بالاتصال بالمستشفى، تمكّنت من معرفة أن جايها قد خرج في الصباح.
لقد خرج دون أن يقول لي شيئًا.
“لماذا ذهب إلى الفيلا؟ لماذا؟”
شعرت بالارتباك لأن جايها غيّر خططه دون أن يُعلمني بشيء.
كان لا بأس بمرافقة العم هيونيك لـسيد جونغ في طريقه للاعتراف، فهو محامٍ في النهاية.
لكن، ما معنى أن جايها ذهب إلى الفيلا حيث تنتظر سيورين؟
دون حتى حارس! وحده!
لا أستطيع أن أفهم.
طوال الطريق إلى تشيو نغبيونغ، راودتني آلاف الأفكار.
رغم أن سورين امرأة، إلا أن حالتها كانت مليئة بالحقد لدرجة أنها طلبت القتل.
فماذا كان سيحدث لو أنها جاءت إلى الفيلا برفقة أحد، وقد عقدت النية على إيذائه؟
جايها كان دائمًا يسبق بخطوات، لذا لم أكن أشك أبدًا في قراراته.
لكن اليوم، لم يكن كعادته.
نظرت إلى المطر المنهمر كالسيل، وضممت شفتي السفلى إلى الداخل.
وفوق ذلك، لم يتعافَ تمامًا بعد.
عندما فكرت في أنه ذهب إلى تشيو نغبيونغ بتلك الحالة، شعرت بالغضب يفور داخلي.
كان صدري مكتومًا، وكأن شيئًا يسدّ حلقي بالكامل.
“هاه، لماذا أطفأ هاتفه؟”
كنت طوال القيادة في توتر شديد لو أنه التقى سورين، فلا بد أنه أنهى اللقاء الآن، ومع ذلك لا يمكنني الوصول إليه.
مهما حاولت الاتصال به، كل ما كنت أسمعه هو أن الهاتف مغلق.
ماذا لو حدث له مكروه؟
وبينما كانت الأفكار السوداوية تحاصرني، وصلت إلى الفيلا.
شققت طريقي وسط المطر الغزير عبر حديقة الفيلا، ثم توقفت.
رأيت جايها جالسًا على درج باب الفيلا الأمامي.
كان يبدو تمامًا كما كان حين رأيته آخر مرة في المستشفى، فانفرج التوتر فجأة.
ياللراحة كنت أظن…
كنت متوترة إلى أقصى حد، خائفة من أن يكون قد أصابه مكروه، كما في يوم الحادث.
لكن، ما إن رأيته سليمًا، حتى اجتاحتني مشاعر مختلطة، بين ارتياح وحنق.
ويبدو أنه أحس بوجودي، فقال دون أن يرفع رأسه:
“وصلت بالفعل يا سكرتير هان؟ كنت أظن أن الطريق سيستغرق وقتًا أطول.”
“…”
“الفيلا من الداخل خانقة جدًا، لذا خرجت.”
إذًا، كان من المقرر أن يأتي السكرتير هان لاصطحابه.
ربما بسبب زوال التوتر، بقيت أحدّق في جايها رغم المطر الذي يغمرني.
وبدا أن جايها استغرب سكوتي، فرفع رأسه.
وعندما رآني واقفة هناك، اتسعت عيناه دهشة.
“يا يوجين، كيف وصلتِ إلى هنا؟”
حين سألني بذلك الوجه المعتاد، امتلأت عيناي بالدموع.
أردت أن أوبخه، كيف يأتي إلى هنا بهذا الجسد المريض، ويقابل سورين .
لكن، حين واجهته، لم أستطع إخراج كلمة واحدة.
“لقد تبللتِ كليًا لماذا تقفين هكذا؟”
أسرع نحوي، وأمسك بمظلة ليضعها فوق رأسي.
وبسبب اقترابه، استطعت أن أراه بوضوح أكثر.
كان يرتدي قميصًا بدلًا من ملابس المرضى، لا أعلم متى غيّرها.
يبدو أنه خرج فعلًا من المستشفى.
“أنتِ جئتِ بعد أن اتصل بك المحامي هيونيك صحيح؟”
قال ذلك بعدما لاحظ سكوتي، وتنهد بهدوء.
“كنتُ أنوي فقط مقابلة تشاي سورين للحظات، ثم العودة إلى المنزل.”
“لماذا… لماذا أتيتَ أنت إلى هنا؟”
كنت سأواصل الكلام، لكن خطوات متعجلة نحونا أوقفتني.
كان السكرتير هان يركض نحونا، وحين رأنا معًا، قال وهو يلهث:
“أنتم الاثنان… كنتم معًا؟”
“أجل ، يبدو أنها جاءت بعد أن اتصل بها المحامي هيونيك ”
أجاب جايها وهو ينظر إليّ بطرف عينه.
