تشابك نَفَسُ جايها العميق، الذي اندفع نحوي، مع شفتي السفلى التي كنت أعضها.
توالت أحاسيس حلوة ومذهلة تجول في فمي، تعبث به بدقة.
كانت هذه الإثارة قد بدأت مني، لكن جايها هو من بات يقود الأمر الآن.
ابتعدت شفتاه عني للحظة، ثم أخذتا تنزلان ببطء على امتداد عنقي.
“هاه…”
كلما لامستني شفتاه الساخنتان، كان أنين خافت ينساب من بين شفتي.
عندما كادت قواي أن تخونني وأهوي، أحاطني ذراعه اليسرى بقوة من خصري.
لقد فقدنا أنفسنا في سُكر بعضنا البعض، حتى إننا لا نتذكر كيف وصلنا إلى هنا.
وحين عدت إلى وعيي، كان الفراش الدافئ قد احتواني من ظهري.
ابتعد جايها عني للحظات فقط، ونظر إلي بعينيه ليسألني إن كنت لا أمانع أن نكمل.
وبعد أن لمح إيماءتي الخفيفة، اقترب مني من دون أي تردد.
وبلمح البصر، ابتلع شفتيّ بالكامل.
كما لو أنه لا ينوي ترك حتى نفس واحد خلفه، أخذ يلتهم كل شيء ببطء، قبل أن يبتعد.
لم أتحمل حتى تلك اللحظة الوجيزة من الابتعاد، ففتحت عيني.
ويبدو أنني لم أكن الوحيدة المتعجلة، إذ كانت يداه تسرعان في فك أزرار قميصه المبلل بالماء.
“هاه… سأجن حقاً.”
ربما لأن يده اليسرى فقط هي التي تعمل، فقد مرر يده على شعره المتشابك بفعل العرق، دافعًا إياه للخلف.
كان يعبس، وكأنه لا يعجبه أن الأمور لا تسير كما يريد.
(واو.)
هكذا يكون الأمر حين يُقال إنه مثير حتى تجاعيد جبينه بدت أكثر إثارة.
حدّقت فيه بشرود، ثم بدأت أرفع جسدي بهدوء وبدأت أفك أزرار قميصه بدلاً منه.
واحد… اثنان.
ومع كل زر يتم فكه، كانت عضلات صدره، التي كانت مخفية تحت القماش، تظهر بثقلها اللافت.
رغم أنني رأيت جسده العاري من قبل، فقد بلعت ريقي من دون وعي.
كأنني كنت في حالة سُكر، طبعت قبلة على كتفه، فارتعش جسده فجأة.
لعل تلك القبلة، التي لم أدرك حتى أنني فعلتها، قد أثارته.
ومع فك أزرار الكُفّ في لحظة واحدة، رمى القميص المزعج جانبًا.
وكانت حرارة أجسادنا، المتدفقة من بشرتينا، ترفع حرارة الجو من حولنا.
(لم أعد أتحمّل…)
شعرت بعطش عميق يكاد يقتلني، فاجتذبته إليّ من جديد.
ثم سمعت صوت سحاب الفستان وهو يُفتح، مع ملامسة يده لي.
لم يكن هناك حتى وقت لأشعر ببرودة الهواء على بشرتي، فقد غمرني بجسده في الحال.
تبادلنا أنفاسًا متلهفة، ثم حين بدأت أنفاسه تضيق، ابتعد عني قليلًا.
كأنني على وشك أن أغيب عن الوعي من تلك الأحاسيس الساحرة التي كان يخلقها.
أخذ يمرر أصابعه برفق في شعري، الذي لم أعد أميز إن كان مبللًا بالعرق أم بالماء.
“أحبك.”
ترددت تلك الاعترافات العذبة في أذني كأنها لحن حالم.
“وأنا أيضًا.”
وكأننا وحدنا في عالم توقّف فيه الزمن، انغمسنا في بعضنا البعض.
.
.
.
استيقظت على ضوء الشمس المنسكب من بين الستائر نصف المفتوحة.
غمضت عيني لوهلة من ضوء الشمس الساطع الذي ملأ الغرفة، ثم التفتُّ فرأيت جايها نائمًا إلى جانبي.
لم أكن اعلم متى غفوت، ولا متى نام هو.
وسط الفراش الأبيض، ظهرت عضلاته المتينة بوضوح.
وحين استعاد عقلي ذكرى تلك الليلة الساحرة التي قضيناها معًا حتى مغيب الليل، احمرّ وجهي خجلًا.
وحين بدأت تلك الذكريات تعود إليّ، هززت رأسي.
خشيت أن يحمر وجهي من جديد منذ الصباح.
(يجب أن أستحم قبل أن يستيقظ جايها )
جذبت منشفة كانت على الأرض وغطيت بها جسدي، ثم وقفت ببطء.
