بسببه.”
أخذ يُحرّك يده اليمنى التي أصبحت حرّة، يميناً ويساراً.
كانت المرة الأولى التي أرى فيها جايها سعيداً بهذه البراءة، ولم أستطع أن أشيح بنظري عنه.
وحين شعر بنظرتي، ابتسم بمرح ومدّ يده وأمسك بيدي.
“الآن أستطيع أن أمسك يدك.”
هل ذلك يسعده إلى هذا الحد فعلاً؟
نظرت إليه مبتسمة برضا، وفجأة تذكّرت ما قيل عن الحساسية.
كان قد قال إنه يعاني من حساسية تجاه مسكنات الألم.
“لكن، هل كنتَ تملك هذه الحساسية من قبل؟”
“نعم، لدي حساسية لسوء الحظ ، تجاه مكونات المسكنات، لذا لا يمكن وصفها لي بشكل عشوائي.”
رغم أن ما قاله أمر خطير إلى حد ما، إلا أن جايها تحدث وكأن الأمر بسيط.
“ولست الوحيد، فجميع أفراد عائلتي يعانون منها أيضاً تختلف شدتها من شخص لآخر، لكنها موروثة.”
“حتى كبار السن من عائلتك؟”
أومأ جايها برأسه رداً على سؤالي.
والحقيقة أنني صُدمتُ أكثر من مجرد سماع قصة الحساسية لأول مرة، لسبب آخر أيضاً.
لم أكن أعلم إطلاقاً… رغم أن جيهان في حياتي السابقة…
في ذاكرتي الباهتة من حياتي السابقة، كان جيهان يتناول مسكنات الصداع دوماً.
وكأن جايها قرأ أفكاري، إذ بادر بالكلام قبل أن أفتح فمي:
“باستثناء سيو جيهان.”
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 95"