كانت الكلمات التي لم أستطع قولها تملأ حلقي، فأدرت وجهي متوجهة نحو السيارة، خشية أن أفقد أعصابي أمام هان”.
عندها، أمسك جايها بيدي المتجهة نحو السيارة.
“لنركب سيارة السكرتير هان معًا.”
“…”
“المطر شديد، وأظن أنه من الأفضل من أن إلا تقودي بنفسك، يوجين.”
“سأرسل أحدهم لإعادة سيارتكِ إلى المنزل يا سيدتي.”
تحت نظرات الاثنين، لم يكن لدي خيار سوى أن أستسلم .
وخلال الرحلة إلى المنزل في سيارة هان ، لم نتبادل أي كلمة.
جايها كان يرمقني بين الحين والآخر فقط.
.
.
.
حتى بعد دخول المنزل، ظلّ قلبي ينبض بعنف.
حاولت تهدئة نفسي في الطريق، لكن مشاعري كانت تزداد اضطرابًا.
أنا متأكدة من أن هناك سببًا وراء مقابلة جايها لـسورين
لكنني لم أكن في حالة عقلية تسمح لي بالتفكير بذلك السبب الآن.
كنت أغضب حين أنظر إليه، لكنني كنت أشعر بالحزن أيضًا.
ثم أفكر: ياللراحة أنه لم يصب بأذى، لكن أتذكر قلقي عليه، فأشعر بالغضب منه مجددًا.
فقدت والديّ، وكدت أفقد جايها بسبب سورين .
لا أريد أن أشعر مجددًا بذلك الفراغ الذي يتركه فقدان شخص عزيز.
لذلك، لم أرد أن يتورط جايها الذي أصيب بسببي، في هذه القضية أكثر من ذلك.
كلما فكرت أكثر، شعرت أن دموعي على وشك الانفجار، فاكتفيت بالنظر من النافذة بصمت.
“لقد تبللتِ كثيرًا ستمرضين، اذهبي واغتسلي.”
قال جايها ذلك وهو يقترب مني حاملاً منشفة كبيرة، ثم لفّها حولي.
أثار سخريتي أنه قلق على إصابتي بنزلة برد.
من كان في خطر فعليًا هو أنت!
لو ساءت الأمور، كان جايها من سيتعرض للخطر.
وحين وصلت إلى هذا الحد من التفكير، انقطعت خيوط عقلي الواهنة.
“هل يُعقل أن يكون ما يقلقك هو إصابتي بالبرد؟ مجرد نزلة برد؟”
تجمد جايها للحظة من نبرة صوتي الحادة.
“لماذا كنت في تشيو نغبيونغ من الأساس؟ هل قِدت السيارة بنفسك إلى هناك بهذا الجسد؟”
كانت المنشفة التي لفها حولي دافئة، كأنها حضنه، فشعرت بعيني تدمعان.
وحين بدأت مشاعري بالانفجار، لم أعد قادرة على كتم الكلام الذي حُبس داخلي.
“أتعلم من تكون سورين ، ومع ذلك ذهبت لمقابلتها وحدك؟ لقد طلبت من العم هيونيك أن يرافقك مع حُرّاس.”
“…….”
“بأي تفكير ذهبت وحدك؟! قلتَ لي إن الأمر خطير ولا يجب أن أقابلها، أليس هذا الخطر ينطبق عليك أيضًا؟”
بدا جايها مرتبكًا من كثرة الأسئلة التي انهمرت عليه.
“إن تشاي سورين تستأجر شخصًا من مكتب تحريات أقرب إلى البلطجية بحسب العم هيونيك، ذلك الشخص من أخطر الأنواع…”
أخبرني العم قبل أيام أن سورين كانت على تواصل مستمر مع ذلك المحقق الخاص.
حينها فقط أدركت كم كانت تراقبني عن كثب وبشكل منهجي.
تذكّرت تلك الحقيقة، وفي الطريق إلى جايها ، شعرت أن قلبي سينفجر.
وأخيرًا، بعدما بدا كآلة معطلة، لوّح جايها بيده نافيًا على عجل.
“ليس الأمر كما تظنين…”
“إذن ما هو؟!”
رفعت صوتي من غير قصد.
أظهر جايها ملامح حيرة، وكأنه لأول مرة يراني غاضبة هكذا.
“لحظة فقط، الأسئلة كثيرة ولا أستطيع ترتيبها إلى تشيو نغبيونغ أوصلني السكرتير هان ، ثم غاب قليلًا لسبب ما، ثم عاد.”
“……”
“أما لقاء تشاي سورين ، فكان لأجل حديث أخير فقط… لم أكن أتصور أن يوجين ستقلق إلى هذا الحد.”