لكن يدًا ظهرت فجأة وأمسكت بمعصمي، فجلست من جديد على السرير.
وهناك، كان جايها ينظر إليّ بعينين نصف مغمضتين، لا اعرف متى استيقظ.
“استيقظت؟”
“…نعم للتو.”
كان صوته لا يزال مبحوحًا من النوم.
كنت قد حاولت التحرك بهدوء لأدع له فرصة للنوم أكثر، بما أن اليوم عطلة.
ثم شعرت فجأة بالإحراج لأنني لا أرتدي سوى منشفة، فاستدرت بخجل.
“نم أكثر يا جايها عليّ أن أستعد للخروج.”
“الخروج؟ لكن اليوم سبت.”
قال ذلك بنبرة مصدومة، صوته يرنّ في أذني.
“لدي مكان أذهب إليه هذا الصباح.”
كنت أنوي الذهاب لزيارة سورين المحتجزة في مركز التوقيف.
فكرت أنني لو استحممت وخرجت فورًا، فسأصل في الوقت المحدد.
لكن في اللحظة التي هممت فيها بالنهوض، امتدت ذراعه الطويلة فجأة وأحاطت بي.
وجدت نفسي محاصَرة بين ذراعيه، غير قادرة على الحراك، بينما هو يضحك بخفوت وهو يحدق بي.
“إلى أين ستذهبين؟”
“إن تركتني سأخبرك ، ماذا لو تأذى ذراعك بهذا الشكل…”
“لن يتأذى.”
حاولت إخراج نفسي من بين ذراعيه، لكنه زاد من شدته كلما حاولت.
وفي النهاية، استسلمت واستلقيت بجانبه، أواجهه.
نظرت في عينيه الداكنتين، التي كانت تحدق بي، ففتحت فمي تلقائيًا.
“سأذهب إلى مركز التوقيف.”
“مركز التوقيف؟ آه، لزيارة الآنسة تشاي سورين، أليس كذلك؟”
بدت عليه الدهشة للحظة، لكنه سرعان ما أومأ برأسه متفهمًا.
“لن أذهب إلى المحاكمة، لذلك أريد أن أراها للمرة الأخيرة.”
بما أن اليوم عطلة، أردت أن أراها بعينيّ، وأن أتكلم معها وجهًا لوجه.
وحين أدرك وجهتي، اتسعت ابتسامته وأخذ يسند رأسه إلى راحته وهو ينظر إليّ براحة.
“كنت أنوي أن أطلب منك أن تذهبي معي إلى المستشفى اليوم.”
“إلى المستشفى؟ هل هو يوم موعدك مع الطبيب كيم؟”
منذ الحادث، كان جايها يتلقى العلاج مرة في الأسبوع، ويبدو أن اليوم هو الموعد.
(كنت منشغلة جدًا لدرجة أنني نسيت موعد علاجه.)
نظرت إليه بوجه متردد، وهو لا يزال يعاني من كسر في يده اليمنى.
في العادة، كنت أنا من يقود السيارة في يوم مواعيده.
“لقد حجزت زيارة اليوم ، متى موعد العلاج؟”
“الساعة الثانية ظهرًا.”
(الساعة الثانية إذًا…)
فكّرت بعمق.
بما أنني سأذهب للزيارة في الصباح، فربما أستطيع العودة قبل موعد علاجه.
كان من الصعب عليه أن يذهب بنفسه إلى المستشفى بذلك الذراع.
وكان من الصعب عليه أيضًا أن يرتدي البدلة لوحده في الصباح.
لم أكن لأرتاح طوال اليوم لو ذهبت وتركته يذهب وحده وهو لا يزال مصابًا.
“إذن، سأعود فور انتهاء الزيارة لنذهب معًا.”
“…….”
“والآن، دعني أذهب أريد أن أستحم.”
رغم أنني قلت له ما يريد سماعه، ظل يحتضنني.
وحين التقت أعيننا، ابتسم جايها بخبث، وعيناه تضيقان بدهاء.
“وأنا أيضًا أريد أن أستحم ما رأيك أن نغتسل سويًا؟”
ثم رفع يده المُجبرة ببطء.
“أنا لا أستطيع أن أستحم من دونك، كما تعلمين.”
***
حين لمحت لافتة غرفة الزيارة عن بُعد، بدأتُ أخطو باتجاهها.
كان مركز الاحتجاز يعج بالناس، ربما بسبب عطلة نهاية الأسبوع.
قيل إنّ سورين تمّ القبض عليها في نفس اللحظة التي ذهبت فيها إلى مقر إقامة جيهان.
على ما يبدو، كانت تخشى انكشاف كذبتها بشأن الحمل، لذا كانت قد أعدّت حتى تذكرة طيران للهرب.
(‘لم تكن تتوقع أن تصدر مذكرة توقيف احترازية بسبب تلك التذكرة، أليس كذلك؟’)
لقد كانت، من الناحية العملية، قد سلّمت نفسها للمركز بقدميها.
