بعد أن أنهى تقدير سعر المناقصة، عاد “جيهان” إلى منزله وجلس في مكتبته.
كان وجه “سورين” وهي تنظر إليه عند عودته إلى المنزل عالقاً في ذهنه.
وكان أمر انفجاره غضبًا صباحًا بسبب طلب تسجيل عقد الزواج ما يزال يؤرقه.
كانت تنظر إليه من بعيد بطرف عينها، تحدّق بيده الملفوفة بالضماد.
«يا لغبائكِ…»
على الرغم من أنه قد زجرها بتلك الطريقة، إلا أن “سورين” بدت وكأنها تقلق بشأنه.
شعر “جيهان” بوخز متأخر من تأنيب الضمير، وأخذ يعبث بالأوراق الملقاة عند أطراف أصابعه.
كانت استمارة تسجيل عقد الزواج التي أعطته إياها “سورين”.
ربما كان طلبها طبيعيًّا، فهي تحمل طفله.
– «زواج، ها…»
كان قد آجل أمر الزواج طمعًا في دعم “يوجين”،
لكن الآن بعد أن شارف مشروع “إنتيك” على الانتهاء، بدأ يشعر أن الوقت قد حان للتفكير جديًّا في الزواج الذي أجّله.
وضع “جيهان” استمارة الزواج جانبًا، واتكأ على كرسيه.
من المفترض أن تظهر نتائج المناقصة الرئيسية لمشروع “إنتيك” خلال هذا الأسبوع ورغم أن الأمر عادة ما يتطلب وقتًا طويلاً، إلا أن مشروع “إنتيك” كان يسير بسرعة غير مسبوقة نظرًا لوضعه الطارئ.
«لن نعرف النتيجة إلا عند فتح المغلف… لكن لدي شعور جيد.»
حتى السعر الذي عرضه “جيهان” لم يكن مبلغًا بسيطًا.
لا، بل بصراحة، بالغ قليلًا وقدم السعر الأعلى الممكن ولهذا، لم يكن ليخسر أمام “جايها”.
– «هاه…»
أخيرًا، بدأ يشعر بالراحة.
وبمجرد أن انزاح عنه التوتر الذي كان يثقل كاهله، غاص بجسده عميقًا في الكرسي.
«بهذا، يمكنني أن أتنفس قليلًا.»
تذكّر وجه “جايها” المتغطرس حين التقاه أمام مكتب “موجين”.
ذاك “جايها” الذي تجرأ وقال له بأنه لن يتمكن من تحمل هذه الصفقة.
لكن “جيهان” قدّم عرضًا بسعر مرتفع لم يكن “جايها” ليتوقعه.
«ماذا سيصنع الآن؟ لا أظنه توقع مبلغًا بهذا الارتفاع.»
قد يكون المبلغ مبالغًا فيه لمجرد ضم شركة أخرى.
لكن إن فكّر في مستقبل “هوجين” بعد الاندماج، إذ ستنطلق لتصبح شركة عالمية، فالمبلغ لم يكن خسارة.
بل كان صفقة رابحة.
تخيّل وجه “جايها” الملطخ بالإحباط عند ظهور النتيجة، فما كان من شفتي “جيهان” إلا أن ارتعشتا بابتسامة ساخرة.
– «يا له من أحمق.»
وفي تلك اللحظة، دوّى صوت طرق خفيف على باب المكتب الهادئ.
«لابد أن الطبيب “شين” قد وصل.»
تذكّر ما قاله له المدير “كيم” من أنه استدعى الطبيب “شين” إلى المنزل ليعالجه.
لكن لم يكن الطبيب “شين” وحده من دخل إلى المكتب.
إذ ظهرت “السيدة أوه” تتبعه إلى الداخل.
– «ابني، لماذا استدعيت الطبيب “شين”؟ هل أنت مريض؟»
سألت بصوت ناعم، لكن عينيها اتسعتا عندما رأت الضماد الملفوف حول يد “جيهان”.