هاه…
هل لأنني كنت مشدودة طوال اليوم؟
رغم أن ما قاله جايها لم يكن تبريرًا حقيقيًا، إلا أن قلبي الذي كان ينبض بعنف لم يهدأ.
“كنت أعلم مسبقًا أنها كانت على اتصال بمكتب التحريات لو شعرت بأي ريبة منها، لما ذهبت وحدي في الواقع، ذهبت مع السكرتير هان، أليس كذلك؟ ثم انظري، لم يحدث شيء اليوم…”
“لكنك كان يمكنك إخباري مسبقًا عبر الهاتف هل كان من الضروري أن تذهب بنفسك وأنت في تلك الحالة؟”
“ظننت أن أراها بنفسي سيكون أكثر تأثيرًا من قول ذلك مئة مرة.”
ما قاله جايها لم يكن خاطئًا وقد فهمت ما كان ينوي فعله.
لكن لم يكن هذا هو الجواب الذي أردته.
أردت فقط أن يقول: “أنا آسف لقد أخطأت لن أقلقك مرة أخرى.” فقط هذه الجملة كانت كافية…
كدت أختنق بكتم دموعي المتصاعدة.
ولما رأى جايها ملامحي، أدرك على ما يبدو أنه أخطأ، فاقترب مني.
“أنا آسف.”
ما إن سمعت كلمة آسف منه، حتى سالت دموعي التي كنت أحاول جاهدة منعها.
لم أكن أرغب في البكاء أمامه.
أدركت أنني أتصرف الآن بانفعال شديد.
لو استمر الحديث بهذه الطريقة، فسوف أنفجر وأقول له كلامًا جارحًا لذا أدرت ظهري عنه.
“سأذهب لأغتسل أولًا ، لا أستطيع التحدث أكثر الآن…”
“يا يوجين.”
أمسكني جايها.
كان من الأفضل لو تركني أدخل إلى الحمّام، لكن نظراتنا التقت حين أمسك بي.
وعندما رأى وجهي المبلل بالدموع، اهتزت عيناه بشدة.
“دعينا نتحدث بعد أن أخرج…”
“كيف أتركك وأنتِ تبكين هكذا بسببي؟”
نظرت إلى جايها، الذي كان يصدّني عن الدخول، فعضضت شفتَي بقوة حتى شعرت بطعم الدم في فمي.
ورأى جايها ما فعلته، فمد يده إلى فمي كأنه يطلب مني أن أتوقف.
“لأني فكرت في كل الاحتمالات الممكنة قبل لقائي بتشاي سورين، لذلك اعتبرت ذهابي إلى تشو نغبيونغ أمرًا عاديًا.”
“…”
“كنت واثقًا أنه لن يحدث شيء، ولم أتوقع أبدًا أنك ستقلقين إلى هذا الحد.”
واثق أنه لن يحدث شيء؟
في هذا العالم، لا توجد أشياء مؤكدة.
كما لم أكن أتوقع أنني سأموت أمام المحكمة في حياتي السابقة.
“جايها، لا يوجد شيء مؤكد في هذه الحياة.”
“…”
“حتى لو خططنا بدقة، لا يمكننا تفادي جميع المخاطر.”
لم أتخيل أبدًا أنني سأفقد عائلتي بهذه الطريقة.
بغضّ النظر عن مدى قوة الإنسان، يبقى عاجزًا أمام الموت.
“هل تعرف شعور الاقتراب من الموت؟ أنا خائفة من الموت.”
الموت يحدث بلحظة.
حياتي كلها، التي عشتها على مدار 34 عامًا، انتهت عبثًا عندما صدمتني سيارة.
لا أريد أن أواجه الموت مجددًا بهذه الطريقة.
ولا أريد أن أفقد شخصًا عزيزًا عليّ بهذه الطريقة أيضًا.
عندما واصلت الحديث، نظر إليّ جايها بصمت.
ربما لم يفهم سبب انفعالي المفاجئ.
“هل حدث شيء ما؟”
سألني جايها بتردد.
نظراته، التي امتزجت بالقلق، أثارت غصتي.
“أعلم أن فقدان عائلتك في حادث أمر صعب أن تفقديهم دفعة واحدة، طبيعي أن تشعري بالخوف أكثر.”
لكن الأمر ليس كذلك فقط.
يبدو أنه يعتقد أنني أتصرف هكذا فقط بسبب وفاة عائلتي عضضت شفتي بإحكام.
“لا.”
“…؟”
“ليس بسبب العائلة…”
عندما نفيت أن الأمر ليس بسبب العائلة، ظهر في عينيه تعبير من الحيرة.
نظراته وكأنها تسألني: “إذن ما السبب؟” جعلتني أفتح فمي بصعوبة.
“أريد أن أعترف لك بشيء، جايها.”
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 92"