أما جيهان ، فباستثناء بعض الاتصالات القليلة، فقد بدا أنه اختفى وكأنه يتحاشى الظهور.
ربما لأنه لا يريد التورط في أي شائعات بعد أن أنهى بنجاح عملية الاندماج مع شركة “إنتيك”.
ولكن يبدو أنه لا يدرك بعد أن فضيحة أعظم تنتظره.
حين دخلت غرفة الزيارة، رفعت سورين رأسها، وقد بدت مذهولة وهي جالسة هناك.
عبر الزجاج الفاصل، كانت عيناها محمرتين وكأنها على وشك البكاء في أي لحظة.
(‘يبدو أنها عانت كثيرًا نفسيًا.’)
بمجرد أن جلست على الكرسي، اقتربت سورين بسرعة من الحاجز الزجاجي.
كانت تضرب الزجاج برفق وفمها يتحرك بلا توقف، لكن للأسف لم يصلني أي صوت منها.
“إن كنتِ تريدين التحدث، فاستعملي الميكروفون لا أسمع شيئًا.”
أشرت بيدي إلى الميكروفون الموجود أمامها.
عندها فقط ضغطت سورين على زر الميكروفون بسرعة.
“أ… أوني !”
“……”
“أوني، أرجوكِ، أخرِجيني من هنا، أرجوكِ.”
(‘آه… ليتني لم أخبرها بطريقة تشغيل الميكروفون.’)
أول ما قالته كان طلبًا بأن أخرجها من هذا المكان.
صوتها البائس انساب عبر الميكروفون، وقد بدا وجهها الجميل باهتًا ومنهكًا، على ما يبدو بسبب قسوة الحياة في المركز.
نظرت إليها ببطء، لتقع عيناي على الرقم المطبوع على زي السجن.
حين أخبرني العم هيونيك أن سورين محتجزة، لم أصدق الأمر تمامًا.
لكن رؤيتها الآن أمامي، وهي متوسّلة بهذا الشكل، جعل شيئًا من الغصة التي كانت تخنق صدري يزول.
أوني!أوني أنا اسفه جدًا … !.”
كانت تناديني بصوت متوسّل، لكني لم أجبها، وعيناي بقيتا جامدتين عليها.
صرخاتها المتألمة جعلت حاجبيّ ينعقدان لا إراديًا.
“اسفه؟”
سألتها، فجاء ردها بهزّ رأسها بعنف، بطريقة متصنّعة.
“أنا آسفة على كل شيء… أوني، لدينا الكثير من الذكريات الجميلة، أليس كذلك؟ هاه؟ أوني… ألا يمكنكِ فقط أن تُخرجيني من هنا، من أجل تلك الذكريات؟”
“……”
“إنه مخيف جدًا هنا… أشعر أنني سأفقد عقلي أرجوكِ…”
بينما كانت تنظر إليّ نظرة حزينة، انفجرت الدموع فجأة من عينيها.
ذهبت تضرب الزجاج الفاصل بضعف.
عيناها، اللتان كانت تلمعان دائمًا بالحيوية، فقدتا بريقهما وأصبحتا غائمتين.
ربما لأنها بدأت تدرك مصيرها القاتم الذي ينتظرها.
لابد أنّها واجهت جيهان بعدما عاد من المنتجع واكتشف كل شيء.
ما شعورك حين تتخلّى عنكِ اليد التي كنتِ تظنين أنها سندك؟
ذلك الإحساس المذلّ لا يفهمه إلا من مرّ به.
وحتى إن لم أرَ بأمّ عيني، إلا أنّني أستطيع أن أتخيل تمامًا كيف تخلّى عنها جيهان
كنت أعلم منذ زمن أن علاقتهما لم تعد كما كانت.
بعد جريمة القتل المدبرة، أصبح جيهان باردًا تجاهها، وربما كانت تحاول التشبث به بالكاد من خلال كذبة الحمل.
لكن بما أن تلك الكذبة قد انكشفت، فقد فقدت سورين آخر طوق نجاة لها.
هي تدرك الآن أنني الوحيدة القادرة على إنقاذها من هذا الجحيم.
لكن للأسف… لا أنوي إنقاذك.
حين وصلت إلى هذه الفكرة، ارتسمت سخرية على شفتي.
بدا منظر سورين وهي ترتجف وهي تنظر إليّ، مضحكًا إلى حدٍ ما.
كم كنت أرغب في رؤية هذا المشهد.
نظرت إليها وابتسمت، بينما كانت تنتظر ردي وقد بدا عليها التوتر الشديد.
“لماذا تطلبين مني هذا الطلب؟ عليكِ أن تطلبي ذلك من السيد جيهان.”
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]
التعليقات لهذا الفصل " 94"