– «أأصبت ؟»
– «مجرد إصابة طفيفة ما الذي جاء بكِ إلى هنا؟»
– «هل أحتاج إلى سبب خاص لأزور ابني؟»
أجابت “السيدة أوه” بوجه متدلل على سؤاله الجاف إلى أبعد الحدود.
ثم التفتت إلى الطبيب “شين” الواقف عند الباب وقالت:
– «انتظر بالخارج قليلًا يا دكتور أريد أن أتحدث مع الرئيس “سيو”.»
– «نعم، تحدثي براحتك.»
ما إن رأى “جيهان” الطبيب “شين” يغادر المكتب، حتى وقف من مقعده.
وحين لمح استمارة الزواج التي تركها مفتوحة على مكتبه، همّ بترتيبها.
لكن “السيدة أوه” التي اقتربت منه، التقطت الاستمارة أولًا، وقد كانت خالية من التوقيع.
– «لم تسجل زواجك بتلك الفتاة بعد؟»
– «أعيديها إلي.»
قطب “جيهان” جبينه بشدة، وكأن تصرّف “السيدة أوه” أحادي الجانب لم يعجبه.
لكنها تجاهلت ردة فعله، وأكملت كلامها دون تردد:
– «حقًا، لو كنتُ مكانك لترددت أيضًا ما الذي يجعلك تقبل بأن تقيد نفسك بفتاة مثلها؟»
هزّت “السيدة أوه” لسانها مستذكرة “سورين”.
– «صحيح أنني لم أكن مرتاحة تمامًا لفكرة أن تكون “يوجين” كنّتي، لكنها أفضل من فتاة لا تملك شيئًا.»
– «……»
– «لا، بل تلك الفتاة ليست معدمة فقط نظرات عينيها ليست عادية.»
تذكّرت النظرة الطامعة في عيني “سورين”، فعبست وجهها باستياء.
– «ثم إن طالعك وطالعها يتصادمان تمامًا ليس فقط أنت، بل حتى الطفل سيموت بسببها تعرف ذلك، أليس كذلك؟ المرأة الخطأ قد تدمر حياتك في لحظة.»
لم تكن “السيدة أوه” راضية عن “يوجين” حتى عندما كانت مخطوبة لـ “جايها”، فما بالك بـ “سورين”؟
كانت من النوع الذي سيجد عيبًا في أي امرأة تُقدّم لها ككنّة.
نظر إليها “جيهان” مطولًا، ثم تنهد تنهيدة عميقة.
لم يكن في مزاج للجدال معها في يوم كهذا.
– «…كفى، رجاءً على الأقل، هي تحمل طفلي.»
– «همف لا تزال تدافع عنها لأنها امرأتك، على ما يبدو حسنًا، أعلم أنك ستتصرف بحكمة يا رئيس “سيو”.»
عبست “السيدة أوه” في وجهه عندما رأته يطلب منها إرجاع الأوراق بنظراته.
وفي النهاية، لم يكن منها إلا أن وضعت استمارة الزواج على المكتب مجددًا.
– «سأبحث لك عن زوجة أخرى لا تُقدم على تسجيل الزواج بتلك الفتاة مهما حدث.»
زواج لعنة!
“جيهان” لم يعد يرغب في أن يكون زواجه محط أنظار الجميع.
لكن من والدته، كان يشعر بإرادة أقوى من ذي قبل.
نظرة “السيدة أوه” كانت تقول إنها ستجلب له حقًا فتاة من عائلة أخرى.
فرفع “جيهان” يده إلى جبينه بتعب.
– «أنت ستكون رئيس مجموعة “هوجين” في المستقبل لا بد أن تتزوج امرأة تليق بمستواك.»
رئيس مجموعة “هوجين”.
إذا ما وصل إلى ذلك المنصب، فلن يضطر بعد الآن إلى مراعاة “موجين”.
وحينها، ستنتهي كل الإهانات التي تعرّض لها.
فارتسمت ابتسامة على شفتي “السيدة أوه” وهي تفكر بذلك.
– «أعتقد أنك فهمت ما أعنيه سأذهب الآن.»
…
…
عندما خرجت “السيدة أوه” من المكتب، التقت نظراتها بنظرات الطبيب “شين” الذي كان ينتظر في الخارج.
ثم لاحظت “سورين” التي كانت تراقب المشهد من بعيد في غرفة المعيشة.
كلما رأت تلك الفتاة، شعرت بانزعاج لم تستطع إخفاءه.
فكانت ترى بوضوح نواياها في اصطياد رجل لترتقي بمكانتها.
تش، أنا أعرف أمثالها جيدًا
وكانت لا تزال تنظر إلى “سورين” بتلك النظرة البغيضة، حين سمعَت صوت الطبيب “شين” يناديها بهدوء:
– «هل سترحلين الآن، سيدتي؟»
– «بالطبع. لا حاجة لي بإزعاج ابني المشغول أكثر من هذا.»
رغم ردها المتغطرس، ابتسم الطبيب “شين” بلطف وقال:
– «حسنًا أراكِ في موعد الفحص، إلى اللقاء.»
– «نعم.»
تلقت “السيدة أوه” التحية المهذبة من الطبيب وهمّت بالرحيل، لكنها توقفت فجأة، وكأنها تذكرت شيئًا.
– «أوه، دكتور أشعر في الآونة الأخيرة وكأن معدتي لا تهضم جيدًا.»
نظرت إليه بنظرة غامضة، فأجاب الطبيب بعد لحظة صمت قصيرة:
سألني يونغجون الزميل الأكبر وهو يتفحص وجهي الشاحب.
“أأبدو مرهقة؟ لقد نمت متأخرة البارحة.”
هل يبدو الأمر واضحًا إلى هذا الحد؟
ربما لأنني بقيت وحدي في المنزل الكبير هذه الأيام، لم أتمكن من النوم بسهولة.
كان سريرًا أنام فيه دائمًا دون مشكلة، لكنه بدا أكبر من المعتاد الليلة الماضية.
قضيت الليل مستيقظة تمامًا، ولم أنم نومًا خفيفًا إلا بعد شروق الشمس.
ويبدو أن آثار التعب لم تُخفِها حتى مساحيق التجميل.
طريقة القراءة “الغريبة” التي اتبعها السيد جايها كانت فعالة نوعًا ما في مساعدتي على النوم العميق…
“الهالات السوداء تحت عينيك واضحة قليلاً، أطلبي تعديل المكياج قبل البث.”
“سأفعل.”
كنت أفكر في الذهاب إلى غرفة التجميل بعد انتهاء الاجتماع، حين اقترب أحد الموظفين.
“سنبدأ الاجتماع الآن.”
عند سماع أن الاجتماع سيبدأ، جمع زميلي الأكبر أوراقه واتجه إلى قاعة الاجتماعات.
وأنا كذلك أسرعت في جمع أوراقي، وفي تلك اللحظة، بدأ هاتفي بالاهتزاز كان المتصل جايها.
“مرحبًا؟ جايها أنا على وشك الدخول إلى الاجتماع الآن.”
– “إذن يجب أن أتصل لاحقًا.”
“ما الأمر؟”
لقد كان مشغولًا جدًا في الأيام الماضية، واتصاله الآن لا بد وأنه لأمر مهم.
نظرت إلى ساعتي، ولا يزال أمامي حوالي خمس دقائق قبل بدء الاجتماع.
– “لا شيء سوى أن النتيجة صدرت.”
“النتيجة؟ لا تقصد…”
هل يقصد نتيجة المزايدة؟ بدأ قلبي ينبض بسرعة.
– “نعم إنها نتيجة المزايدة على شركة إنتيك.”
كدت أن أسقط هاتفي من المفاجأة عند سماع صوته.
كنت أعلم أن النتيجة ستصدر، لكن لم أتوقع أن تكون بهذه السرعة.
كنت أتخيل النتيجة عشرات المرات في اليوم من شدة الترقب.
كيف كانت النتيجة يا ترى؟
هل نجح جيهان في الاستحواذ كما كان يأمل؟
قلبي خفق بقوة لمجرد التفكير في سماع النتيجة.
“هل صدرت النتيجة بالفعل؟ لم يمضِ سوى أيام قليلة على انتهاء تقديم العروض!”
لم يقتصر الأمر على تسريع الجدول الزمني للمزايدة، بل حتى إعلان النتيجة جاء سريعًا.
حتى لو كان هناك مرشحان فقط للاستحواذ، لم يكن من السهل اتخاذ القرار بهذه السرعة.
وصلني صوت جايها الهادئ من الجهة الأخرى.
– “ذلك لأن… كان هناك مستثمر واحد فقط شارك في المزايدة الرسمية.”
“مستثمر واحد؟”
في تلك اللحظة، لم أتمكن من استيعاب ما يقصده.
(إذن، هذا يعني أن مجموعة هوجين كانت الجهة الوحيدة التي شاركت في هذه المزايدة العلنية؟)
قال جايها من قبل إن جيهان سيحصل على شركة إنتيك بنسبة 99.9% من خلال هذه المزايدة العلنية.
ويبدو الآن أن جايها لم يكن ينوي المشاركة من الأساس.
جيهان كان يائسًا جدًا في الحصول على إنتيك لدرجة أنه اتصل بنائب الرئيس كيم بنفسه.
ولأنه ظن أن جايها سيشارك كمنافس، بذل جهده بكل ما لديه، حتى أنه جذب الأموال بشكل مبالغ فيه.
(فكل هذا كان مجرد تمثيلية؟)
– “لقد انسحبت من المزايدة أما سيو جيهان، فسيدخل مفاوضات الاستحواذ كما كان مخططًا، ولكن بسعر أعلى بكثير مما كان متوقعًا.”
كانت شركة إنتيك تتفاوض بشكل غير رسمي مع هوجين بشأن الاستحواذ، لكنها غيرت طريقة المزايدة فجأة إلى المزايدة العلنية.
وهذا التغيير حدث بعد أن حاول جايها التواصل مع إنتيك.
يا اللراحة …
بعد أيام من الانتظار المقلق، شعرت أخيرًا بالارتياح.
وتخيلت في ذهني جيهان وهو يتلقى النتيجة الآن وقد أدرك خطأه متأخرًا.
لكن، لا يمكنه التراجع الآن عن عملية الاندماج.
لقد بذلت هوجين وجيهان جهودًا كبيرة جدًا لتحقيق هذا الاندماج.
– “لقد قمت بعمل جيد، أليس كذلك؟ أشعر أن كل ساعات العمل الإضافي لم تذهب سدى.”
مع صوت جايها المازح، بدأ ذهني المشوش يستعيد تركيزه.
في البداية، عندما سمعت النتيجة، لم يهدأ قلبي المصدوم.
ولكن بعدما بدأت أفكاري تتضح، رسمت ابتسامة على وجهي.
كم هو مريح أن هذا الرجل ليس عدوي.
“أحسنت.”
لو كنا وجهًا لوجه، لابتسمت له ابتسامة كانت ستجعل قلبي يخفق.
وكنت سأحدق في ابتسامته المشرقة دون أن أتمكن من إزاحة نظري عنها.
“متى تنتهي اليوم؟”
بمجرد أن خطرت هذه الفكرة ببالي، اجتاحتني مشاعر الحنين إليه من جديد.
شعرت أنني لا بد أن أذهب لرؤيته اليوم.
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 77"